أيها المسلمون: إنها كلمة واحدة من أجلها خلق الله السماوات والأرض، ومن أجلها نصبت القبلة، ومن أجلها أسست الملة، ومن أجلها أرسل الله رسله، ومن أجلها أنزل الله كتبه. إنها كلمة جعلها إبراهيم: (كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[الزخرف: 28]. كلمة فرقت بين المؤمنين والكفار، ومن أجلها أقيم علم الجهاد. إنها كلمة الحق والتوحيد التي نفخر بها ونفاخر بها، سمعناها في الأذان قبل قليل، ونقولها في كل وقت وفي كل حين. إنها الكلمة العظيمة التي قال عنها...
إن الحمد لله، أحمده وأستعينه وأستغفره، وأستهديه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فاتقوا الله -يا عباد الله- فإن بالتقوى كل حبل يقوى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)[الطلاق:2-3]
(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا)[الطلاق: 5].
الدار جنة عدن إن عملت بما *** يرضي الإله وإن فرطت فالنار
هما محلان ما للناس غيرهما *** فانظر لنفسك ماذا أنت مختار
أيها المسلمون: إنها كلمة واحدة من أجلها خلق الله السماوات والأرض، ومن أجلها نصبت القبلة، ومن أجلها أسست الملة، ومن أجلها أرسل الله رسله، ومن أجلها أنزل الله كتبه.
إنها كلمة جعلها إبراهيم: (كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الزخرف: 28].
كلمة فرقت بين المؤمنين والكفار، ومن أجلها أقيم علم الجهاد.
إنها كلمة الحق والتوحيد التي نفخر بها ونفاخر بها، سمعناها في الأذان قبل قليل، ونقولها في كل وقت وفي كل حين.
إنها الكلمة العظيمة التي قال عنها ابن عينة: "ما أنعم الله على عبد من العباد؛ نعمة أعظم من أن عرفهم: "لا إله إلا الله ".
"لا إله إلا الله" كلمة يظنها البعض أنها جملة فقط تقال، بينما هي توحيد، فرق بين الحق والباطل.
هذه الكلمة؛ لما أقبل موسى -عليه السلام- على ربه؛ كما روى ذلك ابن حبان والحاكم وصححه من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أن موسى قال: يا رب" -نبي من أولي العزم يسأل ربه- قال: ": يا رب علمني شيئا أذكرك به، وأدعوك به، قال: يا موسى قل : "لا إله إلا الله"، قال: يا رب كل عبادك، يقول هذا-يعني أريد كلمة أتميز بها عن غيري- قال : قل : "لا إله إلا الله"، قال : لا إله إلا أنت يا رب، إنما أريد شيئا تخصني به، قال : يا موسى لو كان السماوات السبع، وعامرهن غيري، والأرضين السبع في كفة، و "لا إله إلا الله" في كفة مالت بهن "لا إله إلا الله".
وأصح من ذلك حديث البطاقة، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يوضح معنى وقيمة هذه الكلمة، ولذلك يقف على جبل الصفا ينادي كل قرش: يا بني عبد مناف، يا بني قصي، يا بني هاشم، يا كل قريش، ولسان حاله يقول: يا عرب! يا عجم! يا فرس! يا روم! يا بدو! يا حضر!.
وكأنه يقول للعالم كله: يا آسيا! ويا أفريقيا! ويا أوروبا! ويا أمريكا! فيقف العالم كله مذعنا له، متمثلا في قريش.
فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اجتمعوا على هذا النداء؛ لأنهم يعرفون محمدا صادق وأمين، ولا يقول إلا خيرا وحقا، فقالوا: ماذا تريد؟ قال: "لو أخبرتكم أن خيلاً خلف هذا الوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟!".
يجربهم يريد أن يقررهم على اعترافهم بصدقه، قالوا: "ما جربنا عليك كذبا" قال: "إذاً قولوا: "لا إله إلا الله" تفلحوا".
فقام أبو لهب، فقال: "تبا لك يا محمد ألهذا جمعتنا؟!" فأنزل الله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) [المسد: 1].
فأخذ يدعو الناس كلهم إلى هذه الكلمة، فاشتكوا إلى عمه، فقالوا له: إن ابن أخيك، سفه أحلامنا، وشتم أجدادنا، ماذا يريد؟
يريد ملكا ملكناه! يريد مالا أعطيناه! يريد زواجا بأجمل فتاة زوجناه! مريض مسحور عالجناه!.
ثم قال: سأعرض عليه الأمر، فعرض عليه عمه أبو طالب ما عرضت عليه قريش: محمد تريد المال خذ! تريد الملك والجاه سيعطونك! تريد الزواج زوجوك!.
المهم لا تدعوهم إلى ما تدعو إليه!.
فقال كلمته المشهورة: "يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري".
على ضعف هذه الرواية إلا أن المعنى كبير: "لو وضعوا الشمس في اليمين، والقمر في اليسار على أن أترك الدعوة وكلمة التوحيد: "لا إله إلا الله" ما تركته".
البدر والشمس في كفيك لو نزلت *** ما أطفأت فيك ضوء النور والنار
أنت اليتيم ولكن فيك ملحمة *** يذوب في ساحها مليون جبارِ
صلى الله على محمد: لو أعطيتموني ما أعطيتموني ما تركت الدعوة إلى "لا إله إلا الله!".
حقيقة التوحيد الذي أخرجنا من دائرة الشرك، ماذا كنا قبل: "لا إله إلا الله؟"
كنا أمة وثنية لا تعبد إلا صنما، ولا تطوف إلا على وثن، ولا تدعو إلا إلى غير الله، فلما جاءت: "لا إله إلا الله" بدل الله الحال إلى حال، فتغيرت القسوة إلى رحمة، والظلم إلى عدل، والضياع إلى الطريق الحق والهدى والاستقامة.
كنا أمة لا نعرف حقا ولا نأمر بمعروف ولا ننهى عن منكر، ونفعل الأفاعيل! ولكن جاءتنا: "لا إله إلا الله" فصححت المسار، وأعانت على أن نتوجه إلى الواحد القهار.
إنها الكلمة التي حفظت بها الدماء والأعراض والأموال إلا بحقها؛ في الصحيحين: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أمرت أن أقاتل الناس إلا بشرط حتى يشهدوا أن "لا إله إلا الله" وأني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم وأعراضهم إلا بحقها، وحسابهم على الله".
ولذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- عظم قيمة هذه الكلمة، وجعل الدماء معصومة محفوظة.
حفظ الإسلام دم من قال: "لا إله إلا الله"؛ جاء في صحيح مسلم في كتاب الإمام: أن أسامة بن زيد أرسل في غزوة، وكان مجاهدا مقاتلا بطلا في تلك الغزوة -رضي الله عنه-، وفجأة في أثناء المعركة لفت نظره رجل من المشركين، يقتل في المسلمين، وقتل أعدادا كبيرة من المسلمين، فغاظه ذلك، فلحق به أسامة -رضي الله عنه-، وحينما لحق به سقط الرجل في الأرض، فأول ما سقط الرجل التفت إلى أسامة، وإذا بأسامة يحمل سيفا يريد قتله، فقال ذلك الرجل: أشهد أن "لا إله إلا الله" وأن محمدا رسول الله، فقتله أسامة!.
وعاد الصحابة -رضي الله عنهم- منتصرين فرحين؛ يبشرون النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكنهم أخبروه بهذه الحادثة! فتغير لونه! وتمعر وجهه! صلى الله عليه وسلم.
ودخل أسامة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرحا بالانتصار، فسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم-! فما رد عليه السلام!.
وقت انتصار، وبعد معركة حاسمة، وقد أبلوا بلاءً حسنا! ثم يقبل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيسلم ولا يرد عليه! ثم التفت له رسول الله-صلى الله عليه وسلم-! أسامة يقول: "السلام عليك يا رسول الله!" ولا مجيب، ثم رفع بصره إليه، قال: "يا أسامة! أقتلت الرجل بعد أن قال "لا إله إلا الله؟!".
أسامة يبرر، قال: يا رسول الله رأيته يقتل في المسلمين، فغاظني ذلك!.
واليوم آلة الدمار والقتل والدماء والأشلاء في سوريا الأبية، وفي غيرها من بلاد المسلمين -نسأل الله أن يجعل لهم بالنصر- لكن كثير ممن ينظر إلى هذه المشاهد ولا حراك، وكأنها مجرد أخبار تعودنا عليها من قرابة العامين، فأصبح الأمر مجرد خبر، بالمئات والعشرات غارات!.
قال: رأيته يقتل في المسلمين أغاظني ذلك يا رسول الله! قال: "يا أسامة أقتلت الرجل بعد أن قال "لا إله إلا الله؟".
قال: "يا رسول الله، والله ما قالها إلا تعوذا من الموت".
يعني خوفا من الموت، لما رآني ورأى السيف قالها خوفا، ما قالها إيمانا!.
قال: يا أسامة! أجبني أقتلت الرجل بعد أن قال: "لا إله إلا الله؟!" يا أسامة من لك ب "لا إله إلا الله" إذا جاءت تحاجك يوم القيامة"؟!.
قال أسامة: "والذي نفسي بيده وددت أنني ما أسلمت إلا تلك اللحظة".
فنشهد أن: "لا إله إلا الله" وأن محمدا رسول الله.
هذه الكلمة قيمتها عظيمة، ومهرها جنة عرضها السماوات والأرض، ولذلك جاء في حديث معاذ -رضي الله عنه- في مسند الإمام أحمد، يقول: "كنت رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- على الحمار -أكرمكم الله- يقول رسول الله: يا معاذ تعال اركب معي على ظهر الحمار.
والإمام البيهقي -رحمه الله- في شعب الإيمان: "صاحب المكان أولى بمكانه، وصاحب الدابة أولى بظهرها".
وكيف يركب معاذ مع رسول الله؟
يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا معاذ تعال اركب معي".
يقول معاذ: استحيت خجلا، ظهر الحمار صغير، ولا أريد أن أكون سببا في أن أضيق على رسول الله في دابته، فقال: يا معاذ اركب، يقول: فركبت معه على ظهر الدابة، يقول: فمشى الحمار بنا قليلا، ثم عثر الحمار وسقط رسول الله وسقطت!.
يقول: قمت خجلا، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- يتبسم؛ كأنه يقول لا عليك، فقال رسول الله مرة ثانية: تعال اركب معي، قال: فركبت معه مرة ثانية، فمشى الحمار قليلا، فعثر الحمار وسقطنا! قال: فمت خجلا! والرسول يتبسم! يضحك!.
ثم مشي قليلا المرة الثالثة، قال: فالتفت إلي رسول الله، وقال: يا معاذ "أتعرف حق الله على العباد؟" قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا".
ثم قال: "يا معاذ أتعرف حق العباد على الله؟" بشرط إذا حققوا التوحيد، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك أن يدخلهم الجنة ولا يعذبهم".
(ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ) [الحجر: 46].
تقال لأهل التوحيد!.
ثم ليست القضية محصورة في هذا، القضية في كثرة الهموم والغموم والديون وغيرها تنفرج وتزول إذا تعلقنا ب "لا إله إلا الله".
إذا عدنا إلى الله، كلنا -عباد لله-، ولذلك ربنا يحب اللجأ إليه، والانكسار بين يديه.
وعبادة الانكسار عبادة جليلة، أن تنكسر بين يدي الله.
يونس في ظلمات ثلاث، في ظلمة الحوت، وفي ظلمة البحر، وفي ظلمة الليل!.
أسألكم بالله: أليس منكم من يرى من الهموم في نفسه؟ كم من الهموم في نفوس الناس؟ كم من الديون أثقلت بعض الرجال؟ كم من المشاكل الزوجية والأسرية؟ كم من الأمراض؟ كم .. وكم؟! ألا نحتاج أن تزول هذه؟
يونس في هذه الظلمات الثلاث، وفي هذه المحنة العظيمة والكرب العظيم، كان يردد كلمة التوحيد: (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)[الأنبياء: 87].
اهتزت السموات، وسمع الصوت، وقالت الملائكة: "يا رب صوت معروف من عبد معروف" أين هو حتى ننقذه؟!
(َنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)[الأنبياء: 87].
جمع بين التوحيد والاستغفار؛ كما قال ذلك ربنا لرسوله: يا محمد قبل أن تزاول عملك، قبل أن تدعو الناس: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ)[محمد: 19].
ورددها يونس، فجاءه الفرج من رب الأرض والسماء.
قال الله -جل وعلا-: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)[الصافات: الصافات: 143-144].
وصدق الأول حيث يقول:
وناد إذا سجدت له اعترافا *** بما ناداه ذو النون بن متى
اذا سجدت: ناج ربك، وتذكر أنك عبد: "يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ -كل الخلق- فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا".
كلنا: "عباد" ولذلك افتقروا إلى الله، ألحوا على الله بكلمة التوحيد، انبطحوا عند أبوابه، واقرعوا بابه، وستجدون إجابة رب الأرض والسماء.
كلمة: "لا إله إلا الله" كلمة عظيمة جليلة، لها قيمتها، ومن تربى وعاش عليها سيموت -بإذن الله- عليها، ومن مات عليها دخل أبواب الجنان؛ جاء في حديث معاذ الذي في مسند الإمام أحمد: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "من كان آخر كلامه من الدنيا "لا إله إلا الله" دخل الجنة".
ولا يتكبر عنها إلا المتكبرون المحرمون الذين لا يفقهون أركانها، ولا شروطها، ولا يعرفون معناها.
يقف النبي -صلى الله عليه وسلم- عند رأس عمه: "يا عم قل كلمة أحاج لك بها عند الله" كلمة واحدة، قال: قل وأبيك عشر كلمات، توقع أنه سيطلب منه أمرا من أمور الدنيا، قال: يا عم قل "لا إله إلا الله"، قال: أما هذه فلا: (كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ)[الصافات: 35].
أسأل الله أن يحيني وإياكم على كلمة التوحيد، وأن يميتنا على كلمة "لا إله إلا الله" إنه جواد كريم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ).
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أيها المؤمنون، أيها الموحدون: لو قلبت فيما أنعم الله به عليك، فستجد أنك عاجزا أن تشكر الله على النعم التي لا تعد ولا تحصى، وفي مقدمة هذه النعم: أن اصطفاك واختارك أن تكون له موحدا، وعند بابه منطرحا، وبين يديه -سبحانه وتعالى- راكعا وساجدا.
فاحمدوا الله على نعمة: "لا إله إلا "الله وحققوا معنى: "لا إله إلا الله" حققوها بالعمل، اعرفوا أركانها وشروطها ومعناها.
اعلموا: أن كلمة التوحيد تدعونا إلى: أن نكون ممن يعمل فرائض الإسلام والدين؛ ما أمرنا به فلنأتمر، وما نهينا عنه فلننته.
ولنعلم: أن كلمة: "لا إله إلا الله" تصحح هذا المعتقد في ولائك، وفي برائك، وفي قوة اعتقادك، وإيمانك، وتوكلك على الله.
لا يكتمل إيمان العبد؛ حتى يؤمن بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد -صلى الله عليه وسل- نبيا.
وكذلك يؤمن بقضاء الله خيره وشره، ويؤمن باليوم الآخر.
أن يحقق معنى: "لا إله إلا الله" في الأخوة؛ فالتوحيد يقود إلى الوحدة: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ)[آل عمران: 103].
فلو حققنا التوحيد حقيقة؛ لأصبحنا أمة واحدة.
أمة ليس لها ربا إلا واحدا، ولا رسولا إلا محمدا، ولا دينا إلا ملة الحق والإسلام والتوحيد.
ثم اعلموا -يا عباد الله-: أن كلمة التوحيد تقتضي منا العمل إلى أن نموت على هذه الكلمة، فالحياة قد تكون سهلة، ونلفظ تلك الكلمات في حياتنا بكل سهولة، لكن الذي يثبت بهذه الكلمة عند الممات قلة: (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ)[إبراهيم: 27].
أسأل الله -تعالى- أن يجعل التوحيد رفيقنا إلى أن ندخل قبورنا.
اللهم أمتنا على كلمة: "لا إله إلا الله".
اللهم اجمعنا بكلمة التوحيد يا رب العالمين، اللهم وحد قلوبنا وصفوفنا، يا ذا الجلال والإكرام.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي