1يا سعادة من كان القرآن له شفيعا ونصيرا في صفه يوم القيامة، ويا ويل من كان القرآن في ذلك اليوم الموعود خصمه الذي يذمه، ويشهد عليه، إذ إنه مصدق. هل يتصور أحدنا أن هذا القرآن الذي أمامه، والذي يقرأه سيصحبه يوم القيامة -بإذن الله- ثم يدافع عنه بإذن الله، ثم بإذن الله يدخله الجنة بين ملايين البشر هل يتصور أحدنا هذا؟ إنه ...
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عطفا على أمر خادم الحرمين الشريفين الذي وجهه إلى مفتي عام المملكة بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء، والذي جاء فيه: "انطلاقا من قول الحق -جل وعلا-: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [النحل: 43].
وما تلى ذلك من آيات، فقد جاء فيه: إن تباين أقول أهل العلم يتعين أن يكون في نقاط هيئاتهم، ومجامعهم العلمية والفقهية، ولا يخرج للناس ما يفتنهم عن دينهم، ويشككهم في علمائهم، فالنفوس ضعيفة، والشبه خطافة.
ثم قال: ونفرق بين سعة الشريعة، وفوض القيل والقال، وبين اختلاف أقوال أهل العلم فيما بينهم على هدي الشريعة، وسمت علماء الإسلام وبين منازعة غيرهم لهم، والتجاوز على حرمة الشرع.
ثم قال: وأداءً للواجب الشرعي والوطني نرغب إلى سماحتكم قصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء، والرفع لنا عمن تجدون فيه الكفاية، والأهلية التامة، للاطلاع بمهام الفتوى، للإذن لهم بذلك.
ثم قال: ويستثنى من ذلك الفتاوى الخاصة الفردية غير المعلنة في أمور العبادات والمعاملات، والأحوال الشخصية، بشرط أن تكون خاصة بين السائل والمسئول، على أن يمنع منعا باتا التطرق لأي موضوع يدخل في مشمول شواذ الآراء، ومفردات أهل العلم المرجوحة، وأقوالهم المهجورة، وكل من يتجاوز هذا الترتيب فسيعرض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعي الرادع، كائنا من كان، فمصلحة الدين والوطن فوق كل اعتبار.
وألموا شتات الموضوع في رأي وزير الشئون الإسلامية حيث قال: "يجب على من يصدر الفتوى أن يتصف بالبلوغ والعدل والعلم بالأحكام الشرعية، والعلم بأحوال الناس، وأهوائهم وأغراضهم، وإذا لم يعلم واقع الناس وأحوالهم، فقد تسمى له الأمور بغير أسمائها، وقد توصف له الأمور بغير وصفها، لذلك يجب أن يكون المفتي متأنيا متيقنا، لا يصدر فتواه إلا بعد إيقان وإتقان، ونظر في المصالح والمفاسد.
والحقيقة -أيها الإخوة- أن الخطورة تكمن في التأثير على الناس بمجرد الهيئات والمظاهر، فهيئة طالب العلم يشترك فيها كل من تزي بزيها، فيشترك فيه في التأثير من خلال هيئته ومظهره في فضائية، أو أية وسيلة مرئية طالب العلم المزكي، والمشهود بفضله من كبار العلماء، ويشترك في التأثير أيضا غيره ممن ليس كذلك.
وبالتالي تظهر لنا الغرائب والعجائب التي تفتن الناس في دينهم؛ كما جاء في نص الأمر الملكي.
فمن مبيح للموسيقى، إلى داعي للاختلاط، إلى طاعن في قاعدة سد الذرائع، وغيرها من العجائب التي تخالف ما أجمع عليه علمائنا المعتبرون.
بل وتخالف في بعض الأحيان صريح النصوص الشرعية في الكتاب والسنة.
فأسأل الله أن يجعل هذا الأمر مفتاحا للخير، مغلاقا للشر، وأن يحفظ علينا ديننا وأمننا، وبلادنا من كل سوء، وأستغفر الله، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد:
فإن من أعظم مناقب هذا الشهر المبارك الخاصة: أن الله -تعالى- أنزل فيه كتابه الكريم، ولم يذكر شهرا باسمه في كتاب الله سوى شهر رمضان، ولما ذكر الله -تعالى- اسم هذا الشهر قرنه بالقرآن إظهارا لهذه المنقبة التي اكتسبها هذا الشهر المبارك.
قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)[البقرة: 185].
وقد نزل القرآن كله في ليلة القدر من هذا الشهر: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ) [الدخان: 3].
وقال سبحانه: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر: 1].
ومما نقل ابن القيم: "كان إنزال القرآن في رمضان جملة واحدة في ليلة القدر، إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ثم أنزل منجما بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة، قال تعالى: (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً) [الإسراء: 106]".
وفي قراءة ثابتة قال الشنقيطي: "وقرأ بعض الصحابة فرقناه بالتشديد: (وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ) أي أنزلناه مفرقا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة".
والقرطبي يقول قال ابن عباس: "نزل به جبريل -عليه السلام- جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا إلى بيت العزة ثم كان جبريل ينزله على النبي -صلى الله عليه وسلم- نجوما نجوما، أي بحسب الوقائع وما قدره الله في ذلك، وكان بين أوله وأخره ثلاث وعشرون سنة".
ورمضان هو الشهر الذي كان يراجع فيه جبريل القرآن مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل ليلة من لياليه، صح في البخاري من حديث ابن عباس قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن" في كل ليلة من رمضان.
ولذلك كان السلف يتفرغون في هذا الشهر لقراءة القرآن.
قال عبد الحكم: "كان الإمام مالك إذا دخل رمضان نفر من قراءة الحديث، ومجالسة أهل العلم، أي ترك ذلك، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف".
والأمام الزهري: إذا دخل رمضان فإنما هو قراءة القرآن، وإطعام الطعام.
الحاصل أن هذا الشهر هو شهر القرآن، هو الشهر الذي يتفرغ فيه العباد لتقوية صلتهم بكتاب ربهم.
أيها المسلمون: ألا يستحق هذا الكتاب العظيم منا شيء من التأمل، التأمل في مدى صلتنا به ليس في رمضان، بل طوال العام.
التأمل في مدى تمسكنا به، والتزامنا بأحكامه وآدابه، وحكمه وقيمه ووصاياه، إنما نرى النبي -صلى الله عليه وسلم- يبين لنا عظم حق القرآن ومكانته في حياتنا وأثره على مصيرنا، وهو يقول عليه الصلاة والسلام: "والقرآن حجة لك أو عليك".
يذكر ابن رجب -رحمه الله- قول بعض السلف: "ما جالس أحد القرآن فقام عنه سالما، بل إما أن يربح أو أن يخسر، ثم تلا قول تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا) [الإسراء: 82].
فالقرآن إذاً شفاء ورحمة وإما خسارا، عن جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "القرآن شافع مشفع وماحل، أي قوي الجدال مصدق من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار" [رواه ابن حبان والطبراني وهو صحيح].
وفي سنن الدارمي: أن ابن مسعود -رضي الله عنه- كان يقول: "يجئ القرآن فيشفع لصاحبه فيكون له قائدا إلى الجنة ويشهد عليه ويكون سائقا به إلى النار".
نسأل الله السلامة والعافية.
فالقرآن حجة إن قرأناه فهو حجة، وإن هجرناه ولم نقرأه فهو أيضا حجة، ولذلك جاء في الآية شكوى النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) [الفرقان: 30].
فالقرآن في كلا الحالين حجة، ولا سبيل لنا إلى الحيدة عنه ولا مفر، وإذ لا مفر فلنجعله إذن حجة لنا لا علينا.
ويا سعادة من كان القرآن له شفيعا ونصيرا في صفه يوم القيامة، ويا ويل من كان القرآن في ذلك اليوم الموعود خصمه الذي يذمه، ويشهد عليه، إذ إنه مصدق.
هل يتصور أحدنا أن هذا القرآن الذي أمامه، والذي يقرأه سيصحبه يوم القيامة -بإذن الله- ثم يدافع عنه بإذن الله، ثم بإذن الله يدخله الجنة بين ملايين البشر هل يتصور أحدنا هذا؟ إنه اليقين القلبي بمنفعة هذا الكتاب، اليقين الذي يتجاوز حدود الورق الملموس، ويتجاوز حدود التلاوة والحفظ، اليقين بمنفعة هذا الكتاب الذي يتجاوز البركة واليقين الذي يتجاوز بلا شك كل أشكال الطباعة والزخرفة للآيات التي تزين الجدران هنا وهناك.
أيها الإخوة: إن الإنسان منا يبتلى اليوم بحاله مع الدنيا وحاله مع الآخرة، كل واحد منا يبتلى في يومه وليلته، فالبعض منا في سكرة الدنيا وهمومها، غارقا إلى أم رأسه إذا صح التعبير، والبعض الأخر أقل والآخر أكثر، فالناس يتفاوتون في مدى توغلهم في الدنيا، وأوديتها وشعابها ودهليزها، والعلاقة طردية كلما زاد التوغل في الدنيا زادت الغفلة عن الآخرة، وبحسب هذه الغفلة يكون البعد عن كتاب الله.
نعم قربنا أو بعدنا من كتاب الله مؤشرا واضحا، نقيس به مدى وعينا بالغاية من خلقنا، مدى اهتمامنا بالآخرة، أو غفلتنا عنها.
ولذلك يحسن اليوم ونحن في شهر القرآن أن نتحدث عن مفهوم القرب من كتاب الله، أو البعد عنه.
أيها الإخوة: إن من الدارج والمفهوم لدى كل مسلم أن تلاوة القرآن وحفظه من دلائل التقوى والخيرية، والنصوص في ذلك كثيرة، قال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ) [فاطر: 29].
في صحيح مسلم عن عائشة قالت -رضي الله عنها- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن، ويتتعتع فيه، وهو عليه شاق له أجران".
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يقال يوم القيامة لصاحب القرآن: اقرأ ورتل كما كنت ترتل في دار الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرأها" [رواه ابن حبان].
وفي مسند الإمام يقال لصاحب القرآن يوم القيامة إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة، حتى يقرأ آخر شيء معه.
هذه النصوص الدافعة والمحفزة للتلاوة والحفظ دليل واضح على ذلك الفضل، لكن هل يريد الله -سبحانه- أن تقتصر علاقتنا على التلاوة والحفظ أم إن العلاقة أكبر من ذلك بكثير.
يقول سبحانه: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) [ص: 29].
هذه الآية يبين فيها سبحانه أن الغرض الأساسي من إنزال القرآن هو التدبر والتذكر، لا مجرد التلاوة على الرغم من عظم أجر التلاوة، فالتلاوة والسماع في حقيقة الأمر هما وسيلتان للوصول إلى الغاية العظمي وهو التدبر.
ولذلك صح في البخاري من حديث عبد الله بن مسعود قال: قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: اقرأ علي، قلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: نعم، فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا) [النساء: 41] قال: حسبك الآن، فلتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.
فسماع النبي -صلى الله عليه وسلم- للقرآن هنا أوصله إلى تدبر معاني الآية، فذرفت عيناه صلى الله عليه وسلم.
إذاً فالتلاوة والسماع طريقان لحصول المقصود وهو التدبر، قال سبحانه: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ)[محمد: 24].
يقول الحسن البصري: "والله ما تدبره بحفظ حروفه، وإضاعة حدوده، حتى إن أحدهم يقول: قرأت القرآن كله، وما يرى له القرآن في خلق ولا عمل".
ويقول سبحانه وتعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ)[البقرة: 121].
روى ابن كثير عن ابن مسعود قال: "والذي نفسي بيده إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزله الله".
ويقول الشوكاني: "يتلونه يعملون بما فيه".
ويقول سبحانه: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ) [البقرة: 78].
قال الشوكاني: "قيل: الأماني التلاوة، أي لا علم لهم إلا مجرد التلاوة، دون تفهم وتدبر".
ويقول ابن القيم: "ذم الله المحرفين لكتابه والأميين الذين لا يعلمون منه إلا مجرد التلاوة، وهي الأماني".
وتجد القرآن يؤكد على عبادة التدبر؛ لأن مبدأ الحركة ومنطلق التغيير في الإنسان ليس التلاوة السطحية، وإنما هو التدبر في معاني الآيات، فلا يمكن أن تتغير الأخلاق، ولا تنكسر القلوب خضوعا ومحبة وإذلالا للخالق إلا بتدبر الكتاب: (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً * قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا) [الإسراء: 106-109].
فالتلاوة عند هؤلاء الذين أوتوا العلم، والذين أثنى الله عليهم لها وقع قوي في قلوبهم لماذا؟
لأنهم أوتوا علم التدبر قبل الحفظ والتلاوة، تأملوا في تدبرهم وقارنوا بينه وبين اهتمامنا اليوم بحساب الآيات، والصفحات والختمات، دون عناية بمدى أثر التلاوة رغم كثرتها على نفوسنا، وأخلاقنا وقلوبنا.
تأملوا بين هذا العدل السطحي الذي يعنى به الكثيرون اليوم، وبين حال من وصفهم الله بأنهم: (إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا) [الإسراء: 107-109].
معاشر الإخوة: لعلنا نكمل هذا الأمر الموضوع، ونتعرض إلى عوامل تدبر القرآن فيما نستقبل من أيام بإذن الله -تعالى-.
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي