لقد أكرم الله الرجال باللحى, وجعلها لهم جمالاً ووقاراً، فيا ويح من حلقها وأهانها, وعصى نبيَّه جهاراً، أيظنُّ هؤلاء أن حلقها يكسب الوجه بهاءً وجمالاً؟ كلا والله, إنه ليشين الوجه, ويذهبُ نورَهُ
أما ترونَ وجوه الحالقين لها,كيف يذهبُ بهاؤها؟وخصوصاً عند المشيب.وتكون وجوههم كوجوه..
الحمد لله الذي منَّ علينا بالنبي الكريم، وهدانا إلى الصراط المستقيم، واستنقذنا به من طرق الجحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله الربُّ الرحيمُ, الملكُ الجوادُ الكريم، وأشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله الذي هو بالمؤمنين رؤوفٌ رحيمٌ، اللهُمَّ صلِّ وسلم وبارك على محمَّد, وعلى آلهِ وأصحابهِ, ومن تبعهُم في كل هديٍ قويم.
أمَّا بعد:
أيُّها النّّاسُ, اتَّقوا الله تعالى, وتمسَّكوا بهدي نبيكم المصطفى، وامتثلوا أوامرَهُ, واجتنبوا ما عنه زجر ونهى, فقد أمركم بحفَّ الشوارب, وإعفاء اللحّى, وأخبركم أنَّ حلْقَ اللحى وقصَّها, من هدْي الكفارِ والمشركين، "ومن تشبَّه بقوم فهو منهْم". فاحذروا مُشابهة الظالمين.
يا عجباً لمن يؤمن بالله, واليوم الآخر, كيف يزهد في هدي نبيه, وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، ويختار هدي كلِّ كافر وفاسقٍ؟ فأين الإيمان؟
لقد أكرم الله الرجال باللحى, وجعلها لهم جمالاً ووقاراً، فيا ويح من حلقها وأهانها, وعصى نبيَّه جهاراً، أيظنُّ هؤلاء أن حلقها, يكسب صاحبها بهاءً وجمالاً؟ كلا والله, إنه ليشين الوجه, ويذهبُ نورَهُ, ويزدادُ به إثماً ووبالاً.
ولكنَّهُ الاقتداء الضارُّ, يحسِّنُ كلَّ قبيحٍ، ويُوقعُ صاحِبَهُ في الشرِّ الصريحِ. أما قال أهلُ العلم: مَنْ جَنَى على لحية غيره فأزالها, أو أزال جمالها, على وجه لا يعودُ, فعليه الديةُ كاملة؟
ثمَّ هو معَ ذلك يجني على نفسه, ويجحدُ نعمة الله الشاملة. أما ترونَ وجوه الحالقين لها, كيف يذهبُ بهاؤها, وخصوصاً عند المشيب؟ وتكون وجوههم كوجوه العجائز, قد ذهبت محاسنها.
وهذا من الشيء العجيب! فالله الله عباد الله, في لزوم دينكم, ولا تختاروا عليه سوا؛ فإنّ فيه الخير والسعادة, وكل جمالٍ قد حواه، فو الله ما في الاقتداء بأهل الشر إلا الخزي، والندامة، ولا في الاقتداء بنبيكم صلى الله عليه وسلم إلاَّ الصلاح, والفلاح, والكرامة.
وإياكم أن تصبغوها بالسواد؛ فقد نَهَى عن ذلك خيرُ العباد.
فتوبوا إلى الله واستغفروه, وتمسكوا بالخير ولازموه، قبل أن تقول نفس: يا حسرتى على ما فرَّطْت في جنب الله، يا ليتني حذرت من أهل الشر, واقتديت برسول الله، يا ليتني أعودُ إلى الدنيا، لأعمل صالحاً, وأتوب.
فالآن فات كل مطلوب، وحصل كل مرهوب، وأحاطت بأهل المعاصي الخطايا والذنوب، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً) [الفرقان:26-29].
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي