قصة استشهاد الحسين رضي الله عنه

محمد بن علي بن جميل المطري
عناصر الخطبة
  1. استغلال الرافضة لمقتل الحسين .
  2. حزن أهل السنة على مقتل الحسين .
  3. غدر أهل العراق بالحسين وخيانتهم له .
  4. خروج الحسين إلى كربلاء ومراجعة الصحابة له .
  5. كيفية استشهاد الحسين .
  6. بعض منكرات الرافضة في يوم عاشوراء .

اقتباس

إلى لكل من يريد أن يعرف الحقيقة في قصة الحسين نأتي بها من أوثق مصادر التاريخ، فقد كثر الكلام حول مقتل الشهيد السعيد السيد السبط الحسين بن علي -رضوان الله عليه-، واستغلها كثير من الذين في قلوبهم زيغ لنشر بدعهم وخرافاتهم، وقد تطورت بدعتهم إلى أن صارت ثأرا للحسين كما يزعمون، فقد ذبح البساسيري النساء والشيوخ في العراق بحجة الثأر للحسين، واستباح ابن العلقمي بغداد، وتواطأ مع التتار، وقتل مئات الآلاف من المسلمين بحجة الثأر للحسين، وفي...

الخطبة الأولى:

في العاشر من محرم الحرام سنة 61هـ قَتل الإمام الحسين -رضوان الله عليه- غدراً وظلما في كربلاء العراق.

إلى لكل من يريد أن يعرف الحقيقة في قصة الحسين نأتي بها من أوثق مصادر التاريخ، فقد كثر الكلام حول مقتل الشهيد السعيد السيد السبط الحسين بن علي -رضوان الله عليه-، واستغلها كثير من الذين في قلوبهم زيغ لنشر بدعهم وخرافاتهم، وقد تطورت بدعتهم إلى أن صارت ثأرا للحسين كما يزعمون، فقد ذبح البساسيري النساء والشيوخ في العراق بحجة الثأر للحسين، واستباح ابن العلقمي بغداد، وتواطأ مع التتار، وقتل مئات الآلاف من المسلمين بحجة الثأر للحسين، وفي زماننا كم تهدم من مساجد، وكم يُقتَّل من المسلمين في أماكن كثيرة، وكم يهجر من مستضعفين من بيوتهم، كل هذا بحجة الثأر للحسين!.

والله إن المسلمين جميعا قديما وحديثا كارهون ما وقع من قتل الحسين -عليه السلام-.

قال الحافظ ابن كثير: "كل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتل الحسين -رضي الله عنه-، فإنه من سادات المسلمين، وعلماء الصحابة وابن بنت رسول الله فاطمة -رضي الله عنها- التي هي أفضل بناته".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "منهاج السنة" (4/550): "لا ريب أن الحسين -عليه السلام- قتل مظلوما شهيدا، كما قتل أشباهه من المظلومين الشهداء.

وقتل الحسين معصية لله ورسوله ممن قتله، أو أعان على قتله، أو رضي بذلك، وهو مصيبة أصيب بها المسلمون من أهله وغير أهله، وهو في حقه شهادة له، ورفع درجة، وعلو منزلة؛ فإنه وأخاه سبقت لهما من الله السعادة، التي لا تنال إلا بنوع من البلاء، ولم يكن لهما من السوابق ما لأهل بيتهما، فإنهما تربيا في حجر الإسلام، في عز وأمان، فمات هذا مسموما وهذا مقتولا، لينالا بذلك منازل السعداء وعيش الشهداء. وليس ما وقع من ذلك بأعظم من قتل الأنبياء؛ فإن الله -تعالى- قد أخبر أن بني إسرائيل كانوا يقتلون النبيين بغير حق.

وقتل النبي -صلى الله عليه وسلم- أعظم ذنبا ومصيبة، وكذلك قتل علي -رضي الله عنه- أعظم ذنبا ومصيبة، وكذلك قتل عثمان -رضي الله عنه- أعظم ذنبا ومصيبة.

والواجب عند المصائب الصبر والاسترجاع، كما يحبه الله ورسوله".

بلغ أهل العراق أن الحسين لم يبايع يزيد بن معاوية سنة 60ه،ـ فأرسلوا إليه الرسل والكتب يدعونه فيها إلى البيعة، وبلغت الكتب التي وصلت إلى الحسين أكثر من خمسمائة كتاب.

عند ذلك أرسل الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل ليتقصى الأمور، ويتعرف على حقيقة البيعة، فلما وصل مسلم إلى الكوفة تيقن أن الناس يريدون الحسين، فبايعه الناس على بيعة الحسين في دار هانئ بن عروة، ولما بلغ الأمر يزيد بن معاوية في الشام أرسل إلى عبيد الله بن زياد والي البصرة ليعالج هذه القضية، ويمنع أهل الكوفة من الخروج عليه مع الحسين، فدخل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة، فخرج مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وحاصر قصره بأربعة آلاف من مؤيديه، فقام فيهم عبيد الله بن زياد وخوفهم بجيش الشام ورغبهم ورهبهم فصاروا ينصرفون؛ حتى لم يبق معه مسلم بن عقيل إلا ثلاثون رجلاً فقط، ثم لم تغب الشمس إلا ومسلم بن عقيل وحده ليس معه أحد!.

فقبض عليه عبيد الله بن زياد، وأمر بقتله، فطلب منه مسلم أن يرسل رسالة إلى الحسين، فأذن له عبيد الله، وهذا نص رسالته:

ارجع بأهلك ولا يغرنّك أهل الكوفة فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي.

ثم أمر عبيد الله بقتل مسلم بن عقيل وذلك في يوم عرفة، وكان مسلم بن عقيل قبل ذلك اغتر بأهل الكوفة وأرسل رسالة إلى الحسين أن اقدم، فخرج الحسين من مكة يوم التروية وحاول منعه كثير من الصحابة ونصحوه بعدم الخروج مثل ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وابن عمرو وأخيه محمد بن علي بن أبي طالب وغيرهم.

وجاء الحسين خبر مقتل مسلم بن عقيل فأراد الحسين أن يسير إلى الشام نحو يزيد، فلقيته الخيول بكربلاء بقيادة عمرو بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وحصين بن تميم فنزل يناشدهم الله والإسلام أن يختاروا إحدى ثلاث: أما أن يتركوه يذهب للجهاد في الثغور، أو يتركوه يذهب إلى يزيد في الشام، أو يتركوه أن يرجع إلى المدينة.

فأبوا إلا أن ينزل على حكم ابن زياد والي العراق، فأبى فقاتلوه ظلما وعدوانا وقتلوه ومن كان معه، فخاب وخسر من شارك في قتل الحسين ومن معه، وباء بغضب من ربه، وللشهيد الحسين ومن معه الرحمة والرضوان من الله: (وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ) [آل عمران: 198].

الخطبة الثانية:

لا يجوز للمسلم إذا تذكر قتل الحسين ومن معه -رضي الله عنهم-: أن يقوم بلطم الخدود، وشق الجيوب والنوح، وما شابه ذلك؛ فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية".

 قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "مصيبة الحسين إذا ذكرت بعد طول العهد ينبغي للمؤمن أن يسترجع فيها كما أمر الله ورسوله، وإذا كان الله -تعالى- قد أمر بالصبر والاحتساب عند حدثان العهد بالمصيبة، فكيف مع طول الزمان، فما زينه الشيطان لأهل الضلال والغي من اتخاذ يوم عاشوراء مأتما، وما يصنعون فيه من الندب والنياحة، وإنشاد قصائد الحزن، ورواية الأخبار التي فيها كذب كثير والصدق فيها ليس فيه إلا تجديد الحزن، والتعصب، وإثارة الشحناء والحرب، وإلقاء الفتن بين أهل الإسلام، والتوسل بذلك إلى سب السابقين الأولين، وكثرة الكذب والفتن في الدنيا، ولم يعرف طوائف الإسلام أكثر كذبا وفتنا ومعاونة للكفار على أهل الإسلام من هذه الطائفة الضالة الغاوية، فإنهم شر من الخوارج المارقين، وأولئك قال فيهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان"[انتهى من الفتاوى الكبرى (1/201)].

ومن العجائب: أن الشيعة يفترون على أهل السنة: أنهم الذين قتلوا الحسين -عليه السلام-، وقد مضى على استشهاد الحسين -عليه السلام- أكثر من 1300 سنة، والله يقول: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [البقرة: 134].

والحقيقة أن شيعة الكوفة هم الذين قتلوه، حيث بايعه الكثير منهم ودعوه للمجيء إليهم ثم خذلوه!

وقد انتقم الله للحسين -عليه السلام-؛ قال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (8/220): "قل من نجا من أولئك الذين قتلوا الحسين من آفة وعاهة في الدنيا، وأكثرهم أصابهم الجنون".

وقال ابن كثير أيضا: للشيعة والرافضة في صفة مصرع الحسين كذب كثير، وأخبار باطلة، وقد أسرف الرافضة في دولة بني بويه في حدود الأربعمائة وما حولها، فكانت الطبول تضرب ببغداد، ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء، ويذر الرماد والتبن في الطرقات والأسواق، وتعلق المسوح على الدكاكين، ويظهر الناس الحزن والبكاء، وكثير منهم لا يشرب الماء ليلتئذ موافقة للحسين؛ لأنه قتل عطشانا.

ثم تخرج النساء حاسرات عن وجههن ينحن ويلطمن وجوههن وصدورهن، حافيات في الأسواق إلى غير ذلك من البدع الشنيعة، والأهواء الفظيعة، والهتائك المخترعة!.

وهذا اللطم والبكاء يوم عاشوراء بدعة منكرة لم يعملها علي بن الحسين، أو محمد بن علي، أو زيد بن علي، أو جعفر بن محمد، أو غيرهم، من آل البيت -رضي الله عنهم- ولا غيرهم من أئمة الدين، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي