معاشر المسلمين: من مضار الرياء: أنه الرّياء محبط للأعمال، مضيّع لثوابها. وأنه سبب للمقت عند اللّه. والمرائي ملعون ومطرود من رحمة اللّه -تعالى-. والرّياء من كبائر المهلكات. وهو دليل على جهل المرائي بربه، ولو عرف الله كما ينبغي ما قصد غيره، ولا عمل لسواه. والرّياء غصن من شجرة في القلب ثمرها في الدّنيا: الخوف والغمّ، وضيق الصّدر، وظلمة القلب. وثمرها في الآخرة: الزّقّوم والعذاب المقيم. الرّياء يجلب الفقر، ويعرّض صاحبه للفتن. والرّياء يفضح أصحابه على رؤوس الأشهاد يوم القيامة. والرّياء يحوّل العمل الصّالح إلى نقيضه، فيحمل صاحبه به وزرا بدلا من أن...
معاشر المسلمين: تحدثنا في خطبة سابقة عن وجوب إخلاص العمل لله -تعالى-.
وأن الإخلاص هو الدين الذي لا يقبل الله سواه.
وأن الله -تعالى- لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً، وابتغي به وجهه؛ كما قال تعالى: (تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ) [الزمر: 1-2].
إلى قوله: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ) [الزمر: 11].
إلى قوله: (قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي) [الزمر: 14].
وأن الله أخبر أن الأولين والآخرين إنما أمروا بذلك؛ كما في قوله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء) [البينة: 5].
وكما في قوله تعالى عن أوليائه المخلصين: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا)[الإنسان: 9].
واليوم نتحدث عن نقيض الإخلاص، ألا وهو: الرياء.
وحقيقة الرياء المذموم؛ كما قال ابن حجر الهيتميّ: إرادة العامل بعبادته غير وجه اللّه -تعالى-؛ كأن يقصد اطّلاع النّاس على عبادته وكماله، فيحصل له منهم نحو مال، أو جاه، أو ثناء.
وقال ابن حجر العسقلانيّ: الرّياء إظهار العبادة لقصد رؤية النّاس لها، فيحمدوا صاحبها.
وإخلاص الدين هو أصل دين الإسلام، ولذلك ذم الرياء في مثل قوله: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ)[الماعون: 4].
(الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ)[الماعون: 5-6].
وقوله: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء: 142].
وقال تعالى: (كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ) [البقرة: 264].
وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قِرِينًا)[النساء: 38].
فالعمل الصالح، هو الخالص لله، الخالي من الرياء، المقيد بالسنة.
وكان من دعاء عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-: "اللهم اجعل عملي كله صالحا، واجعله لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد فيه شيئا".
فإن الله -سبحانه- إنما أمر بعبادته عبادة خالصة، قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء) [البينة: 5].
فمن لم يخلص لله في عبادته لم يفعل ما أمر به من العبادة الخالصة، فلا تصح عباداته، ولا تقبل منه.
ولكون الرياء مضاداً للإخلاص عده النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إشراكاً بالله -تعالى-؛ كما في الحديث الصحيح عن محمود بن لبيد -رضي الله عنه- قال: "خرج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: "يا أيها الناس إياكم وشرك السرائر"قالوا: يا رسول الله وما شرك السرائر؟ قال: "يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته جاهدا لما يرى من نظر الناس إليه، فذلك شرك السرائر".
بل وخافه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- على أمته أعظم من خوفه عليها من المسيح الدجال؛ كما في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ونحن نتذاكر المسيح الدجال، فقال: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟" فقلنا: بلى يا رسول الله، فقال: "الشرك الخفي أن يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل".
كفى المرائين بطاعاتهم خسراً وهلكة أنهم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة؛ كما حدث شفي الأصبحي: أنه دخل المدينة فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس، فقال: من هذا؟ قالوا: أبو هريرة، قال: فدنوت منه حتى قعدت بين يديه، وهو يحدث الناس، فلما سكت وخلا، قلت له: أسألك بحق وبحق لما حدثتني حديثا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وعقلته وعلمته، فقال أبو هريرة: أفعل لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- علقته وعلمته، ثم نشغ أبو هريرة نشغة، فمكثنا قليلا، ثم أفاق، فقال: لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة أخرى، ثم أفاق ومسح عن وجهه، فقال: أفعل لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: أنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره، ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة، ثم مال خارا على وجهه، فأسندته طويلا، ثم أفاق، فقال حدثني رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "أن الله -تبارك وتعالى- إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم، وكل أمة جاثية، فأول من يدعى به رجل جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله -عز وجل- للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي؟! قال: بلى يا رب، قال: فما علمت فيما علمت؟ قال: كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار، فيقول الله -عز وجل-: له كذبت، وتقول له الملائكة كذبت، ويقول الله -تبارك وتعالى-، بل أردت أن يقال: فلان قارئ، وقد قيل ذلك، ثمّ أمر به فسحب على وجهه، حتّى ألقي في النّار.
ويؤتى بصاحب المال، فيقول الله -عز وجل-: ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال: بلى يا رب، قال: فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال: كنت أصل الرحم، وأتصدق، فيقول الله له: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ويقول الله -تبارك وتعالى-: بل أردت أن يقال: فلان جواد، وقد قيل ذلك، ثمّ أمر به فسحب على وجهه، حتّى ألقي في النّار.
ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله، فيقول الله له: في ماذا قتلت؟ فيقول: أي رب أمرت بالجهاد في سبيلك، فقاتلت حتى قتلت، فيقول الله له: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ويقول الله: بل أردت أن يقال فلان جريء فقد قيل، ثمّ أمر به فسحب على وجهه حتّى ألقي في النّار.
ثم ضرب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- على ركبتي، فقال: "يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة".
فدخل شفي راوي الحديث على معاوية، فأخبره بهذا عن أبي هريرة، فقال معاوية: قد فعل بهؤلاء هذا فكيف بمن بقي من الناس؟!
ثم بكى معاوية بكاء شديدا حتى ظننا أنه هالك، وقلنا: قد جاء هذا الرجل بشر، ثم أفاق معاوية ومسح عن وجهه، وقال: صدق الله ورسوله -صلى الله عليه وآله وسلم-: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)[هود:15- 16].
والمرائي بأعماله يتعب نفسه بغير منفعة، فإن الله لا يقبل من مراء عملاً؛ كما صح عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: "جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "لا شيء له" فأعادها ثلاث مرات، يقول رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "لا شيء له" ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا وابتغي به وجهه".
وصح عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والدين والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب".
وصح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "قال الله -عز وجل- أنا أغنى الشركاء عن الشرك، فمن عمل لي عملا أشرك فيه غيري فأنا منه بريء، وهو للذي أشرك".
ومن قصد بعمله أحداً غير وجه الله، وكله الله إلى من قصده بعمله؛ كما صح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "من راءى بشيء في الدنيا من عمله وكله الله إليه يوم القيامة، وقال انظر هل يغني عنك شيئاً".
وهو بمعنى ما صح عن أبي سعيد بن أبي فضالة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم -يقول: "إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم القيامة ليوم لا ريب فيه، نادى مناد: من كان أشرك في عمله لله أحدا فليطلب ثوابه من عنده، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك".
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث محمود بن لبيد-رضي الله عنه- : "إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر" قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: "الرياء، يقول الله -عز وجل- إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟!".
والرياء أكبر الكبائر، وأخبث السرائر، والمرائي في عمله يكذب على ربه، ويكذب على نفسه، ويكذب على الخلق، فإن المرائي يلبس ثوباً من التقى ليس له، ويتزين للخلق بظاهر جميل أفسده باطن قبيح، ولا يخلو المرائي من فضيحة الله له إن في الدنيا، وإن في الآخرة؛ كما صح عن أبي هند الداري-رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "من قام مقام رياء وسمعة راءى الله به يوم القيامة وسمع".
وفي لفظ: أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "من رايا بالله لغير الله فقد برىء من الله".
وصح عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "من سمع الناس بعمله سمع الله به مسامع خلقه وصغره وحقره".
وصح عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "ما من عبد يقوم في الدنيا مقام سمعة ورياء، إلا سمع الله به على رؤوس الخلائق يوم القيامة".
ثوب الرياء يشف عما تحته *** فإذا اشتملت به فإنك عاريا
معاشر المسلمين: من مضار الرياء: أنه الرّياء محبط للأعمال، مضيّع لثوابها.
وأنه سبب للمقت عند اللّه.
والمرائي ملعون ومطرود من رحمة اللّه -تعالى-.
والرّياء من كبائر المهلكات.
وهو دليل على جهل المرائي بربه، ولو عرف الله كما ينبغي ما قصد غيره، ولا عمل لسواه.
والرّياء غصن من شجرة في القلب ثمرها في الدّنيا: الخوف والغمّ، وضيق الصّدر، وظلمة القلب.
وثمرها في الآخرة: الزّقّوم والعذاب المقيم.
الرّياء يجلب الفقر، ويعرّض صاحبه للفتن.
والرّياء يفضح أصحابه على رؤوس الأشهاد يوم القيامة.
ومن أعظم عواقب الرياء: أن الله يضاعف عذاب المرائين، ويجعلهم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة.
والرّياء يحوّل العمل الصّالح إلى نقيضه، فيحمل صاحبه به وزرا بدلا من أن يكون له أجرا، أو يكون عليه سترا، ويفقد الانتفاع بأعماله أحوج ما كان إليها، وقد قيل في قول الله -تعالى-: (وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ)[الزمر: 47].
قيل: "كانوا عملوا أعمالا كانوا يرونها في الدنيا حسنات بدت لهم يوم القيامة سيئات".
ولا يسلم المرائي من أن يفتضح أمره في الدّنيا، فيسقط من أعين النّاس، وتذهب هيبته، ناهيك عن حسرته يوم القيامة، فيظهر اللّه عيوب المرائي، ويسمعه المكروه، جزاء ما قدّمت يداه.
قال أبو حامد الغزالي -رحمه الله-: "ومهما عرف العبد مضرة الرياء، وما يفوته من صلاح قلبه، وما يحرم عنه في الحال من التوفيق، وفي الآخرة من المنزلة عند الله، وما يتعرض له من العقاب العظيم، والمقت الشديد، والخزي الظاهر؛ فمهما تفكر العبد في هذا الخزي، وقابل ما يحصل له من العباد والتزين لهم في الدنيا بما يفوته في الآخرة، وبما يحبط من ثواب الأعمال؛ لكان ذلك كافيا في معرفة ضرره، هذا مع ما يتعرض له في الدنيا من تشتت الهم بسبب ملاحظة قلوب الخلق، فإن رضا الناس غاية لا تدرك، فكل ما يرضي به فريق يسخط به فريق ورضا بعضهم في سخط بعضهم، ومن طلب رضاهم في سخط الله سخط الله عليه، وأسخطهم أيضا عليه.
فإذا قرر في قلبه آفة هذه الأسباب وضررها أقبل على الله قلبه، فإن العاقل لا يرغب فيما يكثر ضرره، ويقل نفعه، ويكفيه أن الناس لو علموا ما في باطنه من قصد الرياء وإظهار الإخلاص لمقتوه، وسيكشف الله عن سره حتى يبغضه إلى الناس، ويعرفهم أنه مراء وممقوت عند الله، ولو أخلص لله لكشف الله لهم إخلاصه، وحببه إليهم، وسخرهم له، وأطلق ألسنتهم بالمدح والثناء عليه، مع أنه لا كمال في مدحهم، ولا نقصان في ذمهم".
معاشر الناس: ومن هدي أسلافنا المباركين: أنهم كانوا يتباعدون عن أسباب المراءاة بأعمالهم الصالحة بإخفائها عن أعين الخلق، لما لإخفاء الصالحات من أثر في إخلاص النيات، وسلامة القلوب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "ومن صفات الأولياء أنهم يخفون أعمالهم، ولا يبرزونها للناس، بل قد لا يعرفهم الناس، ولا يأبهون لهم؛ فعن زيد بن أسلم عن أبيه: "أن عمر، خرج إلى المسجد يوما فوجد معاذ بن جبل عند قبر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يبكي، فقال: ما يبكيك يا معاذ؟ قال: يبكيني حديث سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "اليسير من الرياء شرك، ومن عادى أولياء الله فقد بارز الله بالمحاربة، إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء، الذين إن غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل غبراء مظلمة" أ. هـ.
وقد أتى أبو أمامة الباهليّ -رضي الله عنه- على رجل في المسجد وهو ساجد يبكي ويدعو، فقال: "أنت أنت! لو كان هذا في بيتك".
وعن بريدة بن الحصيب قال: "شهدت خيبر، وكنت فيمن صعد الثّلمة، فقاتلت حتّى رئي مكاني، وعليّ ثوب أحمر، فما أعلم أنّي ركبت في الإسلام ذنباً أعظم عليّ منه"-أي الشّهرة-.
قال إبراهيم بن أدهم: "ما صدق اللّه من أراد أن يشتهر".
وعن عاصم قال: "كان أبو وائل -شقيق بن سلمة- إذا صلّى في بيته ينشج نشيجا، ولو جعلت له الدّنيا على أن يفعله وواحد يراه، ما فعله".
وعن الأعمش -رضي الله عنه- قال: "كان عبد الرّحمن بن أبي ليلى يصلّي، فإذا دخل الدّاخل نام على فراشه".
كان أيّوب السّختياني: "يقوم اللّيل كلّه فيخفي ذلك، فإذا كان عند الصّبح رفع صوته كأنّه قام تلك السّاعة".
عن ابن الأعرابيّ: "أخسر الخاسرين من أبدى للنّاس صالح أعماله، وبارز بالقبيح من هو أقرب إليه من حبل الوريد".
اللَّهُمَّ طهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وألسنتنا من الكذب، وأعيننا من الخيانة، فإنك تعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي