فالروح الآن قد بلغت الحلقوم؛ استعدادا لمغادرة الجسد، وقد يكون الناس جلوسا حول هذا المحتضر إذا بلغت روحه الحلقوم، فيرى ما لا يرون، يرى الملائكة قادمة تقبض روحه والناس حوله لا يرونهم، فروح الملك تقبض من... أولا: يجب أن نتذكر قدرة ملَك الموت، قال سماك الحنفي لابن عباس -رضي الله عنه- بعد أن كبر ابن عباس وكف بصره: "مَا تَقُولُ فِي أَمْرٍ غَمَّنِي وَاهْتَمَمْتُ بِهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَفْسَانِ اتَّفَقَ مَوْتُهُمَا فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ: وَاحِدٌ فِي الْمَشْرِقِ، وَوَاحِدٌ فِي الْمَغْرِبِ؛ كَيْفَ قَدَرَ عَلَيْهِمَا مَلَكُ الْمَوْتِ؟...
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ينقسم الوجود الذي خلقه الله -تعالى- إلى عالَمَين: عالم الشهادة، وعالم الغيب. وبينهما تنقسم الحياة إلى ثلاثة أقسام: الحياة الدنيا، وهي في عالم الشهادة الذي نعيش فيه، وحياتان: حياة البرزخ، والحياة الآخرة، وهما في عالم الغيب الذي لا نراه، والذي أنبأنا به نبينا -صلى الله عليه وسلم- في القرآن وفي حديثه -عليه الصلاة والسلام-.
والأصل في الحياة الدنيا الجسد، والروح تبع له؛ والأصل في حياة البرزخ الروح، والجسد تبع لها؛ ولذلك ينتهي الجسد في حياة البرزخ وتبقى الروح.
والحياة الآخرة هي ما بعد البعث وتغير أحوال الدنيا، وهي أتم أنواع الحياة، فهي حياة كاملة على مستوى الروح، وعلى مستوى الجسد أيضا، يقول -سبحانه-: (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) [العنكبوت:64]، فهي الحيوان، أي: هي الحياة الكاملة التي لا موت فيها.
هذه الحقائق من صميم الإيمان... وحديثنا اليوم -إن شاء الله- عن"حياة البرزخ"، تلك الحياة التي يقفز عن التفكير فيها الكثيرون، ويتركز حديثهم عن اليوم الآخر والجنة والنار دونها.
معاشر الإخوة: البرزخ هو الحاجز بين الشيئين بحيث يمنع من اختلاطهما، يقول -سبحانه-: (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا) [الفرقان:53]، جعل بينهما حاجزا.
ويقول -سبحانه-: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ) [الرحمن:19-20].
ويقول -سبحانه- في أصل البرزخ: (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون:99-100].
فهناك حاجز بينهم وبين الآخرة، إنها حياة أهل القبور، حياة ما بعد الموت، حياة البرزخ مرحلة طويلة بين الدنيا والآخرة، تستقر فيها أرواح الموتى، وهي عالم روحاني لا يقاس ما فيه على عالم الدنيا المادي، فلا تحكمه قوانين المكان والزمان والمادة؛ بل هو عالم آخر له أحواله وأسراره التي نجهلها أو نجهل معظمها.
لكن نبينا -صلى الله عليه وآله وسلم- جلى لنا بعض أخبار ذلك العالم المجهول وأحواله، فعلينا الإيمان بذلك، والتسليم التام؛ ولهذا نسأل: كيف تبدأ الحياة البرزخية؟.
أولا: يجب أن نتذكر قدرة ملَك الموت، قال سماك الحنفي لابن عباس -رضي الله عنه- بعد أن كبر ابن عباس وكف بصره: "مَا تَقُولُ فِي أَمْرٍ غَمَّنِي وَاهْتَمَمْتُ بِهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَفْسَانِ اتَّفَقَ مَوْتُهُمَا فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ: وَاحِدٌ فِي الْمَشْرِقِ، وَوَاحِدٌ فِي الْمَغْرِبِ؛ كَيْفَ قَدَرَ عَلَيْهِمَا مَلَكُ الْمَوْتِ؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! مَا قُدْرَةُ مَلَكِ الْمَوْتِ عَلَى أَهْلِ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَالظُّلُمَاتِ وَالنُّورِ وَالْبُحُورِ إِلا كَقُدْرَةِ الرَّجُلِ عَلَى مَائِدَتِهِ يَتَنَاوَلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ".
إذاً؛ فأجَل الإنسان إذا جاء لم يمنع ملكَ الموت منه شيءٌ، لا أمواله ولا سلطانه ولا جنده ولا حشمه، وتتركه الملائكة الحفَظة الذين كانوا يحفظونه في حياته بأمر الله، (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ) [الرعد:11]، أي: يحفظونه بأمر الله فتتركه معقباته أيضا بأمر الله، وتخلي بينه وبين ملك الموت ليقبض روحه؛ قال -سبحانه- (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ) [الأنعام:61].
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "لملك الموت أعوان من الملائكة يُخرجون الروح من الجسد، فيقبضها ملك الموت إذا انتهت إلى الحلقوم، قال -تعالى-: (قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) [السجدة:11].
فالروح الآن قد بلغت الحلقوم؛ استعدادا لمغادرة الجسد، وقد يكون الناس جلوسا حول هذا المحتضر إذا بلغت روحه الحلقوم، فيرى ما لا يرون، يرى الملائكة قادمة تقبض روحه والناس حوله لا يرونهم، فروح الملك تقبض من الأسفل من أصابع الرجلين إلى الأعلى، فإذا وصلت الروح الحلقوم غرغر المحتضر، وشخص بصره واتجه إلى فوق.
ولذلك؛ لما أغمض النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا سلمة بعد أن مات وشخص ببصره قال: "إن الروح إذا قُبِضَ تَبِعَهُ البَصَر"، قال -تعالى-: (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ) [الواقعة:83-85]. نحن أقرب إليه منكم بملائكتنا من أعوان ملك الموت ولكن لا تبصرونهم.
وهنا -معاشر المسلمين- تبدأ حياته البرزخية، أولا: بطريقة خروج روحه، فيكون خروج الروح سهلا أو صعبا بحسب عمل الإنسان، نسأل الله لنا ولكم حسن الخاتمة.
ففي حديث البراء يتضح خروج روح الرجل الصالح، قال -صلى الله عليه وسلم-: "فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فِيِّ السِّقَاءِ"، أي: من فم الوعاء.
أما الرجل الفاجر فقال عن خروج روحه: "فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السَّفُّودُ مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ"، والسفود: عود من حديد ذو شعب معقفة يُشوى فيه اللحم، وفي ذلك إشارة لمشقة خروج روحه.
وكما قال سعد: "كشجرة شوك أُدْخِلَتْ في جوف ابن آدم! فأخذت كل شوكة بعِرْق منه، ثم جذبها رجل شديد القُوَى فقطع منها ما قطع وأبقى ما أبقى"، نسأل الله العافية.
ولقد جاء في القرآن بوضوح قوله -تعالى-: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) [الأنعام:93].
والملائكة باسطو أيديهم، قال ابن كثير: "أي: بالضرب لهم حتى تخرج أنفسهم من أجسادهم".
ولهذا يقولون لهم: (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ)؛ وذلك أن الكافر إذا احتضر بشّرته الملائكة بالعذاب والنَّكال، والأغلال والسلاسل، والجحيم والحميم، وغضب الرحمن الرحيم، فتتفرق روحه في جسده، وتعصي وتأبى الخروج، فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم.
فروح الظالم تمتنع من الخروج برعبها وخوفها من عذاب الله، فتنتزع منه بقوة؛ أما روح المؤمن فتنشط بسهولة ودون ممانعة لشوقها إلى ربها -نسأل الله من فضله -.
الحاصل أن روح الرجل الصالح تنساب بهدوء، وهذا التخفيف على المؤمن عند خروج الروح لا ينافي أنه قد يشدد عليه عند الاحتضار أو بطريقة الموت نفسها أحيانا، فإن الأغلب خفة الاحتضار على المؤمن وشدته على الكافر عقوبة له.
أما الأنبياء فإنما يشدد عليهم في السكرات حتى يزاد لهم في الأجر؛ وقد جاء في صحيح الجامع من حديث أبي سعيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنا -معشرَ الأنبياء- يضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا الأجر".
فرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو سيد ولد آدم أجمعين، كان يقول عند موته: "لا إله إلا الله! إن للموت لسكَرات" صح ذلك في البخاري.
ولذلك قالت أم المؤمنين -رضي الله عنها وأرضاها-: "فلا أكره شدة الموت لأحد أبداً بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-".
قال الحافظ: "وفي الحديث أن شدة الموت لا تدل على نقص المرتبة؛ بل هي للمؤمن إما زيادة في حسناته، أو تكفيراً في سيئاته".
فشدة الوفاة ليست من العلامات الدالة على سوء عاقبة المتوفى، وسهولة الموت ليست من المكرمات، وإنما الكرامة في سهولة خروج الروح ذاتها.
ومن أخفها روح الشهيد؛ ففي المسند وغيره من حديث أبي هريرة قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة".
جاء في حديث البراء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة"، هكذا كانت صفته في الدنيا، هكذا كان سلوكه وخلقه، انقطاعا من الدنيا وإقبالا من الآخرة، لم يكن يقدم الدنيا على الآخرة في شيء أبداً!.
"نزل إليه من السماء ملائكةٌ بيضُ الوُجُوه، كأن وجوههم الشمس، ومعهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة -أي: طيب من طيب الجنة-، حتى يجلسوا منه مد البصر -قريبا منه مع كمال الأدب ينتظرون خروج الروح منه-.
ثم يجيء ملك الموت –عليه السلام- حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة، اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان؛ فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من في السقاء –أي: فم الوعاء- فيأخذها، فإذا أخذها –أي: ملك الموت- لم يدعوها في يده".
"يدعوها" الضمير عائد للملائكة، إذاً؛ الملائكة جلسوا منه مد البصر ينتظرون، قال: "لم يدعوها في يده طرفة عين"، أي ولا مدة تحريك جفنه، وفيه إشارة إلى سرعة الملائكة في تنفيذ أمر الله -تعالى-، فلا تباطؤ ولا تلكؤ ولا أدنى تلكؤ؛ بل مبادرة في أسرع من لمح البصر.
قال: "حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض".
وهذا الكفن -أيها الإخوة- هو كفن للروح، وإلا فالجسد إما أنه قد كُفن أو لم يكفن بعدُ وهو الأرجح؛ لأن الكفن يستدعي في الغالب زمنا بعد خروج الروح، لكن: أي فرق بين الكفنين؟ هذا كفن سماوي وذاك أرضي!.
قال:" فيصعدون بها"، يعني إلى السماء، روى الضحاك عن ابن عباس أنه قال: "كان الجن سكان الأرض والملائكة سكان السماء وهم عمارها ،لكل سماء ملائكة ولكل أهل سماء صلاة وتسبيح ودعاء، فكل أهل سماء أشد عبادة وأكثر دعاء وصلاة وتسبيحا من الذين تحتهم"، كلما علوت إلى الأعلى كثر التسبيح والتكبير.
إذا؛ فالملائكة يصعدون بالروح إلى السماوات، ولكل سماء أهلها، قال: "فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان، بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا".
الملائكة يعرفون كل مؤمن صالح ومؤمنة صالحة بأسمائهم، وليس ذلك فحسب؛ بل يعرفونهم بأسمائهم التي يحبونها، فلا يذكرون إلا تلك الأسماء التي يحبونها؛ إكراما لهم، ورفعا لشأنهم.
قال: "حتى ينتهوا به إلى سماء الدنيا، فيستفتحون له فيفتح له، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي إلى السماء السابعة، فيقول الله -عز وجل-: اكتبوا كتاب عبدي في علِّيِّين، وأعيدوا عبدي إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى".
معاشر المسلمين: كل هذه الأحوال تحصل للعبد قبل أن يقبر، تحصل له من أول لحظة تخرج فيها روحه ويغادر الدنيا منتقلا إلى عالم البرزخ.
أسأل الله لي ولكم حسن الختام، وأستغفر الله فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من سار على نهجه واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد: ففي صحيح البخاري من حديث أنس -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم".
قال أهل العلم: إن الإنسان في قبره تُعاد له روحه، وتحصل مساءلة من الملكين، وإنه يسمع نعال الذين قبروه إذا انصرفوا، وهذا لا يدل على أن المقبور يعلم كل ما يجري خارج القبر؛ لا! ولا أن أصحاب القبور يسمعون كل شيء؛ لا! بل نثبت ما ثبت، ونسكت عمّا لم يثبت، وقد ثبت سماع قرع النعال في الحديث، أما غير ذلك من الأمور الأخرى فإنه لا يتثبت ولا ينفى؛ ولكن ترد إلى علم الله -عز وجل-، ويقال: الله أعلم.
أما عن وضع الميت إذا عادت إليه روحه وهو في قبره فنتكلم عنها في مقام لاحق إن شاء الله -تعالى-.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي