ما أحوجنا إلى أن نقرأ أخبار هؤلاء العظماء حتى يكون هؤلاء نبراس للأمة الإسلامية في تاريخها الحديث وهي تنفض التراب عن نفسها وتحاول أن تغرس نبتة يتلقى ثمارها أجيال قادمة، كأنها في رحم الغيب ستولد على وفق علم الله -تبارك وتعالى- لتعاود تارة أخرى رفع لواء الإسلام. حضارة الغرب تحتضر الآن، حضارة الغرب على وشك السقوط لأنها دمرت معنويات الإنسان، دمرت العقيدة، دمرت كل ما يمت إلى...
أما بعد:
في مثل هذه الأيام في عام 1453م وقع حادث غيّر مجرى التاريخ، حتى إن المؤرخين عدوه بداية ما يسمى بالعصر الحديث، وقع حادث زلزل أركان العالم الإسلامي، نصب الزينات وأقام الاحتفالات، والعالم الصليبي نكّس أعلامه ومرغ في التراب وجهه، ولبس ثوب الحزن فلم يخلعه حتى استطاع أن يجتاح حديثًا.
هذا الحادث حادث تنبأ النبي -صلى الله عليه وسلم- مخبرًا بوقوعه قبل وقوعه بقرون؛ حيث أخبر -عليه الصلاة والسلام- أن قابل الزمن يحمل للمسلمين بشريات، وأن هذه الأمة ستسيح في الأرض تحت لواء لا إله إلا الله فاتحة أرض الله -تبارك وتعالى-.
هذا الحادث حاول المسلمون منذ عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- أن ينالوا منقبة تحصيله لكنهم أخفقوا على مدار اثنتي عشرة محاولة من عهد عثمان إلى معاوية إلى سليمان بن عبد الملك إلى هارون الرشيد إلى بايزيد السلطان العثماني.
اثنتا عشرة محاولة جهزت فيها الجيوش وصارت الجحافل لنيل هذا الشرف وتلك المنقبة التي أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن فصيلاً من المسلمين سينال استحقاقها، لكن تحقيق هذه النبوءة النبوية والبشرى الإسلامية لم تقع إلا في عام 1453م على يد سلطان شاب من سلاطين الدولة العثمانية التي حملت لواء الإسلام متوغلة به في ربوع القارة الصليبية وهذه منقبة للدولة العثمانية.
إنك عندما تمر على أحداث تاريخ الأمة الإسلامية تجد أن كل مرحلة من مراحلها بخصيصة خصتها، فعهد الخلفاء الراشدين كان عهد انتشار للدين خارج ربوع الجزيرة العربية، ثم جاء عهد الدولة الأموية وفيها كان ملك الإسلام وفيها استفحل ملك الإسلام وانتشرت فتوحات المسلمين شرقًا وغربًا، وجاء عهد الدولة العباسية فورثت هذا المجد المأصل من الدولة الأموية، وزادت موارد الدولة وانتعشت الحركة العلمية.
ثم جاء عصر الأيوبيين وتميز هذا العصر بأن هؤلاء القادة تمكنوا من التصدي لهجمات الصليبيين حتى نجح خلفاؤهم من طردهم تمامًا من الأرض الإسلامية، ثم جاءت دولة المماليك وتميز عهدها بأنهم تمكنوا من صد غارات المغول على العالم الإسلامي، ثم تلقف الراية العثمانيون من بعد المماليك، وفي عهدهم تمكنوا من بسط لواء الإسلام داخل القارة الأوروبية وهذه منقبة عظيمة لهم.
استطاع العثمانيون الأتراك فتح القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية التي كانت تعد إحدى الفصائل الكبرى في العالم القديم؛ إذ إن إمبراطورية الروم قسمت قسمين: الإمبراطورية الشرقية التي يطلق عليها الدولة البيزنطية والإمبراطورية الغربية التي كانت تعرف بالدولة الرومانية.
أما القسم الغربي فقد اجتاحها الغزاة من شمال أوروبا فأسقطوا روما، وأما القسم الشرقي فقد صمدت عشرة قرون؛ لأن القسطنطينية كانت مدينة محصنة بالغة التحصين لم يستطع أحد أن يجتاح ذلك، حتى تم ذلك على يد السلطان محمد الثاني ابن السلطان مراد الثاني من سلاطين الدولة العثمانية العظماء.
أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن المسلمين سيفتحون روما وسيفتحون القسطنطينية، فلما سئل عن أي المدينتين تفتح أولاً قال: "مدينة القسطنطينية تفتح أولاً"، المدينة التي هي عاصمة الدولة البيزنطية مدينة هرقل، هكذا أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالحديث الثابت الذي يرويه الإمام مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما-.
ولذلك حاول المسلمون اقتحام تلك المدينة الحصينة فأخفقوا عبر مرات عديدة كما سلف في صدر الحديث، هذه المدينة تناوشتها أطماع الإمبراطوريات القديمة لكنها استعصت على الفاتحين جميعًا؛ لأنها كانت محصنة بالجبال والأسوار والحدود المنيعة الطبيعة والخلجان التي لم يستطع أسطول أن يقتحم أسوار المدينة من خلالها.
لذلك لما تولى السلطان محمد الثاني الخلافة العثمانية وكان أبوه قد دفعه إلى مُربٍّ قدير اسمه محمد حمزة مشهور في التاريخ العثماني باسم الشيخ آق شمس الدين، هذا الرجل كان يغرس في نفس الصغير منذ براءة الصغر تلك الأمنية الغالية، فكان يأخذه يوميًا عند غروب الشمس عند شاطئ البوسفور وهو الخليج الذي يفصل بين الدولة العثمانية والقسطنطينية، ثم يشير إلى أسوارها ويقول: يا بني: تلك القسطنطينية، ولقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تستفتحون القسطنطينية، فنعم الجيش جيشها ونعم الأمير هذا الأمير". وهذا الحديث وإن كان ضعيف المتن إلا أنه صحيح المعنى إذ صح معناه في أحاديث أخر.
يوميًا كان الشيخ الأستاذ يأخذ تلميذه الصبي الصغير إلى شاطئ البحر، ثم يثير في خياله بعملية عصف ذهني مكثف تلك الأمنية العظيمة، يثير في خياله أن الأمير العظيم الذي سيقود جيشًا عظيمًا سوف ينال تلك المنقبة النبوية، وهذا الصبي دُرب منذ الصغر على القيادة والفروسية وكان يحسن الآداب واللغات ودرس العلوم التطبيقية الطبيعية حتى برع فيهن جميعًا.
كان والده السلطان مراد الثاني يأمل فيه خيرًا، ولذلك عهد إليه منذ الصغر بإدارة مقاطعات من مقاطعات الدولة العثمانية، حتى إذا آلت الخلافة إليه وهو في الرابعة والعشرين من عمره كان أول ما بدأ به أن بدأ في الإعداد لفتح القسطنطينية، فبدأ في تجهيز الجيش وفي إعداد القلاع المطلة على تلك المدينة، فبنى قلعة حصينة ضخمة في الشاطئ الأوروبي من البوسفور سماها المسلمون روملي حصار أي قلعة الروم.
هذه القلعة كانت بمثابة خيط أو شعاع لإشعال فتيل المعركة مع الدولة البيزنطية؛ إذ اعترض هؤلاء الرومان على بناء القلعة في مقابل القسطنطينية وأمروا بإزالتها فرفض السلطان محمد الثاني هذا الطلب رفضًا قاطعًا، وأعلن أن حدود الدولة العثمانية من حق أبنائها أن يصنعوا فيها ما شاؤوا.
وبدأت في استقدام خبراء عسكريين من جميع أنحاء الدولة الإسلامية، وسأل السلطان عن أمهر صانع للمدافع في عصره، فأرشد إلى مهندس مجري "أوربان"، كان بارعًا هذا الرجل في صناعة المدافع استدعاه السلطان ودفع إليه فريق عمل من المهندسين المسلمين، ثم إن براعة هذا الرجل نتج عنها في نهاية المطاف صناعة مدفع عملاق سماه المسلمون "سلطان المدافع"، هذا المدفع كان يزن 700 طن من الحديد المسبوك، وكان يجره مائة ثور مع مائة رجل، وكانت القذيفة التي يطلقها تطير على مسافة ثلاثة أميال في وزن اثني عشر رطلاً، وهو شيء من إنجازات العصر القديم يعتبر معجزة.
لم تكن دولة من الدول تملك مثل هذا المدفع في العالم إلا الدولة العثمانية، حين أعد السلطان المدافع وجهز جيشه قرر متوكلاً على الله تعالى أن يبدأ بالزحف على القسطنطينية، العالم كله كان يرفض ما يحدث على حدود الدولة الرومانية العثمانية، البابا في الكنيسة راسل الملوك والأمراء في سائر أنحاء أوروبا بضرورة تناسي الخلافات العقدية في الدولة البيزنطية، أنتم تعرفون أن الدولة الرومانية الغربية تدين بالكاثوليكية أم الدولة الشرقية فقد كانت نحلتها وملتها هي الأرثوذكسية، ولذلك كثرت الخلافات والنزاعات والمناظرات وقرارات الحرمان بين البابا في روما والبابا في القسطنطينية، لكن عندما أحس النصارى أن المسلمين سيزحفون على القسطنطينية التي استعصت على الفاتحين لمدة عشرة قرون قرروا تناسي الخلافات وبدأ المتطوعون من أنحاء أوروبا يتدفقون على القسطنطينية من إيطاليا وألمانيا والمجر والسويد ومن الدول الشمالية والإنجليزية، كل هؤلاء تناسوا الأعقاب التاريخية التي كانت بينهم وبين النصارى الشرقيين.
ولذلك يضرب المثل بتخلف هؤلاء عندما كان المسلمون الأتراك على حدود القسطنطينية كان الناس منشغلين بالخلافات المذهبية لذلك يضرب به المثل في الجدل العظيم، يقولون: هذا لون من ألوان الجدل البيزنطي أي التي لا يؤدي إلى النتيجة، إذ إن جيشًا قوامه 300 ألف مقاتل مسلم كانوا في طريقهم إلى القسطنطينية وكان الناس مشغولين بطبيعة المسيح هل يكون من طبيعتين، هل هو من طبيعة بشرية وإلهية أم هو إله كامل أم هو ابن للإله!! وكان العثمانيون في طريقهم إلى القسطنطينية حتى وصل السلطان بجيشه بثلاثمائة ألف من المسلمين وأربعمائة سفينة حربية كانت في الناحية العثمانية ولم تستطع أن تعبر إلى ميناء القرن الذهبي لأن البيزنطيين كانوا يسدون مدخله بسلسلة حديدية ضخمة، استطاع السلطان كما سيأتي التغلب على هذه السلسلة بحيلة ماهرة مازالت مكتوبة باسمه في سجلات القادة البحريين حتى الآن.
هذا الجيش وصل إلى أسوار القسطنطينية في يوم السادس من أبريل في عام 1453هـ، استمر حصار القسطنطينية 53 يومًا، وكل أوروبا النصرانية الصليبية كانت تدافع عن شرفها ومجدها الحربي أمام قوة المسلمين الأتراك الفتية الناشئة.
الكنيسة قامت على ساق واحدة وتدفق المتطوعون تحت شارة الصليب من شرق أوروبا إلى غربها لمناهضة تلك المحاولة الجلية من دولة إسلامية لفتح القسطنطينية التي تعد عاصمة المسيحية في العالم، بل تعد عاصمة العالم أجمع؛ إذ كان القائد الفرنسي نابليون يقول: "لو كان العالم دولة واحدة ما حق لعاصمته إلا أن تكون القسطنطينية". وكان يحلم دومًا بأن يحتل القسطنطينية ولم يتمكن لأن الدولة العظمى كانت مرهوبة الجانب داخل القارة الأوروبية.
ثلاثة وخمسون يومًا من الحصار والتضييق من كل مكان حين أخفق الأسطول العثماني في عبور ميناء القرن الذهبي؛ إذ كان سادة البحار في ذلك الزمن من مدينة البندقية في إيطاليا وكانت جمهورية مستقلة وكان هؤلاء مع ميناء جنوة، وكانوا مشهورين بالمناورات الحربية، فكانت سفنهم في داخل ميناء القرن الذهبي تدافع عن أسوار القسطنطينية من جانب البحر، ففكر السلطان محمد الثاني عن حيلة حربية نابغة.
أمر بطلاء جسر بري بالزيوت والشحوم، ثم سارت عليه السفن حتى فوجئ الناس صباح يوم في ميناء القرن الذهبي بأكثر من سبعين سفينة عثمانية أمام أسوار القسطنطينية، سارت السفن على اليابسة أول مرة في تاريخها؛ إذ إن عزيمة هؤلاء القوم كانت لا تقف أمامها الشدائد.
بحث عن سبيل لنقل السفن إلى داخل البحر فلم يجد إلا طريقًا بريًا فقرر أن تسير السفن على اليابسة من خلال طلاء هذا الطريق اليابس بالشحوم والزيوت، فاستطاعت السفن أن تسير عليه حتى ألقت مراسيها في داخل ميناء القرن الذهبي.
وبدأت المناوشات بين المسلمين في ثلاثمائة ألف وبين المدافعين عن هذه المدينة الحصينة وكان قوامهم خمسين ألف مقاتل جاؤوا من كل مكان في أوروبا، خمسون ألفًا يدافعون من خلف أسوار حصينة أمام جيش المسلمين.
قرر ألا يرفع الحصار عن القسطنطينية، ولقد وقف السلطان محمد الثاني أمام أسوار القسطنطينية ثم خطب خطبة عصماء ألهبت حماس الجند فقال: "أيها الجيش المسلم: الآن أنتم ستنالون شرف إخبار النبي بأنكم خير الجيوش"، ثم تلا عليهم: "تفتحون القسطنطينية، فنعم الجيش جيشها ونعم الأمير ذلك الأمير". ثم أقسم ألا يغادر هذا المكان إلا فاتحًا للقسطنطينية أو ميتًا، قال: "حسنًا غدًا يكون لي في القسطنطينية عرش أو قبر".
وأثناء الحصار استدل القادة العثمانيون على مكان المقبرة التي دفن فيها أبو أيوب الأنصاري صاحب النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ كان قد خرج مجاهدًا مع المسلمين إبان حصارهم للقسطنطينية، لكن توفي وهو على أسوار القسطنطينية فأوصى أن يدفن عند أسوارها فدفنه المسلمون أمام سور القسطنطينية، فحين وجد الأتراك هذا القبر هلل الناس وكبروا وأقيمت عليه قبة ما زالت موجودة في مدينة إسلامبول إلى يوم الناس هذا.
استطاعت المدافع أن تخرق أسوارًا استعصت على الفاتحين عبر عشرة قرون دمرت القذائف المهولة التي لم تكن معروفة في ذلك التاريخ دمرت أسوار القسطنطينية، واستطاع المسلمون في يوم الجمعة الموافق 29 مايو 1453م أن يتدفقوا من خلال تلك الفتحات في أسوار القسطنطينية، تدفق أكثر من مائة وخمسين ألفًا من جند الإسلام إلى داخل القسطنطينية.
وفي نهاية المطاف سقط الإمبراطور البيزنطي صريعًا تحت خيول الأبطال المسلمة، واستسلم الأبطال الذين جاؤوا من أنحاء أوروبا تحت الصليب مقاتلين في سبيل المسيحية، واجتاح المسلمون القسطنطينية في يوم من أعظم أيام الإسلام، تمكن المسلمون من دخول تلك العاصمة الحصينة ودخل السلطان محمد الثاني الذي أطلق عليه المسلمون يومها اسم السلطان "محمد الفاتح" دخل كنيسة آيا صوفيا وهي أقدس وأعظم كنيسة في القارة الأوروبية، دخلها وأمر بإزالة الصلبان وبرفع الأذان، وتحول اسمها من كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد السلطان محمد أبو الفتوح.
أما مدينة القسطنطينية فقد أمر السلطان بتحويل اسمها من القسطنطينية إلى "إسلامبول"، أي دار الإسلام، فأصبحت إلى يوم الناس هذا إسطنبول عاصمة الخلافة العثمانية.
إن هذا الإنجاز العظيم الذي نال شرفه ذلك السلطان المسلم لم يأت طيف خيال، إنما جهز له على مدار القرون، حتى استطاع الرجل في نهاية المطاف أن يجني ثمار اجتهاد من سبقه من السلاطين العثمانيين والأمراء المسلمين في أنحاء الديار الإسلامية، حين اقتحموا القسطنطينية تحولت من عاصمة المسيحية إلى عاصمة دار الإسلام، تحولت الكنيسة التي طالما قرعت فيها النواقيس ورفعت الصلبان إلى مسجد يذكر فيه اسم الرحمن -سبحانه وتعالى-، ويؤذن على مدائنها لا باسم المسيح ومريم بل باسم الله، الله أكبر محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
كان هذا الفتح علامة فارقة في التاريخ البشري حتى عده المؤرخون بداية لما سمي باسم العصر الحديث؛ إذ كان العصر الذي فتحت فيه القسطنطينية يسمى باسم العصر الوسيط، أما في اليوم الذي فتحت فيه في 29 من مايو 1453م بدأت فعاليات ما يسمى بالعصر الحديث في أنحاء العالم أجمع والذي ما زلنا نعيش في فعالياته إلى يوم الناس هذا حين يصح الإيمان، حين يصح التوكل على الله -تبارك وتعالى-، حين تصح عزيمة البشر، حين يحاول الأبطال تحقيق أخبار المعصوم -عليه الصلاة والسلام- لا يخفقون أبدًا في نهاية المطاف.
إن هذا الفتح ادخره الله -تبارك وتعالى- إلى هذه المرحلة الزمنية؛ لأن المسلمين في العصور المتقدمة كانت لهم فتوح مدهشة استطاعوا فيها بسط رداء الإسلام على أكثر العالم المعروف آنئذٍ، استطاع المسلمون في خمسين عامًا بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- فتح 50% من مساحة العالم، ولذلك تأخر فتح القسطنطينية رغم إلحاح الأمراء المسلمين في محاولة نيل تلك المنقبة، لكن الله -تبارك وتعالى- ادخرها لسلطان عثماني من سلاطين آخر دولة خلافة في التاريخ الإسلامي، دولة الخلافة العثمانية، حتى تحوز تلك الدولة على منقبة تليق بالقوة العسكرية الضارية التي تمتع بها المقاتلون العثمانيون الأتراك في حماية حوزة الإسلام والمنافحة عن شريعة الله -تبارك وتعالى-.
السلطان الفاتح تولى تربيته عالم من علماء المسلمين فقير هو الشيخ محمد حمزة آق شمس الدين، لم يتربَّ كحال الرؤساء عندنا هنا في أكاديميات كذا وكذا وفي أمريكا حتى يعود مسخًا مشوهًا يحكمنا بتقاليد أبناء الصليب، لكنه تربى تربية إسلامية خالصة، هذا نشأ في بيئة إسلامية، ترعرع في تربة إسلامية، تعلم من علماء المسلمين، أحيط بالعلماء؛ منهم من كان يدربه على الفروسية، ومنهم من كان يدرسه العلوم الشرعية، ومنهم من درّسه اللغات حتى كان يحسن خمس لغات من اللغات السائدة في العصر الوسيط.
هكذا نما ونشأ وترعرع في البيئة الإسلامية، فأراد تحقيق نبوءة المعصوم -عليه الصلاة والسلام- وقد كان ونجح فيما حلم به منذ نعومة أظفاره من فتح مدينة القسطنطينية لتتحول إلى إسلامبول من عاصمة النصرانية إلى عاصمة الملة الإسلامية.
عزائم الرجال حين تكون هذه العزائم على مقدار الشرع المنزل من الله -سبحانه وتعالى- لا يستطيع أحد أن يفت فيها، فتح في داخل أوروبا التي احتلت بلاد العالم الإسلامي أجمع، هذه كانت ترتدع فرائسها من الجيش العثماني المسلم.
الجيش العثماني لم يصل إلى السويد لكن النسوة في بلاد السويد كان الطفل إذا صاح تقول له أمه اسكت وإلا جئت لك بالجيش العثماني، تأمل مقدار الرعب الواقع في قلوب هؤلاء البشر حتى لترتعد فرائسهم من ذكر اسم العثمانيين المسلمين العظماء الذين حملوا لواء الإسلام وذادوا عن الشريعة المحمدية وأهدوا تلك الأمة فتح الفتوح فتح مدينة القسطنطينية الذي تم على يد السلطان محمد الفاتح.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وآله وصحبه وسلم.
أما بعد:
أخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- هي الحق الذي لا يشوبه باطل، وكل ما أخبر عنه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- لابد أن يقع كالشمس في رابعة النهار؛ لأن الله -تبارك وتعالى- أيده بهذا الوحي الذي (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).
أخبر -عليه الصلاة والسلام- أن طائفة من المسلمين ستفتح بلاد كسرى وقال: "عصابة من أمتي يفتحون البيت الأبيض"، قصر كسرى، وقد كان، وفتح المسلمون البيت الأبيض وسقطت المدائن.
أخبر النبي -صلى الله عليه- وسلم أن كسرى إذا هلك لم يرفع المجوس بعده رأسًا فقال: "إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده". وقد كان، وهلك كسرى وورث المسلمون إمبراطورية فارس عن بكرة أبيها، ولم تقم لها قائمة بحمد الله إلى يوم الناس هذا.
أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- في يوم غزوة الأحزاب أن أماكن من العالم ستنضوي تحت لواء الإسلام في الوقت الذي كان الأحزاب قد أحدق خطرهم بالأمة الإسلامية وأحاطوا بالمسلمين إحاطة السوار بالمعصم، وما كان المسلم في يوم الأحزاب يأمن على نفسه أن يخرج لقضاء حاجاته، فأخبر -عليه الصلاة والسلام- وهو يضرب الصخرة المستعصية: "الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمراء الساعة"، ثم ضربها الثانية فقال: "الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض"، ثم ضرب الثالثة، وقال: "الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذه الساعة". وقد تحقق ما أخبر عنه، فتحت اليمن وفتحت المدائن وفتحت بلاد الشام.
وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن المسلمين سيفتحون الديار المصرية، وأوصاهم بأهل مصر خيرًا؛ لأن أم إسماعيل من مصر، وهي تعتبر بمثابة الجدة الأعلى للنبي -عليه الصلاة والسلام-؛ ولأن مارية أم إبراهيم بن النبي -عليه الصلاة والسلام- جارية مصرية، فأخبر -عليه الصلاة والسلام- أن المسلمين سيفتحون مصر، وهي بلاد يذكر فيها القيراط، وأوصاهم بالقبط خيرًا، وقد كان، وفتح المسلمون الديار المصرية.
وأخبر -عليه الصلاة والسلام- أن المسلمين سيفتحون القسطنطينية وروما، القسطنطينية عاصمة الديانة الأرثوذكسية، وروما عاصمة الديانة الكاثوليكية ولقد فتح المسلمون بحمد الله القسطنطينية وسيعاودون فتحها في آخر الزمان فتحًا آخر، أما روما فلقد جهز السلطان محمد الفاتح جيشًا كبيرًا لفتح روما بعد أن تمكن من الانسياح في الأرض في شرق أوروبا بعد سقوط القسطنطينية، وجّه وجهه تلقاء القارة الأوروبية ففتح بلاد الصرب وبلاد البوسنة وبلغاريا ورومانيا وتوغل في بلاد المجر، ثم إنه عقد العزم على فتح روما لينال المنقبتين معًا واتخذ جيشًا، لكن المنية وافته وهو في طريقه إلى فتح روما.
لما مات حزن المسلمين عليه حزنًا شديدًا، ففكوا هذا الجيش فعاد أدراجه إلى داخل الدولة الإسلامية، أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن المسلمين سيفتحون مشارق الأرض ومغاربها فقال: "إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها".
وقد تحقق نبأ المعصوم -عليه الصلاة والسلام- ففتح المسلمون مشارق الأرض ومغاربها، وإذا تأملت فإنك ستجد أن المسلمين لم يتوغلوا في شمال العالم أو في جنوبه، لكنهم توغلوا شرقًا وغربًا ففتحوا مشارق الأرض ومغاربها، فوصلوا في الشرق إلى حدود الصين وحكموا روسيا والهند وآسيا الوسطى وبلاد ما وراء النهر ووصلوا إلى بلاد السوس الأقصى، ثم عبروا المحيط وفتحوا بلاد الأندلس، أقصى الشرق مع الغرب انضوى تحت لواء الإسلام.
وأخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن المسلمين يفتحون مدينة نصفها في البر ونصفها في البحر فقال المؤرخون هي القسطنطينية؛ لأن نصفها في البحر والآخر في البر، وقال آخرون: بل هي مدينة البندقية في إيطاليا وهي التي يسميها السياح الآن فينسيا، كل زائر لهذه المدينة يعلم أن نصف المدينة في اليابس ونصفها الآخر في البحر.
بل إن الناس يسيرون في طرقات مائية بتلك القوارب المعروفة التي يركبها السياح، أيًا كانت المدينة فإن المسلمين سيفتحونها كما أخبر -عليه الصلاة والسلام-، بل إن العالم أجمع لابد أن يخضع يومًا لحكم الله -تبارك وتعالى- على وفق إخبار المعصوم -عليه الصلاة والسلام-.
عندنا وحي منزل من عند الله لا نحتاج معه إلى استيراد نظم ومبادئ وأفكار وفلسفات من المشارق والمغارب، حين اكتفى المسلمون بهذا الوحي أبدعوا وتفوقوا وانتصروا وفتحوا الفتوح ومصروا الأمصار وهزموا وحوش الطغاة، حين استعاض المسلمون عن الوحي بالفلسفات الوثنية المستقاة من مزابل الشرق والغرب أنتم ترون النتيجة؛ التمزق والهزيمة والتخلف والفرقة التي ضربت بأطنابها على بلدان العالم الإسلامي.
حتى يستطيع المسلمون تحقيق الإنجازات لابد أن يعودوا إلى الوحي الذي استطاع به المسلمون تحقيق ما قد سلف من إنجازات سطرت في صحائف التاريخ بتوقيع الأمة الإسلامية، تربية هؤلاء الذين يتولون قيادة الأمة على دين الإسلام.
المسلمون الأولون لتحقيق الإنجازات وحدوا البلدان الإسلامية تحت راية واحدة يحكمها سلطان واحد بشرع الله -تبارك وتعالى-؛ كان المسلمون هم سادة البر والبحر وسادة الإنجازات وأرباب العلوم والاختراعات والإبداعات لمدة أربعمائة عام لا يتدخل أحد في الحركة العلمية ينافس المسلمين، أربعمائة عام خالصة بتوقيع أمة الإسلام واللغة العربية هي لغة العلوم حتى استفاقت أوروبا على تلك الصفعة.
لقد كانت بداية لنهضة حقيقية داخل القارة الأوروبية، ظل المسلمون متفوقين على أعدائهم في كل شيء متحضرين إلى هذا العهد عهد السلطان محمد الفاتح، وبعد محمد الفاتح بدأ المنحنى البياني في صالح أوروبا يصعد وفي صالح الأمة الإسلامية يهبط.
أوى المسلمون إلى الفتوحات وركزوا على القدرة الحربية وأهملوا العلوم التجريبية في حين أن أوروبا عكفت على تراث العالم الإسلامي تدرس وتقتبس النظم والتخطيط، حتى البنايات، حتى طرق الشوارع، حتى تقسيم المدينة السكنية، حتى إلحاق الحمامات بالبيوت، ولم يكن معروف هذا آنذاك في أوروبا، كل ذلك مستورد من العالم الإسلامي، فصعد المنحنى البياني في القارة الصليبية في حين أن الدولة الإسلامية بدأت شمس العلم تأفل عنها رويدًا رويدًا حتى انتهى بنا المطاف إلى احتلال واكتساح صليبي للدولة الإسلامية، فاستعمرت وقطعت وأصبحت كما ترون، مزع مفرقة في أنحاء العالم لا يربطها رباط ولا يجمعها قانون جامع يتحكم فيها.
عُدْنا وإنْ جاوَرَتْنا البُيوتْ *** وجِئْنا بوَعْظٍ ونَحْنُ صُموتْ
وأنْفـاسُنا سَـكَتَتْ دَفْعَةً *** كَجَهْرِ الصّلاةِ تَلاهُ القُنوتْ
كُنّا عِظامًا فصـِرْنا عِظامًا *** وكُنّا نَقوتُ فَها نحْنُ قوتْ
وكنا شمـوس سمـاء العلا *** غربنا فناحت علينا البيوت
لابد من دراسة مع التاريخ الإسلامي تاريخ القارة الأوروبية، إذا أردت أن تعلم ما يحدث الآن لابد أن تتبع كيف هبط المنحى الإسلامي؟! كيف ارتفعت القارة المتخلفة البربرية الهمجية لتصبح أفضل دولة في العالم؟! كيف حدث ذلك؟! كيف حدثت الثورة الصناعية؟! كيف حدثت الثورة العلمية في أوروبا؟! كيف حدثت النهضة المبهرة التي يتمتع بها هؤلاء القوم؟! وكيف حصلت النكسة في العالم الإسلامي؟!
خطان متوازيان على أبناء الإسلام أن يدرسوهما بعناية فائقة، ليس كافيًا أن تدرس وتتبع تاريخ الأمة الإسلامية بل لابد من دراسة تاريخ أعداء الإسلام، ونحص بهم سكان أوروبا من الصليبيين، كيف وصلوا بعد الضعف والهمجية والتفرق والفرقة والضياع إلى أن يكونوا أرقى الأمم وكيف هبطت أرقى أمة إلى هذا السفح المهين الذي نعيش فيه الآن.
لابد أن ينتدب من بينكم أنتم من يقوم على مثل هذه الدراسات، بداية نهضة الأمة تبدأ بمثل هذه الدراسات، محمد الثاني أصبح محمد الفاتح وحمل -وهو في الرابعة والعشرين من عمره- أرقى وسام إسلامي بتحقيق بشارة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فتح القسطنطينية في مثل هذه الأيام التي نعيش فيها الآن بعد خمسين يومًا من الحصار وقبل سنوات من العمل الدؤوب والإنجازات والبحوث والتصنيع حتى تفوق على أعدائه في كل صعيد.
ما أحوجنا إلى أن نجرد أيامنا الخوالي، ما أحوجنا إلى قراءة تاريخ الأمة المجيد، ليس لنبكي على أطلال وإنما لنأخذ منه الدرس والعبرة لننسج على دور هؤلاء لنتعلم منهم كيف تفوقوا، كيف أبدعوا، كيف أعطوا، كيف تجردوا في سبيل الله، كيف انتصروا على أعدى القوى التي كانت موجودة في عصورهم فاستطاعوا استئصال شأفة أعداء الله -تبارك وتعالى- ورفعوا راية لا إله إلا الله محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ما أحوجنا ونحن في زمن الفرقة والشتات والهزيمة والضعف لا نسمع شيئًا يسر القلوب، وإنما نسمع يوميًا ما يدمع العيون ويدمي القلوب، نشرة أخبار العالم الإسلامي تقوم بالفتن وتحمل لك الهم الكئيب إلى نفسك صباح مساء.
ما أحوجنا إلى أن نقرأ أخبار هؤلاء العظماء حتى يكون هؤلاء نبراس للأمة الإسلامية في تاريخها الحديث وهي تنفض التراب عن نفسها وتحاول أن تغرس نبتة يتلقى ثمارها أجيال قادمة، كأنها في رحم الغيب ستولد على وفق علم الله -تبارك وتعالى- لتعاود تارة أخرى رفع لواء الإسلام.
حضارة الغرب تحتضر الآن، حضارة الغرب على وشك السقوط لأنها دمرت معنويات الإنسان، دمرت العقيدة، دمرت كل ما يمت إلى الأخلاق بصلة، عاشت على الماديات ولذلك أصحبت هذه الشعوب لا تعرف لها هدفًا ولا تدرك لها غاية.
المسلمون هم المؤهلون الآن لقيادة العالم؛ عندهم الوحي، عندهم التاريخ، عندهم التجربة التي لبست أربعة عشر قرنًا متألقة لتثبت نجاح تطبيق هذه الشريعة الإلهية العظيمة، عندهم الأعداد، عندهم الموقع الجغرافي العظيم، عندهم الممرات المائية التي تتحكم في التجارة العالمية أجمع، عندهم الخيرات، عندهم البركات، عندهم الزراعة، عندهم التعليم، عندهم المواد الخام التي تحتاج إليها صناعة العالم من حولنا.
هذه الأمة مؤهلة اليوم أو غدًا لقيادة سفينة البشرية، لكنها تحتاج إلى قادة يجمعون ولا يفرقون، تحتاج إلى قادة على مستوى دين الإسلام، ترى أكان في وسع المسلمين أن ينتصروا على كسرى وقيصر وأن يفتحوا الفتوح وأن يتوغلوا في داخل أوروبا لو كانوا دولاً متناثرة متناحرة متقاتلة؟! كلا بل ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا بسبب وحدتهم، كانوا يقاتلون على قلب رجل واحد، كانت جيوشهم خليطًا من مسلمين من مشارق الأرض ومغاربها ما كانوا يعملون لقومية ولا لوطنية ولا إنسانية ولا مذاهب أرضية وثنية، إنما كانوا يعملون في سبيل الله، في سبيل الإسلام، في سبيل نصرة الوحي المنزل على النبي -عليه الصلاة والسلام-.
أجيال المسلمين أجيال متعاقبة فيها الإنجازات، فيها الانتصارات، يخبر النبي عبر قرون أن أمته ستفتح القسطنطينية وهو في المدينة هناك خلف الجبال على رمال الصحراء اللاهبة، وإذا بالأخبار يحملها التاريخ ويمضي بها الزمان وتتناقلها الأجيال حتى يكون فاتح القسطنطينية رجلاً تركيًا آمن بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًا ورسولاً.
لسنا أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، هذا كلام فارغ، نحن أمة إسلامية صنع مجدها العرب مع العجم، صلاح الدين الأيوبي: كردي، نور الدين محمود وعماد الدين زنكي: تركيان، السلطان سليمان وسليم الأول ومحمد الفاتح وبايزيد وعثمان كانوا من الأتراك، السلطان الذي أجّل سقوط الأندلس يوسف بن تاشفين كان من البربر، طارق بن زياد فاتح الأندلس كان من البربر، ما كانت فتوحاتنا ولا إنجازاتنا عربية بل كانت إسلامية ذات صبغة عالمية على مستوى تلك الشريعة الإلهية.
فرضي الله عن السلطان محمد الفاتح من سلاطين الإسلام العظماء الذي تمكن من فتح القسطنطينية في يوم الجمعة 29 من شهر مايو عام 1453م ليترك لنا هذا السجل الحافل ملكًا خالصًا للأمة الإسلامية تفخر به الأجيال حتى يأذن الله -تبارك وتعالى- بعودة الأجيال الإيمانية وعودة الدولة الإسلامية ذات الانتصارات الدولية، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
اللهم مكن لدينك في الأرض وافتح له قلوب الناس...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي