إنها حرب إبادة صامتة، حرب لا يسمع لوسائلها دوي الطائرات، ولا قصف المدافع والدبابات.
إنها حرب إبادة أسلحتها سموم بيضاء، وعلب غبراء. لا تسري في جسد إلا أنهكته، ولا تنتشر في مجتمع إلا أفسدته. سلبت الغني ماله، وحرمت القوي صحته، وأذلت العزيز فأهانته أعرفتم -عباد الله- أي حرب هذه الموجهة ضدنا نحن المسلمين؟ إنها حرب الـ....
إن الحمد لله نحمده ونستعين ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
أما بعد:
فاتقوا الله -عباد الله-، واجعلوا بينكم وبين عذاب الله وعقابه وقاية باتباع أوامره والاستجابة له، وبالبعد عن معاصيه وكل ما نهي عنه.
أيها الإخوة في الله: نواجَه عن المسلمون وخاصة في هذه الأوقات بحروب من أعدائنا متنوعة، فوسائل المكر والكيد والعداء، وأدوات الحروب والتدمير علينا نحن المسلمين رجالاً ونساء، وشباباً وكباراُ، متجددة ومتغيرة ومتطورة.
والأعداء وإن فشلوا -في ظاهر الأمر - في مواجهتنا عسكرياً، إلا أنهم سلكوا لحربنا وإبادتنا طرقاً أخرى أشد وأنكى.
فكم من وسائل مكر وإبادة يتعرض لها شباب الإسلام؟ وكم من وسائل خداع وإفساد تتعرض لها المرأة المسلمة الطاهرة العفيفة؟ وكم من طرق ضياع وتخريب، يتعرض لها أطفالنا وبناتنا، عبر ملابسهم وألعابهم، ومأكولاتهم ومشاهداتهم ومسموعاتهم؟
فنحن -عباد الله- مستهدفون..
معاشر المسلمين: ونقف اليوم وقفة صريحة مع نوع وشكل من هذه الحروب الموجهة على الأمة؛ استهدفت العقول والأموال والأجساد، بل وأفسدت العبادة والأخلاق والأسر، فـأصبح كثير من المسلمين –وللأسف- ذليلاً مهيناً حقيراً، فقيراً ضعيفاً، عاجزاً، تجاه هذه الوسيلة.
الحقيرة الصغيرة التي غزته الأعداء بها، فأصبح رهيناً لها، ولآثارها وعواقبها السيئة.
إنها حرب إبادة صامتة، حرب لا يسمع لوسائلها دوي الطائرات، ولا قصف المدافع والدبابات.
إنها حرب إبادة أسلحتها سموم بيضاء، وعلب غبراء.
لا تسري في جسد إلا أنهكته، ولا تنتشر في مجتمع إلا أفسدته.
سلبت الغني ماله، وحرمت القوي صحته، وأذلت العزيز فأهانته أعرفتم -عباد الله- أي حرب هذه الموجهة ضدنا نحن المسلمين؟
إنها حرب التدخين بشتى صوره وأشكاله، وأنواعه وألوانه.
أيها الإخوة الفضلاء: إن من أكبر دواعي الحديث عن هذا الوباء: أنه استشرى وعّم وطّم، فابتلي به العاقل والمجنون، والصغير والكبير، والغني والفقير، والذليل والكريم، والحقير، والجاهل والمتعلم، وعلية القوم والوجهاء مع الأراذل والسفهاء، بل ومع الرجال ابتلي به بعض النساء -نسأل الله السلامة والعافية-.
إنه بلوى وآفة من أخطر بلايا، وآفات المجتمع، بل العالم ككل، فإذا كان العالم قد هب لمكافحة المخدرات باعتبارها سموماً تذهب بالعقل، وتدمر الأخلاق، فإن مفاسد التدخين الصحية والاقتصادية والاجتماعية، لا تقل خطراً عن تعاطي المخدرات والاتجار بها.
عباد الله: لقد تزايد عدد المدخنين في العالم حتى وصل إلى حوالي بليون ومائة مليون مدخن، أي حوالي ثلث سكان العالم كلهم ممن هم فوق الخامسة عشر عاماً منهم ثلاثة ملايين يموتون سنوياً، أي 6% من إجمالي وفيات العالم.
قال عنه جماعة من العلماء المتخصصين في الغرب: "إنه عامل قاتل للبشرية أكثر من الجماعات والحروب والكوارث".
إن العالم كله يدرك الآثار المدمرة للتدخين، ولكن شركات إنتاج السجائر ظلت وستظل تعمل وتحقق مليارات الدولارات من الأرباح، على حساب صحة ملايين البشر، وبعد حرب ضروس قادتها حكومة ومجتمع الولايات المتحدة الأمريكية، ضد شركات التبغ وبعد نجاحها في إرغام شركات التبغ على دفع مبالغ خيالية؛ كتعويض للمتضررين بالتدخين وعلاجهم؛ وكتمويل لبرامج مكافحة التدخين داخل أمريكا.
بعدها أصبح العالم الثالث هو السوق الرئيسية لشركات التبغ، بعد هذه المحاصرة والتضييق.
فازدادت المبيعات في دول العالم الثالث، وحقق الأعداد فيها أعلى نسبة في العالم؛ كما تقول منظمة الصحة العالمية.
ففي مصر مثلاً تبين أن 21% من الذكر فوق 12 سنة يدخنون وينفقون سنوياً سنة مليارات جنية مصري.
وعلى هذا المستوى بقية دول الشرق التوسط وغيرها، والمصيبة أن تكون مصر من الدول العربية الإسلامية تصنع الدخان وتنتجه، فحرب التدخين موجهة بالذات ضدنا نحن المسلمين.
معاشر المسلمين: لقد حرم الله الخمر مع أنها تصنع من مواد مباحة، وقد أثبت الله أن فيها منافع للناس، ولكن لأن إثمها أكبر من نفعها، ولشدة ضررها حرمها الله -تعالى-، ولا يشك عاقل أن التدخين بشتى صوره ليس فيه منفعة أبداً، بل هو شر محض، حتى بالحساب المادي، ناهيكم عن الحساب الشرعي.
فيا أخي: يا ممن ابتليت بالتدخين: أسألك فأجبني: هل التدخين يرضي الله -عز وجل-؟ قل لي واصدقني في الجواب، في أي حزب تضع الدخان؟ مع الطيبات أم مع الخبائث؟
لا أشك وأنت عاقل مدرك ورجل رشيد إلا أن تقول: إنه من الخبائث.
إذن أما قرأت وسمعت قول الله -جل في علاه-: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[الأعراف: 157].
ثم لا تخادع نفسك، ولا يخدعنك الشيطان ورفقاء السوء؛ فهل فيه من فائدة؟ فائدة واحدة فقط، سواء في دينك أو مالك أو صحتك أو مكانتك؟ وأنت يا صاحب المقاهي والكزينوهات، يا متعاطي الشيش والمعسلات: لا تحسبن حالك أحسن حالاً من أصحاب السجائر والباكتات، بل هو أشر وأسوأ.
فقد أثبت أهل الاختصاص من الأطباء وغيرهم، وأكدوا أن الرأس الواحد من الشيشة يحتوي 250 سيجارة في المرة الواحدة.
وأيضاً هناك ميكانيكية صعبة في الشيش أصعب من تدخين السجائر تكمن في دخول كمية كبيرة جداً وكثيرة، من أول أكسيد الكربون داخل الرئتين، وأيضاً دخول القطران وبعض الشوائب الأخرى التي تدخل الصدر، ولذلك فهناك أمراض كثيرة تنتج عن شراب الشيشة خصوصاً أمراض السرطان المتنوعة، وحوالي 90% من المصابين بسرطان الرئة وسرطان الشفاف، من كثرة الاحتكاك، وسرطان اللثة، واللسان والبلعوم، وغيرها من العقوبات الإلهية العاجلة، والتي تنتقل من شخص لآخر عن طريق وضعه فمه على المكان القذر الذي يستخدم دخان هذه الشيشة.
وللعلم -أيها النبلاء-: فإن مادة النيكوتين التي يحتويها الدخان مادة شديدة السمية، قد كانت تستخدم زراعياً منذ زمن بعيد كمبيد حشري، يقتل الحشرات، واليوم تستخدم كمبيد بشري، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا ضرر ولا ضرار".
وصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من تحسّى سماً فقتل به نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً أبداً".
وقال صلى الله عليه وسلم: "لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع" وذكر منها: "وعن ماله من أين اكتسب وفيما أنفقه؟".
فهل سألت نفسك -أخي المدخن- قد وهبك الله المال، فالمال مال الله، هل سألت نفسك وحاسبتها عن سؤال وحساب يوم القيامة؟ ثم هل تدري أنك تنفق عشرات الآلاف في هذا الخبيث؟ فلو أنك تدخن يومياً بمعدل علبة واحدة أو شيشة واحدة، أي ما قيمته على الأقل أربعة ريالات، فستكون محصلة ما تنفق على هذا الوضع خلال عشرين سنة، وبعض المدخنين -هداهم الله- له على التدخين ثلاثين آلف ريال وعليكم الحساب، ألست أنت أولى بهذا المبلغ؟ أليس أبناؤك وأهلك أحوج إليه من شركات التبغ اليهودية؟ ولا تنس أن هذا المبلغ المدفوع منك أنت فقط؟ فكيف بالثاني والثالث؟ كيف بالملايين من رجالنا وشبابنا؟ إنهم ينفقون المليارات في هلاك أنفسهم وقوتهم -ولا حول ولا قوة إلا بالله-.
إننا -عباد الله- نمكن لإخوان القردة والخنازير يستولون على أراضي المسلمين، ويقتلونهم، ويهتكون أعراضهم، بأموالنا نحن المغفلين.
لا، بل ويساهم مساهمة كبيرة المصلون الراكعون أصحاب البقالات والتموينات ببيعهم هذا الخبيث، فهم شركاء في الوزر والإثم، وشيش ومعسل، يضرون بها إخوانهم المسلمين، ويأكلون أثمانها المحرمة: "وأيما جسد نبت على سحت فالنار أولى به".
قال سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين -رحمه الله- في كلام له عن الدخان ومقاهي الشيش: فهذه المقاهي تعتبر من أوكار الفساد، ففيها آلات الهواء والعبث حيث يشتغل الجلوس فيها بالقيل، ويتفكهون بأعراض الناس، والغيبة والنميمة، ويقطعون ليلهم، وغالب نهارهم في تلك المجالس التي يكتسبون فيها إثماً وذنباً كبيراً، علاوة على ما فيها من المحرمات المشاهدة والمسموعة.
ونقول الكلام له: فإن هذه المقاهي يأثم من فتحها ومن ساهم فيها وسعى في تـأسيسها، ولا يجوز تأجير المحلات لها؛ لأن ذلك من التعاون علي الإثم والعدوان الذي حرم الله بقوله: (وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[المائدة: 2].
أيها الإخوة في الله: هذا حكم الدخان بجميع أنواعه، وهذا حكم التعاون في نشره وبيعه وفتح المحلات له، فهل من توبة ورجعة صادقة إلى الله؟ هل من توبة يا من آذيتم المسلمين في أبدانهم وأموالهم وأخلاقهم؟ هل من ندم وإقلاع يا من هيأتم المقاهي والاستراحات والكزينوهات لمن يهلكون أنفسهم بأيديهم وأيديكم؟
ألا فاتقوا الله وأقلعوا عن بيع ما حرم الله: "فمن ترك شيئاً لله عرضه الله خيراً منه".
وأنت -أخي المدخن-: لا أدري أما سألت نفسك يوماً من الأيام، وتفكرت: لماذا اسود وجهك وشفتاك؟ لماذا احمرت عيناك؟ لماذا تضايقت منك زوجتك وأبناؤك، بل وتضايق منك من يصلي بجوارك؟ أما تفكرت أو علمت أن السبب هو الدخان والشيشة وأمثالهما؟
فكن عاقلاً -أخي المبارك- وقفك بعقلك، لا بهواك وعاطفتك، فأنت إنسان، قد فضلك الله وكرمك: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)[الإسراء: 70].
ولولا أن في التدخين إهدار لكرامتك لرضيته لابنك، أو أخيك لما رأيته يدخن.
يا شارب التنباك ما أجراكا *** من ذا الذي في شربه أفتاكا
أتظن أن شرابه مستعذب *** أم هل تظن بأن فيه غذاكا
هل فيه نفع ظاهر لك يا فتى *** كلا فما فيه سوى إيذاكا
ومضرة تبدو وقبح روائح *** مكروهة تؤذي به جلساكا
وفتور جسم وارتخاء مفاصل *** مع ضيق أنفاس وضعف قواكا
أو حرق مال لم تجد عوضا له *** إلا دخاناً قد حشا أحشاكا
آثرته وتركت جهلاً غيره *** تباً لمن قد آثر التنباكا
ورضيت فيه بأن تكون مبذراً *** وأخو المبذر لم يكن يخفاكا
يكفيك ذماً فيه أن جميع من *** قد كان يشربه يود فكاكاً
اللهم اكفنا بحالك عن حرامك، وأغننا اللهم بفضلك عمن سواك.
اللهم اعصنا من الشيطان ونزغاته يا حي يا قيوم.
اللهم من ابتلي بشيء من الدخان فخلصه وعافه منه.
اللهم قوي عزيمته، واربط على قلبه، وثبته على تركه وهجره يا رب العالمين.
أقول قولي هذا..
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين...
أما بعد:
فإن بعض الرجال وإخواننا المدخنين منهم –وللآسف- يعيرون النساء بأنهن ناقصات عقل ودين، مع أن تعبيرهم وعيبهم ليس في محله؛ لأـن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر كيف يكون نقصان عقلها ودينها، ولذلك أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل لشدة نسيانها؛ ولأنها تبقي الليالي ذوات العدد لا تصلي ولا تصوم بسبب الحيض أو النفاس.
وهذه أعذار شرعية فطرها الله عليه وعذرها بها، إلا أنه حق لكم أن تعلموا حقيقة وبلا مجاملة، وليعذرنا إخواننا المدخنون أن ناقص العقل والدين هو المدخن.
وصاحب الشيشة والشمة، وغيرها من المحرمات.
نعم، إنه ناقص عقل ودين، فلو كان كامل العقل رزيناً، راجح الفكر لما وضح هذه القاذورات المنتنة في فمه الطاهر النظيف، وهي تنقص من دينه؛ لأنها تقوده للأماكن والمجالس السيئة، وسماع مالا يرضي الله، وتدعوه إلى التكبر والتعالي، وإلى إنفاق المال في غير وجهة، وكل هذا نقصان في الدين، كما أنه بشربة هذه القاذورات يكون منبوذاً عند أهل الفضل والخير، محروماً من مجالسهم.
بل الدخان سبب في الوقوع في كبائر وموبقات، فلا يوجد متعاطي مسكرات إلا وهو مدخن، بل ولا تكاد تجد سارقاً أو زانياً إلا وهو مدخن، فأربأ بنفسك عن هذا الأوصاف التي قد يجلبها لك التدخين.
يقول رسول -صلى الله عليه وسلم-: "كل أمتى معافى إلا المجاهرين".
لقد انتشرت ظاهرة التدخين وشرب الشيشة والشمة بصورة مريعة، وجاهر أصحابها بها.
فما أصبح من السر أن تعلم أن فلانا صاحب المرتبة العالية في علمه، أو الوجاهة في قرابته، أو المنزلة الاجتماعية الرفيعة بين زملائه وجيرانه، لم يعد سراً أن تراه أو تسمع عنه، أو تشم فيه رائحة الدخان أو الشيشة.
إنك تتفاجأ وتصاب بالدهشة حينما تعود في ساعة متأخرة من الليل، وتمر بإحدى استراحات ومقاهي المثناة أو الصناعية، وترى شيخ قبيلة أو مدير مدرسة أو موظف مرموق، وهو يسابق إلى دخول هذا الأماكن المشبوهة بعد أن أوقف سيارته بعيداً عنها لشدة الزحام.
وتكاد تصعق حينما ترى زوجاً أو أباً أو معلماً موجهاً لأبناء المسلمين وتراه كما رأيته أنا في الشارع أو عند الإشارة وهو في سيارته، أو في غيرها من الأماكن العامة، وهو يمد كيس الشمة ليضعها في فمه.
وأحياناً تكذّب نفسك لولا أنك رأيت ذلك بعينك عند تتكلم أو تبتاع مع بعض كبار السن وممن غزاهم الشيب، ثم ترى آثار الشمة في فمه وعلى أسنانه.
ألا قبح الله هذه الأفعال الدنيئة الحقيرة.
فيا من ابتليت بهذا البلاء: أعلم يقيناً أنت غير راض عنه، بل تتمنى دائماً أن يخلصك الله منه، فكن -يا أخي- صاحب عزيمة وإرادة.
وكن صاحب عقل وفكر وفطنة، ولا تقل لا استطيع، تعودت، ادمنت، أشعر بتعب لو تركتها، فكل هذه الأعذار من الشيطان ليوهن من عزيمتك، وإلا فالخمر أم الخبائث أعظم وأشد إدماناً من الدخان والشيشة ونحوها، ومع ذلك لما سمع الصحابة فنادى رسول الله –صلى الله عليه وسلم – ينادي: ألا إن الخمر قد حرمت، قالوا: انتهينا، فمن كان في منزله شيء من الخمر سكبها في الخارج، ومن كان في فمه جغمة بجها، حتى سالت شوارع المدينة وسككها خمراً.
أليسوا بشراً كالبشر؟
بلى، ولكن صدقوا الله فأعانهم الله، ثم لا تنسى –أخي- الدعاء، فأكثر من الدعاء وخاصة في أوقات الإجابة، ارفع يديك لربك متوضأ طاهراً، وقل: يا رب عصيت أمرك، وارتكبت نهيك، أهلكت نفسي، وأضعت مالي، فتب على توبة من عندك، تمحو بها ديني، وتغفر بها خطيئتي، وتقوم بها حالي يا رب العالمين.
ولكن أخشى عليك وأنت مقيم على الدخان أن لا يستجيب الله دعائك؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "رب أشعث أغبر يمدّ يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟".
فلا تحرم نفسك الدعوة المستجابة بهذا الخبيث.
عاهد ربك وألزم نفسك وكن صادقاً وفيا،ً فلن يخيبك الله أبداً .
ثم أعلم –أخي- أن من أعظم أسباب العلاج: ترك أماكن التدخين، وكل ما يذكرك به من أصحاب، أو أكل معين، أو شراب، أو وقت، أو أي أمر يذكرك به.
وأخيراً: فهذه همسة لغير المدخنين:
أخي الكريم: احمد الله الذي عافاك من هذا البلاء، وسلمت من أضراره، واعلم أن أولئك المدخنون كانوا من قبل أصحاء لا يشربون الدخان، بل واعلم أن بعضهم كان يكرهه كرهاً شديداً، إلا أنهم وقعوا في ما هم عليه الآن، وما ذاك إلا لأنهم تساهلوا في بعض الأمور التي تؤدي إلي الوقوع في التدخين، ومنها:
- العبث بالدخان شربه مجاملة لبعض الزملاء، أو حياء منهم.
- أو شربه بدعوى التجربة والجلوس في أماكن شربه؛ كالمقاهي ونحوها، بهذه الأمور انضموا لحزب المدخنين، ولا أنعم بهم من حزب.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعافي كل من ابتلي بهذه القاذورات.
اللهم عافه وخلصه من آثمة، اللهم طهر قلبة ولسانه، ونق جوارحه وأركانه، وأرزقه صدق العزيمة، ولا تجعله يخرج من بيتك الطاهر إلا بنية أكيدة، وعزيمة صادقة على تركه وهجره يا حي يا قيوم.
اللهم أحسن لنا وله الختام يا رب العالمين.
عباد الله: اللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي