القيادة حوادث ومآسٍ

عبد المحسن بن عبد الرحمن القاضي
عناصر الخطبة
  1. السيارة وسيلة انتفاع إيجابية للبشر .
  2. انتشار المخالفات المرورية في مجتمعاتنا .
  3. إحصائيات مرعبة .
  4. على المسؤولين تحمل مسؤولياتهم تجاه الحوادث المرورية .
  5. القيادة نظام وأخلاق .
  6. دفع السيارات للصغار مفسدة كبيرة .

اقتباس

جولةٌ بسيطةٌ في شوارعِنا لا تحتاجُ لعناءٍ لنجدَ كمًّا هائلاً من المخالَفات المروريّة، فهذا مُسرِعٌ بل الأغلبيّة مُسرِعون، وذلك مُعاكس للسّير، وهذا يقفُ وقوفًا خاطِئا، أو في وسط الطريق، وآخرُ مجرم قاطعٌ لإشارَة المرور، وذلكَ لا يعرِفُ حرمةً لإشارات الوقوف، وهؤلاء مراهِقون يفحطون، وآخرون قد أزعَجُوا من حولَهم بأصواتِ الموسيقى. فماذا أَنتجت لنا هذه التصرفات؟!

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي دلّنا على الخير والرشاد، وحذَّرنا من الظلم والفَساد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ربُّ العباد، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله دلَّنا طريقَ السداد، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأمجاد وسلم تسليماً إلى يومِ الحشر والمعاد.

أما بعدُ:

فاتقُوا الله -أيُّها العباد-.

(وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَوَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ)، كان الإنسان يقطع للشام أو اليمن شهراً بكل عناء، فسخّر الله لنا اللهُ هذه المراكبَ، من سياراتِ مريحةِ وسريعةِ تقطعُ المسافاتِ الطويلة بوقتٍ قصير، نعمةٌ من الله لنا أن هيّأَ لنا مركباً تغدُو به وتروح وتقضي به مصالحَك، وتخيَّل حالَك وقد فقدْتَ هذه النعمةَ فأصبحتَ تحتاجُ إلى هذا وذاك، فللِّه وحدَه الحمدُ والشكر.

والسيارةُ وسيلةٌ يُنتفع بِها للجوانب الإيجابية، وحَرِيٌ بصاحبها أن يجعلَها مجلبةً للخير والنفع، لا أن تكون مفتاحَ شرٍّ أو مصدرَ قلقٍ وإزعاج أو أذى يضرُّ بِها نفسَه وغيرَه، فهي لم تُصَنع إلا لخدمةِ الإنسانِ ونفعهِ، وهي كذلك إن أحسنَ استعمالَها والتزمَ الطريقةَ المثلُى في قيادتِها، والمنهج السليم في استخدامِها، والأدبِ المروري في تنقلاتِه عليها.

جولةٌ بسيطةٌ في شوارعِنا لا تحتاجُ لعناءٍ لنجدَ كمًّا هائلاً من المخالَفات المروريّة، فهذا مُسرِعٌ بل الأغلبيّة مُسرِعون، وذلك مُعاكس للسّير، وهذا يقفُ وقوفًا خاطِئا، أو في وسط الطريق، وآخرُ مجرم قاطعٌ لإشارَة المرور، وذلكَ لا يعرِفُ حرمةً لإشارات الوقوف، وهؤلاء مراهِقون يفحطون، وآخرون قد أزعَجُوا من حولَهم بأصواتِ الموسيقى. فماذا أَنتجت لنا هذه التصرفات؟!

اسمعوا الأرقام -يا عباد الله-؛ تقولُ الإحصاءات المرورية في بلدِنا: إن هناك سبعة عشر إنسانًا يموتُ ومائة وثمانين مصابًا يومياً من الحوادث المرورية، أي: أنَّهُ خلالَ السنةِ يموتُ لدينا أكثرُ من ستةِ آلافِ شخص، ويصابُ أكثرُ من ثمانية وستين ألفًا آخرين، وخلالَ العشرِ السنواتِ الماضية توفي في الحوادث المرورية لدينا في المملكة أكثر من خمسين ألفًا، وأصيبَ أكثرُ من ثلاثمائة واثنين وثلاثين ألفًا آخرين بإعاقات دائمة، وتقدَّرُ الخسائرُ الماديةُ بحوالي عشرين مليار ريال، علماً أن هذه الإحصاءات تجاوزت عدد ضحايا حروب الأرجنتين وحرب الصحراء الغريبة وحرب الهند وباكستان وحرب الخليج، ولاحظ أن الوفيات والإصابات تحدث بشكل دائم عندنا، وأرجو -معاشر المؤمنين- أن تتأمّلوا أرقام الحوادث عندنا، والسؤالُ المهم: لماذا وصلْنا إلى هذا الحال؟! كيف أصبحت الحوادث لدينا من أعلى النسب في العالم؟! تجد إعلامنا يمكن أن يكرس أسابيع وأيامًا لقضية فَقْدِ طفلة أو ضياع عائلة بالصحراء ويركز عليها، لكنه يغفل عن تناول الحوادث المرورية وضحاياها بالآلاف، والتوعية والتحذير. ألم نفقد قبل أيام عائلة كاملة وشابين بحادث مروع -رحمهم الله-، فهل تناوله الإعلام مثلما يشغلنا ببعض القضايا!!

وإن مثل هذه الأرقام للحوادث تجعل من الواجب أن يتحدَّثَ الواعظُ والخطيبُ عن هذه الأمور التي تمسّ حياتَنا اليومية، وغفلتنا عن الحديث عنها ينذر بخطرٍ داهم، أَهانت علينا الدماءُ إلى هذه البساطة؟! كم من عائِلة فقَدَت أبناءَها أو تيتَّم أولادها أو هم معاقون فقدوا البصر أو الأطراف أو القدرة على الحركة، وآخرون لم يجِدوا إلا باطن الأرض!! لو كنا في معركة حربيّة أو وباء فتاك وكنا نفقد هذه الأعداد لكانت فاجعة، حرَّكَت همَّتنا لحلِّها ونحنُ في عشرِ سنوات نفقدُ عشَرات الألوف تحتَ هذا الحدِيد الذي لا يرحم؛ أنفلونزا الطيور وغيرها من الأوبئة أشغلنا الإعلام عنها وضحاياها أفراد كفانا الله شرها، بينما حوادث تميت الآلاف، والحديث عنها قليل، وهي مشكلة حلها عندنا... وكلٌ بحسبه، فالحلُّ أن نبدأَ بأنفسنا فنخُطّئها، لماذا لا نلزمْ أنفسَنا باتباعِ قواعدِ المرور وتعليماته وهي من الواجباتِ؟! وكلُّ من خالفَها وهو عالمٌ عنها فهو آثم، ويكبرُ الإثمُ كلّما كبرُ الخطأ؛ أفتى بذلك عددٌ من العلماء، فالطرقُ هي مسالكُ الناسِ إلى شؤونِهم، وتعليماتُ المرور مبنيةٌ على دراساتٍ واحتياطاتٍ، ومخالفَةُ هذه التعليمات يسبّبُ المصائبَ والنكبات، فالمسلمُ ينبغي عليه أن يكفَّ أذاه عن الناسِ، ولا شكَّ أن بعضَ السائقين يؤذي غيره حينما يقودُ بتهوّر أو يُجرم بقطع الإشارةَ، سواءٌ نتجَ عن هذا حادثٌ أم لا، وكذلك من يعكسُ اتجاهَ السير قد آذى عباد الله، ومن وقفَ وقوفاً خاطئاً أو أقفل الطرقات، ومن يمارسُ التفحيط قد آذى نفسَه وغيرَه وإن ماتَ يعدُّه البعضُ منتحراً.

إنَّ في هذا الإيذاءَ سيئاتٌ تكتبُ على العبد، نسألُ الله السلامة، والبعضُ يتهاونُ في ذلك: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا)، (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا)، فالسكينة السكينة يا صاحب السيارة، فهذا حديدٌ لا يرحم، وخطأٌ واحد يكلّفُ مآسي لا تندمل.

ألا ترون في محافظتنا هذه كم فقدنا من شخصٍ؛ شبابٌ وكبار ونساءٌ وصغار أحزنُوا أسراً ويتَّموا أسراً ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله!! وإن وضع الحلول والتوعية والحواجز والمطبات مهم لتخفيف هذه الحوادث.

إن حجمَ حوادثَ السيرِ والقتلى لدينا يستدْعي من كلِّ مسؤولٍ وإنسانٍ في هذه المحافظةِ أن يبذلَ جهدَه في تقليلِها وضبطِ نظامِها، تجدُ أننا نغضبُ من نظامِ ساهر مثلاً أو الغراماتِ، ولا نجتهدُ لضبطِ أبنائِنا في الطرقِ، فجهازُ المرور مسؤولٌ عن تطبيق العقوبات الصارمة والأنظمة القائمة وتكثيف دوريات المراقبة، والبلديةُ مسؤولةٌ عن ضبطِ الشوارعِ والإشاراتِ والطرق ووضعِ السُبل الكفيلة لتهدئة السرعة.

أين دورُ التعليمِ في توضيحِ الخطرِ لأَبنائِنا الطُلاب؟! أين دورُ الإعلامِ الذي يَملأُ الدنيا كذباً وإثارة ويغفل عن مَخَاطِر الحوادثِ والمخالفات؟! أين دور المسجد والإمام والمثقف من كل ذلك؟! والآباء مسؤولون عن إعطاء أبنائهم سيارات وهم دون السن القانونية، وعن معرفتهم بأساليب القيادة، وضبط السيارة، وتصرفاتهم مع الحوادث ومراقبتهم، وكيف يفعلون بسياراتهم حتى لا يتورطوا بأذية غيرهم!! ولدينا غفلة كبيرة من الأسر عن أبنائهم مع السيارات.

أيها الإخوة: مقولةُ: "القيادةُ نظام وأخلاقٌ"، يا ليت كلَّ سائقٍ يتصفُ بها، فليست المهارةُ في السرعةِ والتفحيط، ولكنَّ حسنَ القيادَةِ في حسنِ التصرفِ والهدوءِ والرويّةِ وتجنّبِ الوقوعِ في المهالكِ أو إيقاعِ الآخرين بها. والذوقُ يتجلّى في إكرامِ الآخرين حينما تتركُ حقَّك في العبور لغيرك، فيكونُ هذا خلقاً لك، ومن الأخلاق الوقوف الصحيح، وعدمِ الإقفالِ على الآخرين، وهذا ما يحدثُ حين نشاهدُ السياراتِ بعد الصلاة -وهم جاؤوا لطلبِ الأجر- كيف تكون!! فالبعض يضيقُ الطريق أو يغلقُ المكان على سيارةٍ أخرى، يريد القرب حتى لا يمشي خطواتٍ بسيطة.

أيُُّها المسلم: السيارة نعمة من الله، لماذا تجحدُها وتستعملُها في المعصيةِ والإيذاء أو للاستعراضِ والإزعاجِ ورفعِ الصوت والمعاكسات وغيرها؟! أهكذا تعاملُ نعمةَ اللهِ عليك؟! كم سببت السرعةِ وقطعُ الإشاراتِ وعدمُ تفقدِ السيارةِ والتهاونِ في إصلاحِها من مآسٍ!!

إن النفسَ إذا أُتلفتَ بالموت نتيجةَ حادثِ سيارة كان صاحبها سبباً في موت غيره وحرمانِه من أهلهِ وأصدقائهِ وجيرانهِ ومجتمعهِ منه، وكان سببًا في ترميلِ زوجتهِ وتيتيمِ أَولاده، وإن كان البعضُ قد استرخصُوا الدماءَ وأصبحت لا تهمُّهم ولا يأبهون لها لأن هناك من سوفَ يدفعُ عنهم فإنه يبقى حقُّ الله الذي لا يمكن التنازلُ عنه بالاستهتارِ.

كما أن كثيراً من الناس اعتادَ التجمهر لمشاهدة الحوادث وتصوريها في عادة سيئة -وقد يكون فيها نساء- ليس للعبرة وإنما للشهرة والحكاية، ولو طلب من أحدهم مساعدة لتراجع عن ذلك. ومن الضرورات الملحّة إصلاح الطرقات التي نشتكي من فساد بعضها وقِدَمِه أو ضيقها أو كثرة الحفر فيها؛ ما يجعلنا جميعاً معرضين للخطر.

من الخطرِ عدمُ وجودِ إشاراتِ المرورِ في التقاطعاتِ الخطرة، ومحاولةُ إلغائِها بلا فائدة أو عدمُ وضعِ المطباتِ لتهدئةِ السرعةِ؛ ما يجعلُ السائقَ لا ينتبه، فعلى أولي الأمر والمسؤولين أن يعطُوا أهميةً بالغةً للنقلِ وعناية تامة بالطرقات والاهتمام بأمنِ الطرق وضبطِ السرعات، وعلينا نحنُ الحرص في قيادتِنا وقراءةِ الأورادِ والأدعيةِ الحافظةُ لنا ولأولادنِا، والله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين.

فاتقوا الله -عباد الله-، اعكسوا جمال الإسلام بتصرفاتكم، فنحنُ -المسلمين- أحقُّ بالأخلاقِ من غيرنا.

معاشر الشباب، يا زهرةَ شبابِ الأُمة: الأخلاق الأخلاق، والسكينة السكينة بقيادة السيارة، وقدّروا نعمتها، وكونوا شباباً تفخرُ الأُمةُ بكم وبأخلاقِكم، كفى قتلاً لأنفسِكم وللناس، أصبحَ الخارجُ منكم مفقودًا والداخلُ للبيتِ مولودًا، حوادثُ مفجعةٌ ومميتةٌ، سرعةٌ هائلة داخل المحافظة وحتى داخل الحارات، قطع للإشارات، تفحيطٌ ينتهي بكارثة، من المستفيد من هذه الفوضى؟! أين عقولُكم؟! أليس بقلوبِكم رحمةٌ لآبائِكم وأمهاتِكم الذين تقطعت قلوبهم خوفًا عليكم؟! ألا ترون من مات منكم؟! ألا تخافون من عقاب الله حين يتعدى ضرركم للغير؟! أخاطب عقولكم، أخاطب شهامتكم، أخاطب نخوتكم، دعونا نعيش بسلام، دعوا والديكم ينامون قريري العين.

لابد -عباد الله- من تكاتف الجميع -حكومة وشعباً وإعلاماً ومساجد- لإيقاف هذا النزيف الذي أقضّ مضاجعنا وقضى على شبابنا، نريد أنظمة تطبيق ولا يُتهاون بها، فلماذا ترى من يسافر يلتزم بالنظام وفي بلادنا يمارسون الفوضى، هداهم الله.

نسأل الله -جلَّ وعلا- أن يحفظ شبابنا من كل سوء، ويحمي شوارعنا من هدر الدماء، ويرحم موتانا ويشفي مرضانا ويصلح أحوالنا؛ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (جَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ).

أقول قولي هذا...

الخطبة الثانية:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

قال تعالى: (وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا * وَابْتَلُواْ اليَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ)، هذه الآية نزلت في شأن الولي القائم على اليتيم، ولكنها تشمل كل من كان تحت يده صبيان، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فالله -عزّ وجل- يطلب منا أن لا ندفع بأموالنا التي جعل الله فيها مصالحنا الدينية والدنيوية للسفهاء، والسفيه هو الذي لا يحسن التصرف بالمال.

ولا شك -عباد الله- أن السيارات من الأموال، ودفعها للسفهاء من الصغار مخالفة صريحة للقرآن الكريم؛ لأن السفيه سوف لا يحسن التصرف بهذه السيارة، فمن عادته السرعة أو التفحيط أو التهور في القيادة أو فقدان السيطرة على السيارة في المواقف المفاجئة أو إهمال السيارة حتى يلحقها الأذى والضرر.

والملاحظ أن كثيرًا من الآباء اليوم يدفعون بسياراتهم لأبنائهم أو شراء سيارات جديدة لهم، إما تحت إلحاح الولد أو أمه، وإما برغبة الأب في أن يريحه ابنه من بعض المهمات، ويكون ذلك على حساب ما ذكرنا من حصول مصائب أو مضايقات وإزعاج للناس، وإن نظرة واحدة لمدارس أبنائنا الصغار تنبئك عن حجم قيادتهم للسيارات وهم دون السن القانونية، ولا يعطى الابن سيارة إلا بعد التأكد من التزامه بالنظام ولديه حسن التصرف، ليس المهم أن يجتاز الابن اختبارات رجال المرور، ولكن الأهم من ذلك كيف يتصرف إذا جلس خلف عجلة القيادة، هل يعرف قيمة الذي يركبه ويقدّره ويحافظ عليه وعلى نفسه وعلى ممتلكات الآخرين وأرواحهم، ولا يؤذي غيره بتصرفه مع السيارات؟! أم أن به طيشًا واستهتارًا ولا مبالاة؟! ولا يهتم بمشاعر الآخرين وحقوقهم؟! هذا كله مسؤولية للأسر، وهي مسؤولية عظمى عليهم، فكلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته.

إن بعض الآباء لا يخافون من الله حين يضيعون الأمانة بإعطاء الصغار السيارات، أو بإهمالهم والسكوت عن أخطائهم تجاه الغير، حتى تحدث المصيبة العظمى بالقتل في الشوارع، والأمثلة كثيرة.

فاتقوا الله -أيها الآباء-، أعينوا المسؤولين على حفظ شوارعنا آمنةً من القتل والإيذاء وإيقاع العقوبة على المخالف.

نسأل الله -جل وعلا- أن يحفظ شبابنا من كل سوء، ويحمي شوارعنا من هدر الدماء، ويرحم موتانا ويشفي مرضانا ويصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان؛ إنه سميع مجيب.

اللهم فرج كرب إخواننا في سوريا، واحقن دماءهم، واستر أعراضهم، وانصرهم وحقق الأمن والأمان في ديارهم، واحفظ على بلادنا أمنها وأمانها واستقرارها يا رب العالمين.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي