الفطرة الباطنة التي عمادها على الإخلاص, والإقبال بالقلب عليه، وتمامها بترك الشرك قليلة وكثيره
هذه الفطرة الباطنة, التي تطهر القلب من الشرك والشك, والشقاق والنفاق، وتنقيه من الغلِّ والغشِّ والحقد, ومساوي الأخلاق, وتملأ القلب علماً ويقيناً وعرفاناً، ...
أما الفطرة الظاهرة: تنقية الجسد من الأوساخ والأنجاس والأوضار، ورغَّب الشارع في..
الحمد لله الذي شرع لنا ما يقربنا إليه ويدنينا، ونهج لنا من الطرق ما يكفينا عن غيرها ويغنينا، وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, إلهنا ومليكنا وناصرنا وهادينا, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, بعثه الله بالهدى, ودين الحق شرعةً وتوحيداً وديناً، اللهم صل وسلم على محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، أفضل الناس أخلاقاً وأعمالاً وعلماً ويقيناً.
أما بعد:
أيها الناس, اتقوا الله واشكروه على آلائه الباطنة والظاهرة، وتقربوا إليه بما يحبه ويرضاه من العقائد والأعمال والأخلاق الفاضلة.
فقد شرع لكم من فطرة الإسلام ما يطهر الظواهر ويزكي القلوب، ويسّر لكم كل سبب تدركون به المطلوب، قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [الروم:30-31].
فهذه الفطرة الباطنة التي عمادها على الإخلاص, والإقبال بالقلب عليه، وتمامها بترك الشرك قليله وكثيره, وتحقيق الإنابة إليه.
قولوا بألسنتكم وقلوبكم -إذا أصبحتم وأمسيتم-: أصبحنا وأمسينا على فطرة الإسلام, وكلمة الإخلاص, وملَّة أبينا إبراهيم, ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
هذه الفطرة الباطنة, التي تطهر القلب من الشرك والشك, والشقاق والنفاق، وتنقيه من الغلِّ والغشِّ والحقد, ومساوي الأخلاق, وتملأ القلب علماً ويقيناً وعرفاناً، وتوجهه إلى ربه إخلاصاً وطمأنينة, وبراً وإيماناً.
"أما الفطرة الظاهرة", فقد حثّ الشارع على تنقية الجسد من الأوساخ والأنجاس والأوضار، ورغَّب في حلق العانة, ونتف الإبط, وحفِّ الشارب, وإعفاء اللِّحية, وتقليم الأظافر.
وأخبر أنّ الطهور الشرعي -وهو: إزالة الأخباث والأحداث- شطر الإيمان؛ لما في ذلك من طهارة البدن من الأوضار والأدران.
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن النكاح، والحناء, والتطيب, من سنن المرسلين، وأنّ استدامة الطهور عليه، من أوصاف المؤمنين، وقال تعالى بعد ما ذكر الطهارة بالماء والتراب: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة: 6].
فهذه الطهارة التي شرعها, من أكبر نعمه على العباد، وبها تكفَّر الخطايا, وتحصَّل العطايا الكثيرة يوم التناد.
فمن توضأ وضوءًا كاملاً خرجت خطاياه مع الماء من تحت الأظافر، ومن أحسن الوضوء, ثم صلى ركعتين، لا يحدث فيهما نفسه -غفرت ذنوبه، واستحق رضى الغفَّار، ومن توضأ، فأحسن وضوءه، ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, اللهم اجعلني من التوابين, واجعلني من المتطهرين -فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء. وما ذلك بعزيز على فضل الكريم الغفار.
وقال صلى الله عليه وسلم: " ألا أخبركم بما يمحوا الله به الخطايا, ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره, وكثرة الخطى إلى المساجد, وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط".
وقال: " إن أمتي يدعون غراً محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فيلفعل".
وقال صلى الله عليه وسلم: " تبلغ الحلية من المؤمن, حيث يبلغ الوضوء".
رزقنا الله الاعتراف بنعمه وأياديه، ووفّقنا للقيام بما يحبه ويرضيه: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة: 231].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي