تحفة الخلق بغاية الخلق

خالد بن علي أبا الخيل
عناصر الخطبة
  1. افتقار الخلق لله وغناه عنهم .
  2. انتفاع الخلق بعبادتهم لربهم وانتفاء انتفاعه بها .
  3. قيُّوميَّة المولى تعالى .
  4. حقُّ العبيدِ على الله محضُ إحسانٍ منه .
  5. انتفاء الشريك لله تعالى بالكليّة .
  6. عبادة الله ثمرة التوحيد .
  7. مدارسة: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) .

اقتباس

يقول ابن القيم "وقد قطع الله الأسباب التي يتعلق بها المشركون جميعها، فالمشرك إنما يتخذ معبوده لما يعتقد أنه يحصل له به من النفع، والنفع لا يكون إلا ممن فيه خصلة من هذه الأربع: إما مالك لما يريده عابده منه، فإن لم يكن مالكا كان شريكا للمالك، فإن لم يكن شريكا له كان معينا له وظهيرا، فإن...

الحمد لله على توفيقه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له على برٍّ الخير دليله ورفيقه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، علّم أمته كل جليلة ودقيقة، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم قيام الخلق لرب الخلق.

أما بعد: عباد الله، فاتقوا الله أيها الناس، وتعوذوا بالله من شر الجِنّة والناس، واعملوا بما أوصى به ربكم للناس، وتمسكوا بتوحيده فهو الأصل والأساس.

عباد الله: وقفة سريعة، مع آية بديعة، آية توضح السبيل، وتدفع بالمرء للعمل بالتنزيل، وتجعله متبعا لرسول رب العالمين، آية تجلي هدف الإنسان: لماذا خُلِق؟ وتوقفه على المنهج الحق، هي الغاية من خلق البريات، وإنزال الكتب والرسالات.

علكم عرفتموها؟ هي خاتمة سورة الذاريات: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ * وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) [الذاريات:55-58].

الرب -سبحانه- غني عن خلقه وأعمالهم، فلم يخلق الخلق من قلة ليستكثر بهم، ولا من ضعف ليستقوي بهم، ولا من ذلة ليستعزّ بهم، ولا من فقر ليستغني بهم، ولا من حاجة ليعينوه، ولا من فاقة ليساندوه؛ بل هو الغني وحده، والمالك وحده، والمدبر وحده، والرازق وحده، والمستحق للعبادة وحده، المعز، المذل، الخافض، الرافع، المانع، المعطي: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [فاطر:15].

فالناس كلهم، مؤمنهم وفاجرهم، وَبرهم وفاسقهم، إنسهم وجنهم، لا غنى لهم عن ربهم طرفة عين. ولو وكل الإنسان إلى نفسه لحظةً لهلك. والله هو الغني بذاته، سبحانه! جل ثناؤه، وتعالى شأنه، كل شيء رِزْقُه عليه، وكلنا مفتقر إليه.

أيها المسلمون: العباد إذا عبدوا وعملوا وجدوا واجتهدوا، فهم في الحقيقة ينفعون أنفسهم، ويسعدون حياتهم، وكلٌّ يريدك لنفسه وحاجاته، إلا هو -سبحانه-، يريدك لنفسك وصلاح حالك؛ لأنه غني عنك وعن عبادتك، فالعباد إذا صاموا وصلوا وحجوا واعتمروا وتصدقوا وأنفقوا فالنفع عائد لهم.

في الحديث القدسي: "يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا؛ يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، كانوا على أفجرِ قلب واحد منكم ما نقص من ملكي شيئا؛ يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل واحد مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر! يا عِبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه".

وربنا في كتابه يقول: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا) [فصلت:46].

ولهذا -عباد الله- يوصف ربنا بالحي القيوم، كما في ثلاثة مواضع في القرآن: في البقرة، وآل عمران، وطه. والقيوم: القائم بنفسه، المقيم لغيره، وعليهما مدار الأسماء الحسنى.

هذا، ومن أوصافه القيُّومُ والـــْ *** ـقيُّوم في أوصافهِ أمرانِ
إحداهما القيُّومُ قام بنفسه *** والكونُ قام به، هما الأمرانِ
فالأول استغناؤه عن غيره *** والفقر مِنْ كُلٍّ إليه الثاني

وفي صحيح البخاري: "مَن لم يدع قول الزور والعمل به -وفي رواية: والجهل- فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".

أيها المؤمنون: ليس على ربنا حق واجب لعباده، وإنما هو حق إحسان وجود وعطاء وكرم ووفاء.

ما للعباد عليه حَقٌّ واجبٌ *** هو أوجب الأجْرَ العظيم الشانِ
كلا! ولا عملٌ لديه ضائعٌ *** إن كان بالإخلاص والإحسان
إن عُذبوا فبعدله أو نُعِّمُوا *** فبفضله والحمْدُ للمَنَّان

إذاً؛ الفضل منه وإليه: (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الحديد:29].

مَنَّ علينا فهدانا ووفقنا لدينه إحسانا: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [الحجرات:17].

فنحن -يا عباد الله- المحتاجون إلى ربنا، الفقراء إليه، الأسرى بين يديه؛ فالله خلقنا لعبادته، وهذا سِرُّ خَلْقِ الخَلق، والهدف من وجودهم: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:21].

ولهذا ربنا يجمع بين خلق العباد ورزقهم ليبين لهم أنه خلقهم لهدف العبادة، وهو رازقهم وحده، وخالقهم وحده: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم) [فاطر:3].

ولمــــّا بين الغاية من خلقهم، قد يتوهم مَن لا يحسن الفهم أنه خلقهم لغرض آخر، فنفى التوهم الباطل: (مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ) [الذاريات:57]؛ بل: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) [الذاريات:58].

والله خلق الناس كلهم ليكون الدين كله له: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ...) [الأنعام:162-163]، (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) [الأنفال:39].

فلا شريك له في خلقه ورزقه وملكه وتدبيره، ولا شريك له في عبادته وطاعاته وحكمه، ولا شريك له في أسمائه وصفاته، سبحانه وبحمده، فلا معين له، ولا مساند، ولا مدبر، ولا متصرف، ولا مساعد.

واستمعوا إلى آية تقطع أصول الشرك من جذوره، وتؤصل التوحيد والعقيدة: (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ * وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) [سبأ:22-23].

يقول ابن القيم "وقد قطع الله الأسباب التي يتعلق بها المشركون جميعها، فالمشرك إنما يتخذ معبوده لما يعتقد أنه يحصل له به من النفع، والنفع لا يكون إلا ممن فيه خصلة من هذه الأربع: إما مالك لما يريده عابده منه، فإن لم يكن مالكا كان شريكا للمالك، فإن لم يكن شريكا له كان معينا له وظهيرا، فإن لم يكن معينا ولا ظهيرا كان شفيعا عنده؛ فنفى -سبحانه- المراتب الأربع نفيا مترتبا متنقلا من الأعلى إلى ما دونه، فنفى الملك، والشركة، والمظاهرة، والشفاعة التي يظنها المشركون".

ربُّنا -عباد الله- لم يخلقنا عبثا ولا مهملين ولا سدى: (أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى) [القيامة:36]؟ (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا) [المؤمنون:115]؟ شبه البهائم معطلين لا نؤمر ولا نُنهى؟ فالبهائم في الفلاة ترعى! (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ) [الدخان:38].

اعلم أن الله -جل وعلا- لم يترك الخلق سدى وهملا؛ بل خلق الخلق ليعبدوه، وبالألوهية يفردوه، خلقنا ليكون الدين كله لله، خلقنا والملك ملكه، والعباد عبيده، (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف:54].

شهد لنفسه بالوحدانية: (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [آل عمران:18].

وحمد نفسه على تفرده بالألوهية والربوبية، فقال -عَزّ اسمه-: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) [الإسراء:111]. وتسمى هذه الآية آية العز.

أيها المسلمون: وكما أنه ليس له شريك في ملكه فلا شريك له في توحيده، فهو المألوه المعبود وحده: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) [البقرة:163].

عند معرفتنا بالعقيدة نعرف الهدف من خلقنا ووجودنا، فنقوم بالعبادة طاعةً وانقيادا، ذلاً وخضوعا، خاشعين مستجيبين، لا مستأنفين ومتكبرين: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر:60].

وعبادة الرحمن غايةُ حُبِّهِ *** مَعَ ذُلِّ عابِدِهِ هما قطبان
وعليهما فلك العبادة دائرٌ *** ما دار حتى قامت القطبان
ومداره بالأمْرِ أمْرُ رسولِهِ *** لا بالهوى والنَّفْسِ والشيطان

فكمال العبودية لرب البرية ذل وخضوع، وحب وخشوع، عندها لا يقدم الموحد هواه، ولا ولده ودنياه، ولا منصبه وما والاه، ولا زوجه ولا نفسه وما تهواه؛ لا يحرف النصوص، ولا يؤول المنصوص.

قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين.

أما بعد: عباد الله: فمن لطائف الآية الكريمة، ومن نفائسها الجميلة: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56]، من لطائفها أن فيها الله خلق الخلق لعبادته، فمنهم من استجاب وانقاد، ومنهم من أعرض فباء بالخسران والبعاد؛ ومنها أن الجن والإنس خلقوا للعبادة، وهم الثقلان، كما أن الإنس مخاطبون فالجن مخاطبون بتوحيد رب العالمين.

وفيها فضل الإنسان المسلم العابد على من كفر بالله واستنكف عن عبادة الله: (وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا) [النساء:172].

ومن لطائفها وجميل تحفها أن المسلم عبدٌ لله حقا، ومؤمن بالله صدقا.

ومن الفوائد أن العباد مأمورون ومنهيون، فلا خيار لهم في الالتزام والتعبد لذي الجلال، بل يجب امتثال المأمور، وترك المحذور.

وهذا من أعظم ما يبرزه المسلم الحق: أن يكون صادقا في ادعائه، موافقا في اتباعه، ناجحا في امتحانه.

ومن أعظم علامات الاستقامة فعل المأمور، وترك المحذور، وهذا هو الذي يبين حقيقة الواقع والتطبيق على أرض الواقع، فتجد من ينتسب للإسلام وشعائره بإلمام، وعند مشاهدة الأمر والنهي تجد القصور والتقصير، والتفريط الكبير، وعند الامتحان وصدور الأمر والنهي يُظهر الابتلاءُ الإنسانَ.

ومن دروسها أن العبد حر لوجه الله لا يملكه أحد، ولا يسيطر عليه أحد من البشر، حرٌّ لا يخضع لإنسان... رافعاً رأسه، وشامخا بأنفه، وعاليا بأصله، خاشعا بقلبه، خاضعا بجسده لربه، وهذا من أبرز فضائل التوحيد؛ لا يذل لأحد، ولا يتمسكن لأحد، فجهته واحدة، ووجهته واحدة؛ معبوده واحد...

وليس معناه -عباد الله- الحرية التي يطلقها ويسلكها المفسدون والعلمانيون والليبراليون: أنه حر يفعل ما يشاء، ويترك ما يشاء، إن شاء أطاع، وإن شاء عصى وضاع.

ولهذا؛ عندما تنهى شخصا يبادرك: "أنا حر"، لستَ حرا أخي المبارك، نعم، حر لا يديرك أحد، ولا يتصرف بك أحد، أما أن تترك الأوامر وترتكب المناهي فلا وألف لا.

فالحرية بمعنى التخلي عن القيم والأخلاق والتنازل عن أصول الدين وشعائره [مرفوضة]، فأنت عبد وملك لله -جل وعلا-، وكذا التخلي عن الأوامر كترك الصلاة وسماع الغناء وعمل الخبث والخنا والتساهل في الاختلاط والدعوة إلى كشف الحجاب، والخلوة بالرجل الأجنبي، والتعري والتفسق ونشر الفساد، وكذا ما يسمى بحرية الأديان، وإن كل إنسان له أن يدين بما شاء يهوديا أونصرانيا...

وليست الحرية -عباد الله- للمرأة أن تكون منفلتة، وعن القيم والحشمة ملتفتة؛ وليست الحرية التحاكم إلى غير شرع الله، أو إلى الأعراف والعادات والطبائع، وكذا من مرض قلبه إذا سافر إلى بلاد الإباحية ظن أنه في كامل الحرية، ولهذا يمارس، وفي الخبث والشر يلامس.

ومن الخطأ تسمية بلاد الإباحية والكفر والفسوق ببلاد الحرية، فليس للعبد حرية الانفلات أو حرية الرأي والتعبير في مخالفة اللطيف الخبير، فالحرية الحقة: الطاعة والمتابعة وعدم العبودية لأحد من الخلق.

قال الشافعي -رحمه الله-: "إن الله خلقك حرا، فكن حرا كما خلقك الله"، نعم؛ كن حرا طليقا، وصالحا صدّيقا، ولا تكن عبدا لأحد رقيقا.

هذا؛ وأسأل الله الكريم، رب العرش العظيم، أن ينصر دينه، وان يعلي كلمته، وأن يجعلني وإياكم من أنصار دينه وشرعه.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي