أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّنَا فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ نُبَيِّنُ بِاخْتِصَارٍ كَيْفَ كَانَ رَسُولُنَا -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي، لَعَلَّ صَلاتَنَا تَكُونُ مَقْبُولَةً، مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ. إِذَا أَرَادَ الْمُؤْمِنُ أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنَّهُ يُسْبِغُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَتَوَجَّهُ إِلَى الْكَعْبَةِ أَيْنَمَا كَانَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، قَاصِدَاً بِقَلْبِهِ فِعْلَ الصَّلَاةِ التِي يُرِيدُهَا مِنْ فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ، وَلا يَنْطِقُ بِلِسَانِهِ بِالنِّيَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَة، وَيُسَنُّ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ سُتْرَةً يُصَلِّي إِلَيْهَا إِنْ كَانَ إِمَامَاً أَوْ مُنْفَرِدَاً.
ثُمَّ...
الْحَمْدُ للهِ الذِي جَعَلَ رَسُولَهُ قُدْوَةً لِلْعَالَمِينَ، وَأُسْوَةً لِلسَّالِكِينَ، وَإِمَامَاً لِلْمُتَّقِين، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ القَوِيُّ الْمَتِينُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ النَّبِيُّ الأَمِين، الذِي أَبَانَ لَنَا مَعَالِمَ الدِّيْنِ، وَأَوْضَحَ لَنَا كَيْفِيَّاتِهِ أَتَمَّ التَّبْيِين، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْغُرِّ الْمَيَامِين وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ الصَّلاةَ عَمُودُ الدِّين، وَرُكْنُهُ الثَّانِي الرَّكِينُ، وَأَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَنْهُ الْعَبْدُ مِنْ عَمَلِهِ يَوْمَ الدِّين، وَلَهَا أَعْظَمُ الْمَكَانَةِ وَأَبْلَغُ الأَثَرِ فِي نُفُوسِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلِذَا قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ"[رَوَاهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الصَّلاةَ لا تَكُونُ مَقْبُولَةً إِلَّا إِذَا كَانَتْ خَالِصَةً للهِ، مُوَافِقَةً لِهَدْيِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَلِذَلِكَ كَانَ نَبِيُّنَا -صلى الله عليه وسلم- يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ -رضي الله عنهم- الصَّلاةَ، وَيَقُولُ: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي"[رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّنَا فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ نُبَيِّنُ بِاخْتِصَارٍ كَيْفَ كَانَ رَسُولُنَا -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي، لَعَلَّ صَلاتَنَا تَكُونُ مَقْبُولَةً، مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ.
إِذَا أَرَادَ الْمُؤْمِنُ أَنْ يُصَلِّيَ فَإِنَّهُ يُسْبِغُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَتَوَجَّهُ إِلَى الْكَعْبَةِ أَيْنَمَا كَانَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، قَاصِدَاً بِقَلْبِهِ فِعْلَ الصَّلَاةِ التِي يُرِيدُهَا مِنْ فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ، وَلا يَنْطِقُ بِلِسَانِهِ بِالنِّيَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَة، وَيُسَنُّ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ سُتْرَةً يُصَلِّي إِلَيْهَا إِنْ كَانَ إِمَامَاً أَوْ مُنْفَرِدَاً.
ثُمَّ يَقُولُ: "اللهُ أَكْبَرُ" وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ إِلَى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ، أَوْ إِلَى حِيَالِ أُذُنَيْهِ، وَيَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى كَفِّهِ الْيُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ، وَيَكُونُ بَصَرُهُ مَوْضِعَ سُجُودِهِ.
وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ دُعَاءَ الاسْتِفْتَاحِ، وَهُوَ: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلا إِلَهَ غَيْرُكَ".
وَإِنْ أَتَى بِغَيْرِهِ مِنَ الاسْتِفْتَاحَاتِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَا بَأْسَ.
ثُمَّ يَقُولُ: "أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ".
وَيَقْرَأُ سُورَةَ الْفَاتِحَةِ، وَيَقُولُ بَعْدَهَا: "آمِين" جَهْرَاً فِي الصَّلاةِ الْجَهْرِيَّةِ وَسِرَّاً فِي الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ، ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَهَا سُورَةً.
وَالسُّنَّةُ أَنْ تَكُونَ الْقِرَاءَةُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ مِنْ أَوْسَاطِ الْمُفَصَّلِ، وَفِي الْفَجْرِ مِنْ طُوَالِهِ وَفِي الْمَغْرَبِ مِنْ قِصَارِهِ.
ثُمَّ يَرْكَعُ مُكَبِّرَاً رَافِعَاً يَدَيْهِ إِلَى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ أَوْ أُذُنَيْهِ، جَاعِلَاً رَأْسَهُ حِيَالَ ظَهْرِهِ، وَاضِعَاً يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، مُفَرِّقَاً أَصَابِعَهُ، وَيَطْمَئِنُّ فِي رُكُوعِهِ وَيَقُولُ: "سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيم" وَالأَفْضَلُ أَنْ يُكَرِّرَهَا ثَلاثَاً أَوْ أَكْثَرَ.
ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، رَافِعَاً يَدَيْهِ إِلَى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ أَوْ أُذُنَيْهِ ثُمَّ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى صَدْرِهِ، قَائِلاً: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، إِنْ كَانَ إِمَامَاً أَوْ مُنْفَرِدَاً.
وَيَقُولُ حَالَ قِيَامِهِ: "رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدَاً كَثِيرَاً طَيِّبَاً مُبَارَكَاً فِيهِ، مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْء الأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْد".
فِإِنْ كَانَ مَأْمُومَاً قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ لا يَقُولُ: "سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ".
ثُمَّ يَسْجُدُ مُكَبِّرَاً وَاضِعَاً رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ إِذَا تَيَسَّرَ ذَلِكَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ قَدَّمَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ، مُسْتَقْبِلاً بِأَصَابِعِ رِجْلَيْهِ وَيَدَيْهِ الْقِبْلَةَ، ضَامَّاً أَصَابِعَ يَدَيْهِ.
وَيَكُونُ سَاجِدَاً عَلَى أَعْضَائِهِ السَّبْعَةِ: الْجَبْهَةِ مَعَ الأَنْفِ، وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَبُطُونَ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ، وَلا يَحِلُّ لَهُ رَفْعُ شَيْءٍ مِنْ أَعْضَائِهِ السَّبْعَةِ قَبْلَ تَمَامِ السُّجُودِ لِئَلَّا يُعَرِّضَ صَلاتَهُ لِلْبُطْلَانِ.
وَفِي السُّجُودِ يُجَافِي عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَبَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ، وَفَخِذَيْهِ عَنْ سَاقَيْهِ، وَيَرْفَعُ ذِرَاعَيْهِ عَنِ الأَرْضِ، وَيَقُولُ: "سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى" وَيُكَرِّرُ ذَلِكَ ثَلاثَاً أَوْ أَكْثَرَ.
وَيُكْثِرُ مِنَ الدُّعَاءِ، وَيَسْأَلُ رَبَّهُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، سَوَاءً كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضَاً أَوْ نَفْلَاً.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ في الركوع والسجود مع التسبيحات: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي".
ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرَاً، وَيَفْرِشُ قَدَمَهُ الْيُسْرَى وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا، وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى، وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ، وَيَقُولُ: "رَبِّ اغْفِرْ لِي".
وَيَطْمَئِنُّ فِي هَذَا الْجُلُوسِ حَتَّى يَرْجِعُ كُلُّ فِقَارٍ إِلَى مَكَانِهِ كَاعْتِدَالِهِ بَعْدَ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُطِيلُ اعْتِدَالَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.
ثُمَّ يَسْجُدُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مُكَبِّرَاً، وَيَفْعَلُ فِيهَا كَمَا فَعَلَ فِي السَّجْدَةِ الأُولَى.
ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّرَاً، ثُمَّ يَنْهَضُ قَائِمَاً إِلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مُعْتَمِدَاً عَلَى رُكْبَتَيْهِ إِنْ تَيَسَّرَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً كَمَا تَقَدَّمَ، كَالرَّكْعَةِ الأُولَى.
وَلا يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ مُسَابَقَةُ إِمَامِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- حَذَّرَ أُمَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَتُكْرَهُ مُوَافَقَتُهُ لِلإِمَامِ، بَلْ تَكُونُ أَفْعَالُهُ بَعْدَ إِمَامِهِ بَعْدَ انْقِطَاعِ صَوْتِهِ، مِنْ دُونِ تَرَاخٍ.
ثُمَّ إِذَا كَانَتِ الصَّلاةُ ثُنَائِيَّةً كَصَلاةِ الْفَجْرِ، جَلَسَ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ نَاصِبَاً رِجْلَهُ الْيُمْنَى، مُفْتَرِشَاً رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَاضِعَاً يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى قَابِضَاً أَصَابِعَهُ كُلَّهَا إِلَّا السَّبَّابَةَ، فَيُشِيرُ بِهَا إِلَى التَّوْحِيدِ عِنْدَ ذِكْرِ اللهِ -سبحانه- وَعِنْدَ الدُّعَاءِ، وَإِنْ قَبَضَ الْخُنْصُرَ وَالْبُنْصُرَ مِنْ يَدِهِ، وَحَلَّقَ إِبْهَامِهَا مَعَ الْوُسْطَى، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ فَحَسَنٌ، لِثُبُوتِ الصِّفَتَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَالأَفْضَلُ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً.
وَيَضَعُ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى وَرُكْبَتِهِ، ثُمَّ يَقْرَأُ التَّشَهُّدَ فِي هَذَا الْجُلُوسِ وَهُوَ: "التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلُامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهُ وَبَرَكَاتَهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ".
ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيم، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آل ِإِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".
وَيَسْتَعِيذُ بِاللهِ مِنْ أَرْبَعٍ، فَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ".
ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَإِذَا دَعَا لِوَالِدَيْهِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلَا بَأْسَ، سَوَاءً أَكَانَتِ الصَّلَاةُ فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ قَائِلاً: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهُ".
هَكَذَا -أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ- هِيَ صِفَةُ الصَّلَاةِ، عَسَى اللهُ أَنْ يُفَقِّهَنَا وَإِيَّاكُمْ فِي دِينِهِ.
أَقُولُ قَولِي هَذَا، وأَسْتَغْفِرُ الله العَظِيمَ لي ولكُم فاستغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ ثُلاثِيَّةً كَالْمَغْرِبِ، أَوْ رُبَاعِيَّةً كَالظُّهْرِ، فَإِنَّهُ يَقْرَأُ التَّشَهُّدَ الأَوَّلَ، ثُمَّ يَنْهَضُ قَائِمَاً مُعْتَمِدَاً عَلَى رُكْبَتَيْهِ، رَافِعَاً يَدَيْهِ إِلَى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ، قَائِلاً: "اللهُ أَكْبَرُ" وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى صَدْرِهِ، وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فَقَطْ.
ثُمَّ يَتَشَهَّدُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ مِنَ الْمَغْرِبِ، وَبَعْدَ الرَّابِعَةِ مِنَ الرُّبَاعِيَّةِ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَيَتَعَوَّذُ بِاللهِ مِنَ الأَرْبَعِ، ثُمَّ يُكْثِرُ مِنَ الدُّعَاءِ.
وَيَكُونُ فِي هَذَا الْجُلُوسِ مُتَوَرِّكَاً وَاضِعَاً رِجْلَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُمْنَى، وَمِقْعَدَتَهُ عَلَى الأَرْضِ، نَاصِبَاً رِجْلَهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ.
ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللهَ ثَلاثَاً، وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَلا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ".
وَيُسَبِّحُ اللهَ ثَلاثَاً وَثَلاثِينَ، وَيَحْمَدُهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَيُكَبِّرَهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَيَقُولُ تَمَامُ الْمِائَةِ: "لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".
وَيَقْرَأُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ، مَرَّةً مَرَّةً فِي جَمِيعِ الصَّلَواتِ، وَإِنْ كَرَّرَهَا بَعْدَ الفَجْرِ وِالْمَغْرِبِ ثَلَاثاً بِنِيَّةِ أَذْكَارِ الْمَسَاءِ، فَلَا بَأْسَ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الذِّكْرِ الْمُتَقَدِّمِ بَعْدَ صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْمَغْرِبِ قَوْلَ: "لا إِلَهِ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" عَشْرَ مَرَّاتٍ، لِثُبُوتِ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-.
وَإِنْ كَانَ إِمَامَاً انْصَرَفَ إِلَى النَّاسِ وَقَابَلَهُمْ بِوَجْهِهِ بَعْدَ اسْتِغْفَارِهِ ثَلاثَاً، وَبَعْدَ قَوْلِهِ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ" ثُمَّ يَأْتِي باِلأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ.
وَالسُّنَّةُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالأَذْكَارِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، خِلَافَاً لِمَا اعْتَادَهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الْيَوْمِ حَيْثُ يُسِرُّونَ بِهَا، أَوْ يَجْهَرُونَ بِبَعْضِهَا وَيُسِرُّونَ بِالْبَعْضِ الآخَرِ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ عِلْمَاً نَافِعَاً، وَعَمْلاً صَالِحَاً، وَرِزْقَاً حَسَنَاً مُبَارَكَاً.
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا، وَأَصْلِحْ لِوُلاةِ أُمُورِنَا بِطَانَتَهُمْ وَأَعْوَانَهُمْ، وَأَبْعِدْ عَنْهُمْ بِطَانَةَ السُّوءِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ!.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي