خطبة الحاجة (2)

عبد الرحمن بن محمد الهرفي
عناصر الخطبة
  1. الارتباط الوثيق بين طاعة الله وطاعة رسوله .
  2. معنى قوله: (اتقوا الله حق تقاته) .
  3. معنى قوله: (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) .
  4. معنى قوله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) .
  5. معنى قوله: (وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء) .
  6. معنى قوله: (إن الله كان عليكم رقيباً) .
  7. معنى قوله: (ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) .

اقتباس

الطاعة بذاتها فوز عظيم، فهي استقامة على نهج الله، والاستقامة على نهج الله مريحة مطمئنة، والاهتداء إلى الطريق المستقيم الواضح الواصل سعادة بذاته، ولو لم يكن وراءه جزاء سواه. وليس الذي يسير في الطريق الممهود المنير، وكل ما حوله من خلق الله يتجاوب معه، ويتعاون ك...

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً[النساء:1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب: 70،71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

عباد الله: فما زلنا نتفيء ظلال الخطبة العظيمة التي حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على تعليمها لأصحابه، وأذهلت عقل ضماد الأزدي، فأسلم من فوره، وبلغنا إلى قوله: "وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله".

ولن نتحدث عن هذه الشهادة العظيمة في هذه الخطبة، ولكننا سنفرد لها خطبا، فإن الإسلام كله مداره على هذه الجملة العظيمة، ففي الحديث: "أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا فِيهِمَا وُضِعَ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ، وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى لَرَجَحَتْ بِهِنَّ، وَلَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا فِيهِنَّ كُنَّ طَبَقًا مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ رَجُلٌ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَخَرَقَتْهُنَّ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ".

ونؤكد هنا على أمر ألا وهو: أن شهادة أن لا إله إلا الله مرتبطة بشهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن فرق بينهما فهو ليس بمسلم، فمن قال: نأخذ ما جاء في القرآن وندع ما جاء بالسنة فقد كذب على الله، قال تعالى: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ)[آل عمران:32].

وقال تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[آل عمران:132].

وقال تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)[المائدة:92].

وقال تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) [الأنفال:1].

وأخرج أصحاب السنن بسند صحيح عَنْ الْمِقْدَاد بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ...".

وكذا أخرج الإمام أحمد وغيره بسند صحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: "كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُرِيدُ حِفْظَهُ فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا فَأَمْسَكْتُ عَنْ الْكِتَابِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "اكْتُبْ فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا خَرَجَ مِنِّي إِلَّا حَقٌّ".

فكل دعوى يدعيها مبطل بأن السنة لا يجب العمل بها، فقد فرق بين الله ورسوله، واستحق مقت الله، ويجب علينا الحذر من أمثال هؤلاء، وهم كثر في الصحف والتلفاز وغيره.

ثم قرأ بعدها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ..) الآية.

"اتقوا الله" كما يحق له أن يتقى، وهي هكذا بدون تحديد تدع القلب مجتهدا في بلوغها كما يتصورها وكما يطيقها.

وكلما أوغل القلب في هذا الطريق تكشفت له آفاق، وجدت له أشواق، وكلما اقترب بتقواه من الله، تيقظ شوقه إلى مقام أرفع مما بلغ، وإلى مرتبة وراء ما ارتقى، وتطلع إلى المقام الذي يستيقظ فيه قلبه فلا ينام.

قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: "عن عبد الله ابن مسعود: (اتقوا الله حق تقاته) قال: "أن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر"، وهذا إسناد صحيح موقوف، وعن ابن عباس قال: (تقاته) أن يجاهدوا في سبيله حق جهاده، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ويقوموا بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم وأبنائهم"ا.هـ.

وقوله تعالى: (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).

الموت غيب لا يدري إنسان متى يدركه، فمن أراد ألا يموت إلا مسلما فسبيله أن يكون منذ اللحظة مسلما، وأن يكون في كل لحظة مسلما.

وذكر الإسلام بعد التقوى يشير بمعناه الواسع: الاستسلام. الاستسلام لله، طاعة له، واتباعا لمنهجه، واحتكاما إلى كتابه.

هذه هي الركيزة الأولى التي تقوم عليها الجماعة المسلمة لتحقق وجودها وتؤدي دورها.

إذ أنه بدون هذه الركيزة يكون كل تجمع تجمعا جاهليا، ولا يكون هناك منهج لله تتجمع عليه أمة، إنما تكون هناك مناهج جاهلية، ولا تكون هناك قيادة راشدة في الأرض للبشرية، إنما تكون القيادة للجاهلية .

وقال ابن كثير: "أي حافظوا على الإسلام في حال صحتكم وسلامتكم لتموتوا عليه، فإن الكريم قد أجرى عادته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه، فعياذاً بالله من خلاف ذلك".

ثم قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ...) الآية..

إنه الخطاب "للناس" بصفتهم هذه، لردهم جميعا إلى ربهم الذي خلقهم، والذي خلقهم (من نفس واحدة) إن هذه الحقائق الفطرية البسيطة لهي حقائق كبيرة جدا، وعميقة جدا، وثقيلة جدا.. ولو ألقى "الناس" أسماعهم وقلوبهم إليها لكانت كفيلة بإحداث تغييرات ضخمة في حياتهم وبنقلهم من الجاهلية.... إلى الإيمان والرشد والهدى، وإلى الحضارة الحقيقية اللائقة "بالناس" و "بالنفس" واللائقة بالخلق الذي ربه وخالقه هو الله.

إن هذه الحقائق تجلو للقلب والعين مجالا فسيحا لتأملات شتى:

أولها: إنها ابتداء تذكر "الناس" بمصدرهم الذي صدروا عنه وتردهم إلى خالقهم الذي أنشأهم في هذه الأرض، هذه الحقيقة التي ينساها "الناس" فينسون كل شيء! ولا يستقيم لهم بعدها أمر!.

ثانيها: كما أنها توحي بأن هذه البشرية التي صدرت من إرادة واحدة، تتصل في رحم واحدة، وتلتقي في وشيجة واحدة، وتنبثق من أصل واحد، وتنتسب إلى نسب واحد.

ولو تذكر الناس هذه الحقيقة، لتضاءلت في حسهم كل الفروق الطارئة، التي نشأت في حياتهم متأخرة، ففرقت بين أبناء"النفس"الواحدة، ومزقت وشائج الرحم الواحدة.

وكلها ملابسات طارئة ما كان يجوز أن تطغى على مودة الرحم وحقها في الرعاية، وصلة النفس وحقها في المودة، وصلة الربوبية وحقها في التقوى.

ثالثها: والحقيقة الأخرى التي تتضمنها الإشارة إلى أنه من النفس الواحدة: (خلق منها زوجها).. كانت كفيلة - لو أدركتها البشرية - أن توفر عليها تلك الأخطاء الأليمة، التي تردت فيها، وهي تتصور في المرأة شتى التصورات السخيفة، وتراها منبع الرجس والنجاسة، وأصل الشر والبلاء.. وهي من النفس الأولى فطرة وطبعا، خلقها الله لتكون لها زوجا، وليبث منهما رجالا كثيرا ونساء، فلا فارق في الأصل والفطرة، إنما الفارق في الاستعداد والوظيفة.

ولقد خبطت البشرية في هذا التيه طويلا، جردت المرأة من كل خصائص الإنسانية وحقوقها، فترة من الزمان، تحت تأثير تصور سخيف لا أصل له، فلما أن أرادت معالجة هذا الخطأ الشنيع اشتطت في الضفة الأخرى، وأطلقت للمرأة العنان، ونسيت أنها إنسان خلقت لإنسان، ونفس خلقت لنفس، وشطر مكمل لشطر، وأنهما ليسا فردين متماثلين، إنما هما زوجان متكاملان، والمنهج الرباني القويم يرد البشرية إلى هذه الحقيقة البسيطة بعد ذلك الضلال البعيد.

رابعها: كذلك توحي الآية بأن قاعدة الحياة البشرية هي الأسرة، فقد شاء الله أن تبدأ هذه النبتة في الأرض بأسرة واحدة، فخلق ابتداء نفسا واحدة، وخلق منها زوجها. فكانت أسرة من زوجين: (وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) ولو شاء الله لخلق - في أول النشأة - رجالا كثيرا ونساء، وزوجهم، فكانوا أسرا شتى من أول الطريق. لا رحم بينها من مبدأ الأمر، ولا رابطة تربطها إلا صدورها عن إرادة الخالق الواحد، وهي الوشيجة الأولى، ولكنه - سبحانه - شاء لأمر يعلمه ولحكمة يقصدها، أن يضاعف الوشائج. فيبدأ بها من وشيجة الربوبية - وهي أصل وأول الوشائج - ثم يثني بوشيجة الرحم، فتقوم الأسرة الأولى من ذكر وأنثى - هما من نفس واحدة وطبيعة واحدة وفطرة واحدة - ومن هذه الأسرة الأولى يبث رجالا كثيرا ونساء، كلهم يرجعون ابتداء إلى وشيجة الربوبية، ثم يرجعون بعدها إلى وشيجة الأسرة. التي يقوم عليها نظام المجتمع الإنساني، بعد قيامه على أساس العقيدة.

ومن ثم هذه الرعاية للأسرة في النظام الإسلامي، وهذه العناية بتوثيق عراها، وتثبيت بنيانها، وحمايتها من جميع المؤثرات التي توهن هذا البناء - وفي أول هذه المؤثرات مجانبة الفطرة، وتجاهل استعدادات الرجل واستعدادات المرأة وتناسق هذه الاستعدادات مع بعضها البعض، وتكاملها لإقامة الأسرة من ذكر وأنثى.

يقول تعالى آمراً خلقه بتقواه، وهي عبادته وحده لا شريك له، ومنبهاً لهم على قدرته التي خلقهم بها من نفس واحدة، وهي آدم عليه السلام وخلق منها زوجها وهي حواء عليها السلام خلقت من ضلعه الأيسر، من خلفه وهو نائم، فاستيقظ فرآها فأعجبته، فأنس إليها وأنست إليه.

وقوله: (وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء) أي وذرأ منهما، أي من آدم وحواء رجالاً كثيراً ونساء، ونشرهم في أقطار العالم على اختلاف أصنافهم وصفاتهم وألوانهم ولغاتهم، ثم إليه بعد ذلك المعاد والمحشر.

ثم قال تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) أي واتقوا الله بطاعتكم إياه.

وقوله: (إن الله كان عليكم رقيباً) أي هو مراقب لجميع أحولكم وأعمالكم، كما قال: (والله على كل شيء شهيد).

وفي الحديث الصحيح: "اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك".

وهذا إرشاد وأمر بمراقبة الرقيب، ولهذا ذكر تعالى أن أصل الخلق من أب واحد وأم واحدة ليعطف بعضهم على بعض، ويحننهم على ضعفائهم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، ولا إله إلا الله والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وآله وسلم.

وبعد:

عباد الله: نختم خطبتنا هذه بآخر آية تلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الخطبة العظيمة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ..) الآية..

قال ابن كثير في تفسر الآية: "يقول تعالى آمراً عباده المؤمنين بتقواه، وأن يعبدوه عبادة من كأنه يراه، وأن يقولوا قولاً سديداً، أي مستقيماً لا اعوجاج فيه ولا انحراف، ووعدهم أنهم إذا فعلوا ذلك أثابهم عليه بأن يصلح لهم أعمالهم، أي يوفقهم للأعمال الصالحة، وأن يغفر لهم الذنوب الماضية، وما قد يقع منهم في المستقبل يلهمهم التوبة منها، ثم قال تعالى: (ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً) وذلك أنه يجار من نار الجحيم، ويصير إلى النعيم المقيم"

فالقرآن يوجه المؤمنين إلى تسديد القول وإحكامه، والتدقيق فيه، ومعرفة هدفه واتجاهه،... ويوجههم إلى القول الصالح الذي يقود إلى العمل الصالح، فالله يرعى المسددين ويقود خطاهم ويصلح لهم أعمالهم جزاء التصويب والتسديد، والله يغفر لذوي الكلمة الطيبة والعمل الصالح، ويكفر عن السيئة التي لا ينجو منها الآدميون الخطاءون، ولا ينقذهم منها إلا المغفرة والتكفير.

(ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).

والطاعة بذاتها فوز عظيم، فهي استقامة على نهج الله، والاستقامة على نهج الله مريحة مطمئنة، والاهتداء إلى الطريق المستقيم الواضح الواصل سعادة بذاته، ولو لم يكن وراءه جزاء سواه. وليس الذي يسير في الطريق الممهود المنير، وكل ما حوله من خلق الله يتجاوب معه، ويتعاون كالذي يسير في الطريق المقلقل المظلم، وكل ما حوله من خلق الله يعاديه ويصادمه ويؤذيه! فطاعة الله ورسوله تحمل جزاءها في ذاتها وهي الفوز العظيم، قبل يوم الحساب وقبل الفوز بالنعيم، أما نعيم الآخرة فهو فضل زائد على جزاء الطاعة، فضل من كرم الله وفيضه بلا مقابل، والله يرزق من يشاء بغير حساب.

ولنا وقفة أخرى في الأسبوع القادم - إن شاء الله - مع هذه الخطبة العظيمة.

خطبة الحاجة (1)


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي