إنَّ تقسيمَ الأرزاقِ بين الناسِ، لا علاقة له بالحسب والنسب، ولا بالعقل والذكاء، ولا بالوجاهة والمكانة، ولا بالطاعة والعصيان، وإنما يُقسِّم الله الأرزاق على عباده كيف يشاء، ولحكمةٍ يريدها جل وعلا، فقد يعطي المجنون، ويحرم العاقل، وقد يعطي الوضيع، ويمنع الحسيب. فمن أُعطي رزقا، فلا يَظُنَّ أنه سِيقَ له لحسبه أو مكانته أو جنسيته، أو لأنه...
الخطبة الأولى
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى حق التقوى، فمن اتقاه وقاه، ومن توكل عليه أغناه.
معاشر المؤمنين: إن عقيدة المسلم هي رأسُ ماله، وهي مرتبطةٌ ارتباطا وثيقاً بجميع شؤون حياته، من عبادةٍ، وعلمٍ وعملٍ، وأخلاق، وتكسُّبٍ ونحوها من أعمال الحياة الأخرى.
واليوم سأقف تسع وقفاتٍ نتعرف خلالها على ارتباط الرزق بعقيدة المسلم.
الوقفة الأولى: إن من عقيدة المسلم، اليقينُ بأنَّ الأرزاقَ كلَّها من عند الله جل وعلا وحده، قال الله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)[الروم: 40].
وقال تعالى: (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ)[النحل: 72].
فكل ما في هذه الدنيا من أموالٍ وبنينَ، ومراكبَ ومساكنَ، وقصورٍ ومزارعَ، وصحةٍ وعافيةٍ، وعلمٍ وغيرِها كثيرٌ، فهو من رزق الله تعالى لخلقه.
الوقفة الثانية: إن من صفات الله تعالى، الدالَّةِ على كمالِ ربوبيته وقيوميته، أنه ما من مخلوق في هذا الكون، إلا وقد يسَّرَ الله له رزقه في هذه الحياة.
الوقفة الثالثة: إن من مقتضيات الإيمان بالقضاء والقدر في عقيدة المسلم، أن ما قدَّرهُ الله للعبد من رزقٍ، فلن يخطئَهُ، ولن ينصرفَ إلى غيرِه، روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تَسْتَبْطِئُوا الرِّزْقَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَبْدٌ يَمُوتُ حَتَّى يَبْلُغَهُ آخِرُ رِزْقٍ هُوَ لَهُ فَاتَّقُوا اللهَ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ مِنَ الْحَلَالِ وَتَرْكِ الْحَرَامِ".
وقد كتب الله ما سيكون لكل إنسان في حياته كلِّها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مَلَكاً فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، ويُقَالُ لَهُ: اُكْتُبْ عَمَلَهُ ورِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ ثم يَنْفَخُ فِيهِ الرُّوحَ"[البخاري].
فلو اجتمعت الدنيا كلُّهَا بمن فيها من إنسٍ وجنٍ وحيوان؛ ليمنعوا رزقاً قدَّره الله لمخلوقٍ، ما استطاعوا على ذلك، ولو أرادوا أن يُسْقُوا مخلوقاً شربةَ ماءٍ لم يكتُبْها الله له، فلن يقدروا.
الوقفة الرابعة: ومن عقيدة المسلم أنَّ تقسيمَ الأرزاقِ بين الناسِ، لا علاقة له بالحسب والنسب، ولا بالعقل والذكاء، ولا بالوجاهة والمكانة، ولا بالطاعة والعصيان، وإنما يُقسِّم الله الأرزاق على عباده كيف يشاء، ولحكمةٍ يريدها جل وعلا، فقد يعطي المجنون، ويحرم العاقل، وقد يعطي الوضيع، ويمنع الحسيب.
فمن أُعطي رزقا، فلا يَظُنَّ أنه سِيقَ له لحسبه أو مكانته أو جنسيته، أو لأنه أذكى من غيره، فإنما هي أرزاق الله جل وعلا يُقسِّمها حسب حكمته ومشيئته.
الوقفة الخامسة: ومما يجب أن يعتقد المسلم أن الله يُجري الرزق لخلقه ليستعينوا به على طاعته، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إنما خَلَقَ الله الخَلْقَ، ليَعبُدوه، وإنما خَلَقَ الزرقَ لهم ليَسْتَعِيُنوا به على عبادته".
فالله سبحانه وتعالى ما أعطى العباد هذه الأرزاقَ لِيَلْهَوْا ويَلْعَبُوا بها، أو يستخدموها فيما حَرَّم عليهم، ويَنْسَوا الدار الآخرة، والله عز وجل سائلهم يوم القيامة مم اكتسبوها وفيم أنفقوها؟ فلْنُعِدَّ لهذا السؤال جوابا.
الوقفة السادسة: من تدبر كلام الله عز وجل، سيلحظُ أن الله في آياٍت كثيرةٍ يربط بين رزقه للعباد، وبين مطالبتهم بالإنفاق في سبيله من ذلك الرزق الذي تفضل به عليهم، قال تعالى: (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ) [المنافقون: 10].
وقال: (قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ) [إبراهيم: 31].
وقال في حق المكاتبين: (وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) [النــور: 33].
وكثيراً ما يصف المؤمنين بالإنفاق مما رزقهم الله، قال تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) [البقرة: 3].
وقال في مجمل صفات المؤمنين: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) [الأنفال: 3].
وفي ذلك دلالة على أن من المقاصد الأساسية لرزق الله للعبد، أن يُتعَبَّدَ اللهُ بهذا الرزق، فيُتقرب إليه بالنفقة والزكاة والصدقة والوقف وإطعام الطعام، والهدية، والهبة، وغيرها مما ينفق من رزق الله الذي رزقه إياه.
الوقفة السابعة: إن الله عز وجل فضّل بعض الناس على بعض في الرزق، فأعطى هذا وبسط له، وأعطى ذاك أقل منه، وحرم آخرَ. قال حل وعلا مبينا ذلك: (وَاللّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْرِّزْقِ) [النحل: 71].
ومن لطيف أسرار الرزق، أنك تجد أُناساً ممن بُسط لهم في الرزق، لا يزالون يشعرون بأنهم محرومين، ومع ما لديهم من خير فهم يعيشون في حياة يملؤها الأرق، والضيق والهموم، وهؤلاء محرومون.
وآخرون أُعطوا قليلا، وأحيانا ليس عندهم ما يكفيهم ، ومع ذلك يرون أنهم قد أوتوا خيراً كثيراً، ورُزقوا رزقاً عظيماً، ويعيشون حياة سعيدة ويشعرون بأنس في صدورهم، وهؤلاء شاكرون.
ومن دقَّقَ وتبصَّر عرف أن الرزقَ الحقيقي هو امتلاء القلب بالإيمان والقناعة، فمن رُزقهما فقد أوتي خيراً كثيراً؛ وسيجد السعادة في دنياه: (فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الشورى: 36].
كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه يقول له: "واقنعْ برزقك من الدنيا فإن الرحمن فضَّل بعض عباده على بعض في الرزق".
الوقفة الثامنة: أنه لا يُطلب الرزق إلا من الله حل وعلا، قال تعالى: (فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ)[العنكبوت: 17].
وقال: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [الروم: 37].
وفي الحديث: "إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ".
وذمَّ الله الذين يعبدون غيره ويطلبون الرزق منهم، فقال: (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ) [النحل: 73].
ومن طلب الله وسأله، وبذل الأسباب، وتوكل عليه، أعطاه وسخر له، ورزقه من حيث لا يحتسب، وأتته الدنيا وهي راغمة.
الوقفة التاسعة: إن عطاءَ الله للعبد، وإغداقَ الرزقِ عليه، لا يدل على محبته له ورضاه عنه، كما أن قَدْرَ الرزقِ لا يدل على عدمِ المحبة وعدم الرضا، فقد يعطي الله الفجارَ أكثر من الأبرار، وقد يرزق الكافرين أضعاف ما يرزق المسلمين، قال تعالى: (وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [البقرة: 126].
وقال تعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا) [مريم: 74].
أَحْسَنُ أَثَاثًا: أَيْ مَتَاعًا وَأَمْوَالًا، وَرِئْيًا: بِالْهَمْزِ أَيْ: مَنْظَرًا.
وقرئت: "وَرَيًّا" مُشَدَّدة بِغَيْرِ هَمْزٍ ومن أقوال المفسرين فيها: مِنَ الرَّيِّ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْعَطَشِ، وَمَعْنَاهُ: الِارْتِوَاءُ مِنَ النِّعْمَةِ فَإِنَّ الْمُتَنَعِّمَ يَظْهَرُ فِيهِ ارْتِوَاءُ النِّعْمَةِ وَالْفَقِيرُ يَظْهَرُ عَلَيْهِ ذُيُولُ الْفَقْرِ.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنْ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ" ثم تلا قوله تعالى: (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ) [الأنعام: 44].
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم، وهدانا لإتباع سيد المرسلين.
أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم...
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه ...
أما بعد:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) [الطلاق: 4].
عباد الله: ينشغلُ بالُ كثيرٍ من الناسِ بطلب الرزقِ، مما يجعل بعضَهم يلجأُ إلى طُرق ملتويةٍ ومحرمةٍ للحصول عليه، وما علموا أن الحرام يمحق البركة.
فهناك أسباب شرعية يُستجلب بها، وتُستفتح بها بركاتُ السماء، وسأذكر ثمانية من تلك الأسباب:
أولها: الاستغفار والتوبة: جاء رجل إلى الحسن فشكا إليه الجَدْب، فقال: استغفرِ الله، وجاء آخر فشكا الفقر، فقال له: استغفرِ الله، وجاء آخر، فقال: ادع الله أن يرزقني ولداً، فقال: استغفرِ الله، فقال أصحاب الحسن: سألوك مسائل شتى، وأجبتهم بجواب واحد وهو الاستغفار، فقال رحمه الله: ما قلت من عندي شيئاً، إن الله يقول: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) نوح: (10-12].
قال القرطبي رحمه الله: "هذه الآية دليل على أن الاستغفار يُستنزل به الرزقُ والأمطار".
ثانيها: التوكل على الله: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ) [الطلاق: 3].
وروى الإمام أحمد والترمذي وغيره، بسند صحيح قولَ النبي صلى الله عليه وسلم: "لوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، أَلَا تَرَوْنَ أَنَّهَا تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًاً".
الثالث: التفرغُ لعبادة الله، والاعتناءُ بها، أخرج أحمد والترمذي وابن ماجه بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ وَإِلَّا تَفْعَلْ مَلَأْتُ صَدْرَكَ شُغْلًا وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ".
الرابع: المتابعةُ بين الحجِّ والعمرة، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّ مُتَابَعَةً بَيْنَهُمَا تَنْفِي الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ" [أحمد والترمذي وغيرهما].
الخامس: صلة الرحم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" [البخاري ومسلم].
وفي رواية: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُعَظِّمَ اللَّهُ رِزْقَهُ وَأَنْ يَمُدَّ فِي أَجَلِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" [أحمد].
حتى الفَجَرَة إذا تواصلوا بسط الله لهم في الرزق، روى الطبراني بسند صحيح من حديث أبي بكرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ أعْجَلَ الطّاعةِ ثَوَاباً صِلَةُ الرَّحِم، حتى إنَّ أهْلَ البَيْتِ ليَكُونُوا فَجَرَةً فَتَنْمُو أمْوَالهَم ويكثُرُ عدَدُهُم إذَا تَوَاصَلُوا ومَا مِنْ أَهْلَ بيتٍ يَتَوَاصَلُونَ فَيَحْتَاجُون".
السادس: الإنفاقُ في سبيل الله، قال الله تعالى: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ: 39].
وروى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ".
وفي هذا ضمان من الله للرزق.
السابع: الإحسان إلى الضعفاء والفقراء، وبذل العون لهم، قَالَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يَكُونُ حَامِيَةَ الْقَوْمِ أَيَكُونُ سَهْمُهُ وَسَهْمُ غَيْرِهِ سَوَاءً قَالَ: "ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ أُمِّ سَعْدٍ، وَهَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ".
وقال صلى الله عليه وسلم: "أبْغُونِي الضُّعَفَاءَ فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ".
الثامن: السعي في أرض الله الواسعة لطلب الرزق، فقد يُغلَقُ على العبدِ بابٌ من أبوابِ الرزقِ في بلده، ويُفتَح له بابٌ من أبوابِ الرزقِ في بلدٍ آخَر، قال تعالى: (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً) [النساء: 100].
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: المراغم: التحول من الأرض إلى الأرض، والسعة؛ السعة في الرزق.
فكم من ناس تركوا بلادهم وهي أحبُّ البلاد لقلوبهم، وفتح الله لهم الرزق في غيرها، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
هذا وصلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين حيث أمركم الله بذلك في كتابه المبين، فقال جل من قائل عليما: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي