فكم أخرجت هذه المدارس المنحرفة من أبناء المسلمين من كانوا للإسلام أكبر أعداء،..خرجوا منها منسلخين من أخلاقهم, وآدابهم وإيمانهم، متهكمين ومستهزئين بأسلافهم, وآبائهم وإخوانهم، مستبدلين من الأخلاق الجميلة كل خلق رذيل، منحرفين من الصراط السوي, إلى منحرف السبيل. كيف يرضى مسلم أن يختارها لأولاده, وهم عنده ودائع وأمانات؟
الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، تفرد بصفات الكمال، وتنزه عن النقائص والأشباه والأمثال.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, الكبير المتعال، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, أفضل العالمين، وسيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، اللهم صل وسلم على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
أيها الناس, اتقوا الله بفعل أوامره, وترك نواهيه، وتحببوا إليه بفعل ما يحبه ويرضيه، واعلموا أن الله منَّ عليكم بدين الإسلام، الذي فيه السعادة والفلاح، والخير كله على التمام، أنقذكم به من الضلالة والشقا، وأرشدكم به إلى كل خير ورشد وهدى؛ قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران:103]. إلى (عَظِيمٌ).
واحذروا أعداء الإسلام، فإنهم لا يزالون يبغون لكم الغوائل، وينصبون لإضلالكم المصائد والحبائل.
فأعظم حبائلهم: مدارسهم التي لم تؤسس إلا لإضلال الناس، ولا بنيت إلا لإفساد العقائد والأخلاق، فبئس الأساس.
انظروا إلى آثارها, ومن يتخرج منها, كيف انسلخوا وانحلوا من الدين؟ وكيف كان الاستهزاء, واحتقار الدين مهنة هؤلاء الأرذلين؟
فكم أخرجت هذه المدارس المنحرفة من أبناء المسلمين من كانوا للإسلام أكبر أعداء، ويظن الغالطون أنها أدوية لإمراضهم، وكانت –والله- أعظم الداء، ويعتبرونها نافعة لهم في دنياهم، فكانت هي الشر والبلاء.
خرجوا منها منسلخين من أخلاقهم, وآدابهم وإيمانهم، متهكمين ومستهزئين بأسلافهم, وآبائهم وإخوانهم، مستبدلين من الأخلاق الجميلة, كل خلق رذيل، منحرفين من الصراط السوي, إلى منحرف السبيل.
كيف يرضى مسلم أن يختارها لأولاده, وهم عنده ودائع وأمانات؟ وكيف يعضهم في شبكة الهلاك؟ فهذا أكبر الخيانات.
وكيف يرضى أن يخسر ولده بسعيه واختياره؟ ويذهب عمله سدى, بل ضرراً إذا باء بغبنه وخساره.
ألم يكن عندكم في بلادكم من مدارس الحكومة ما يحصل به المقصود؟ وفيها الأساتذة المعروفون بالعلم والدين وبذل المجهود؟
ألم تبذل الحكومة لراحة الجميع خير مجهود، ألم تروا من آثار أعمالهم, ومنفعة المتعلمين ما هو محسوس ومشهود؟
ففيم الرغبة بعد هذا, في مدارس الأجانب, التي نفعها الدنيوي طفيف, بالنسبة إلى ما فيها من الأضرار، وعاقبة المتخرجين منها في الغالب الهلاك والبوار.
كل تعلمٍ لا يقوم على الدين فهو ساقط منهار، وكل سعي لا يصلح الأخلاق فهو سفه وخسار، وإذا ذهب الدين فبأي شيء تفرح؟ وإذا خسرت الأخلاق الفاضلة فبأي سلعة تربح؟
وإذا اضمحلت الآداب فمتى تفلح وتنجح؟ قال تعالى: (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) [الجاثية:6-8].
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي