رد السينما.. وحكم السندات التقليدية

بلال بن إبراهيم الفارس
عناصر الخطبة
  1. تدرج شياطين الجن والإنس في إغواء بني آدم .
  2. تدرج شياطين الإنس في كشف وجه المرأة .
  3. تدرجهم في إدخال الشرور في القنوات الفضائية .
  4. الرجوع إلى الله ورسوله وإلى أولي الأمر في المستجدات .
  5. خطر السينما .
  6. رأي علماء النفس والاجتماع والتربية في السينما .
  7. رأي العلماء في السندات التقليدية .
  8. البديل للسندات التقليدية .
  9. تغيير المسميات لا يغيرها عن حكمها الشرعي .
اهداف الخطبة
  1. التحذير من السينما
  2. التحذير من التعامل في السندات الآلية
  3. تنبيه الناس إلى تدرج شيطان الإنس والجن في الشر

اقتباس

وعلى هذا المنع قامت مقالات علماء النفس والاجتماع والتربية وهم أهل تخصص في هذه القضية فلقد هدموا صرح السينما وكشفوا خطرها: فهم يرون أن السينما ذاتُ أثر في الانحراف الشائع في المجتمعات، وأن الفيلم السينمائي يبرر سلوك الانحراف، ويؤدي إلى الاضطراب في القيم الأخلاقية، وأن السينما أمست أخطر الأدوات الثقافية والتربوية تأثيراً؛ لأنها تمثل أفكاراً حية تعيش أمام المشاهد ...

فيا أيها الملأ الذين آمنوا بالله ورسوله.. ربكم يناديكم بصفة تحبونها وهي الإيمان فأرعوها أسماعكم؛ فإما خيرا تؤمرون به، أو شرا تنهون عنه..

يقول ربكم جل في علاه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ) [النور:21].

فما أبلغ التعبير القرآني.. وما أخبث العدو الشيطاني فقد أتقن لغة التدرج والإغواء لبني آدم، فاستدرج ضعفاءهم بفضول المباحات، ثم استساغة المكروهات، ثم استمراء المحرمات، ثم الولوغ في الكبائر، وقد يصل الغوي لغايته فيرتكس العبد في وحل الكفر.. ولو جاءه أولا بالكفر أو الكبائر لاستعاذ العبد منه وطرده.. ولكنه التدرج والخطوات فيا أيها السائرون.. ها قد عرفتم خطة عدوكم فأعدوا العدة فالمعركة طويلة الأمد، شديدة البأس والحَرَد، ولن يغلب الله غالب.

وإن تعجب فعجب تشابه الأدوار بين شيطان الجن وأتباعه من شياطين الإنس الذين فاقوا زعيمهم بالتدرج والإغواء حتى قال قائلهم:

وكنت امرأ من جند إبليس فارتقى *** بي الحال حتى صار إبليس من جندي
فلو مات قبلي كنت أحسن بعده *** طرائق فسق ليس يحسنها بعدي

ألا شاهوا وشاه كبيرهم الذي علمهم الشيطنة.

أيها الفضلاء: وللواقع لغة فصحى.

ها قد تدرج شياطين الإنس في غير ما مجال في نشر الشرور في بلادنا المحافظة.. وكان السبب في ما وصلنا إليه أنهم أدخلوا الشر بالتدرج، فلم يعبأ بخطرهم عامة الناس، وكلما استساغ الناس المنكر طعموه بمنكر آخر.. وأن هذا الواقع الجديد لا يختلف كثيرا عن سابقه الذي تقبله الناس.. ففضل الصالحون الصمت وانخرط العامة في مزاولة المنكر.. وبحت أصوات المصلحين الذين قل عددهم، وشحت عُددهم، فكان الأثر يقوى حينا ويفتر حينا؛ والله وليهم وهو المستعان.

ها هي المرأة المتبرجة الكاشفة الزائفة السافرة الجائرة.. لم تصل لحالها النشاز ابتداء.. ولكنها بليت بأسرة غافلة.. أقنعتهم بالنقاب الواسع ثم اللثام ثم كشف الوجه ثم كشف الشعر.. والله أعلم أي غاية يرومها شياطين الإنس وأباطرة الموضة.. للزج بنسائنا إليها!

هب أن تلك الفتاة التي استساغت النقاب الواسع أولا هب أن أحدا سعى لإقناعها بكشف شعرها ابتداء هل كانت ستجيبه؟؟.. كلا كلا.. لكنها الخطوات!

تلك القنوات الفضائية أدخلها الناس أول ما أدخلوها للأخبار فقط..، ثم للأخبار والرياضة، ثم للمسلسلات المحافظة -زعموا-..، ثم دعاهم الفضول فلم يبق شيء إلا جلبوه..، وأمسى فؤاد الأسرة كالكوز مجخيا؛ لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه..

ويحاك اليوم وعلى نفس الخطا مسلسل لإدخال دور السينما إلى بلادنا عبر دعوات تصبحنا بها الصحف وتمسينا بها القنوات؛ فهل نلدغ ذات من الجحر مرتين؟.

عباد الله: إن مردنا لله ورسوله في كل ما يستجد علينا والله يقول: ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ) [الشورى:10] ويقول سبحانه: ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ  ) [النساء:59]  ويقول سبحانه: (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) [النساء:83]  قال ابن عبد البر: " أجمعوا على أن الرد لله ورسوله هو الرد لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أما أولو الأمر في الآية فهم العلماء والأمراء كما قاله المفسرون ".

والسينما أمر طارئ على بلدنا وثقافتنا فلنردها لكتاب ربنا وسنة نبينا وحكم أولي الأمر منا لنقف على حق اليقين فيها.. وذلك خير لنا وأحسن تأويلا.

أما الكتاب العزيز فيكفي قول الله عز وجل:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ) [النور:21].

والسينما بإجماع كل ذي عينين باب يزج بالداخلين فيه إلى محيط من المنكرات خضم وبحر من السيئات أطم..

إن افتتاح السينما خطوة لها ما بعدها ولو حذرت أصحابها منها لأقنعوك أنهم سيبثون فيها الأفلام الوثائقية المحافظة الخلية من المحرمات.. وكأن خطوات الشيطان عنا ببعيد..

ووالله لو فتح الباب أولا لصعب إغلاقه أخيرا..

أما السنة المطهرة فيكفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيح: " إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام.. " وإن دار السينما تعج بالشبهات والشهوات والمنكرات.. فمن اتقاها فقد استبرأ لدينه وعرضه.

أما رأي أولي الأمر منا -وهم الأمراء والعلماء- فجلي ظاهر فهؤلاء أمراؤنا قد سدوا هذا الباب في العقود الماضية؛ لعلمهم بأنه مفسد للدين والخلق اللذين قامت البلاد على حفظ جنابهما، وأما علماؤنا الربانيون فقد كانوا أكثر حزما وعزما في رد هذا الوافد المشبوه، وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وجاد على قبره بمزون المغفرة عن حكم من يبني سينما ويدير أعمالها بيده؟
فأجابت: لا يجوز لمسلم أن يبني سينما، ولا أن يدير أعمال سينما له أو لغيره ؛ لما فيها من اللهو المحرم، ولأن السينماءات المعروف عنها في العالم اليوم أنها تعرض صورا خليعة، ومناظر فتانة، تثير الغرائز الجنسية، وتدعو للمجون وفساد الأخلاق، وكثيرا ما تجمع بين نساء ورجال غير محارم لهن؛ وبالله التوفيق.

وعلى هذا المنع قامت مقالات علماء النفس والاجتماع والتربية وهم أهل تخصص في هذه القضية فلقد هدموا صرح السينما وكشفوا خطرها: فهم يرون أن السينما ذاتُ أثر في الانحراف الشائع في المجتمعات، وأن الفيلم السينمائي يبرر سلوك الانحراف، ويؤدي إلى الاضطراب في القيم الأخلاقية، وأن السينما أمست أخطر الأدوات الثقافية والتربوية تأثيراً؛ لأنها تمثل أفكاراً حية تعيش أمام المشاهد، ولذالك فإن تأثيرها لا يقتصر على الأفكار النظرية كما هو تأثير المؤلفات، وإنما ينطبع بصورة أشد على سلوكنا ومظاهرنا.

عباد الله: ها قد تظافرت النصوص، وتكاتفت الأقوال، وتسربلت النصيحة بثوب من الإقناع سابغ.. ولو استنطقت التاريخ لقال: أوقفوا زحف السينما؛ فلئن تربعت في بلادكم فستدفعون الثمن باهظا..، واسألوا الدول المجاورة فعندها من ذلك خبر يقين..

وقد أجمع أطباء العالم أن استئصال الداء في أوله أيسرُ من تركه حتى ينتشر فيستأصل حياة تاركه.

واسألوا التاريخ إذ فيه العبر *** ضل قوم ليس يدرون الخبر

ألا فاتقوا الله وتكاتفوا واطّرحوا القذى وأبعدوا الأذى..؛ فمتى أصبح المنكر معروفا، والمعروف منكرا فكبر على أهل البلد أربعا.. ( وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ) [النحل:112]

بارك الله لي ولكم في الفرآن والسنة.. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه كان للأوابين غفورا.

  

الخطبة الثانية:

أما بعد:

عباد الله وافتنا الأخبار الاقتصادية بأن يوم غد السبت سيكون موعداً لإطلاق سوق الصكوك والسندات الآلية..

وليُعلم أن المجامع الفقهية ولجان الفتوى في طول العالم الإسلامي وعرضه, كلها منعت من إصدار السندات التقليدية, ومن تداولها بيعاً وشراء, وأنها ضرب من ضروب الربا؛ لأنها قائمة على الربا في أصلها.

والسندات هي صكوك مالية قابلة للتداول، تمنح للمكتتب لقاء المبالغ التي أقرضها، وتخوله استعادة مبلغ القرض، علاوة على الفوائد المستحقة، وذلك بحلول أجله.

ولقد أفتى علماؤنا -حفظهم الله- بأنه لا يجوز التعامل في هذا السوق بيعا أو شراءً؛ لأن المتاجرة في السندات منكر وإجحاف وهو من التعاون على الإثم والعدوان.

وإن البديل الآمن للسندات التقليدية المحرمة هي الصكوك القائمة على أساس المضاربة, بحيث يكون الغنم والغرم مشتركا، والربح والخسارة متعادلة بين الطرفين، وليُعلم أن تغيير اسم السند إلى أي اسم كان مع بقاء مضمونه لا يغيِّر من الحقيقة شيئاً, فلو سماها واضعوها بالصكوك الآلية أو أي اسم مضلل فإنها محرمة مادامت على صورتها السابقة..

وإنها خطوة اقتصادية في طريق خاطئ؛ لأنها تعني أن يفتح المجال على مصراعيه ليكتتب الناس في السندات, فيطرق الربا كل بيت, ويتسلل إلى كل دار, ويلغ الناس فيه بيعاً وشراء!!

وإن تعجب فعجب أن يُعلن عن هذه الخطوة في هذا الوقت بالذات, والذي تجرع العالم فيه لوعة السندات, وذاقوا فيه ويلاتها إبان الأزمة المالية العالمية التي يشهدها العالم اليوم!

والأعجب أن يكون هذا التوقيت في الوقت الذي تنفتح فيه المؤسسات والبنوك والأسواق المالية العالمية على المنتجات الإسلامية، والاقتصاد الإسلامي.

إن الصكوك الإسلامية تعزز الاستثمار الحقيقي, وتكرس الشراكة, وتساعد على تدويل المال بين الأغنياء والفقراء, ويقتسم فيها الجميع الربح والخسارة, أما السندات التقليدية, فهي تعزز من استثمار النقود في النقود ذاتها.

ومن هنا فإنه يجب أن يعاد النظر في مثل هذه القرارات التي لا تتفق مع ما جاء في القرآن والسنة من النهي الشديد والوعيد الأكيد لآكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه.. وعلى العمل بالكتاب الكريم والسنة المطهرة قامت بلادنا على ساقها؛ والحمد لله الذي هدانا لهذا وكنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

اللهم هيئ لأمة الإسلام أمرا رشدا يعز فيه أهل الطاعة، ويهدى فيه أهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء.
 


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي