الكلمة الطيبة -عباد الله- تغسلُ الضغائن المُسْتكينة في الجوارح، وتجمعُ الأفئدة، وتجلب المودة، ولكم في رسول الله أسوةٌ حسنة، فقد قال: "لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو تلقى أخاك بوجه طلق". فكل كلمةٍ لا تضر في الدين, ولا تسخطُ الرب الكريم, وترضي الجليس, فلا...
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فاتقوا الله أيها المسلمون: واعلموا أن اللسان له آفاتٌ كثيرة، وزلات خطيرة، وحريٌّ بالعاقل اللبيب، والمؤمن المنيب، أن يعتني بلسانه أشد الاعتناء، فيعتني بكلامه، ويدقق عباراته، ويحرص على السكوت أشدّ من حرصِه على الكلام.
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: أَنْصِفْ أُذُنَيْكَ مِن فِيكَ، فإنّما جُعُلَ لك أُذُنَانِ اثنتان، وفَمٌ واحدٌ، لتَسْمَعَ أكثرَ ممّا تقول.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: اللسان قِوَاُم البدن, فإذا استقام اللسان، استقامت الجوارح, وإذا اضطرب اللسان, لم يقم له جارحة.
وما أجمل حكْمةً قالها الحسنُ البصري رحمه الله حين قال: كانوا يقولون: "لسان الحكيم وراء قلبه, فإذا أراد أن يقول, رجع إلى قلبه، فإن كان له قال، وإن كان عليه أمسك، وإن الجاهل قلبه في طرف لسانه, لا يرجع إلى قلبه، ما جرى على لسانه تكلم به".
وهكذا ينبغي أن يفعل المؤمن، فعندما يحصل موقفٌ من المواقف، فيتهيأ اللسان للكلام، فعندها يجب التَّريُّث والتمهل، فتخرج الكلمة المناسبة، فتنفع ولا تضر.
تعاهد لسانك إن اللسان *** سريعٌ إلى المرء في قتله
وهذا اللسان بريد الفؤاد*** يَدلّ الرجال على عقله
ولا تغتر بفصاحتك وبلاغتك، فعند العجلة قد تقول كلاماً لا يقوله الحمقى والجاهلون.
إن كان في العيّ آفات مقدرة *** ففي البلاغة آفات تساويها
أيها المسلمون: وإن المقام لا يسع أن نتكلم عن جميع آفات اللسان، وسنقتصر على ذكر آفةٍ واحدةٍ من آفاته، وهي شر وليست أشرها، وهي مضرة وليست أضرها، ألا وهي يا عباد الله: إطلاق الكلام القاسي الشديد، بدلاً من الكلام اللَّينِ السديد، وإطلاق العبارات الفظة الغليظة، بدلاً من العبارات الهينة الرفيقة، فكم شتَّتت هذه الكلمات من أصدقاء، وكم فرقت من أحبابٍ أوفياء، ويا سبحان الله، ماذا يضر هؤلاء، لو استخدموا الكلمات الهينة اللينة، فتنشرح بسببها الصدور، ويصفو الود، وتسود المحبة والألفة.
عباد الله: ولنتأمل هذا الحديث العظيم:
عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا، فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ" [رواه البخاري].
وهذا الحديث قد بوَّب عليه البخاري رحمه الله: بَابُ الرِّفْقِ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ.
نعم، في الأمر كله، ولا يُستثنى شيءٌ أبداً؛ فهذه عائشة رضي الله عنها، هل قالت باطلاً؟ هل قالت كلاماً في غير محله؟، ما قالت لهم إلا ما يستحقونه، فهم بدؤوا بالسب والشتم، فهم قالوا: السام عليكم، أي الموت، فردت بالمثل، وزادت: واللعنة، واللهُ تعالى قد لعنهم في كتابه، فلماذا أنكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم في ردها؟
قال ابن حجر: "اَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَعَوَّد لِسَانهَا بِالْفُحْشِ، أَوْ أَنْكَرَ عَلَيْهَا الْإِفْرَاط فِي السَّبّ"[فتح الباري 11/43)].
هكذا الإسلام علمنا وأدبنا، حتى مع الكفار، إنه الكلام الهيِّن اللَّين، الذي لا يُكدر خاطراً، ولا يسبب حقداً ولا غلاً.
قال ابن بطال: في هذا الحديث أدبٌ عظيم من أدب الإسلام، وحَضٌ على الرفق بالجاهل، والصفح والإغضاء عنه؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام ترك مقابلة اليهود بمثل قولهم، ونهى عائشة من الإغلاظ في ردها، وقال: مهلا يا عائشة، إن الله يحب الرفق في جميع الأمور، وإن كان الانتصار بمثل ما قُوبل به المَرْء جائزا, لقوله تعالى : (وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ) [الشورى: 41].
فالصبر أعظم أجرًا وأعلى درجة، لقوله تعالى: (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [الشورى: 43].
والصبر أخلاق النبيين والصالحين، فيجب امتثال طريقتهم، والتأسي بهم[شرح البخاري لابن بطال 17/275].
فليسمع هذا الكلام، من عود لسانه الغلظة والفظاظة، ومن عوَّد لسانه السب والشتم، نسأل الله له الهداية والرشاد.
عباد الله: وتأملوا هذا الحديث أيضاً: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها, أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: "بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ، وَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ" فَلَمَّا جَلَسَ، تَطَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ، وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ، قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللهِ، حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَائِشَةُ مَتَى عَهِدِّتِنِي فَحَّاشًا، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ"[رواه البخاري].
النبي صلى الله عليه وسلم، أخبر عائشة بأن هذا الرجل سيء، حتى لا يغترَّ به أحد، فلما دخل على النبي صلى الله عليه وسلم، لم يُظهر له ما في قلبه، ولم يبدي له التذمر العبوس، بل تبسم وهشَّ وبش في وجهه، فما أجمل أن يستحضر هذا الحديث، من يستدل على فعله بمقولةٍ خاطئة: ما في قلبي يكون على لساني، أنا لا أجامل أحداً، أو يقول: المجاملة والمداراة من قبيل النفاق والخوف والجبن، ونحو هذا الكلام المجانب للصواب.
فلقاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهذا الرجلِ المعروفِ بالبذاء: من قبيل المداراة؛ لأنه لم يزد على أن لاقاه بوجه طلق، ورَفَقَ به في الخطاب.
وقد سبق إلى ذهن عائشة رضي الله عنها: أن الذي بلغ أن يقال فيه: "بئس أخو العشيرة، وبئسَ ابنُ العشيرة" لا يستحق هذا اللقاء، ويجب أن يكون نصيبُه قسوةَ الخطاب، وعُبُوسَ الجبين.
ولكنَّ نَظَرَ رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبعدُ مَدَىً، وأناتَه أطول أمداً؛ فهو يريد تعليم الناس كيف يملكون ما في أنفسهم؛ فلا يَظْهَر إلا في مكان أو زمان يليق إظهاره فيه [أدب الموعظة للشيخ محمد الحمد].
قال أبو العباس القرطبي في شرح هذا الحديث: "ففي حديثه من الفقه: جوازُ غيبة المعلن بفسقه ونفاقه, والأمير الجائر والكافر وصاحب البدعة، وجوازُ مداراتهم اتقاء شرهم، لكن ما لم يؤدِّ ذلك إلى المداهنة في دين الله تعالى، والفرق بين المداراة والمداهنة: أن المداراة بذلُ الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين، وهي مباحة ومستحسنةٌ في بعض الأحوال، والمداهنة المذمومة المحرمة: هي بذل الدين لصالح الدنيا، والنبي - صلى الله عليه وسلم -، إنما بذل له من دنياهُ حسنَ عشرته, والرفقَ في مكالمته وطلاقةِ وجهه، ولم يمدحه بقول، فعلى هذا، لا يناقض قولُه في هذا الرجلِ فعلَه معه؛ لأن قولَه: "بئس أخو العشيرة" إخبارٌ بحق، ومداراتَه له: حسنُ عشرةٍ مع الخلق"[فتح الباري 10/454)].
وقَالَ النووي رحمه الله: والنَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمْدَحهُ، وَلَا ذَكَرَ أَنَّهُ أَثْنَى عَلَيْهِ فِي وَجْهه وَلَا فِي قَفَاهُ، إِنَّمَا تَأَلَّفَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا مَعَ لِين الْكَلَام[شرح النووي على مسلم 16/144)].
وتشتد الحاجة إلى المداراة، والكلام اللين الحسن، في حق الأقارب والأصدقاء، فإن لم تفعل ذلك، نفر منك أولادك وأصدقاؤك.
قال محمد بن الحنفية رحمه الله: ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف, من لا يجد من معاشرته بدّا, حتى يجعل الله له منه فرجا.
فما أجمل المداراة، وما أعظم أثرها.
قال الحسن البصري رحمه الله: "حُسْنُ السؤالِ نصفُ العلمِ, ومُداراةُ الناسِ نصفُ العقلِ, والقصدُ في المعيشة نصفُ المؤونةِ".
فالمداراة "لين الكلام، والبشاشة للفساق، وأهل الفحش والبذاءة:
أولاً: اتقاءً لفحشهم.
وثانياً: لعل في مداراتهم كسباً لهدايتهم، بشرط عدم المجاملة في الدين، وإنما في أمور الدنيا فقط، وإلا انتقلت من المداراة إلى المداهنة[ إبراهيم الدويِّش].
فيا من عوّد لسانه على الفظاظة والغلظة، تأمل قوله تعالى: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا) [الإسراء: 53].
فالله تبارك وتعالى، يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس، بأن يقولوا التي هي أحسن، أي يقول بعضهم لبعض في كلامهم، وجدالهم ونقدهم، يقولوا أحسن وأفضل وأجمل الكلام، فلا يكفي الكلام الحسن، بل أحسن كلام عندك، وأجمل لفظ تملكه، فقله للناس وأقاربك وأولادك، لماذا؟
لأن الشيطان ينزغ بين الناس، ويحرض بعضهم على بعض، فأكثر المشاكل والعداوات والقتل، سببه أنَّ الناس ما قالوا الأحسن، بل الأسوأ والأشنع.
أيها المسلمون: وإن الكلام الحسن اللين، من أعظم أسباب وقول الجنة, قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرْفَةً يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا, أَعَدَّهَا اللهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَلَانَ الْكَلَامَ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ, وَصَلَّى وَالنَّاسُ نِيَامٌ"[رواه الإمام احمد].
قال المناويُّ: "قوله: "وألان الكلام" أي تملَّقَ للناس وداراهم واستعطفهم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) [الأحزاب: 70].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم, ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا, وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد الله رب العالمين, ولا عدوان إلا على الظالمين, وأشهد أن لا آله إلا الله وحده لا شريك له, الملك الحق المبين, وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المصطفى الأمين, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاعلموا أيها المسلمون: أنَّ طِيب الكلام مجالٌ واسع, ومفهومٌ عظيم, يشمل مجالات الخير كلِّها، ولقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين بذلك، في غير ما آيةٍ من كتابه الكريم، من مثل قول الله تبارك وتعالى: (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً) [البقرة: 83].
قال عطاء رحمه الله: دخل في هذه الآيةِ اليهودَ والنصارى، فكيف بالحَنِيْفِيِّ المسلم؟!
قال العلامة القرطبي رحمه الله: "ينبغي للإنسان أن يكون قوله للناس لينًا، ووجهه منبسطًا مع البَرَّ والفاجر، من غير مداهنة؛ لأن الله تعالى قال لموسى وهارون: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طـه: 44] يعني لفرعون، فالقائل ليس بأفضل من موسى وهارون، والفاجر ليس بأخبث من فرعون، وقد أمرهما ربهما باللين معه"[(تفسير القرطبي 2/16)].
فانظروا يا عباد الله: كيف أُمر النبيان الكريمان, موسى وهارون عليهما السلام, أن يتلطفا في القول مع فرعون, الذي ادعى الألوهية من دون الله تعالى, وقال للناس: (مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي) [القصص: 38] (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) [النازعات: 24].
فأمر الله رسولَيه إليه, أن تكون دعوتُهما له بكلام رفيق, ليِّنٍ سهلٍ رقيق؛ ليكون أوقعَ في نفسه, وأبلغ في قيام الحجة عليه, وأدعى لقبوله لدعوتهما.
وكم يحتاج ذلك كلُّ مسلم, لتربية ودعوة من تحت يده, من أهلٍ وزوجةٍ وأولاد, وطلابٍ وموظفين، فهم أولى بالرفق واللين، قال صلى الله عليه وسلم: "والكلمة الطيبة صدقة".
الكلمة الطيبة -عباد الله- تحفظ المودة, وتديم الصحبة, وتمنع كيد الشيطان, أن يوهي بين الأصدقاء والإخوان.
ويفسد ذات بينهم، بل إن طيب الكلام حتى مع الأعداء مطلوب؛ لأنه سببٌ في إطفاء الخصومة, وإخماد الغضب، مما يقرب القلوب, ويذهب غيظ الصدور: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت: 34].
الكلمة الطيبة - عباد الله - تغسلُ الضغائن المُسْتكينة في الجوارح، وتجمعُ الأفئدة، وتجلب المودة، ولكم في رسول الله أسوةٌ حسنة، فقد قال: "لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو تلقى أخاك بوجه طلق".
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "البِرُّ شيء هين؛ وجه طليق وكلام لين".
فكل كلمةٍ - أيها المسلمُ - لا تضر في الدين, ولا تسخطُ الرب الكريم, وترضي الجليس, فلا تبخل بها على أخيك المسلم، يأجرك الله عليها، وتكونُ حجابًا لك من النار، قال صلى الله عليه وسلم: "اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة".
فاتقوا الله عباد الله: "واعلموا أنكم لن تسَعُوا الناس بأموالكم، ولكن يسعَهُمْ منكم بسطُ الوجه, وكف الأذى, وحسن الخلق, وطيب الكلام"[خطب ناصر الأحمد].
اللهم ارزقنا لساناً طيباً، وكلاماً ليِّناً، وجنِّبنا الفحش في الأقوال والأعمال يا رب العالمين.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي