.. فجعل صلى الله عليه وسلم هذه الثلاث عنوانَ الفلاح، وبها يحصل الخير والنجاح؛ فإنّ من جمع الله له هذه الثلاث، فقد جمع خير الدنيا والآخرة, وتمت عليه النعم الباطنة والظاهرة، و بها الحياة الطيبة في هذه الدار، والسعادة الأبدية في دار القرار ..
الحمد لله الملك القهار العزيز الجبار، وأشهد أن لا إله إلا الله الرحيم الغفار، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, إمام المتقين الأبرار، اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه البررة الأطهار.
أما بعد:
أيها الناس, اتقوا الله تعالى؛ فإن تقوى الله عماد الدين، وحقه الواجب على الخلق أجمعين، قال صلى الله عليه وسلم: " قد أفلح من هدي للإسلام, وكان عيشه كفافاً، وقنّعه الله بما آتاه".
فجعل صلى الله عليه وسلم هذه الثلاث عنوانَ الفلاح، وبها يحصل الخير والنجاح؛ فإنّ من جمع الله له هذه الثلاث، فقد جمع خير الدنيا والآخرة, وتمت عليه النعم الباطنة والظاهرة، وبها الحياة الطيبة في هذه الدار، والسعادة الأبدية في دار القرار.
أما الهداية للإسلام؛ به العصمة والنجاة من طرق الجحيم, ولن يقبل الله من أحد ديناً غير الاستسلام للرب العظيم.
الإسلام هو: الاستسلام الباطن, والظاهر لله، وهو الانقياد الكامل لطاعة الله.
الإسلام مقصوده القيام بحق الله وحق العباد، وروحه الإخلاص لله، والمتابعة للرسول في الهدي والرشاد.
"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمَّنه الناس على دمائهم وأموالهم".
"لا يؤمن أحدكم, حتى يحب لأخيه, ما يحب لنفسه".
وأما الكفاف من الرزق؛ فهو الذي يكفي العبد, ويكفُّ قلبه, ولسانه عن التشوف, وسؤال الخلق، واغتباطه برزق الله, والثناء على الله بما أعطاه من ميسور الرزق؛ فإنَّ من أصبح آمناً في سربه, معافىً في بدنه, عنده قوت يومه وليلته فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها، وأغبط الناس من عنده رزق يكفيه, وبيت يؤويه، وزوجة ترضيه، وسلم من الدَّيْن الذي يثقله ويؤذيه.
فليس الغِنَى عن كثرة العَرَضِ؛ إنما الغِنَى غنى القلب, قال صلى الله عليه وسلم: " من كانت نيته الآخرة؛ جمع الله عليه أمرَه, وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة, ومن كانت نيته طلب الدنيا؛ جعل الله فقره بين عينيه, وشتت عليه أمره, ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب".
فاتقوا الله, وأجملوا في الطلب؛ فإنَّ ما عند الله لا ينال بمعصيته، وإنما ينال بطاعته وخدمته، فاحمدوا الله -عباد الله- على الهداية للإسلام، واشكروه على الكفاية من الرزق, والعقل والتوفيق؛ فإنه أحرى لشكر النعم والهداية لأقوم طريق.
منَّ الله علينا, وعليكم بالقيام بحقه, والقناعة بميسور رزقه؛ إنه جواد كريم.
قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل:97].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي