ستار أكاديمي

خالد بن عبدالله الشايع
عناصر الخطبة
  1. انتشار الفتن بمرور الزمن .
  2. فتنة وسائل الإعلام والقنوات الفضائية .
  3. إفساد الشباب والتركيز عليهم .
  4. سيطرة اليهود على الإعلام .
  5. غفلة الآباء عن أبنائهم .
  6. دعم المشاهدين لمثل هذه البرامج التافهة .
  7. حاجتنا إلى التربية الراشدة .

اقتباس

تلك الفتنةُ التي عنيت، هي فتنةُ وسائلِ الإعلام بجميع ضروبها، فهي تتطور بشكل مذهل، ويترأسها الآن القنواتُ الفضائية والإنترنت، فقلَّ أن تجد من الناس من يستعملها في الخير المحض، ومن قصد الخير أصابه من شررها الذي لا يكاد ينجو منه أحد، وإن المخيف في الأمر هروعُ شباب الأمة خلف زيفها والغرقُ في مستنقعاتها بلا تأنٍّ، بل وبلا رقيب، ومن خالط الشبابَ...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله...

أما بعد:

فيا معاشر المسلمين: لا يتقدم الزمنُ شيئًا من الأيام إلا وتتفتح على الأمة أبواب الفتن أكثر من ذي قبل، وتحدق الشرور والأخطار بالأمة الإسلامية، فتعصف بهم الفتن، وتتلبسهم، وحال الناس فيها كحال كلِّ من هجمت عليه فتنة، قد انقسموا إلى أحزاب وتضاربت أقوالهم، وتباينت اتجاهاتهم، وطعن كلُّ ذي رأي في رأي صاحبه، وأصبحوا على شفا هلكة، وهذا أمر طبعي معروف في كل مجتمع تنصب عليه الفتن، وهو من الخطر العظيم الذي يخشى منه على الأمة، ولكن يزداد الخطر ويتفاقم إذا غفل الناس عن هذه الفتنة، وساروا فيها على ما تمليه عليهم، دون تروٍّ أو اتّعاظ، ولنضرب لبعض الفتن التي تنفتح على الأمة شيئًا فشيئًا مثالاً، ليظهر المقصودُ وتتبين الحقائق، فمن شر الفتن التي تنصبّ على الأمة وهي طريق لكل بلاء، بل ووسيلة لكل فتنة، فهي أم الفتن، وضرامها، ووقودها، ولو تعقل الناس فيها لقلبوا الفتنة إلى نعمة، والمحنة إلى منحة.

أيها المؤمنون: تلك الفتنةُ التي عنيت، هي فتنةُ وسائلِ الإعلام بجميع ضروبها، فهي تتطور بشكل مذهل، ويترأسها الآن القنواتُ الفضائية والإنترنت، فقلَّ أن تجد من الناس من يستعملها في الخير المحض، ومن قصد الخير أصابه من شررها الذي لا يكاد ينجو منه أحد، وإن المخيف في الأمر هروعُ شباب الأمة خلف زيفها والغرقُ في مستنقعاتها بلا تأنٍّ، بل وبلا رقيب، ومن خالط الشبابَ سواء في وسط المجتمع أو في قاعات الدراسة يبكي دمًا لحال الشباب الذين هم عماد الأمة والذين هم أملها.

عباد الله: من هذا المنطلق سنركز الحديث في هذه الخطبة على خطر القنوات الفضائية.

معاشر المؤمنين: القنوات الفضائية شر عظيم داهم الأمة واستقبلته بكل ترحيب، ومن خطره أن كثيرًا من العقلاء لا يعرفون كيف أنها تخدم من أراد الشر وتدله عليه بأيسر وسيلة وأسرع زمن، ولهذا تساهل فيها أولياء الأمور الذين لا يعرفون أن أبناءهم عن طريق الخفية استخدموها في الشر.

إن هذه القنوات شرور مجتمعة، وفساد مجتمعات ساقطة حشرت في هذه القنوات ليقع عليها أبناء المسلمين، وقد حصل هذا وللأسف.

معاشر المسلمين: قد يتساءل البعض بقوله: لقد كثر الحديث عن تلك القنوات، وضخم الأمر وأعطي أكثر من حجمه!!

وإنني لأقول: ولهذا خصصنا له أكثر من خطبة، وسنتطرق في هذه الخطبة لمزيد من الإيضاح والبيان، علّ الغافل أن يتنبه والنائم يستيقظ.

أيها الناس: لقد بلغ أعداء الدين لما يريدون من غزو الأمة الإسلامية عبر هذه القنوات، فقد بثوا لنا عاداتهم، وتشبه بهم أبناؤنا، وبثوا لنا فسادهم فوقع فيه شبابنا، وبثوا لنا عقائدهم فتأثر بها ضعاف العقول والعلم والدين.

وإن كان أكثر شبابنا إنما يقتني تلك القنوات لأجل الفساد الأخلاقي، ولهذا أقول كيف لا يتساءل المرء عن تلك القنوات وكيف لا يخطب فيها على المنابر؟! ونحن نرى الترويج الكبير للانحلال اللا أخلاقي، بل والتشجيعَ له من قبل جميع الدول، وكأن الجميع يريد إفسادَ الناسِ وسلخَهم من دينهم، نعم سلخهم من دينهم!! فالشهوات هي التي تسلخ المرء من دينه فيبيع دينه من أجلها، فما أحلم الله على خلقه أن يتركهم يعصونه على أرضه التي جعلها لهم قرارًا.

عباد الله: قد يكون المروج لتلك المهازل الداعي له هو جمع المال، ولكن العجب ممن يبيع دينه ويشتري بماله الذنوب والآثام مشجعًا لفجرة أو مومسات بغايا.

إن القنوات الفضائية يعرض فيها ما ينفر منه كل من له عقل ورجوله فضلاً عن أهل الغيرة والدين، فلقد أنكر بعض الكفرة من النصارى وغيرهم بعض تلك الانسلاخات من القيم والمبادئ، فكيف لاينكرها المسلمون؟! وأعني بذلك ما يسمى بـ"ستار أكاديمي"، لقد كنا لا نذكر اسمه علنًا خشية أن يعرفه الجهال، أما والآن وقد عرفه الصغير قبل الكبير، بل صار المشجعون له هم من نخفي عنه ذلك.

ولنعلم أن الشباب في سن المراهقة لا يجرهم ولا يستهويهم شيء مثل الشهوات، ومن هذا المنطلق، يسعى أعداء الإسلام لبث ما يفسد عقولَ أبناء المسلمين، فهل علمت أن نسبة الشباب الذين هم دون سن العشرين، يزيدون على خمسين بالمائة من أعداد سكان الجزيرة العربية، وهذا ما حدا بأعداء الملة خصوصًا اليهود أن يسعوا جاهدين إلى السيطرة على الإعلام في العالم، فهل تعلم أن اليهود فقط يملكون أكثر من ستمائة وسبعين صحيفةً موزعة في أنحاء العالم، فهم يعلمون أن من ملك الإعلام فإنه يملك العالم ويتصرف في الحكومات، ومن خبثهم أنهم غيروا أسماء المشاهير منهم فاستبدلوها بأسماء نصرانية ليروجوا على الناس، حتى راج ذلك على كثير من المسلمين الذين يتابعون أفلام الغرب إن مر بخيالهم كراهية اليهود، فبيوت المسلمين يحل بها كل ليلة ضيوفٌ من الفنانين هم في الحقيقة من متعصبة اليهود الذين يكيلون العداء للإسلام وأهله، وتطهيرًا لبيت الله ولأسماعكم أعرض عن ذكر أسمائهم، فاليهود هم أشد الناس حربًا على الإسلام، فهل علمت أن بعض قنواتهم أنتجت مائةً وخمسين فيلمًا للسخرية من الإسلام، هذا بعضٌ من عدائهم العقدي، وفي الجانب الآخر عداؤهم الخلقي، فلا تندهش عندما تعلم أن أغلب المواقع الإباحية على الإنترنيت يملكها يهود، وأما في مجال السينما فحدث ولا حرج عن آلاف من أفلام الجنس الصريح التي أنتجها اليهود.

وهذا غير مستغرب من أعداء الملة؛ فلقد فضحهم الله بقوله: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)، وأخبر أنهم لا يقبلون كل التنازلات إلا أن تدخل في دينهم فقال: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ).

فهل يليق بمسلم أن يلهث خلف سراب الشهوات، عبر تلك الفضائيات!!

اللهم احفظ علينا ديننا، وأعذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، أقول قولي هذا...

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين...

أما بعد:

فيا أيها الناس: اتقوا الله وراقبوه، وتفكروا في حالكم وأوضاعكم هل هي على رسم النبوة والهدى أم على طريق الزيغ والجهالة!! فإن كانت الثانية ألا فليراجع كل منا نفسه، وليراجع طريق الخير والسداد، فما أسعدها من طريق!!

معاشر المسلمين، أيها الناس: إن أبناءنا وللأسف يُوَجّهُون من الخارج عبر هذه القنوات، فلهذا لا غرابة أن ترى الشاب وقد اختلف مظهره، وتغير شكلُ مشيته، وظهر على قصات شعرة أماراتُ التقليد المقيت لأعداء الله، حتى إنك لتستحي من النظر إلى بعض الشباب، ولربما تبكي إذا نظرت إلى صنف منهم.

عباد الله: عود على بدء، والحديث عن ستار أكاديمي، فهم يعنون بـ"ستار" النجم، و"أكاديمي" يعني التعليم العالي، ولكن هل هم يتعلمون علومًا عالية، كلا والله وإنما يتعلمون الفسق والمجون ويجرئون الشباب على الفساد وينشرون الرذيلة في كل بلد عبر تلك الفضائيات، فهو "ستار" ولكن في فسوق ولا أخلاقيات، وإنك لتعجب كيف يجري هؤلاء خلف وساوس الشيطان، بل إن الشيطان ليستفيد منهم في تنوع طرق الضلال التي تمليها عليهم نفوسهم والعياذ بالله!!

وإن العبد المؤمن ليتساءل: لم كل هذا الدعم لذلك الفساد؟! فأهل الغنى يدفعون أموالهم لإقامة هذه المهازل، وأبناء المسلمين يدعمونهم باتصالاتهم وتشجيعهم، خصوصًا من هذا البلد الآمن، فعلام يدل هذا؟! إنه ليدل على الانفراط اللا أخلاقي الذي يعيشه كثير من شباب المسلمين اليوم.

أمة الإسلام: إن المتتبع لأخبار هذا البرنامج العفن، ليعلم أنه لن يقف على هذا بل هو في تطور وتنوع وازدياد، وأخشى ما أخشاه أن يُعمل به في كل بلد، ويفتخروا أيهم يستقطب أكثر عدد من الماجنين.

في المرة السابقة فاز بها شاب من أهل الجزيرة، بل من نجد وللأسف، ولما حضر هنا حصل من الفساد الشيء العظيم وكأننا في بلاد الغرب، وكأن هذا الفائز قد فتح القدس أو نصر الإسلام والمسلمين!! وليت الأمر يقف عند هذا، فهاهم اليوم يرشحون فتاة سعودية عمرها خمس عشرة سنة!!

اللهم إنا نبرأ إليك من هذا الفسوق والعصيان، ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

أيها المسلمون: أطرح سؤالاً: كيف كان الفائز من السعودية؟! الجواب: هذا يدل على كثرة المتابعين لهذا لبرنامج السافر، بل كثرة المتصلين، والمتابعين، والمرشحين، وهذا يدعونا للسؤال: من الذين يشجعون وأين أولياؤهم؟! ولنكن صرحاء، إذا كان الآباء يتابعون هذا البرنامج فمن يمنع الأبناء؟! ولنتحدث عن الأبناء ليخجل الآباء المفرطين.

أخي ولي الأمر: إن ابنك يتابع هذا البرنامج ويتصل من هاتفك وأنت غافل!! فهل من عودة لمراقبة ما استرعانا الله، والقيام بالحق الواجب علينا!! فإن المفرط آثم وعاقبته وخيمة، أخرج البخاري ومسلم من حديث معقل بن يسار أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة".

أيها المسلمون: إننا بهذه الخطبة لن نستطيع إيقاف هذا البرنامج، أو منعه، ولكن المقصد الأسمى هو أن ينتبه أولياء الأمور لهذا الخطر فيمنعوا سفهاءهم من المتابعة والتطبيل لهم، وبهذا نستطيع أن نقلص من حجم هذا البرنامج، ويكون في طريقه للنهاية، أقول هذا لأنهم يقولون: إن أغلب المشجعين لهم هم من هذا البلد.

عباد الله: ما أحوجنا إلى تعلم طرق التربية، وكيف نعالج مشاكلنا، فما خرج هذا الجيل الساقط إلا بعد فقدان المربين الأكفاء في زحمة الفتن، إن الواجب على الولي أن يكرس جهده للتربية الصحيحة، ومن كان ذا غنى فليتقاعد وليجعل همه تربية أبنائه، حتى تبرأ ذمته، أقول هذا لما أرى من الانسلاخ من القيم، والمبادئ الإسلامية في مجتمعنا، فضلاً عما يحدث في الدول المجاورة.

اللهم امنن علينا بالعفة والسلامة من الآثام...
 


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي