فالبدع تهدم الدين وتفسد ذات البين وتوجب غضب الله -عز وجل- وأليم عقابه في الآخرة، وتعم بها العقوبات في الدنيا، وتتنافر بسببها القلوب، وتكون الأمة شيعًا وأحزابًا، وتتضرر بها مصالح الناس، وتورث الذل والهوان .. وأما الشهوات المحرمة فتضر دين المسلم من حيث إنها تفسد قلبه وتقسيه وتورث الغفلة الضارة، وإذا تمادى فيها الإنسان واسترسل رانت على القلب فطبع عليه وأعمت البصيرة ..
الحمد لله ذي العزة والجبروت والكبرياء والعظمة والملكوت، أحمد ربي وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الحي الذي لا يموت، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمد عبده ورسوله.. أحيا الله به القلوب وأنار البصائر..
اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أعلام الهدى وأنوار الدجى.
أما بعد:
فاتقوا الله -تبارك وتعالى- وأطيعوه؛ فقد جمع الله -عز وجل- الخير كله في طاعته، وجمع الشر كله في معصيته.
عباد الله: خذوا أنفسكم بحقائق الدين الإسلامي، وألزموا أنفسكم بكتاب ربكم وسنة نبيكم محمد -صلى الله عليه وسلم- وتمسكوا بالهدي النبوي العظيم؛ فأنتم ترون كثرة المسلمين في هذا الزمان -زادهم الله كثرةً وصلاحًا- ولكن مع هذه الكثرة فرقتهم البدع والأهواء وأضعفهم الاختلاف، وضعفت الدنيا بإيثار الدنيا على الآخرة ومقارفة الشهوات إلا من حفظ الله.
ألا وإن الدين يهدمه ويضعفه في القلوب البدع المضلة والشهوات المحرمة.
أما البدع فهي الداء العضال والسم القتال.. تعمي وتصم، وتهلك صاحبها وتضر الدين والدنيا.
والبدع ما أحدث في الدين مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه -قاله أهل العلم-.
ويعرف المبتدع بمخالفته جماعة المسلمين وإمامهم وأهل العلم بالقرآن والسنة، وأما من انتسب للعلم وهو معرضٌ عن كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- جاهلٌ بذلك - فليس من ذوي العلم، وإنما هو داعيةٌ إلى ضلالٍ وفتنة.
وأول البدع في الإسلام بدعة الخوارج ثم ظهرت بقية البدع بعد ذلك، وحارب الصحابة -رضي الله عنهم- البدع التي ظهرت في زمانهم وردوها وأطفئوها، وبينوا للناس سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والهدى والحق بالكتاب والسنة؛ فكشف الله بهم الغمة وقمع بهم البدعة، وقام بالأمانة بعدهم التابعون ومن تبعهم بإحسان إلى آخر الدهر.
والله حافظ دينه وناصر كلمته.. قال تعالى: ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) [الحجر:9]، وقال تعالى: ( وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) [التوبة:40].
وقد حذرنا الله -جل وعلا- من البدع وبين لنا عواقبها الوخيمة في الدين والدنيا والآخرة فقال عز وجل: ( وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ) [آل عمران:105-106].
وهذه الآية في أهل البدع التي فرقت بين الأمة، قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: " يعني يوم القيامة حين تبيض وجوه أهل السنة والجماعة وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة ".
وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-، وقال عبد الله ابن مسعود -رضي الله عنه-: " عليكم بالجماعة؛ فإن يد الله على الجماعة ".
وعن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاثة وسبعين ملة -يعني الأهواء- كلها في النار إلا واحدة؛ وهي الجماعة.. وإنه سيخرج في أمتي أقوام تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه.. لا يبقى عرق ولا مفصل إلا دخله " رواه أحمد وأبو داود والحاكم في (المستدرك).. والكلب داء يعرض على الإنسان من عضة الكلب.. تتغير به طبائع الإنسان وعقله، وتزداد حالته سوءًا كل يومٍ حتى يهلك.
وعن أبي بردة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " إن مما أخشى عليكم: شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى " رواه أحمد بإسناد صحيح.
وعن العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم -موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون؛ فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع.. فأوصنا، قال: " أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد؛ فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين.. عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة "، رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: " إنكم قد أصبحتم اليوم على الفطرة، وإنكم ستحدثون ويحدث لكم.. فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالهدي الأول "، رواه محمد بن نصر المروزي بإسناد صحيح.
وعن أنس -رضي الله عنه- قال: " إنكم لتعملون أعمالا هي في أعينكم أدق من الشعر كنا نراها من العظائم في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " رواه البخاري.
فالبدع تهدم الدين وتفسد ذات البين وتوجب غضب الله -عز وجل- وأليم عقابه في الآخرة، وتعم بها العقوبات في الدنيا، وتتنافر بسببها القلوب، وتكون الأمة شيعًا وأحزابًا، وتتضرر بها مصالح الناس، وتورث الذل والهوان؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري " رواه البخاري من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
وأما الشهوات المحرمة فتضر دين المسلم من حيث إنها تفسد قلبه وتقسيه وتورث الغفلة الضارة، وإذا تمادى فيها الإنسان واسترسل رانت على القلب فطبع عليه وأعمت البصيرة؛ فأحب الإنسان ما أبغض الله وأبغض ما أحب الله، وجرَّت عليه المعاصي الخسرانَ والحرمان والعقوبات المتنوعة، وما يلاقيه منها في الآخرة أدهى وأمر.
والمسلم يتحكم في نفسه ويقودها بزمام التقوى إلى كل عمل صالح رشيد وكل نافع مفيد حتى ترتع في المعاصي، فإذا كان ذلك استعصت عليه وصعب قيادها فقادته إلى كل شر وبلاء؛ فوقع في شر جزاء.. قال الله -تعالى-: ( فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ) [مريم:59]..روي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- عن قوله: ( فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً )، قال: " وادٍ في جهنم بعيد القعر خبيث الطعم ".
وعن أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف "؛ أي يستحلون الفرج، رواه البخاري.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: " صنفان من أهل النار لم أرهما؛ قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات.. رءوسهن كأسنمة البخت المائلة؛ لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا "، رواه مسلم، ومعنى كاسيات عاريات: كاسيات إلا أن لباسهن ضيق، أو أنهن يسترن بعض جسدهن ويظهرن مالا يجوز إظهاره من العورة.
وعن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في هذه الأمة: " في هذه الأمة خسفٌ ومسخٌ وقذفٌ "، فقال رجل: يا رسول الله ومتى ذلك؟ قال: " إذا ظهرت القيان والمعازف، وشربت الخمور "، رواه الترمذي.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن حلال أم من حرام؟ "، رواه أحمد والبخاري.
فيا أيها المسلم تفكر وتدبر، واحذر دخول هذين البابين؛ باب الفتن والمبتدعات، وباب الشهوات والمحرمات؛ فهما اللذان أضرا بالإسلام والمسلمين.
ولا يعصم وينجي من البدع والمحرمات إلا العلم النافع والعمل الصالح؛ فالجهل سبب كل شر.. قال الله -تعالى-: ( وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ) [الأنعام:119]، وقال - تعالى-: ( وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ) [الأنعام:116]، وقال -عز وجل-: ( وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ) [الأنعام:111]، وقال -تبارك وتعالى-: ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ) [الزمر:9].
والمسلم مأمور بمعرفة دين الإسلام بأدلته من الكتاب والسنة.. قال -تبارك وتعالى-: ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ) [محمد:19].
وعن معاوية -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" رواه البخاري ومسلم، وقال ابن رجب -رحمه الله-: " وما دام العلم باقياً في الأرض فالناس في هدى، وبقاء العلم بقاء حملته، فإذا ذهب حملته ومن يقوم به وقع الناس في الضلال ". انتهى كلامه.
فالعصمة والنجاة من البدع المحدثة الاعتصام بالكتاب والسنة.. قال الله -تعالى-: ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) [آل عمران:103].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين".
ويتفاضل الناس بهذا التمسك والاعتصام ويعظم نفع المسلم عند ربه بهذا العمل الصالح ولزوم منهج النبي - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه.
وأما من انتسب للإسلام من غير تحقيق لأعماله وعقيدته الصحيحة التي كان عليها السلف الصالح، فهم غثاء كغثاء السيل كما أخبر عنهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فحاسب نفسك أيها المسلم وطبق تعاليم الإسلام على نفسك؛ لتفوز بوعد الله الحق لمن اتبع ولم يبتدع في قول الله -تعالى-: ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) [التوبة 100].
والعصمة من البدع المحدثة أيضا فهم القرآن والسنة على فهم السلف الصالح؛ فهم الذين رضي الله عنهم في تفسيرهم للقرآن الكريم، والحديث الشريف، ورضي الله عنهم في عقيدتهم وأعمالهم وتطبيقهم للإسلام، ومن خالفهم توعدهم الله بقوله: ( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً ) [النساء:115].
والعصمة من البدع المحدثة أيضا لزوم جماعة المسلمين وإمامهم بعدم الخروج عن ذلك؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: " تلزم جماعة المسلمين وإمامهم" رواه مسلم.
والعصمة من البدع أيضا سؤال العلماء بالكتاب والسنة في أمور الدين قال الله -تعالى-: ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) [النحل:43].
والعصمة من البدع أيضا سلامة الصدر من الغش والبغي، والغل والحسد والخديعة للمسلمين؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: " الدين النصيحة (ثلاثاً)، قلنا لمن: يا رسول الله قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"، رواه مسلم من حديث تميم الداري.
وأما ما ينجي ويعصم من الشهوات المحرمة والعاصي خوف الله وخشيته، بأن يعلم العبد أن الله يراه ويعلم سره وعلانيته ويحصي على العبد أعماله في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وتذكر الموت الذي يشتد به الألم العظيم في كل عرق ومفصل، وتذكر القبر وما بعده من الأهوال العظام، والاعتبار بمن نالوا اللذات والشهوات، ثم حال الموت بينهم وبين ما يشتهون، فذهبت اللذات وبقيت الحسرات والتبعات قال الله -تعالى-: ( فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى* وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) [النازعات:38-42].
وإذا أيقن العبد بعظيم ثواب الله على ترك المعاصي حذرها وأبغضها قال -تعالى-: ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) [الرحمن:46]، وقال الله -تعالى-: ( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) [الأنعام:153].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم.. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم وللمسلمين؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله العزيز الحكيم الرحمن الرحيم، احمد ربي وأشكره على فضله العظيم، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له على كل شيء قدير وبكل شيء عليم، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمد عبده ورسوله، بعثه الله رحمة للعالمين،اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.
أما بعد:
فاتقوا الله حق التقوى وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.
عباد الله: إن الله جعل الحج فرض على كل مسلم بالغ عاقل مستطيع مرة واحدة وما زاد فهو تطوع، وجعل ثوابه الجنة؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " رواه البخاري ومسلم؛ والحج المبرور هو ما كانت نفقته حلال وأتى به المسلم جامعا ومستوفيا لأركانه وواجباته وسننه وفق سنة النبي-صلى الله عليه وسلم-مع الإخلاص واجتناب المحرمات وفعل الطاعات.
وأكثر أعمال الحج هي يوم النحر الذي سماه الله جل وتبارك الحج الأكبر، وهي على الترتيب رمي جمرة العقبة ثم النحر ثم الحلق ثم الطواف بالبيت والسعي وما سئل رسول الله-صلى الله عليه وسلم-عن أفعال الحج يوم النحر مما قدم أو أخر إلا قال افعل ولا حرج، قال الله تعالى: ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) [الحج:29].
وعلى الحاج أن يسأل أهل العلم فيما أشكل عليه وأن يجتهد في إحسان حجه؛ ليكون حجه مبرورا وسعيه مشكورا.
عباد الله: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) [الأحزاب:56] وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من صلى علي صلاة واحدة، صلى الله عليه بها عشرا ".
فصلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وسلم تسلماً كثيرا.
اللهم وارض عن الصحابة أجمعين والخلفاء الراشدين الأئمة المهدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن جميع أصحاب نبيك أجمعين وعن التابعين.
اللهم وارض عنا معهم بمنك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الكفر والكافرين يا رب العالمين.
اللهم أنصر دينك وكتابك وسنة نبيك يا قوي يا عزيز.
اللهم ألف بين قلوب المسلمين وأصلح ذات بينهم.
اللهم فقهنا والمسلمين في دينك، اللهم وفقنا لطاعتك وجنبنا معاصيك يا رب العالمين.
اللهم أرنا الحق حق وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطل وارزقنا اجتنابه يا رب العالمين.
اللهم أعذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأعذنا من شر كل ذي شر يا رب العالمين.
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم أغفر للمسلمين الميتين.
اللهم اغفر لأمواتنا وأموات المسلمين، اللهم نور عليهم قبورهم، اللهم ضاعف حسناتهم وتجاوز عن سيئاتهم يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك يا ذا الجلال والإكرام أن تغيثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا غيثاً عاجل يا أرحم الراحمين.
اللهم فرج عن إخواننا في فلسطين، اللهم يا رب العالمين كن لهم ولا تكن عليهم يا أرحم الراحمين، اللهم ارحم ضعفهم اللهم يسر أمورهم.
اللهم يا رب العالمين فرج هم المهمومين من المسلمين ونفس كرب المكروبين من المسلمين واقض الدين عن المدينين من المسلمين، اللهم واشف مرضانا ومرضى المسلمين يا أرحم الراحمين.
اللهم أعذنا وأعذ ذريتنا من إبليس وذريته وشياطينه وجنوده يا رب العالمين.
اللهم وفق ولي أمرنا إمامنا لما تحب وترضى، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك يا رب العالمين، اللهم أعنه على أمور الدنيا والدين واحفظه إنك على كل شيء قدير، اللهم وفق نائبه لما تحب وترضى، اللهم إنك على كل شيء قدير اجعل ولاة أمور المسلمين عملهم خيرا لشعوبهم ووطنهم.
اللهم رد الحجاج والمسافرين والمعتمرين إلى أوطانهم سالمين غانمين برحمتك يا أرحم الراحمين
( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) [البقرة:201] .
عباد الله: ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) [النحل: 90-91].
واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي