نساء أهل الجنة هن عرائس الجنة, وخيراتها الحسان, كأنهم البدر ليلة التمام, قاصرات الطرف على أزواجهن, فلا يطمحن إلى غيرهم؛ لحسنهم عندهن, وقَصَرْنَ طَرْفَ أزواجهن عليهن, فلا يدعهم حسنهن وجمالهن أن ينظروا إلى غيرهن...
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وعلمنا الحكمة والقرآن، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس، وألبسنا لباس التقوى خير لباس، الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضاه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، لا ربَ غيرُه ولا معبودَ بحقٍ سواه. وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته واهتدى بهداه.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله حق التقوى، فتقوى الله هي المنجية من المهلكات، المخرجة من الظلمات، (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ).
عباد الله: لا شك أن السعادة والنعيم مطلب كل إنسان, كلنا يحب أن يكون له مسكن رضي, وطعام شهي, ومركب وطي, سيارة فارهة, وملابس فاخرة, وزوجة حسناء جميلة, هذا هو نعيم الدنيا الذي تعلقت به قلوبنا, نعيم الدنيا نراه بأعيننا، ونحسه بجوارحنا, لكننا نؤمن أن نعيماً آخر هو أعظمُ وأبقى من هذا النعيم , إنه نعيم الآخرة.
أيها الإخوة: تجد كثيرًا من المسلمين يشتكون من فتنة النساء، والإعجاب بهذه، والميل لتلك، وإن مما يزهد الإنسان في حرام الدنيا من النساء استشرافه لنعيم أهل الجنة من الحور العين، وأن يتدبر أوصافهن في القرآن الكريم والسنة المطهرة، فيعمل صالحًا لينال من نساء الجنة ما يريد.
أيها الإخوة: لا يقوى على وصف نساء أهل الجنة بليغٌ، ولا يملكه أديب، فتعال معي -أخي الكريم- نتفكر فيما وصف الله به نساء أهل الجنة من أوصاف، ولكن اعلم قبل ذلك أن زوجتك التي معك الآن في الدنيا إن كانت صالحة ومن أهل الجنة فهي زوجتك كذلك في جنة الرحيم الرحمن، بعدما يهيئها ربها ويعدها إعداداً جديداً يليق بكمال الجنة وجمالها وحسنها، وسترى امرأتك في الجنة في ريعان الشباب، حتى ولو ماتت بعد المائة ستراها في الجنة في ريعان الشباب في الثلاثين من عمرها في غاية الحسن والجمال والجلال؛ لأن الكبير المتعال سينشئها لك إنشاءً جديداً يليق بحسن الجنة وجمالها.
عباد الله: من صفات المرأة في الجنة أنها عروب، والعروب في لغة العرب: هي المرأة المتحببة إلى زوجها، الرقيقة في التعامل معه، التي لا تحسن مخالفته بل ولا تستطيع، تقول لزوجها كلاماً رقيقاً جميلاً، ولا تستطيع أن تقول له كلمة سيئة مطلقًا. ونساء الجنة أتراب، أي: في سن واحدة، وهن لأصحاب اليمين.
ومع نساء الدنيا يمن ربنا -جل وعلا- على أهل الجنة بالحور العين، والحور: جمع حوراء، والحوراء هي: المرأة الشابة الحسناء الجميلة شديدة سواد العين، والحور خلق ليس من جنس خلق بنات آدم وبنات حواء، بل إن الحور خلق يهيئه الملك الغفور لأهل الجنة، ولا يعلم حُسنه إلا الله، يقول ربنا -جل وعلا- في وصف الحور في أواخر سورة الرحمن: (فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ) [الرحمن:70]، (خيرات) أي: لا يظهر منهن الشر أبداً، (حسان) أي: جميلات، (فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) [الرحمن:70-78]. تبارك الله أحسن الخالقين!.
ويقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في وصف الحور: "وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ؛ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلَأَتْهُ رِيحًا وَلَنَصِيفُهَا -أي: خمارها- عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا" [صحيح البخاري 2796].
أيها المسلمون: نساء أهل الجنة هن عرائس الجنة, وخيراتها الحسان, كأنهم البدر ليلة التمام, قاصرات الطرف على أزواجهن, فلا يطمحن إلى غيرهم؛ لحسنهم عندهن, وقَصَرْنَ طَرْفَ أزواجهن عليهن, فلا يدعهم حسنهن وجمالهن أن ينظروا إلى غيرهن.
فهن حور حسان قد بلغن الكمال في الحسن والجمال, فلا يُرى فيهن عيب ولا نقصان، كملت محاسنهن حتى ليحار الطرف فيهن من رقة الجلد, وصفاء الألوان, حتى ليرى مخ سوقهن من وراء ثيابهن, ويرى الناظر وجهه في خد إحداهن كما ترى الصورة في المرآة: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) [الرحمن: 58] فسبحان الملك الوهاب.
ولا تسل عن جمال العيون, ففيها كل السحر والفتون, قد زانها الحور, شدة بياض في شدة سواد: (وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ * كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) [الصافات: 48، 49]، وهن حمر الخدود, فخدودهن أصفى من لون الورد, وثغورهن كأنها اللؤلؤ المنضود, وأجسامهن تكاد تتفجر شباباً وصحة وامتلاء, فهي بيضاء يعلوها النعيم, وجرى ماء النعيم والرخاء في غصنها الناعم الرخيم.
قدها كالغصن الرطيب في حسن القوام, أعناقهن ذات طول وجمال, في بياض واعتدال, فهن مثل كؤوس الفضة, أنعم من الحرير ملمساً. ريحها أفضل المسك, يفوح أريجه من فمها وثيابها، حتى ينتشر في المكان من حولها طيباً ومسكاً. وأما جسمها فأشد نعومة من الحرير، وأما اللون ففي صفاء الياقوت في بياض المرجان: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) [الرحمن: 58].
وأما كلامها فيسلب اللب بحسن أنغامه, وجمال تطريبه الذي يفوق كل لحن, وكل صوت, قد كمل حسنها وجمالها, فهي أحسن شيء صورة, وكملت خلائقها فلا يصدر عنها إلا كل جميل من عفة وشرف, وطاعة للزوج, وتحبب إليه, وقَصْرٍ للطرف عليه, ومناجاته بأحب الكلام إليه, الشمس تجري في محاسن وجهها, والليل تحت ذوائب شعرها الأسود الجميل, قد جمعت ملاحة الصورة, وطيب الرائحة, وحسن المودة, وحسن التبعل والتغنج. أين الثرى من الثريا؟! وأين نساء الدنيا من الحور العين؟! ولكن هل عملنا الصالحات لنحظى برضا رب الأرض والسماوات؟!.
أيها الإخوة: ونساء في سن الشباب والنضارة: (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا * لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ) [الواقعة: 35-38]، كلهن أبكار, وكل منهن لا يفتض بكارتها إلا محبوبها الذي اختصه الله بها كما قال سبحانه: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) [الرحمن: 56].
أيها الفضلاء: وأهل الجنة متفاوتون في عدد نسائهم بتفاوت درجاتهم, ولكل واحد منهم زوجتان من الحور العين، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : "إِنَّ أوَّلَ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى أضْوَأ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ اثْنَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ، وَمَا فِي الْجَنَّةِ أعْزَبُ" [أخرجه البخاري: 3246، ومسلم: 2834].
عباد الله: ومن جمال نساء أهل الجنة أنهن مطهرات من الحيض والنفاس, والبول والغائط, والقذر والأذى: (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) [آل عمران: 15]، فنساء أهل الجنة في غاية الحسن والجمال، فهن خَيِّرات الصفات، والأخلاق والشيم، حسان الوجوه والعيون كما قال الله تعالى: (وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ * جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الواقعة: 22-24].
ومدحهم ربهم وخالقهم وهو أعلم بهم فقال تعالى: (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) [الرحمن: 56-58]، وقال الله تعالى: (فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ) [الرحمن: 70-72]. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وَلَوْ أنَّ امْرَأةً مِنْ أهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أهْلِ الأرْض لأضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلأَتْهُ رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا" [أخرجه البخاري: 2796].
عباد الله: أما عن صفة عطور وروائح أهل الجنة نسائها ورجالها، فهذا يختلف باختلاف الأشخاص وتفاوت درجاتهم ومنازلهم، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ أوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، لا يَبُولُونَ وَلا يَتَغَوَّطُونَ، وَلا يَتْفِلُونَ وَلا يَمْتَخِطُونَ، أمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ الأُلُوَّةُ -الألنْجُوجُ، عُودُ الطِّيبِ- وَأزْوَاجُهُمُ الْحُورُ الْعِينُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عَلَى صُورَةِ أبِيهِمْ آدَمَ، سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ" [أخرجه البخاري: 3327، ومسلم:2843].
ومن يخالف الله ورسوله ويرتكب كبائر الذنوب يمنع من خير عظيم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أرْبَعِينَ عَامًا" [أخرجه البخاري: 3166]، وفي لفظ: "وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ خَرِيفًا" أخرجه الترمذي وابن ماجه [صحيح سنن الترمذي: 1132].
نعوذ بالله من الحرمان، ونسأله سبحانه الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله العلي الأعلى الكامل في الأسماء الحسنى والصفات العليا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليمًا.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- والزموا أوامر ربكم، وتعلموا أحكام دينكم، وما ينجيكم من عذاب ربكم، تدخلوا جنة ربكم، وتنالوا عنده الدرجات العالية.
أيها الفضلاء: سمعنا قبل جلسة الاستراحة وصف نساء أهل الجنة, وصف جمالهن الظاهر، فماذا عن أخلاقهن وطباعهن؟! فإن سألت عن الأخلاق -أخلاق أهل الجنة من نساء الجنة- فهن الخيرات الحسان، يقول الله: (فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ) [الرحمن:70] خيرة يعني: ليس فيها شر أبداً. خيرات حسان: اللاتي جمع لهن بين الحسن والإحسان.
وإن سألت عن حسن العشرة فهن المتحببات إلى الأزواج، بلطافة التبعل، فما ظنكم بامرأة إذا ضحكت في وجه زوجها أضاءت الجنة من ضحكها!!
وإذا انتقلت من غرفة إلى غرفة قلت: هذه الشمس متنقلة في بروج فلكها!!
وإن غنت لزوجها فيا لذة الأبصار والأسماع، وإن آنست وأمتعت، فيا حبذا تلك المؤانسة والإمتاع!!
وإن قبّلت فلا شيء أشهى من تلك القُبل. نسأل الله أن يرزقنا الجنة ونعيمها.
عباد الله: ومن رقة نساء أهل الجنة أنهن يغنين لأزواجهن في الجنة، غناءً رقيقًا بكلام طيب عذب، ليس كغناء فسقة أهل الدنيا، بل غناء ماتع رائع، وقد ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه الطبراني من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن الحوريات يستقبلن أزواجهن في الجنة يغنين لهم بأحلى الكلمات، وبأعذب الأصوات، وبأرقى وأنقى العبارات، يستقبلن نساء الدنيا في الجنة أزواجهن في الجنة يغنين لهم، ومما قاله -صلى الله عليه وسلم- من غناء نساء أهل الجنة لأزواجهن يقلن لهم: "إنَّ أزواجَ أهلِ الجنَّةِ لَيغنِّين أَزواجَهنَّ بِأَحسنِ أَصْواتٍ سَمِعَها أحَدٌ قَطّ، إنّ ممّا يُغنِّينَ بِهِ:
نحنُ خيرُ الحِسَانِ, أَزواجُ قَومٍ كِرامٍ, يَنظرنَ بقرَّةِ أَعيَان.
وإنَّ ممَّا يُغنِّينَ بِهِ:
نَحنُ الخَالِداتُ فَلا يمتنَه, نَحنُ الآمِناتُ فَلا يَخَفنَه, نحْنُ المُقيمَاتُ فَلا يَظعنَّه, نحن الخيرات الحسان، أزواج قوم كرام، ننظر بقرة أعيان، طوبى لمن كنا له وكان لنا" [أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط: 4917، انظر صحيح الجامع: 1561].
هل وجدتم أحسن من هذا؟! هل وجدتم أعذب وأغلى من هذه الكلمات؟! "نحن الخالدات فلا نمتنه، ونحن الآمنات فلا نخفنه، ونحن المقيمات فلا نظعنه"، لا نهجر ولا نترك، "نحن الخيرات الحسان، أزواج قوم كرام، ننظر بقرة أعيان، فطوبى لمن كنا له وكان لنا"، وصدق الله -عز وجل- إذ يقول: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) [المطففين:22-28]، (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ) [المطففين:26] و (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ) [الصافات:61]، ولمثل هذا فليتسابق المتسابقون.
أيها المسلمون: ومن نعيم الجنة أن يُعطَى الرجل من أهل الجنة قوة مائة رجل من أقوى أهل الدنيا في الجماع, وكلما جامعها عادت بكراً ولذة أحسن من ذي قبل، عن أبي هريرة قال: قيل يا رسول الله: هل نصل إلى نسائنا في الجنة؟ فقال: "إنَّ الرَّجُلَ لَيَصِلُ في اليَوْمِ إلى مائة عَذْراء" [أخرجه الطبراني في الأوسط برقم (5263)، وأبو نعيم في صفة الجنة برقم (373)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (367)]. وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "إنَ الرَّجلَ مِن أَهْلِ الجَّنةِ لَيُعْطَى قُوَّةَ مائةِ رَجُلٍ في الأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالشَّهوةِ وَالجِمَاعِ" [أخرجه الطبراني في الكبير (5: 178)، وهذا لفظه. وأخرجه الدارمي برقم (2721)، وانظر صحيح الجامع: 1627].
وإن جماع النساء في الجنة منزه عن المذي والمني والضعف, وفيه أكمل لذة, يُعطى الرجل قوة مائة رجل في الجماع, ويفضي إلى مائة عذراء, وجماع النساء في الجنة لا يوجب غسلاً, ولا يعقبه كسلاً، قال الله تعالى: (إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ) [يس: 55، 56].
أيها الإخوة: أما عن الحمل والولادة في الجنة، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا اشْتَهَى الْمُؤْمِنُ الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ، كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وَسِنُّهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا يَشْتَهِي" أخرجه أحمد والترمذي [صحيح سنن الترمذي : 2077].
عباد الله: وإن من رحمة الله بعباده من أهل الجنة أن يرفع الله ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل, لتكمل سعادته بهم, ويزداد سروره بقربهم، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) [الطور: 21].
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل. ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا, ولا مبلغ علمنا, ولا إلى النار مصيرنا, واجعل الجنة هي دارنا وقرارنا.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي