إن العبد إذا سلِم من فتنة الشبهات والشهوات حصل له أعظمُ غايتين مطلوبتين، بهما سعادتُه وفلاحُه وكمالُه، وهما الهدى: أي العلم، والرحمةُ: أي الإيمان، قال تعالى عن موسى وفتاه: (فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) [الكهف:65] فجمع الله له بين الرحمة والعلم، فمن سلم من فتنة الشبهات والشهوات جُمع له بين الهدى والرحمة، والهدى والفلاح، ولا يكون ذلك إلا في المحل القابل، وهو قلب المؤمن ..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره
أما بعد: فيا عباد الله اتقوا الله حق التقوى.
معاشر المسلمين:
روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يتقارب الزمان، وينقص العلم، ويُلقى الشحُ وتظهر الفتن، ويكثر الهرج "، قالوا: يا رسول الله، أيما هو؟ قال: " القتل القتل ". والمراد: هو القتل بين المسلمين.
وروى البخاري أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي من تشرف لها تستشرفه فمن وجد فيها ملجأ أو معاذاً فليعذ به "؛ والمعنى أنه لا يشارك فيها أبداً؛ لأنها قتال بين مسلمين. وفي رواية لمسلم من حديث أبي بكرة رضي الله عنه: " ألا فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه " قال: فقال رجل: يا رسول الله أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض، قال: " يعمد إلى سيفه فيدقُّ على حده بحجر "؛ والمعنى أنه يتلف سيفه؛ لكي لا يقتل به مسلماً. وهذا من تعظيم الدماء بين المسلمين قال: " يعمد إلى سيفه فيدقُّ على حده بحجر، ثم لينج إن استطاع النجاء، اللهم هل بلغت؟، اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ " قال: فقال رجل: يا رسول الله: أرأيت إن أكرهت حتى يُنطلق بي إلى أحد الصفين أو إحدى الفئتين فضربني رجل بسيفه، أو يجيء سهم فيقتلني قال: " يبوء بإثمه وإثمك ويكون من أصحاب النار ".
وروى البخاري ومسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال: بينا نحن جلوس عند عمر إذ قال: أيكم يحفظ قول النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ قال حذيفة: فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال: ليس عن هذا أسألك، ولكن التي تموج كموج البحر - أي التي تتقلب ويشتبه فيها الحق والباطل- قال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها باباً مغلقاً، قال عمر: أيكسر الباب أم يفتح؟ قال: لا بل يكسر، قال عمر: إذا لا يغلق أبداً، قلت: أجل، قلنا لحذيفة: أكان عمر يعلم الباب، قال: نعم، كما يعلم أن دون غد ليلة، وذلك أني حدثته حديثاً ليس بالأغاليط، فهبنا أن نسأله: مَنْ البابُ فأمرنا مسروقاً فسأله، فقال: مَنْ البابُ؟ قال: عمر.
قال البخاري في صحيحه: باب الفتنة التي تموج كموج البحر، وقال ابن عيينة، عن خلف بن حوشب: كانوا يستحبون أن يتمثلوا بهذه الأبيات عند الفتن، قال امرؤ القيس:
الحـرب أولُ ما تكـونُ فتيـةً *** تسعى بزينتها لكـل جهولِ
حتى إذا اشتعلت وشب ضرامها *** ولَّت عجوزاً غيرَ ذاتِ حليلِ
شمطـاء يُنكَرُ لونهـا وتغيَّـرت *** مكروهةً للشـمِّ والتقبيـلِ
فكانوا يتذكرون بإنشاد هذه الأبيات إغراء الفتنة في بدايتها، ثم سوء عاقبتها في نهايتها؛ لما تجره من المفاسد الراجحة على الأسباب الباعثة على قيامها.
أيها المسلمون: لقد اقتضت حكمة الله تبارك وتعالى أن يبتلي عباده بما يمحصهم؛ ليتبين الصادقُ من الكاذب، والمؤمنُ من المنافق، والطيبُ من الخبيث، وذلك بالفتن التي تموج كموج البحر فتكون هي كير القلوب، ومحك الإيمان، وبها يتبين الصادق من الكاذب، ومن يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه، ومن يقف عند حدود الله ممن تتلعب به الأهواء.
ولا يمكن أن ينفك المسلم عن الفتنة، ولكنه يتعوذ بالله من مضلاتها؛ فالفتنة بمفهومها الواسع تخالطنا في كل مكان، كالأموال والأولاد، والله يقول: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)[التغابن: 15] قال مقاتل: أي بلاء وشغل عن الآخرة، وقال الزجاج: أعلمهم الله عز وجل أن الأموال والأولاد مما يفتنون به، وهذا عام في جميع الأولاد فإن الإنسان مفتون بولده؛ لأنه ربما عصى الله تعالى بسببه وتناول الحرام لأجله ووقع في العظائم إلا من عصمه الله تعالى، ويشهد لهذا ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما وعليهما قميصان أحمران يعثران فنزل النبي صلى الله عليه وسلم إليهما فأخذهما فوضعهما في حجره على المنبر وقال: صدق الله (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)[التغابن: 15] رأيتُ هذين الصبيين فلم أصبر عنهما. أخرجه أبو داود.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: " لا يقولن أحدكم اللهم إني أعوذ بك من الفتنة فإنه ليس منكم أحد إلا وهو مشتمل على فتنة؛ لأن الله تعالى يقول: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)[التغابن: 15] فأيكم استعاذ فليستعذ بالله تعالى من مضلات الفتن ".
ومن الفتن التي لا ينفك عنها المرء ما ذكره الله في قوله: (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً)[الفرقان: 20]، وهذا عام في جميع الخلق؛ فالله سبحانه امتحن بعضهم ببعض فامتحن الرسل بالمرسل إليهم ودعوتهم إلى الحق والصبر على أذاهم، وامتحن المرسل إليهم بالرسل وهل يطيعونهم وينصرونهم ويصدقونهم أم يكفرون بهم ويردون عليهم ويقاتلونهم، وامتحن العلماء بالجهال هل يعلمونهم وينصحونهم ويصبرون على تعليمهم ونصحهم وإرشادهم ولوازم ذلك، وامتحن الجهالَ بالعلماء هل يطيعونهم ويهتدون بهم، وامتحن الملوك بالرعية والرعية بالملوك، وامتحن الأغنياء بالفقراء، والفقراء بالأغنياء، وامتحن الضعفاء بالأقوياء، والأقوياء بالضعفاء، وامتحن الرجل بامرأته، وامرأته به، وامتحن الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، والمؤمنين بالكفار، والكفار بالمؤمنين، وامتحن الآمرين بالمعروف بمن يأمرونهم، وامتحن المأمورين بهم.
معاشر المسلمين: لقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الفتن، وأشهد ربه على بلاغه لأمته، والفتن التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم نوعان: فتن الشبهات وهي أعظم الفتنتين، وهي التي تدخل دخولاً أولياً في التحذير الوارد في الأحاديث، والنوع الثاني: فتن الشهوات، وهي التي لا يسلم منها أحد، وقد يجتمعان للعبد وقد ينفرد بإحداهما.
وفتن الشبهات تنتج من ضعف البصيرة وقلة العلم ولا سيما إذا اقترن بذلك فساد القصد، وحصول الهوى، فهنالك الفتنة العظمى والمصيبة الكبرى فقُل ما شئت في ضلال سيء القصد الذي يتحاكم إلى الهوى لا إلى الهدى، مع ضعف بصيرته وقلة علمه بما بعث الله به رسوله فهو من الذين قال الله تعالى فيهم: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ) [النجم: 23].
وقد أخبر الله سبحانه أن اتباع الهوى يضل عن سبيل الله فقال: (يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) [صّ:26].
وفتن الشهوات مآلها إلى الكفر والنفاق، أو الخروج على جماعة المسلمين بالشقاق، وهي فتنة الخوارج والمنافقين وأهل البدع قديماً وحديثاً، على حسب مراتب بدعهم فجميعهم إنما ابتدعوا، ووقعوا في المزالق الخطيرة بسبب فتنة الشبهات التي اشتبه عليهم فيها الحق بالباطل، والهدى بالضلال.
معاشر المسلمين: فتنة الشبهات وما أدراكم ما فتنة الشبهات؟ ما قتل عثمانُ وعليٌ إلا بفتنة الشبهات، وما أصيب الدين في القديم والحديث إلا بفتن الشبهات، وما حلت المصائب بكثير من بلاد المسلمين إلا بالشبهات، ولا ينجى من هذه الفتنة العظيمة إلا تجريد اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وتحكيمِه في دقِّ الدين وجلِّه، ظاهرِه وباطنِه، عقائِده وأعمالِه، حقائقه وشرائعه، فيتلقى المؤمن عن المصدرين القرآنِ والسنةِ بالرضى والتسليم، ويجمع بين النصوص ولا يفضل بعضها على بعض، ولا يغلو في بعضها على حساب بعض، بل يدخل في الإسلام كافة، ويأخذ الإسلام بكماله وجماله. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) [البقرة: 208]، ويستعين في فهم النصوص والجمع بينها بفهم السلف الصالحين، ثم من أخذ علمهم من العلماء الربانيين.
ويحكِّم الوحيينِ في كل ما يشكل عليه، ويتلقى عن النبي صلى الله عليه وسلم في جهاده، كما يتلقى عنه في صلاته، فلا يجعله رسولاً في شيء دون شيء من أمور الدين، بل هو رسولٌ في كل شيء تحتاج إليه الأمة في العلم والعمل، لا يُتلقى إلا عنه، ولا يؤخد إلا منه، فالهدى كله دائر على أقواله وأفعاله، وكل ما خرج عنها فهو ضلال، فإذا عقد الإنسان قلبه على هذا الاتباع، وأعرض عن كل شيء سواه ووزنه بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن وافقه قبله، وإن خالفه رده ولو قاله من قاله؛ فهذا الذي ينجيه من فتنة الشبهات بإذن الله.
فمتى سلَّم العبد لنصوص الوحيين كلِّها دون تحريف ولا تأويل ولا تعطيل، وفهمها بما فهمها السلف الصالحون والعلماء الربانيون عصم بإذن الله من الفتن، ومتى ما فرط في ذلك أصابه من فتن الشبهات بحسب ما فاته من التسليم والاتباع للنصوص.
معاشر المسلمين: وإذا تأملنا في حادث الأسبوع المنصرم الذي قتل فيه مسلمون من الجنسية الفرنسية وصلي عليهم في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة نجد أن الذين أقدموا على قتلهم قد أقدموا على أمر شنيع، وارتكبوا في دين الله كبيرة من كبائر الذنوب توعد الله فاعلها بالنار، فقال سبحانه: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا) [النساء: 93]، وعد النبي صلى الله عليه وسلم هذا العمل في الموبقات التي توبق على المرء دنياه وآخرته، فقال صلى الله عليه وسلم: " اجتنبوا السبع الموبقات، وذكر منها: قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ".
وإذا أردنا أن نعرف كيف وصل القتلة -الذي لم نعرفهم إلى اليوم، ولكن عرفنا ظاهر الحال، وقرائن وضعهم- إذا أردنا أن نعرف كيف وصلوا إلى حالتهم هذه عندما يقتلون مسلماً يقول: ربي الله، بمجرد أن له بشرة حمراءَ أو صفراءَ، نجد أنهم ما عملوا بالعواصم من الفتن والمنجيات منها، بل شخصوا إلى الفتنة، وتشرفوا إليها، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من تشرف لها تستشرفه -والعياذ بالله- فهؤلاء تشرفوا للفتنة فاستشرفتهم، وهؤلاء في أول أمرهم أعرضوا عن العمل بالنصوص كلها، وغلو في بعضها على حساب بعض، فلم يقابلوها كلَّها بالرضى والتسليم، ولم يجمعوا بينها كما فعل أهل العلم الشرعي، وأعجبوا بآرائهم وقدموها على فهم السلف وأهل العلم، ونُصحوا فلم ينتصحوا، ولم يتلقوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في جهادهم كما تلقوا عنه في صلاتهم، فكان عاقبة أمرهم خسراً، ونهاية حالهم إعراضاً عن الحق وهَجْراً، وقد يكون باعثُهم على تخريبهم وإفسادِهم هوىً متبع، فضلالهم لا يكون إلا من عمى في البصيرة، أو من فساد في الإرادة.
نسأل الله أن يرزقنا الصبر واليقين والبصيرة في الدين.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه وصلاة الله وسلامه على أشرف رسله وخاتم أنبيائه...
أما بعد فيا عباد الله: وأما النوع الثاني من الفتنة: ففتنة الشهوات، ولهذا كان السلف يقولون: " احذروا من الناس صنفين: صاحبِ هوى قد فتنه هواه، وصاحب دنيا أعمته دنياه "، وكانوا يقولون: " احذروا فتنة العالم الفاجر، والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون ".
وأصل كلِّ فتنة إنما هو من تقديم الرأي على الشرع، أو الهوى على العقل، فالأول: أصل فتنة الشبهة، والثاني: أصل فتنة الشهوة. ففتنة الشبهات: تدفع باليقين، وفتنة الشهوات: تدفع بالصبر، ولذلك جعل سبحانه إمامة الدين منوطة بهذين الأمرين فقال: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ) [السجدة:24] فدل على أنه بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين.
وقد جمع بينهما سبحانه في قوله: (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)[العصر: 3]، فتواصوا بالحق الذي يدفع الشبهات، وبالصبر الذي يكف عن الشهوات، وجمع بينهما في قوله: (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ) [صّ:45] فالأيدي: القوى والعزائم في ذات الله، والأبصار: البصائر في أمر الله.
معاشر المسلمين: إن العبد إذا سلِم من فتنة الشبهات والشهوات حصل له أعظمُ غايتين مطلوبتين، بهما سعادتُه وفلاحُه وكمالُه، وهما الهدى: أي العلم، والرحمةُ: أي الإيمان، قال تعالى عن موسى وفتاه: (فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) [الكهف:65] فجمع الله له بين الرحمة والعلم، فمن سلم من فتنة الشبهات والشهوات جُمع له بين الهدى والرحمة، والهدى والفلاح، ولا يكون ذلك إلا في المحل القابل، وهو قلب المؤمن، وهو قلب العبد المتقي المنيب إلى ربه الخائف منه الذي يبتغي رضاه، ويهرب من سخطه، كما قال تعالى: ((فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ ) [التوبة:124-125]، وقال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً) [الإسراء:82]
فالهدى في حق الظالمين والذين في قلوبهم مرض مقصور على البيان وإقامة حجة، ولا يتضمن توفيقاً وإرشاداً، فلم يتصل الهدى في حقهم بالرحمة، وأما المؤمنون فاتصل الهدى في حقهم بالرحمة، فصار القرآن لهم هدى ورحمة، ولأولئك الذين أصيبت قلوبهم بأمراض الشبهات هدى بلا رحمة، ولذلك أرشد الله عباده المؤمنين إلى الفرح بفضل الله ورحمته؛ لأن كثيراً من البشر قد حرموا منها فقال سبحانه مخاطباً نبيه: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس:58].
اللهم إنا نعوذ بك من مضلات الفتن، اللهم إنا نعوذ بك من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم ارزقنا الصبر واليقين والإمامة في الدين.
اللهم صل على محمد
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي