فو الله إنّّ الحرام والغش ليستدرج صاحبه, ثم يمحقه محقاً، وأن المكاسب الطيبة ليصلح الله بها الأحوال... أما ترون الله يستعتبكم, ويخوفكم بما يريكم من الآيات, والشدة والنَّكال؟
أما ترون أن الله يصرف عنكم أموراً وشروراً, قد انعقدت أسبابها بما كسبت أيدي العباد..
الحمد لله الحكيم في خلقه، ورزقه وتدبيره، الحميد في خفضه ورفعه، وعطائه ومنعه، وجميع تقديره، الغفور الرحيم، لمن خشيه واتقاه، شديد النكال والعقوبة، على من عانده وعصاه، وأشهد أن لا إله إلا الله، ولا نعبدُ إلا إياهُ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ومختاره ومصطفاه، اللهم صل وسلم، وبارك على محمد، وعلى آله، وأصحابه، ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الها؛ فإن تقوى الله بها حصولُ الخيرات، وفيها دفع الشرور والمكروهات، قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [الأعراف:96]، وقال تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم:41].
وأخبر أن الدُّعاء سببٌ للإجابة بحصول المطلوب، وأنَّ الذنوب أكبر الموانع لنزول الغيث, ونزع البركة من الأرض, والثمار والحبوب.
كيف تطمعون في حصول ما تحبُّون, وأنتم مصرون على الذنوب والجنايات؟
كيف ترجون حصول الغيث, وأنتم مقيمون على الغش والخيانات، وقد برئ صلى الله عليه وسلم من أهل الكذب، والغش في كل المعاملات؟
أما سمعتم أن بخس المكاييل والموازين, وبخس الناس أشياءهم، أهلك الله به أهل مدين بالعذاب في الدنيا قبل الآخرة؟ وأنّ من لم يتب منها فعاقبته أفظع العواقب, وقد باء بالصفقة الخاسرة؟.
فو الله إنّّ الحرام والغش ليستدرج صاحبه, ثم يمحقه محقاً، وأن المكاسب الطيبة, ليصلح الله بها الأحوال، والورع عن الحرام, خيرٌ لصاحبه في الحال والمال.
أما ترون الله يستعتبكم, ويخوفكم بما يريكم من الآيات, والشدة والنَّكال؟ ويرسل الصواعق, فيصيب بها من يشاء, ويصرفها عمن يشاء, وهو شديد المحال؟
أما ترون أن الله يصرف عنكم أموراً وشروراً قد انعقدت أسبابها بما كسبت أيدي العباد؛ لتتوبوا إليه, وترجعوا عن الشر والفساد؟
أما علمتم أن المعاصي تخرب الديار العامرة، وتسلب النعم الباطنة والظاهرة؟ فكم لها من العقوبات, والعواقب الوخيمة، وكم لها من الآثار والأوصاف الذميمة، وكم أزالت من نعمة، وأحلّت من محنة ونقمة!
فاتَّقوا الله عباد الله واحذروه، واعلموا أنّكم لا بدّ أن تلاقوه، فيحاسبكم وينبئكم بما قدَّمتموه وأخرتموه.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي