لا زلنا وإياكم مع الرجال، وصفات الرجال؛ مع الرجولة، وسمات الرجولة؛ مع الرجال الذين تُبنى بهم الحضارات، وتُشيد بهم الانجازات، الرجال الذين يحبهم الله، ويحبهم رسول -صلى الله عليه وسلم-.
الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كل شيءٍ قائمٌ به، وكل شيءٍ خاضعٌ له، غِنى كل فقير، وقوة كل ضعيف، ومفزع كل ملهوف، مَن تكلم سمع نطقه، ومن سكت علم سِرَّه، ومن عاش فعليه رزقه، ومن مات فإليه منقلبه، كل ملكٍ غيره مملوك، وكل قويٍ غيره ضعيف، وكل غنيٍ غيره فقير.
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله -عز وجل- القائل: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ) [البقرة:281]، اتقوا يومًا الوقوف فيه طويل، والحساب فيه ثقيل.
عباد الله: لا زلنا وإياكم مع الرجال، وصفات الرجال؛ مع الرجولة، وسمات الرجولة؛ مع الرجال الذين تُبنى بهم الحضارات، وتُشيد بهم الإنجازات، الرجال الذين يحبهم الله، ويحبهم رسول -صلى الله عليه وسلم-.
عباد الله: إن الرجولة ليست في انقلاب الموازين، وانتكاس الفطر والمفاهيم، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنها ستأتي على الناس سنون خدّاعة، يُصَدَّقُ فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة"، قيل وما الرويبضة؟ قال: "السفيه يتكلم في أمر العامة" رواه أحمد وحسنه الألباني.
الرجولة ليست في شدة الصّرعَة وظلم الآخرين والاستطالة على الضعفاء، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "ليس الشديدُ بالصُّرَعَة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" متفق عليه.
ولا زلنا وإياكم مع صفات الرجال في القرآن.
الصفة الأولى للرجالِ الطهارةُ الظاهرة والباطنة: قال -تعالى-: (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) [التوبة:108].
والصفة الثانية الصدق مع الله، والثبات على دين الله، قال -تعالى-: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب:23].
الصفة الثالثة للرجال إيثار الآخرة على الدنيا: قال -تعالى-: (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ) [النور:36-37].
فالرجال هم أهل المساجد، المعلّقة قلوبهم بالمساجد، الذين جعلوا الدنيا في أيديهم والآخرة في قلوبهم، قرؤوا قول الله -تعالى-: (لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ) [المنافقون:9].
فعلموا أن الأموال قد تُلهي عن طاعة الله، والزوجة والأولاد قد يُلهيان عن طاعة الله؛ ولذا يقول -تعالى-: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ) [النور:36-37].
(فِي بُيُوتٍ)، أي: مساجد، (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ)، أي: شاء الله أن ترفع، (وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) أي: اسمه -عز وجل- وحده لا شريك له، (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ)، أين الفاعل؟ مَن الذي يُسبح؟ (بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ) غُدوةً وأصيلاً، مَن الذي يُسبح؟! مَن في هذه المساجد يُسبِّح الله -عز وجل-؟! (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ) [النور:36-37]: مَن في هذا المسجد؟! إنهم رجالٌ، ثم جاءت بقية الصفات.
قال ابن كثير رحمه الله: قوله: (رِجَالٌ): فيه إشعار بِهِمَمِهِم السامية، ونياتهم وعزائمهم العالية، التي بها صاروا عمَّاراً للمساجد التي هي بيوت الله في أرضه.
(يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ) يسبحون الله في المساجد، وما هي صفاتهم الأخرى؟ قال الله -تعالى-: (لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ) [النور:37].
أيها المسلمون: هؤلاء هم الرجال الذين لم تلههم تجارة ولا بيع؛ عن أي شيء؟ عن ذكر الله، وإقام الصلاة.
قال بعض السلف -رحمه الله-: يبيعون ويشترون، هؤلاء الرجال يبيعون ويشترون؛ ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانه في يده خفضه، وأقبل إلى الصلاة.
مر عمرو بن دينار -رحمه الله- ومعه سالم بن عبد الله، قال: كنت مع سالم بن عبد الله ونحن نريد المسجد، فمررنا بسوق المدينة، وقد قاموا إلى الصلاة، وخَمَّروا متاعهم، فنظر سالم إلى أمتعتهم ليس معها أحد، لم يجلسوا أمامها ليحرسوها، أو لينظروا فيها، أو أغلقوا الدكاكين وقعدوا على الرصيف في الطريق ينتظرون متى تنتهي الصلاة حتى يكون كل واحد منهم أول من يفتح الدكان، تركوا أمتعتهم في الشارع، وغطوها في السوق، وذهبوا إلى المسجد، فنظر سالم إلى أمتعتهم ليس معها أحد، فتلا هذا الآية: (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ).
ثم قال: هم هؤلاء الذين عنى الله بقوله في هذه الآية، هؤلاء الذين قدَّموا مراد الله على مراد أنفسهم، وآثروا طاعة الله على المتاع الدنيوي الزائل، آثروا الاستجابة لهذا النداء العلوي الرباني: حي على الصلاة، حي على الفلاح، على نداء الجشع والطمع الذي يثيره الشيطان، والنفس الأمارة بالسوء.
أيها المسلمون: كم من الرجال اليوم يقعدون في محلاتهم ودكاكينهم، أو يدخُلون ربما بيوتهم ويتركون نداء الله، يتركون المسجد، لا يجيبون داعي الله إليه! لماذا أيها الإخوة؟! هل يُسَمَّى هؤلاء بالرجال؟! كلا! إنهم أشباه الرجال ولا رجال.
الرجولة أن لا تشغلك الدنيا عن الآخرة، كان رسول الله -عليه الصلاة والسلام- يخطب على المنبر، فجاءت عير، فخرج الأصحاب ولم يبق إلا اثنا عشر، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "والله لو تتابعتم فلم يبق منكم أحد، لسال بكم الوادي نارا"، وأنزل الله قوله -تعالى-: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [الجمعة:11].
الصفة الرابعة للرجال في القرآن الدفاع عن أولياء الله والدعاة إلى الله: قال -تعالى-: (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى) [القصص:20]. لماذا جاء؟ لماذا تحرك من أقاصي المدينة؟ دفاعاً عن نبي الله وعن دين الله وعن ولي الله؛ (قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ) [القصص:20].
فمن صفات الرجولة أن نكون أعواناً لدين الله، وللدعاة إلى الله، وحرباً على من يحارب دين الله.
عباد الله: بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، نحمده -تعالى- ونشكره، ونثني عليه الخير كله.
وأصلي وأسلم على عبده ورسوله وخيرته من خلقه صلوات الله عليه وسلامه وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله: الصفة الخامسة للرجال الدعوة إلى الله، قال -تعالى-: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى) [يس:20].
فهذا رجل سمع الدعوة فاستجاب لها بعد ما رأى فيها من دلائل الحق والمنطق ما يتحدث عنه في مقالته لقومه، وحينما استشعر قلبه حقيقة الإيمان تحركت هذه الحقيقة في ضميره فلم يطق عليها سكوتاً؛ ولم يقبع في داره بعقيدته وهو يرى الضلال من حوله والجحود والفجور؛ ولكنه سعى بالحق الذي استقر في ضميره، وتحرك في شعوره.
وظاهر أن الرجل لم يكن ذا جاه ولا سلطان، ولم يكن في منعة من قومه من عشيرته، ولكنها العقيدة الحية في ضميره تدفعه وتجيء به من أقصى المدينة إلى أقصاها.
(قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [يس:21].
إن الذي يدعو مثل هذه الدعوة، وهو لا يطلب أجراً، ولا يبتغي مغنماً؛ إنه لصادق!.
الدعوة إلى الله أفضل قول، وأشرف قول، وأحسن قول؛ قال -تعالى-: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ) [فصلت:33].
فيا أخي الحبيب: كن داعية إلى الله، وليس معنى أن تكون داعية إلى الله أن تكون خطيباً أو محاضراً، فهذه بعض وسائل الدعوة إلى الله، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "بلِّغُوا عَنِّي ولو آية" رواه البخاري.
والمثال الثاني للدعوة إلى الله مؤمن آل فرعون الذي وقف وحيداً أمام فرعون وجبروت فرعون، ما خاف إلا الله، فكان رجلاً بمعنى الكلمة.
قال -تعالى-: (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ) [غافر:28]، انظر إلى هذا الرجل الذي وقف كالجبل وأظهر إيمانه في وقت كان لا بد وأن يظهر ويقف أمام طاغية مدّعٍ للربوبية تسانده حاشية سوء، ثم يقوم الرجل بتذكير قومه ويخوفهم من بأس الله ويدعوهم إلى الله وإلى الإيمان به؛ ولكنهم يدعونه إلى الكفر والإشراك بالله، ويدعوهم إلى الجنة والمغفرة ويدعونه إلى النار وبئس المصير، قال -تعالى- على لسانه: (وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ) [غافر:41].
ويتكرر هذا الموقف في كل عصر، وأمام كل طاغية. إنها الرجولة الحقة بكل معانيها! الرجولة أن تقول كلمة الحق لا تخاف في الله لومة لائم، فـــ "سيِّدُ الشهداء حمزة، ورجل قال كلمة حق عند سلطان جائر".
الصفة السادسة للرجولة في القرآن القوامة على الأسرة، قال -تعالى-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) [النساء:34].
والقيِّم أي الرئيس، الذي يحكم أهله ويُقوِّم اعوجاجهم إذا اعوجُّوا، وهو المسؤول عنهم يوم القيامة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّكُم راعٍ وكُلُّكُمْ مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته" رواه البخاري ومسلم.
ولا يقدح في رجولة الرجل أن يعين أهله، فعائشة لما سئلت عن فعل رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في بيته، قالت -كما في البخاري-: "كان يكون في مهنة أهله... يخصف نعله، ويرقع ثوبه ويحلب شاته"، وهو رسول الله!.
ولا يقدح في رجولة الرجل أن يلاطفهن أو أن يمازحهن، تقول عائشة -رضي الله عنها-: سابقني رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فسبقته، فلما حملت اللحم -أي: بدت عليّ السمنة- سابقني رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فسبقني، فقال-صلى الله عليه وسلم-: "هذه بتلك" رواه أبو داود والنسائي.
عباد الله: ما الذي يقدح في رجولة الرجل في الأسرة؟.
انعدام غيرته على أهله في أمر لباسها، فلا يعنيه أن تخرج متبرجة بملابس تُظهر مفاتنها، والرسول -عليه الصلاة والسلام- أعلمنا أن من أهل النار: "نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة -كسنام البعير- لا يردن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام" رواه البخاري.
ولا تعنيه الجلسات المختلطة، قد تكون مع الرجال وتعمل مع الرجال وتخالط الرجال، فالرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: "إياكم والدخولَ على النساء!"، قالوا: يا رسول الله، أرأيت الحمْو؟ قال: "الحمْو الموت" رواه أحمد والترمذي وصحَّحه الألباني.
... قال -صلى الله عليه وسلم-: "لَا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" متفق عليه.
ويقدح في رجولة الرجل أيضاً أن يلقي للزوجة الحبل على الغارب، تخرج متى تشاء، وتعود متى تشاء، ولا يعرف الوجهة التي خرجت إليها، أو أن تسافر بغير محرم، أو عدم وجود الصحبة الطيبة التي تحفظ لها دينها وعفتها في الطريق.
هذه الأمور، وعدم انشغال الرجل بها، يدل على فقدان الغيرة، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: "لا يدخل الجنة دَيُّوثٌ" رواه أحمد. والديوث هو الذي لا غيرة له على عرضه.
ومما يقدح في رجولة الرجل أن يسلم قيادة أمره إلى أهله، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: "إذا كان أمراؤكم فُسّاقكم، وأغنياؤكم شراركم، وأموركم إلى نسائكم، فبطن الأرض خير من ظهرها" رواه الترمذي.
ومما يقدح في رجولة الرجل أن يقدم محبة أهله على محبة الله ورسوله، عبد الله بن أبي بكر تزوج امرأة يقال لها عاتكة، وكانت ذات حسب ونسب وجمال وأدب.
خرج أبو بكر -رضي الله عنه- يوماً إلى صلاة الجمعة فسمع عبد الله يناغي زوجته وتناغيه بما يكون بين الرجل وأهله، فلما عاد من صلاة الجمعة ورآهما على الحال الذي تركهما عليه قال: يا عبد الله، ألم تصلّ معنا؟ قال: أأجمعتم؟ أي صليتم الجمعة؟ قال أبو بكر-رضي الله عنه-: لقد شغلتك عاتكة عن ربك، طلِّقْهَا؛ فطلَّقَها.
ومضت ستة أشهر علم بعدها أبو بكر ندم عبد الله وندم عاتكة على أنهما انشغلا بما يكون بين الرجل وأهله عن طاعتهما لله -عز وجل-، ثم قال له: أَرْجِعْهَا. فَأَرْجَعَهَا.
اللهم أصلحنا وأصلح نساءنا وأصلح بيوتنا وذرياتنا، واجمعنا بهم في الجنة يا رب العالمين.
هذا وصلوا -عباد الله- على رسول الهدى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي