أسباب المغفرة المشروعة كثيرة؛ أعظمها وأجلها توحيد الله تعالى، ومن فقده فقد المغفرة؛ قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)، ومن حقق كلمة التوحيد في قلبه، أحرقت ذنوبه وخطاياه، ولو كانت مثل زبد البحر.
الخطبة الأولى:
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله السراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم إلى يوم البعث والمصير.
أما بعد:
ألا إنما التقـوى هـي العـزّ والكـرم *** وحـبك للدنيـا هو الذل والعدم
وليس على عبـد تقـي نقــيصـة *** إذا حقق التقوى وإن حاك أو حجم
فالتفاضل بين الناس، والتمايز بين الخلق إنما يكون بتقوى الله؛ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).
أيها المسلمون: إن لنا فيما يجري في معترك الحياة لعبرة، وفيما يعرض من المصائب تذكرة، والعالم من حولنا مليء بالأحداث المفجعة، والويلات المدمرة، فتن وآلام، وأوبئة وأسقام، وفي خاصة المرء وما يدور في مجتمعه، يسمع ويرى احتباس الأمطار، وغلاء الأسعار، يجد قلاقل وأحزانًا وهمومًا، ويصاب بالأمراض، وتنزل به الديون والغموم، فيسأل نفسه: أنى هذا؟! فيأتيه الجواب شافيًا، ومن آي الكتاب كافيًا: (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ).
هل دماؤنا وأموالنا وأعراضنا أغلى من دماء وأعراض إخواننا في بلاد الشام؟! وهل بيننا وبين الله نسب أو حسب؟! لقد كذَّب الله اليهود النصارى في دعواهم: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ).
عباد الله: فيما يحدث حولنا، ويجري بيننا، أعظم داعٍ لالتماس أسباب المغفرة، ومعرفتها والعمل بها، ذلك أن الله تعالى كتب على ابن آدم الذنب لا محالة، وشرع له برحمته أسباب المغفرة، ليبقى قلبه معلقًا بربه، متهمًا لنفسه، محاسبًا لها، لا يصيبه عُجب ولا كِبْر ولا غرور، ولا ييأس حين تزل به القدم فيقع في المعاصي والذنوب.
أسباب المغفرة المشروعة كثيرة؛ أعظمها وأجلها توحيد الله تعالى، ومن فقده فقد المغفرة؛ قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)، ومن حقق كلمة التوحيد في قلبه، أحرقت ذنوبه وخطاياه، ولو كانت مثل زبد البحر.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر له تسعة وتسعين سجلاً، كل سجل مثل مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئًا؟! أظلمك كتبتي الحافظون؟! فيقول: لا يا رب. فيقول: أفلك عذر؟! فيقول: لا يا رب. فيقول: بلى. إن لك عندنا حسنة، فإنه لا ظلم عليك اليوم، فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فيقول: يا رب: ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟! فيقول: إنك لا تظلم. قال: فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة".
فهذا من فضل الله وكرمه أن كفّر جميع الذنوب بكلمة التوحيد، لما حضرت الوفاة عمرو بن العاص -رضي الله عنه- بكى بكاءً طويلاً!! فأتاه ابنه عبد الله، فأخذ يحسن ظنه بربه، ويقول: يا أبتاه: أما أسلمت؟! أما هاجرت؟! أما صحبت الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟! أما فتحت مصر؟! وعمرو -رضي الله عنه- يُحوِّل رأسه إلى الجدار ويبكي، ثم يعيد وجهه إلى الناس ويقول: إني قد عشت حياتي على طِباق ثلاث، كنت في الجاهلية لا أعرف الإسلام، وكان أبْغضُ الناس إليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلو توفيت في هذه الحالة لكنت في جهنم، ثم أسلمت فقدمت المدينة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما بسط يده ليُبايعني قبضت يدي!! فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "ما لك يا عمرو؟!"، قلت: أشترط أن يغفر لي ربي ذنبي، فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: "أما تعلم -يا عمرو- أن التوبة تجُبُّ ما قبلها، وأن الإسلام يهدم ما قبله".
قال عمرو: فأسلمت، فوالله ما كان أحد أحب إليّ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والله لو سألتموني أن أصفه ما استطعت أن أصفه، لأني ما كنت أملأ عيني منه إجلالاً له، وهيبة منه، فلو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة، ثم تخلفت فلعبت بي الدنيا ظهرًا لبطن، فوالله ما أدري هل يُؤمر بي إلى الجنة أو يؤمر بي إلى النار، ولم يبق عندي إلا كلمة أُحاج بها عند الله: لا إله إلا الله، محمد رسول الله". ثم قبض يده ومات، فأتوا ليفتحوا أصابعه فتعود كما كانت، فغسلوه وكفنوه وأدخلوه قبره وهو على هذه الحال.
صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلمون عظم هذه الكلمة وفضلها، وأنها سبب غفران الذنوب مهما كان عظمها، فهذا عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا قرأ قول الله -سبحانه وتعالى-: (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ)، يبكي حتى يُغمى عليه، ثم يقول: "اللهم لا تَحُلْ بيني وبين ما أشتهي. فيقولون: وما تشتهي؟! قال: أن أقول: لا إله إلا الله".
أهل القبور حيل بينهم وبين هذه الكلمة أن يقولوها، وأسباب المغفرة أن يفعلوها، قال مُطرّف بن عبد الله بن الشخير: "كُنتُ آتي كل ليلة جمعة إلى البصرة لأصلي الجمعة بها، وكنت في طريقي أمرُّ على المقابر، فأدعو لأهلها وأترحم عليهم، إلا ليلة من الليالي مررت ولم أقف؛ إذ كان الجو باردًا!! فدخلت بيتي ونمت، فرأيت في المنام كأن رجلاً من أهل القبور يقول: يا مُطرّف: حرمتنا دعاءك الليلة، والله إن الله ليُنوّر علينا قبورنا بدعائك ودعاء إخوانك المؤمنين أسبوعًا كاملاً!! قال: فتوضأت وذهبت ودعوت الله لهم، فلما عُدت كنت أقول في طريقي: لا إله إلا الله يغفر بها ذنبي، لا إله إلا الله أقضي بها عمري، لا إله إلا الله أدخل بها قبري، فسمعت قائلاً من جهة المقابر يقول: يا مطرف: تزود من لا إله إلا الله، فوالله لقد حيل بيننا وبينها".
أيها المسلمون: التوبة من أفضل الطاعات، وأجل القربات، التي يتقرب بها العبد إلى ربه، ويغفر بها ذنبه وزلـله، بيّن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مكانتها عند الله بقوله: "للهُ أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضل راحلته بأرض مهلكة، وعليها طعامه وشرابه، فطلبها حتى إذا يئس من حصولها، نام في أصل شجرة ينتظر الموت، فاستيقظ، فإذا هي على رأسه، قد تعلق خطامها بالشجرة، فالله أفرح بتوبة عبده من هذا براحلته".
لعظم شأنها، أمر الله تعالى بها فقال سبحانه: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)، وقال تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُكثر من الاستغفار والتوبة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا أيها الناس: توبوا إلى الله، فوالله إني لأتوب إلى الله في اليوم أكثر من سبعين مرة".
وفي حديث الأغر بن يسار -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا أيها الناس: توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أتوب في اليوم مائة مرة".
ذكر أبو نعيم أن عابدًا من بني إسرائيل، شابت لحيته، وعمره ثمانون سنة، فنظر إلى شيب رأسه، ثم قال: يا رب: أطعتك أربعين سنة، ثم عصيتك أربعين سنة!! فهل تقبلني إذا تبت إليك؟! فسمع هاتفًا يقول: أطعتنا فأحببناك، وعصيتنا فأمهلناك، وإن عدت إلينا قبلناك.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ).
الحمد لله على إحسانه...
عباد الله: من أسباب المغفرة التي تلتمس، وطرقها التي تفعّل: التزود من الأعمال الصالحة من صلاة وصيام ووضوء، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر". ويقول -عليه الصلاة والسلام-: "مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُقَرِّبُ وَضُوءَهُ، فَيَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ، ثُمَّ إِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أَطْرَافِ لِحْيَتِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا يَدَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رَأْسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رِجْلَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ، فَإِنْ هُوَ قَامَ فَصَلَّى فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَجَّدَهُ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ، وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِلَّهِ إِلَّا انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ".
عباد الله: يومكم هذا يوم عظيم، تكفر فيه الخطايا، وتغفر الذنوب، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما من رجل يتطهر يوم الجمعة كما أُمر، ثم يخرج من بيته حتى يأتي الجمعة وينصت، حتى تقضى صلاته، إلا كان كفارة لما قبله من الجمعة".
وأيسر من ذلك أذكار وأقوال، لا تكلفنا إلا استحضار القلب، وتحريك اللسان، قال النبي -صلى اله عليه وسلم-: "من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر".
الصدقة سبب لمحو الذنوب والآثام، ونيل رضا الملك العلام، قال تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "والصدقة تطفئ الخطيئة، كما يطفئ الماء النار".
أموالك التي جمعتها، وتعبت لتحصيلها، تذهب لغيرك!! لورثتك غُنمها، وعليك غُرمها، "يقول ابن آدم: مالي مالي!! وهل لك -يا ابن آدم- إلا ما أكلت فأمضيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأبقيت!!".
من أسباب مغفرة الذنوب، والتقرب إلى علام الغيوب: الإحسان إلى الناس، وبذل المعروف لهم، أبو بكر -رضي الله عنه- كان يتصدق على مسطح بن أثاثة، ويُحسن إليه، ويصله بالعطاء والنفقة، فلما حصل من مسطح ما حصل في حادثة الإفك، ووقع مع من وقع في عرض عائشة -رضي الله عنها-، امتنع من الإحسان إليه، وحلف ألا يُنفق عليه، فنزل قول الله تعالى: (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، فقال -رضي الله عنه-: "بلى أحب أن يغفر الله لي، ورجع على مسطح بالعطاء، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: "بينما رجل يمشي بطريق -وفي رواية- امرأة بغي، اشتد عليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماءً، ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له".
فغفر لهذه المرأة بسبب إحسانها لهذا الكلب، فكيف بمن يحسن إلى الناس، ويسعى إلى تفريج كربهم؟!
الدعاء سبب عظيم لمغفرة الخطايا والموبقات، والتجاوز عن العيوب والسيئات، قال تعالى: (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ * فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ).
وعن أبي بكر -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله: علمني دعاءً أدعو به في صلاتي، قال: قل: "اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم".
فعلي المسلم أن يكثر من دعاء الله -عز وجل- أن يغفر له ذنوبه، ويتجاوز عن عيوبه، لا سيما في أوقات الإجابة، كجوف الليل الآخر، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وبين الأذان والإقامة.
أيها المسلمون: المصائب والبلايا، والأمراض والرزايا، تنزل بالمسلم، فيعلم أنها بقدر الله، فيصبر عليها، ويحتسب الأجر فيها، فتكون سببًا لمغفرة ذنوبه، وتكفير سيئاته، قال تعالى: (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)، وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفّر الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها".
وقال -عليه الصلاة والسلام-: "ما يصيب المسلم من نصب -أي تعب- ولا وصب -أي مرض- ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفّر الله بها من خطاياه".
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي