المرأة بين الإسلام والليبرالية

إبراهيم بن محمد الحقيل
عناصر الخطبة
  1. المبادئ المنبني عليها الفكر الليبرالي .
  2. قوامة الرجال على النساء .
  3. المرأة في الفكر الليبرالي .
  4. ضوابط العلاقات بين الجنسين في الشريعة .
  5. الحرية الشخصية في الفكر الليبرالي .
  6. الغاية التي يسعى الليبراليون لتحقيقها في بلاد الإسلام .

اقتباس

والفكر الليبرالي مبني على أصل واحد، وهو تحطيم القيود التي تقيد الإنسان، وفتح الحرية أمامه، بما فيها القيود الدينية والأخلاقية. بل إن الفكر الليبرالي لم يؤسس إلا على هدم الدين والأخلاق، وتحطيمها باعتبارها قيودا تقيد حرية الإنسان. وأما غايته وهدفه فنقل الإنسان من العبودية لله تعالى إلى عبودية هواه، فيقول ما يشاء، ويفعل ما يشاء، بشرط أن لا ينتهك حرية غيره

الخطبة الأولى:

الحَمْدُ للهِ، وَاسِعِ الرَّحْمَةِ، قَابِلِ التَّوْبَةِ، شَدِيدِ النِّقْمَةِ، أَهْلِ المَغْفِرَةِ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَى وَأَعْطَى، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَغْنَى وَأَقْنَى، وَهُوَ رَبُّ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ العُلَى؛ (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى) [طه: 5، 6]، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ؛ لاَ رَبَّ لَنَا سِوَاهُ، وَلاَ نَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ إِمَامُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، وَسَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ أَجْمَعِينَ، مَنِ اتَّبَعَهُ وَأَطَاعَهُ أَرْضَى رَبَّهُ، وَأَنْجَى نَفْسَهُ، وَبَنَى آخِرَتَهُ، وَمَنْ عَصَاهُ أَوْبَقَ نَفْسَهُ وَلَنْ يَضُرَّ اللهَ تَعَالَى شَيْئًا، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَسْلِمُوا لِأَمْرِهِ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى دِينِهِ، وَحَاذِرُوا طَاعَةَ أَهْلِ الأَهْوَاءِ فَإِنَّهُمْ يُورِدُونَ أَتْبَاعَهُمُ المَهَالِكَ ثُمَّ يَتَبَرَّؤُونَ مِنْهُمْ: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) [البقرة: 166- 167].

أَيُّهَا النَّاسُ: لِكُلِّ دِينٍ وَمَذْهَبٍ وَفِكْرَةٍ أُصُولٌ تُبْنَى عَلَيْهَا، وَغَايَاتٌ تَسْعَى إِلَيْهَا، وَأَهْدَافٌ تُرِيدُ تَحْقِيقَهَا، وَنَتَائِجُ تَنْتَهِي إِلَيْهَا، وَأُصُولُ الإِسْلاَم هِيَ أَرْكَانُهُ، وَغَايَتُهُ تَعْبِيدُ النَّاسِ للهِ تَعَالَى وَتَحْرِيرُهُمْ مِنْ عُبُودِيَّةِ مَا سِوَاهُ مِنَ الأَنْدَادِ، وَنَتِيجَتُهُ صَلاَحُ الحَيَاتَيْنِ، وَالسَّعاَدَةُ فِي الدَّارَيْنِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ جِهَةَ الأَمْرِ هِيَ جِهَةُ الخَلْقِ وَالحُكْمِ: (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف: 54].

وَفِي زَمَنٍ مَضَى نَاكَفَتِ الإِسْلاَمَ أَدْيَانٌ وَأَفْكَارٌ أَرَادَتْ أَنْ تُقْصِيَهُ وَتَسْتَأْصِلَهُ مِنْ نُفُوسِ المُسْلِمِينَ بِالقُوَّتَيْنِ النَّاعِمَةِ وَالقَاسِيَةِ فَمَا أَفْلَحَتْ لَا فِي القَضَاءِ عَلَى الإِسْلاَمِ، وَلاَ فِي تَحْرِيفِهِ وَتَشْوِيهِهِ، وَلاَ فِي رَدِّ النَّاسِ عَنْهُ، وَلاَ فِي إِخْرَاجِ المُسْلِمِينَ مِنْهُ؛ حَتَّى إِنَّ المُنَصِّرِينَ إِذَا اجْتَهَدُوا مَعَ جَمْعٍ مِنَ المُسْلِمِينَ فِي تَنْصِيرِهِمْ بِالطَّعَامِ وَالدَّوَاءِ وَالمَالِ وَالمَنَاصِبِ ثُمَّ سَأَلُوهُمْ عَنْ أَمَانِيهِمْ بَعْدَ اطْمِئْنَانِهِمْ لِتَنَصُّرِهِمْ كَانَ جَوَابُ العَامَّةِ المَفْطُورِينَ عَلَى التَّوْحِيدِ: نُرِيدُ الحَجَّ إِلَى بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ! فَهَدَمُوا جُهُودَ عَشَرَاتِ السِّنِينَ مِنَ التَّنْصِيرِ، وَمِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ أَسْلَمَ عَدَدٌ مِنَ المُنَصِّرِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الإِسْلاَمُ بِهَذَا الثَّبَاتِ وَالرُّسُوخِ فِي المُجْتَمَعِ البَشَرِيِّ إِلاَّ لِكَوْنِهِ الحَقَّ وَلِكَوْنِ غَيْرِهِ بَاطِلاً.

وَفِي السَّنَوَاتِ الأَخِيرَةِ، وَبَعْدَ انْتِهَاءِ الشُّيُوعِيَّةِ وَالاشْتِرَاكِيَّةِ فِي العَالَمِ، وَانْتِصَارِ اللِّيبْرَالِيَّةِ وَالرَّأْسِمَالِيَّةِ، لَمْ يَبْقَ أَمَامَ الفِكْرِ الرَّأْسِمَالِيِّ اللِّيبْرَالِيِّ لِيَسُودَ الأَرْضَ كُلَّهَا، وَيَدِينَ بِهِ البَشَرُ أَجْمَعُونَ إِلاَّ هَدْمُ الإِسْلاَمِ.

وَالفِكْرُ اللِّيبْرَالِيُّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ تَحْطِيمُ القُيُودِ الَّتِي تُقَيِّدُ الإِنْسَانَ، وَفَتْحُ الحُرِّيَّةِ أَمَامَهُ، بِمَا فِيهَا القُيُودُ الدِّينِيَّةُ وَالأَخْلاقِيَّةُ، بَلْ إِنَّ الفِكْرَ اللِّيبْرَالِيَّ لَمْ يُؤَسَّسْ إِلاَّ عَلَى هَدْمِ الدِّينِ وَالأَخْلَاقِ، وَتَحْطِيمِهَا بِاعْتِبَارِهَا قُيُودًا تُقَيِّدُ حُرِّيَّةَ الإِنْسَانِ، وَأَمَّا غَايَتُهُ وَهَدَفُهُ فَنَقْلُ الإِنْسَانِ مِنَ العُبُودِيَّةِ للهِ تَعَالَى إِلَى عُبُودِيَّةِ هَوَاهُ، فَيَقُولُ مَا يَشَاءُ، وَيَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، بِشَرْطِ أَلاَّ يَنْتَهِكَ حُرِّيَّةَ غَيْرِهِ! وَمَا الأَدْيَانُ وَالأَخْلاَقُ إِلاَّ اخْتِيَارٌ يَخْتَارُهُ الإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ إِذَا شَاءَ لِإِشْبَاعِ رُوحِهِ، وَلَكِنْ لَيْسَ لِلدِّينِ وَلاَ لِلْأَخْلاَقِ سُلْطاَنٌ عَلَى النَّاسِ؛ فَيَسْتَوِي المُلْحِدُ وَالمُؤْمِنُ، وَيَسْتَوِي عِبَادُ الأَوْثَانِ مَعَ عِبَادِ الرَّحْمَنِ -جَلَّ وَعَلاَ-، وَتَسْتَوِي الحَيِيَّةُ المُتَسَتِّرَةُ مَعَ الرَّقِيعَةِ المُتَعَرِّيَةِ، وَتَتَسَاوَى المَرْأَةُ مَعَ الرَّجُلِ فِي الحُقُوقِ وَالوَاجِبَاتِ، وَنَتِيجَتُهُ مَا نَرَاهُ مِنْ ضَيَاعِ الأَفْرَادِ وَتَفَكُّكِ الأُسْرَةِ فِي المُجْتَمَعَاتِ اللِّيبْرَالِيةِ الغَرْبِيَّةِ.

إِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ وَهُمْ يُعَالِجُونَ مَا يُثَارُ فِي مُجْتَمَعَاتِ المُسْلِمِينَ مِنْ قَضَايَا اخْتِلاَطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ، وَالمحَرَمِ لِلْمَرْأَةِ فِي السَّفَرِ، وَقِوَامَةِ الرَّجُلِ عَلَى المَرْأَةِ، وَعَمَلِ المَرْأَةِ وَقِيَادَتِهَا لِلسَّيَّارَةِ وَاسْتِقْلَالِهَا عَنِ الرَّجُلِ يَبْحَثُونَ هَذِهِ القَضَايَا بَحْثًا جُزْئِيًّا مُخْتَزَلاً مَبْتُورًا عَنِ الاخْتِلاَفِ الكَبِيرِ بَيْنَ الإِسْلاَمِ واللِّيبْرَالِيَّةِ فِي أَصْلِ النَّظَرِ إِلَى الإِنْسَانِ وَإِلَى المَرْأَةِ وَمُعَامَلَتِهَا، وَحُقُوقِهَا وَوَاجِبَاتِهَا.

إِنَّ الإِسْلاَمَ فَرَضَ قِوَامَةَ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ، وَلَيْسَتْ فَقَطْ قِوَامَةَ الأَزْوَاجِ عَلَى الزَّوْجَاتِ، وَإِنَّمَا قِوَامَةَ الرَّجُلِ عَلَى المَرْأَةِ؛ (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) [النساء: 34]، فَالمَرْأَةُ فِي رِعَايَةِ رَجُلٍ مُنْذُ وِلاَدَتِهَا إِلَى أَنْ تُوَسَّدَ فِي قَبْرِهَا، وَكُلُّ إِخْلاَلٍ بِذَلِكَ يَعُودُ ضَرَرُهُ عَلَى المَرْأَةِ وَالمُجْتَمَعِ بِأَسْرِهِ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى مَا خَلَقَ المَرْأَةَ مِنَ الرَّجُلِ لِتَسْتَقِلَّ عَنْهُ وَإِنَّمَا لِتَرْكَنَ إِلَيْهِ، وَتَحْتَمِيَ بِهِ، وَتَشْعُرَ بِالأَمْنِ مَعَهُ.

وَأَمَّا فِي الفِكْرِ اللِّيبْرَالِيِّ الإِلْحَادِيِّ؛ فَالمَرْأَةُ مُسْتَقِلَّةٌ عَنِ الرَّجُلِ، وَلاَ سُلْطَانَ لِأَحَدٍ مِنْهُمَا عَلَى الآخَرِ، بَلْ فِي اللِّيبْرَالِيةِ المُتَطَرِّفَةِ لَا يُسَمَّى الرَّجُلُ رَجُلاً وَلاَ المَرْأَةُ امْرَأَةً وَإِنَّمَا هُمَا نَوْعٌ بَشَرِيٌّ، يَسْتَطِيعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهما أَنْ يُحَوِّلَ نَفْسَهُ إِلَى مَا يُرِيدُ فَتَتَحَوَّلُ المَرْأَةُ إِلَى رَجُلٍ بِالاسْتِرْجَالِ، وَيَتَحَوَّلُ الرَّجُلُ إِلَى امْرَأَةٍ بِالاسْتِئْنَاثِ.

وَفِي العَلاَقَاتِ الجِنْسِيَّةِ جَعَلَ الإِسْلاَمُ لَهَا ضَوَابِطَ وَمَصَارِفَ مَشْرُوعَةً، فَالأَصْلُ فِي الفُرُوجِ التَّحْرِيمُ، وَلاَ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ وَلاَ لِلْمَرْأَةِ مِنَ الفُرُوجِ إِلاَّ مَا أَبَاحَهُ الشَّرْعُ، وَهُوَ الزَّوَاجُ لِلرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ، وَمِلْكِ اليَمِينِ لِلرَّجُلِ: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) [المؤمنون: 5-7].

فَحَرَّمَ الإِسْلاَمُ: الزِّنَا، وَعَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، وَنِكَاحَ المَحَارِمِ، وَفُصِّلَ ذَلِكَ فِي القُرْآنِ أَفْضَلَ تَفْصِيلٍ، وَشَدَّدَ فِيهِ: (وَلَا تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) [الأنعام:151]، (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) [الإسراء: 32].

وَلَمَّا كَانَ الرَّجُلُ يَمِيلُ لِلْمَرْأَةِ لِجَمَالِهَا وَأُنُوثَتِهَا وَرِقَّتِهَا، وَالمَرْأَةُ تَمِيلُ لِلرَّجُلِ لِقُوَّتِهِ وَرُجُولَتِهِ وَخُشُونَتِهِ، وَهَذَا المَيْلُ يُؤَدِّي إِلَى العَلاَقَةِ الحَمِيمِيَّةِ بَيْنَهُمَا؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى سَدَّ كُلَّ طَرِيقٍ يَصِلُ المَرْأَةَ بِالرَّجُلِ، أَوْ يَجْمَعُهَا بِهِ؛ لِأَنَّهَا فِتْنَتُهُ، وَهُوَ فِتْنَتُهَا، وَاجْتِمَاعُهُمَا -وَلَوْ عَلَى تَعْلِيمِ قُرْآنٍ أَوْ قِيَامِ لَيْلٍ- يُؤَدِّي -وَلاَ بُدَّ- لِلْوُقُوعِ فِي المَحْظُورِ؛ لِوُجُودِ مَا يَحْتَاجُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الآخِرِ، فَحَرَّمَ الإِسْلاَمُ اخْتِلاَطَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ، وَخُلْوَةَ المَرْأَةِ بِأَجْنَبِيٍّ عَنْهَا، وَسَفَرَهَا بِلاَ مَحْرَمٍ، وَجَعَلَ الأَصْلَ قَرَارَهَا فِي الَمَنْزِلِ، وَعَدَمَ خُرُوجِهَا إِلاَّ لِحَاجَةٍ، وَإِذَا خَرَجَتْ فَتَحْتَشِمُ وَتَتَحَجَّبُ وَلاَ تَتَعَطَّرُ إِذَا كَانَتْ تَمُرُّ بِرِجَالٍ أَوْ يَرَوْنَهَا، كُلُّ هَذِهِ الاحْتِيَاطَاتِ مِنْ أَجْلِ صِيَانَةِ الرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ مِنَ الزِّنَا، وَصِيَانَةِ المُجْتَمَعِ مِنَ الفَوَاحِشِ وَاللُّقَطَاءِ مِنْ حَمْلٍ سِفَاحٍ.

وَكَذبَ مَنْ جَمَعَ رَجُلاً بِامْرَأَةٍ وَادَّعَى أَنَّهُ لَا تَنْشَأُ بَيْنَهُمَا عَلاَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ، وَحَوَادِثُ التَّحَرُّشِ بِالعَامِلاَتِ فِي حُقُولِ الرِّجَالِ وَابْتِزَازِهِنَّ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ.

وَأَمَّا الفِكْرُ اللِّيبْرَالِيُّ الإِبَاحِيُّ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الحُرِّيَّةِ الشَّخْصِيَّةِ، وَأَنَّ الإِنْسَانَ يَمْتَلِكُ جَسَدَهُ ذَكَرًا كَانَ أَمْ أُنْثَى، وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مَا يَشَاءُ، وَأَنْ يَهَبَهُ لِمَنْ يَشَاءُ، وَأَنْ يُظْهِرَ مِنْهُ مَا يَشَاءُ سِوَى السَّوْءَتَيْنِ وَصُدُورِ النِّسَاءِ! وَلاَ يُمْنَعُ فِي الغَرْبِ مِنْ أَيِّ مُمَارَسَةٍ جِنْسِيَّةٍ إِلاَّ فِي حَالَيْنِ فَقَطْ: حَالِ الإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ الطَّرَفَ الآخَرَ لَمْ يَرْضَ، أَوْ فِي حَالِ كَوْنِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ قَاصِرًا؛ لِأَنَّ التَّغْرِيرَ بِهِ مُتَوَقَّعٌ أَوْ حَاصِلٌ، وَأَمَّا إِذَا كَانَا رَاشِدَيْنِ رَاضِيَيَنْ فَحَلاَلٌ لَهُمَا الزِّنَا وَالسحَاقُ وَعَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ وَنِكَاحُ المَحَارِمِ، بَلْ وَنِكَاحُ الحَيَوَانَاتِ!

وَفِي الإِسْلاَم لَا يَكُونُ الحَمْلُ وَإِنْجَابُ الوَلَدِ إِلاَّ مِنَ النِّكَاحِ المَشْرُوعِ دُونَ السِّفَاحِ، وَلاَ يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْسِبَ وَلَدًا لَيْسَ لَهُ، وَلاَ لِوَلَدٍ أَنْ يَنْتَسِبَ لِغَيْرِ أَبَوِيْهِ، وَلاَ لِأَبٍ أَنْ يَنْفِيَ ولَدَهُ عَنْهُ إِلاَّ بِأَيْمَانٍ مُغَلَّظَةٍ تُسَمَّى اللِّعَان، وَحَرَّمَ الإِسْلاَمُ التَّبَنِّي الَّذِي كَانَ شَائِعًا فِي الجَاهِلِيَّةِ.

وَأَمَّا فِي الفِكْرِ اللِّيبْرَالِيِّ الإِلْحَادِيِّ فَيَجُوزُ الحَمْلُ وَالحُصُولُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ مَا دَامَ أَطْرَافُ الحَمْلِ مُتَرَاضِينَ؛ وَلِذَا يَنْتَشِرُ عِنْدَهُمُ التَّبَنِّي، وَتَأْجِيرُ الأَرْحَامِ، وَبَيْعُ مَاءِ الرِّجَالِ! كَمَا يَنْتَشِرُ بِشَكْلٍ أَكْبَرَ حَمْلُ السِّفَاحِ، وَكَثِيرٌ مِنَ الأَزْوَاجِ لَا يَتِمُّ زَوَاجُهُمْ إِلاَّ بَعْدَ إِنْسَالِ عَدَدٍ مِنَ أَوْلاَدِهِمْ قَبْلَ الزَّوَاجِ.

فَحِينَ تُطْرَحُ قَضَايَا المَرْأَةِ وَحُقُوقُهَا لَا بُدَّ مِنْ رَدِّ الأُمُورِ إِلَى نِصَابِهَا، وَإِرْجَاعِ الأَفْكَارِ إِلَى أُصُولِهَا، وَلاَ نَنْشَغِلُ بِجُزْئِيَّاتٍ يُلَبِّسُ بِهَا أَرْبَابُ النِّفَاقِ، وَأَصْحَابُ الشَّهَوَاتِ عَلَى النَّاسِ، وَيَدْفَعُونَهُمْ بِهَا إِلَى المُشْتَبِهَاتِ لِضَرْبِ المُحْكَمَاتِ، ثُمَّ إِبَاحَةِ الُمَحَّرمَاتِ، وَهَذَا مَا يَسْعَوْنَ إِلَيْهِ بِكُلِّ مَا أُوتُوا مِنْ قُوَّةٍ، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيهِمْ: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ * رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران: 7-8].

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ...

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ: (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [يوسف:40)، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) [محمد:33].

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: يَجِبُ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ الغَايَةَ الَّتِي يُرِيدُ الفِكْرُ اللِّيبْرَالِيُّ تَحْقِيقَهَا فِي بِلاَدِ المُسْلِمِينَ هِيَ إِبَاحَةُ الزِّنَا وَالسِّحَاقِ وَنِكَاحِ الحَيَوَانَاتِ وَعَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ وَنِكَاحِ المَحَارِمِ بِشَرْطِ التَّرَاضِي بَيْنَ طَرَفَيِ العَلاَقَةِ، وَيَنْدَرِجُ ذَلِكَ تَحْتَ أَصْلٍ هُوَ مِنْ أَهَمِّ أُصُولِ الفِكْرِ اللِّيبْرَالِيِّ، وَهُوَ الحُرِّيَّةُ الشَّخْصِيَّةُ، وَحِمَايَةُ الخُصُوصِيَّةِ، وَمَعْنَاهَا أَنَّ الإِنْسَانَ حُرٌّ حُرِّيَّةً شَخْصِيَّةً فِي أَنْ يُمَارِسَ مَا شَاءَ مِنَ الأَفْعَالِ بِشَرْطِ أَلاَّ يَعْتَدِيَ عَلَى أَحَدٍ، فَإِذَا كَانَ طَرَفَا العَلاَقَةِ المُحَرَّمَةِ شَرْعًا مُتَرَاضِيينَ كَانَ مَنْعُهُمَا مِنْ هَذِهِ العَلاَقَةِ مُصَادَرَةً لِحُرِّيَّتِهِمَا الشَّخْصِيَّةِ، وَانْتِهَاكًا صَارَخًا لِخُصُوصِيَّتِهِمَا، وَيَجِبُ حِمَايَتُهُمَا وَالمُطَالَبَةُ بِحَقِّهِمَا!

وَهَذَا الفِكْرُ الإِلْحَادِيُّ المُقْصِي لِلدِّينِ، النَّافِي لِلْأَخْلاَقِ لَا يَسْتَطِيعُ اللِّيبْرَالِيونَ فِي بِلاَدِ المُسْلِمِينَ إِظْهَارَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، أَوْ بَيَانَ هَدَفِهِ وَغَايَتِهِ؛ لِعِلْمِهِمْ أَنَّ المُسْلِمِينَ لَا يَتَقَبَّلُونَهُ وَلاَ يَرْضَوْنَهُ لِأَنْفُسِهِمْ وَمَحَارِمِهِمْ، وَسَيَقِفُونَ صَفًّا وَاحِدًا لِمُحَارَبَتِهِ؛ وَلِذَا فَهُمْ يَغْزُونَهُ مِنْ دَاخِلِهِ بِتَقْرِيبِ المَرْأَةِ مِنَ الرَّجُلِ بِشَتَّى الحِيَلِ، وَإِسْقَاطِ النُّصُوصِ الَّتِي تُبَاعِدُ بَيْنَهُمَا، وَخِدَاعِ العَامَّةِ بِأَنَّهُمْ يُطَالِبُونَ بِحُقُوقِ المَرْأَةِ.

إِنَّ اللِّيبْرَالِيَّ حِينَ يَطْلُبُ الدَّلِيلَ عَلَى مَنْعِ الاخْتِلاَطِ أَوْ قِيَادَةِ المَرْأَةِ لِلسَّيَّارَةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ صَادِقًا فِي طَلَبِهِ، وَلاَ مُلْتَزِمًا بِالدَّلِيلِ الَّذِي يَطْلُبُهُ، وَلاَ مُعَظِّمًا لِلشَّرْعِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِهِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ رَكَلَ بِقَدَمِهِ النَّجِسَةِ مُحْكَمَاتِ الدِّينِ، وَنُصُوصَهُ القَطْعِيَّةَ، وَلَمْ يَأْبَهُ بِهَا.

إِنَّ الغَايَةَ الَّتِي يُرِيدُ اللِّيبْرَالِيُّونَ تَحْقِيقَهَا فِي بِلاَدِ المُسْلِمِينَ هِيَ أَنْ يَتَأَبَّطَ اللِّيبْرَالِيُّ الفَاسِقُ أُخْتَكَ أَو ابْنَتَكَ وَيَسِيرُ بِهَا إِلَى فِرَاشِهِ أَمَامَكَ وَلاَ تَسْتَطِيعُ فِعْلَ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ القَانُونَ يَحْمِيهِ تَحْتَ بَنْدِ الحُرِّيَّةِ الشَّخْصِيَّةِ! إِنَّهُ يُرِيدُ مُصَاحَبَةَ زَوْجَتِكَ مِنْ وَرَائِكَ فَإِذَا عَلِمْتَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ تَسْتَطِعْ فِعْلَ شَيْءٍ؛ لأَنَّ طَلاَقَكَ لَهَا يَمْنَحُهَا نِصْفَ ثَرْوَتِكَ فَتَتَمَتَّعُ هِيَ وَإِيَّاهُ بِمَالِكَ كَمَا تَمَتَّعَ هُوَ بِزَوْجَتِكَ.

إِنَّ فِي الغَرْبِ آبَاءً صَالِحِينَ وَإِخْوَانًا صَالِحِينَ وَأَزْوَاجًا صَالِحِينَ لَا يُرِيدُونَ الخَنَا لِبَنَاتِهِمْ وَلاَ لِأَخَوَاتِهِمْ وَلاَ لِزَوْجَاتِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ فِعْلَ شَيْءٍ لِحِفْظِ بَنَاتِهِمْ وَأَخَوَاتِهِمْ وَزَوْجَاتِهِمْ مِنْ وُحُوشِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّ الحُرِّيَّةِ سَادَتْ وَأُقْصِيَ الدِّينُ وَالأَخْلَاقُ.

إِنَّ اللِّيبْرَالِيِّينَ العَرَبَ لَا يُهِمُّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ وَلاَ حُقُوقُهَا، وَلاَ أَيُّ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِهَا إِلاَّ جَانِبُ الشَّهْوَةِ وَاللَّذَّةِ؛ وَلِذَا انْحَصَرَتْ كُلُّ مَطَالِبِهِمْ فِي تَقْرِيبِ المَرْأَةِ مِنَ الرَّجُلِ، وَكَسْرِ الحَوَاجِزِ الشَّرْعِيَّةِ وَالأَخْلاقِيَّةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا، فَلاَ يُطَالِبُونَ بِحُقُوقِ مُطَلَّقَاتٍ وَلاَ مَعْضُولاتٍ وَلاَ عَوَانِسَ حُرِمْنَ الزَّوْجَ وَالأُسْرَةَ، وَلاَ يُطَالِبُونَ بِحُقُوقِ مُعَلَّقَاتٍ مَكَثْنَ سَنَوَاتٍ لَا مُطَلَّقَاتٍ وَلاَ مُتَزَوِّجَاتٍ، وَلاَ يُطَالِبُونَ بِحُقُوقِ أُمَّهاتٍ حُرِمْنَ أَوْلاَدَهُنَّ، وَلاَ بِحُقُوقِ نِسَاءٍ أُكِلَ مِيرَاثُهُنَّ، وَلاَ بِحُقُوقِ بَنَاتٍ أُكْرِهْنَ عَلَى الزَّوَاجِ مِمَّنْ لَا يُرِدْنَ! وَمُجْتَمَعُنَا يَعُجُّ بِمِثْلِ هَذِهِ المُشْكِلاَتِ، وَبِالنِّسَاءِ المَكْلُومَاتِ المَظْلُومَاتِ.

أَتَدْرُونَ لِمَاذَا لَا يُطَالِبُونَ بِحُقُوقِهِنَّ، وَلاَ يَبْحَثُونَ مَشَاكِلَهُنَّ، وَلاَ يَعْرِضُونَهَا فِي قَنَوَاتِهِمْ وَصَحَافَتِهِمْ؛ لِأَنَّ حَلَّ هَذِهِ المُشْكِلاَتِ لَا يُقَرِّبُ المَرْأَةَ مِنَ الرَّجُلِ، وَلاَ يُحَقِّقُ الغَايَةَ اللِّيبْرَالِيةَ وَهِيَ نَشْرُ الفَوَاحِشِ فِي النَّاسِ.

إِنْ هُمْ إِلاَّ مُتَقَوْقِعُونَ عَلَى نَشْرِ ثَقَافَةِ الاخْتِلاَطِ، وَكَسْرِ الحَيَاءِ، وَقِيَادَةِ المَرْأَةِ لِلسَّيَّارَةِ، بِاللهِ عَلَيْكُمْ أَيُّهُمَا أَوْلَى بِالرِّعَايَةِ وَالحَقِّ: امْرَأَةٌ حُرِمَتْ أَوْلاَدَهَا سَنَوَاتٍ تُرِيدُ رُؤْيَتَهُمْ وَالجُلُوسَ مَعَهُمْ، أَمْ فَتَاةٌ تُرِيدُ اللَّعِبَ خَلْفَ المِقْوَدِ؟! يِا لِوَضَاعَةِ المَطَالِبِ اللِّيبْرَالِيَّةِ.

إِنَّ غَايَتَهُمْ إِبَاحَةُ الزِّنَا وَالسُّحَاقِ وَعَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ وَنِكَاحُ المَحَارِمِ كَمَا هُوَ فِي الغَرْبِ، وَحِمَايَةُ ذَلِكَ بِقَانُونِ الحُرِّيَّةِ الشَّخْصِيَّةِ وَاحْتِرَامِ الخُصُوصِيَّةِ، فَمَنْ رَضِيَ لِأَهْلِهِ وَأُسْرَتِهِ وَمُجْتَمَعِهِ ذَلِكَ فَلْيَقِفْ صَفًّا وَاحِدًا مَعَ اللِّيبْرَالِيِّينَ فِي مَطَالِبِهِمْ: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) [النساء: 27].

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي