قصة نجاة موسى عليه السلام وقومه وخروج بني إسرائيل من مصر والرجل المؤمن

مسفر بن سعيد بن محمد الزهراني

عناصر الخطبة

  1. قصة مؤمن آل فرعون
  2. ابتلاء فرعون وقومه بصنوف الابتلاءات
  3. خروج موسى عليه السلام وبني إسرائيل من مصر
  4. إغراق فرعون وجنوده
  5. إلقاء جثة فرعون على الساحل ليكون عبرة

الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه وأشكره وأثني عليه الخير كله، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله-، واحمدوه على ما منَّ به عليكم من نعم، واشكروه أن هداكم للإسلام.

عباد الله: بعد أن أظهر الله -عز وجل- حجة موسى -عليه السلام- على فرعون واستمر في دعوته إلى الله، قام فرعون وقومه بالتآمر على قتل موسى، فذلك أقرب طريق أمامهم، وأدنى السبل لبقاء ملكهم، بعد أن أعيتهم الحيل، وسُدَّت أمامهم منافذ الخلاص.

وبينما هم في أخذٍ وردٍّ في تآمرهم على قتل موسى، إذ وقعت المروءة والشجاعة في قلب رجل مؤمن من آل فرعون أنار الله بصيرته، وكشف له سبيل الرشد والإيمان، فدافع عن موسى أشد الدفاع، وقال لهم: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾ [غافر:28].

ثم بدأ هذا الرجل المؤمن من آل فرعون يذكرهم ببأس الله وبطشه فقال: ﴿يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ(34)﴾ [غافر29 :34].

لكن قوم فرعون رغم قوة حجة الرجل المؤمن قاوموه وكذبوه ليلجئوه إلى صفهم ورأيهم فقال: ﴿وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ(44)﴾ [غافر41 :44].

ضاق القوم بهذا الرجل الذي فاجأهم برأيه، وسفه آراءهم بهديه، فناوءوه وسفهوه وهموا به ليقتلوه، فأنجاه الله -عز وجل- منهم، فقال الله تعالى: ﴿فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ﴾ [غافر:45].

استمر موسى في دعوته لا يثنيه وعيد ولا يخيفه تهديد، يدعو فرعون إلى الإيمان بربه، وأن يطلق معه بني إسرائيل، ولكن فرعون الطاغية الجبار جمع قومه يريد أن يبهرهم بالقوة، ويثبتهم على الكفر والمذلة، قال: ﴿يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54)فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآَخِرِينَ(56)﴾ [الزخرف51 :56].

وقبل الإهلاك والإغراق لفرعون وقومه أخذهم الله -عز وجل- بنقص في الأموال والأنفس والثمرات، فنضب النيل، وغاض ماؤه، وقصر عن إرواء أراضيهم، فنقصت ثمراتهم، وذوى عود خيرهم، ثم أغرقهم الطوفان من مطر السماء، فأضر بما بقي من الزرع والضرع، ثم زحف عليهم جراد أكل الثمار والأزهار، واستولى عليهم القمل فأقض مضاجعهم وأقلق رقادهم، وابتلوا بالضفادع فنغصت عيشتهم، واحتشد جمعها في طعامهم وشرابهم وبين ملابسهم، وسلط عليهم الرعاف من أنوفهم -أي خروج الدم-.

ثم محق الله أموالهم وأهلكها جزاء كفرهم وعنادهم؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (131) وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ(137)﴾ [الأعراف130 :137].

وكما في هذه الآيات وغيرها فإن الله -عز وجل- يكشف العذاب والبلاء عن فرعون وقومه بعد أن يطلبوا من موسى أن يدعو الله ليكشف عنهم البلاء، فلما كشفه الله -عز وجل- عادوا لنقض العهد وخانوا حتى انتقم الله منهم بإغراقهم كما سنتحدث عنه مستقبلاً.

وكما تعلمون كان فرعون وقومه يؤذون بني إسرائيل، ويكذبون ما جاء به موسى وأخوه هارون، فعزم موسى بعد أن أوحى الله إليه أن يخرج بهم من مصر إلى الأرض المقدسة، وقد سهل الله إليها طريقهم، فساروا حثيثًا يدفعهم الخوف ويعصمهم الإيمان، حتى قطعوا رقعة اليابسة المصرية، وإذا بهم أمام بحر لجي يقف سدًّا منيعًا دون غايتهم، فساورهم القلق، واستولى عليهم الجزع، ودخل نفوسهم الروع والفزع؛ لأن فرعون وقومه جدوا في السير في طلبهم، وأوشكوا أن يقتربوا منهم لأنهم -على حد زعمه- عبيد آبقون، وأتباع مارقون، وقد كان فرعون جيّش جيشه، وحشد خيله ورجاله، وسار وراء موسى ومن تبعه، فقربوا منهم، فهاج بنو إسرائيل، وتقطعت نفوسهم همًّا وحسرة، وصاح أحد قوم موسى فيه مستنجدًا: يا كليم الله: أين تدبيرك؟! ها قد أدركنا عدونا؟! فالبحر أمامنا، والعدو وراءنا، وليس لنا من الموت محيص ولا مفر.

فقال موسى: لقد أمرت أن أتجه إلى البحر، ولعلي أومر الآن بما أصنع.

فسار الأمل في نفوسهم، وأوحى الله -عز وجل- إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر، فضربه فإذا باثني عشر طريقًا بعدد بطون بني إسرائيل، فهيأ الله -عز وجل- لهم في البحر طريقًا عظيمًا، قال تعالى: ﴿فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى ﴾ [طه:77]

فأصبح في البحر طريق، وعلى كل جانب كالجبل العظيم من المياه، فدخلوا بأمر من الله حتى خرجوا من الجهة الأخرى سالمين، وإذا بفرعون وجنود خلفهم يتأهبون ليسلكوا من البحر مسالك بني إسرائيل التي عبروا منها حتى يلحقوا بهم، فعاد الخوف والقلق إلى نفوس بني إسرائيل بعد أن أظلهم الأمن، وهنا همّ موسى أن يدعو البحر ليعود إلى حاله حتى يحول بينهم وبين فرعون ويحجزهم حتى لا يبطشوا بهم في كل زمان ومكان، فأوحى الله -عز وجل- إلى موسى أن يترك البحر ساكنًا على حاله؛ لأنه سبحانه له أمر آخر.

تلفّت فرعون وجنوده، فإذا سبل البحر مفتحة أمامهم، فأخذهم الغرور والضلال، فأمر فرعون جنوده إلى عبور البحر، فلما وصلوا إلى عرضه ودخلوا فيه جميعًا انطبق عليهم فأغرقهم أجمعين، فصاروا مثلاً للآخرين، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ(92)﴾  [يونس90 :92]. وللحديث بقية في الخطبة الثانية إن شاء الله.

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، ونسأل الله الذي أهلك فرعون وقومه بالغرق بسبب كفرهم وتكذيبهم، ونجا موسى وأخاه هارون وقومهما، أن ينجنا وإياكم من كل سوء ومكروه، وأن يجعلنا من المتعظين المعتبرين، أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، ينجي المتقين ويهلك الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله -عباد الله- وأطيعوه واحمدوه واشكروه.

عباد الله: لما انطبق البحر على فرعون وقومه انطباقًا صاخبًا سأل بنو إسرائيل موسى -عليه السلام-: ما هذه الضوضاء؟! فقال لهم موسى: إن الله أغرق فرعون ومن معه، وأهلكهم وقد رسخ في عقولهم أن فرعون لا يموت حسب وهمهم، ولكن هذه قدرة الله -عز وجل-، عند ذلك أمر الله -عز وجل- البحر أن يلقي جثة فرعون على ساحله ليراها بنو إسرائيل ويصدقوا ويذهب خوفهم واعتقادهم أنه لا يموت، فنظر بنو إسرائيل إلى جثته داهشين ذاهلين، ليكون آية لمن خلفه، آية ناطقة على قدرة الله ومعجزته، وذلك غاية الإنعام الذي تفضل به رب العالمين على موسى وقومه.

آمن فرعون الطاغية عندما رأى الموت وأنه لا نجاة له من الغرق، ولكن الله -عز وجل- لا يقبل إيمان المرء حال اليأس والاحتضار؛ قال الله تعالى: ﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾ [غافر:85].

بعد ذلك أنبأ الله عما أنعم به على بني إسرائيل إثر نعمة أن أنجاهم من عدوهم وإهلاكه، وإخلالهم بشكرها وأداء حقوقها بقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ [يونس:93].

لقد امتن الله -عز وجل- على بني إسرائيل بنعم وفيرة، وأفاض عليهم من نعم الأرض، ثم إنهم تفرقوا بعد ذلك على مذاهب شتى في أمر دينهم، وكان الواجب عليهم أن لا يختلفوا عندما آتاهم الله -عز وجل- العلم، فالاختلاف في الدين هو أساس التفرق والضعف.

بعد ذلك قال الله تعالى لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-: الذي أنزل عليه خبرهم قرآنًا يتلى إلى يوم القيامة: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ [يونس:94].

ورسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- لا يشك فيما أنزل الله عليه، وإنما قال الله -عز وجل- له ذلك ليزداد يقينًا، ويزداد قلبه طمأنينة، ويتوقى في الدعوة إلى الله -عز وجل-.

فصلوا عليه -عباد الله- فقد صلى عليه الله -عز وجل- وملائكته، وأمرنا بالصلاة والسلام عليه فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب:56].

اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.  


تم تحميل المحتوى من موقع