أيها الإخوة: إذا ساد العدل حفظت الحقوق، ونصر المظلوم، وولت الهموم، وأدبرت الغموم، أما حينما يتجافي الناس عن العدل ويقعون في حمأة الظلم، ينبت منهج الحق والقطيعة، والفرقة وذهاب الريح، من تجافى عن العدل دخل دائرة الظلم، يأخذ ولا يعطي، مسلكه مسالك ال....
إن الحمد لله نحمده ونستعينه...
أما بعد:
أيها الإخوة المؤمنون: تحدثنا في الجمعة الماضية عن العدل وأهميته، وأنه أساس الحكم، وقوامة الدول، وكيف أن الله أوجبه وأمر به، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم - حث عليه، وحذر من ضده، واستعرضنا صفحات رائعة من عدل أكرم البشر -صلى الله عليه وسلم- مع نفسه وأصحابه وأعدائه، ورأينا كيف أن القرون المفضلة، سارت على ذلك الهدي في أحكامها وقضائها حتى سادوا الأرض، وحكموا البلاد من أقصاها إلى أقصاها.
أيها الإخوة في الله: وكما أن العدل واجب ومتأكد في حق الحكام والقضاة، إلا أن العدل لا يقتصر عليهم فقط، كلا.
فالعدل وإقامته واجب على كل مسلم ومسلمة، فيما ولاه الله من ولاية وفيما استرعاه من رعية، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مسلم يلي أمر عشرة فما فوق إلا جاء يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه فكه بره أو أوثقه إثمه".
فالأب واجب عليه العدل بين أولاده في الهبات والعطايا، قال صلى الله عليه وسلم : " اعدلوا بين أولادكم في النحل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف".
وكم كان عدم العدل بين الأولاد، سبباً في التباغض والتحاسد والشرور والفتن بينهم.
ولما أعطى والد النعمان، ولده النعمان بن بشير -رضي الله عنه- عطية ذهب يشهد عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له النبي-صلى الله عليه وسلم-: "أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا، قال: "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم".
وفي رواية: "فلا تشهدني إذن فإني لا أشهد على جور".
وفي رواية: "فأشهد على هذا غيري".
فالعدل بين الأولاد واجب، وتفضيل بعضهم على بعض أو تخصيصه بشيء ظلم لا يجوز ما لم يكن له مبرر شرعي.
ولا تجوز الشهادة على شيء منه ظلم لأحد الأبناء، فإذا استدعي أحد للشهادة على تقسيم أملاك شخص وفيها ظلم فلا يشهد كما قال وفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع والد النعمان -رضي الله عنه-، وأيما أب أعطى أحد بنيه عطية دون أولاده فواجب عليه أن يستردها منه أو يعطي بقية أولاده مثل الذي أعطى.
ومن صور هذا الأمر ما يوصي به بعض الآباء قبل موتهم من هبة أو مال ونحوه لأحد الأبناء دون الآخرين، فإنه ظلم لا يجوز، والعدل بين الأبناء واجب للذكور والإناث إما بالتساوي أو للذكر مثل خط الأنثيين، فإذا أعطى أو وهب أحد أولاده شيء وجب أن يعطي حتى الإناث مثله أو نصفه كما قال أهل العلم.
وكان السلف يحبون العدل بين الأولاد حتى في القبل والبشاشة، فكيف بمن يفرق بين أولاده في عطاياه وهباته وأخلاقه، بل ونفقاته الواجب.
والزوج مطالب بالعدل بين نسائه، وظلمه الواحدة منهن حرام لا يجوز، بل جعل الله العدل شرطاً فيمن يرغب في التعدد، فقال: (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)[النساء: 3].
فمن خشي على نفسه عدم العدل فالأولى في حقه عدم التعدد، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كانت عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه مائل".
وفي رواية: "ساقط".
وفي رواية: "فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقة مائل" أي مشلول.
عباد الله: كم هي صور الظلم وعدم العدل كثيرة واقعة على نساء مؤمنات من أزواج مائلين غير عادلين، أليس لهم أسوة في نبيهم -صلى الله عليه وسلم- الذي قالت عنه عائشة - رضي الله عنها -: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكية عندنا".
فكان صلى الله عليه وسلم عادلاً بين نسائه في كل شيء، وفي كل وقت، حضراً وسفراً، نفقة ومبيتاً، تعاملاً ومسكناً، حتى أنه في مرض موته صلى الله عليه وسلم ذلك، وعلم أزواجه -رضي الله عنهن- أنه يجب الاستقرار في بيت عائشة أذن له في أن يمرض في بيتها، ومع كل هذا العدل والإنصاف منه عليه أفضل الصلاة والسلام، كان يعتذر إلى ربه -عز وجل-، ويقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك ".
يعني ميل القلب ومحبته، فالإنسان معفو عنه في هذا، قال الله -تعالى-: (وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)[النساء: 129].
وهذه الآية ليست حجة للظلمة من الأزواج الذين يميلون ولا يعدلون، ولا في مبيت ولا نفقة، ولا غيرها، فليتقوا الله وليعدلوا، روي أن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- كانت له امرأتان، فإذا كان يوم هذه لم يشرب في بيت الأخرى الماء.
ولما ماتتا في الطاعون أسهم بينهما، أي عمل قرعة آيتهما تدلى أولاً؟
فأي عدل بعد هذا -رضي الله عنه وأرضاه-؟!
وهذا العدل فضل وليس بواجب.
عباد الله: ويتأكد العدل أيضاً في حق من كان تحته خدم وعمال، ونحوهم؛ فلا يجوز ظلمهم ولو كانوا غير مسلمين، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه حقه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة".
فأين العدل اليوم من كفلاء يظلمون عمالهم، ويؤخرون رواتبهم، وربما اضطروهم للسفر دون وفاء بحقوقهم، أهذا عدل وإنصاف أم هو الظلم والإجحاف؟
واليتامى أوصل الله بالعدل وإقامته معهم، فقال: (وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ)[النساء: 127].
وقال: (وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)[الأنعام: 152].
ودعا النبي -صلى الله عليه وسلم - ربه قائلاً: "اللهم إني أحرج عليك حق الضعيفين اليتيم والمرأة".
والعدل مطلوب في الشهادة والشهود:
قال تعالى: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ)[الطلاق: 2].
وقال تعالى أيضاً: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[المائدة: 8].
والعدل في الشهادة والعدالة للشهود، وأمرها عظيم وخطير، فبدون ذلك تضيع الحقوق، وتهتك الحرمات، ويفسد المجتمع.
نعم، بشهادة الزور، بالشهادة الآثمة الظالمة تطمس معالم العدل والإنصاف، ويعطي الحق لغير أهله، ويزعزع الأمن، وتزرع الأحقاد والضغائن بين الناس، ويستجلب سخط الجبار، ودخول النار.
"ألا وشهادة الزور ألا وشهادة الزور..." فما زال يكررها صلى الله عليه وسلم حتى قلنا: ليته سكت".
ولأهمية العدالة في الشهود، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا زان ولا زانية ولا ذي غمر -أي حقد- على أخيه".
وكما أن العدل شرط في الشهادة وللشهود فهو شرط في الكاتب الذي يكتب بين الناس: "وليكتب بينكم كاتب بالعدل".
بل حتى الإملاء لمن يكتب له: (فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ)[البقرة: 282].
أما العدل في الكيل والميزان فيكفي أن الله أهلك أمة بتطفيفها المكيال والميزان، قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ * وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ)[الرحمن: 9-10].
وإلى أولئك الذين تصدروا المجالس للإصلاح بين الناس والتدخل في قضاياهم نقول لهم: اتقوا الله واعدلوا؛ كما أمر الله، فقال: (وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[الأنعام: 152].
فكم من مواقف وعبارات تصدر من تكفير، وتبديع وتفسيق، حكموا به على أشخاص، وجاروا في الحكم.
وللإسلام منهج دقيق في الحكم على الناس، فلابد قبل إصدار حكم على أحد من ثلاثة أمور:
أولاً: التأكد والتيقن من صحة ما نسب إلي إليه من فعل، أو قول والتثبت من ذلك.
ثانياً: لابد من النظر والبحث عن الدوافع والأسباب التي جعلته يفعل ذلك الفعل، أو يقول ذلك القول: فقد يكون له عذر شرعي يعذر بسببه.
ثالثاً: لابد بعدها من العدل في إصدار الحكم عليه، فلا ينسى فضله ولا تتجاهل حسناته في ظل سيئة من سيئاته، فإن هذا من الظلم.
وأوضح شاهد على العدل في الحكم على الناس، وهذا المنهج ما رواه البخاري في صحيحه من قصة حاطب - رضي الله عنه -، فقد أرسل مع امرأة كتابا إلى أهل مكة يخبرهم بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- علياً والمقدار ليأتوا بالكتاب، وبالفعل جاءوا به، فاستدعي النبي -صلى الله عليه وسلم- حاطباً من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- متثبت مما فعل حاطب عن طريق الوحي، ثم قال: يا خاطب ما هذا؟ -يريد أن يسمع عذره قبل أن يحكم عليه- قال: يا رسول الله لا تعجل علي، إني كنت أمراً ملصقاً في قريش، ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون بها أهليهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن اتخذ عندهم يداً يعني معروفاً يحمون بها قرابتي، وما فعلت كفراً ولا ارتداداً ولا رضى بالكفر بعد الإسلام، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لقد صدقكم، فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب منق هذا المنافق؟! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال: "اعملوا شئتم فقد غفرت لكم؟" فدمعت عينا عمر، وقال: الله ورسوله أعلم"[رواه البخاري].
وهذا علي - رضي الله عنه - يقاتل من خرجوا عليه، فلما سئل عنهم، أمشركون هم؟ قال: هم من الشرك فروا.
قيل: أمنافقون هم؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً.
قيل: فما هم يا أمير المؤمنين؟ قال: هم إخواننا بغوا علينا، فقاتلناهم ببغيهم.
ومن لغير هذا العدل من القول غير أبي الحسن -رضي الله عنه- وعن ذريته الطيبين الطاهرين.
أيها الإخوة: هذا هو المنهج النبوي في التعامل والحكم على الناس، عدل وإنصاف في القول والعمل، ولو سلك الناس هذا المسلك، لما وقعوا فيما هم فيه اليوم من كيل للتهم والتشهير، وتتبع العثرات، والفرقة والثبات، والتي لا يفرح بها إلا الشيطان وأولياؤه.
أيها الإخوة في الله: كل هذه جوانب أمر الله فيها بالعدل وألزمه وأوجبه، بل ورغب في إقامته فيها، وأخبر أنه سبحانه: (يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)[المائدة: 42].
فالعدل يكسب العبد محبة الله له، وأي ميزة أعظم من أن ينال العبد محبة الله -تعالى- له؟
وفي المقابل عدم إقامة العدل سبب للشقاء والخيبة والخسران في الدنيا والآخرة؛ ففي الصحيحين من حديث جابر ابن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقسم بالجعرانة، إذ قال له رجل: اعدل، قال: لقد شقيت إن لم أعدل".
وفي رواية للبخاري: "قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل".
ثم اعلموا -أيها المسلمون-: أن للعبد مطالب بالعدل حتى آخر لحظة من حياته، وآخر نفس من أنفاسه؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة، فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله، فيدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة، فيعدل في وصيته فيختم له غير عمله فيدخل الجنة".
اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب..
أقول قولي هذا وأستغفر الله...
الحمد لله علي إحسانه والشكر...
أما بعد:
أيها الإخوة: إذا ساد العدل حفظت الحقوق، ونصر المظلوم، وولت الهموم، وأدبرت الغموم، أما حينما يتجافي الناس عن العدل ويقعون في حمأة الظلم، ينبت منهج الحق والقطيعة، والفرقة وذهاب الريح، من تجافى عن العدل دخل دائرة الظلم، يأخذ ولا يعطي، مسلكه مسالك المنافقين: "أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ)[آل عمران: 154].
(وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ * وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ)[النــور: 48- 49].
" فالعدل قوام الحياة، ولا حياة حقة بدون العدل".
وإن أمة يفشوا فيها الظلم والتظالم، وينحسر عنها الحق والعدل، إما أن تنقرض بفساد، وإما أن يتسلط عليها جبروت الأمم يسومونهم خسفاً، ويستبدونهم عسفاً، فيذلوا ويستعبدوا ويتمنوا حينما لو زالوا وانقرضوا، فالظلم خراب العمران، وخراب العمران خراب الأمم والدول -نعوذ بالله من ذلك-.
كتب بعض عمال عمر بن عبد العزيز إليه: أما بعد، فإن مدينتنا قد خربت، فإن رأى أمير المؤمنين أن يقطع لها مالاً يرمّها به فعل، فكتب إليه عمر: "أما بعد: فقد فهمت كتابك، وما ذكرت أن مدينتكم قد خربت، فإذا قرأت كتابي هذا فحصنها بالعدل، ونقّ طرقها من الظلم، فإنه مرمّتها، والسلام".
أيها الإخوة: لإقامة العدل في مجتمعنا -نحن المسلمين- لابد لنا من إقامته أولاً في ذواتنا ومع أنفسنا، نقيمه مع أولادنا وبين نسائنا، نقيمه في مدارسنا ومع زملائنا وطلابنا، نقيمه في دوائرنا ومع عمالنا نقيمه مع أصدقائنا وأعدائنا، ومن لم يقم العدل مع غيره فحري به ألا يقوم بالعدل مع نفسه.
إذ العدل مع النفس في قبول الحق والإذعان له ومخالفة الهوى أمر شاق وعظيم.
روى أبو داود بإسناد جيد عن أسيد بن حضير -رضي الله عنه- قال: بينما هو يحدث القوم وكان منه مزاح بينا يضحكهم، فطعنه النبي -صلى الله عليه وسلم- في خاصرته بعود، فقال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "أصبرني -أي أقدني من نفسك- فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "اقتص" قال: إن عليكم قميصاً وليس علي قيمص.
فرفع النبي -صلى الله عليه وسلم- قميصه فاحتضنه أسيد وجعل يقبل كشحه -أي بطنه وخصره- وقال: إنما أردت هذا يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبارك وزاد وأنعم على أعدل الناس وأرأف الناس.
فلابد من مجاهدة النفس على قبول العدل وتطبيقه، ولا سبيل إلى ذلك إلا بمفتاح واحد هو التقوى.
فمفتاح العدل تقوى الله -عز وجل-، والتجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)[المائدة: 8-9].
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات...
دعاء...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي