إن سعادة الإنسان وكماله متوقفان على تربية جسمه وعقله، وأخلاقه وروحه، وكما أن بين الجسم والعقل ارتباط وثيق، فكذلك بين الروح والخُلق ارتباط وثيق، ولا يكمل أحدهما بدون الآخر...
الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور، قسم عباده قسمين: فمنهم شاكر ومنهم كفور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اقتدى بهديهم إلى يوم الحشر والمصير وسلم تسليمًا.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله واخشوا يومًا لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جازٍ عن والده شيئًا، اعلموا -يا عباد الله- أن هذه الحياة الدنيا دار ممر وعبور ودار عمل وكدح للعباد، فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور.
أيها الإخوة الكرام: ما أكثر كربات يوم القيامة، وما أشد أهوالها وأفظع مخاوفها، وما أحوج المسلم لأن يجد لنفسه عملاً صالحاً في ذلك اليوم يخلّصه من شيء منها، ويكشف له متنفساً للنجاة، وينير طريق الفوز بالجنة أمامه، قال الله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 71].
أيها الإخوة: وأسرع طرق النجاة وأفضلها أن يستقيم العبد على منهج الله تعالى وسُنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويداوم على هذه الاستقامة بقلبه وجوارحه، حتى يلقى ربه، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) [فصلت: 30-32]، فلا يمكن للإنسان أن يسعد في الدنيا والآخرة إلا بأصول يسير عليها، وسنن يهتدي بها، وقدوة صالحة يقتدي بها.
وهذا الإنسان خلقه ربه، وأنزله إلى الأرض، وأكرمه بإنزال كتبه عليه، وإرسال رسله إليه، ليعرف ربه ومولاه، ويعيش في الحياة وفق أمر من خلقه واجتباه، فيسعد في الدنيا والآخرة، ويفوز بالجنة، وينجو من النار، ولهذا فلا بدَّ لهذا الإنسان حتى يصل إلى الكمال من تربية تغذّي جسمه، وتنمّي عقله، وتهذّب أخلاقه، وتزكي روحه.
أيها الإخوة: وتربية الشيء تعني القيام برعايته وإنمائه وإصلاحه حتى يبلغ كماله، سواء كان من الكائنات الحية كالإنسان والحيوان، أو كان من المخلوقات النامية كالشجر والنبات.
أيها الإخوة: ومجالات التربية متنوعة، تشمل الإنسان، والحيوان، والأشجار، والنبات. وتربية الحيوانات والأشجار والنباتات -كما نرى ونعرف- تختلف باختلاف أنواعها، ولكل نوع منها طرق في تربيته خاصة به، ومربون مختصون.
إلا أن تربية الإنسان بشكل عام، والمسلم بشكل خاص، لها جوانب متعددة، وطرق مختلفة، وكلها متلقاة من مشكاة النبوة، يجمعها الإيمان بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً.
أيها الإخوة الفضلاء: إن سعادة الإنسان وكماله متوقفان على حسن تربيته، وتربية الكمال البشري في الإنسان تتناول أربعة جوانب هي: جسمه، وعقله، وخُلُقه، وروحه، وليس الهدف من التربية بناء جسد قوي، وإنما بناء جسد مع روح، مع خُلق وفضائل، وقد أحسن من قال:
يا خادِمَ الجسمِ كَمْ تسعَى لخدمتِهِ *** أتعبتَ نفسَكَ فِيما فيهِ خُسْرانُ
أقبِلْ علَى الرُّوحِ واستكمِلْ فضائِلَها*** فأنتَ بالرُّوحِ لا بِالجسمِ إنسانُ
أيها الإخوة: لكل شيء غذاؤه، فتربية الجسم ليبلغ الكمال في نمائه وصحته وبقائه تعتمد على إصلاح غذائه من طعام وشراب، وعلى نقاء الهواء الذي يتنفس به، والعناية بلباسه ومسكنه، ورياضة بدنه، واجتناب كل خبيث وفاسد من المأكولات والمشروبات كما قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [البقرة: 172].
وتربية العقل ليصبح الإنسان ذا قدرة كافية على الفهم والتذكر والذكاء، وإصدار الأحكام الصحيحة على ما يعقله ويراه من المعقولات والمحسوسات، تكون بالتعلم والدراسة والتجربة، والنظر في الكونيات والتأمل فيها، والنظر في الآيات القرآنية والتفكر فيها، ولذا فإن أكثر ما ينفع العقل في هذه التربية العلوم النافعة المتلقاة عن الله ورسوله، وأكبر ما يضر بها المعقولات الباطلة، والخرافات الضالة، والشعوذة والخزعبلات والتنجيم وغيرها.
أيها الإخوة: لا شك أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين الجسم والعقل، فالعقل لا يكمل بدون كمال الجسم، ولا ينمو إلا بنمائه، فكلما تقدمت سن الطفل تقدم نماء العقل، وإذا عاد الجسم بسبب الكِبَر إلى الضعف، عاد العقل كذلك إلى الضعف، فنماء العقل تابع لنماء الجسم، وكل عناية بالجسم هي عناية بالعقل، وتربية أحدهما تربية للآخر.
ومن هنا نجد أن الإسلام كما حرّم كلّ ما يضرّ بالجسم من السموم والخبائث وغيرها، وحرّم كذلك كل ما يضر بالعقل كالخمر والمخدرات والحشيش وغيرها من الشرك والسحر، وكل ما يفسد العقل أو يضله، وما ذاك إلا للعناية بتربية العقل والمحافظة عليه.
أيها المسلمون: أما تربية الخُلق، فالخُلق عَرَض من أعراض الروح البشرية، فإذا كانت الروح سليمة كان الخلق سليماً، وإذا كانت الروح مريضة كانت الأخلاق مريضة رديئة؛ فالخُلق مرآة تنعكس عليها صورة الروح البشرية.
أيها الفضلاء: لقد اعتنى الإسلام بتربية الخُلق الحسن في آيات وأحاديث كثيرة، ودعا الناس إلى التخلق بكل خلق جميل، فقال تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم: 4]، يمدح أحسن الناس خُلقًا -صلى الله عليه وسلم- وفي هذا حث لأمته على الاقتداء به. وأوصى الله عباده بحسن معاملة الخلق، فقال تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) [الأعراف: 199]، وهذه الآية تجمع مبادئ رائعة في التعامل مع الناس.
وأخبرنا ربنا أنه لن يحسن التعامل بالأخلاق الرفيعة إلا طائفة صابرة مؤمنة، فقال تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت: 34، 35]. وأكد النبي -صلى الله عليه وسلم- حرصه الشديد على إقامة المجتمع الفاضل، فلخص رسالته في نشر مبادئ الأخلاق والمثل الرفيعة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لأِتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلَاقِ" [أخرجه أحمد: 8952، والبخاري في الأدب المفرد: 276، انظر السلسلة الصحيحة: 45]، فأين نحن من الأخلاق الرفيعة في تعاملنا مع الآخرين؟!.
عباد الله: إن تربية الروح من أشد أنواع التربية صعوبة، وأكثرها تعقيداً، لخفاء الروح، وعدم ظهورها، فهي تحتاج إلى معلمين ربانيين مختصين، وكما أن الجسم يطرأ عليه المرض بسبب المؤثرات الخارجية فيعتلّ ويداوى بالأدوية فيشفى بإذن الله، فكذلك الروح يطرأ عليه المرض بسبب المؤثرات الخارجية، فيداوى بالمناسب من الأدوية الروحية التي هي العبادات الشرعية، فيشفى بإذن الله -عزَّ وجلَّ-.
أيها الإخوة: ولكلّ مرض من أمراض الجسم والروح أعراضه، فكما أن الجسم إذا مرض تظهر عليه أعراض المرض من صفرة الوجه وشحوبته، وضعف الجسم وهزاله، فيعجز عن القول والعمل، والتفكير والحركة. فكذلك الروح إذا مرض تظهر عليه أعراض مرضه كالسرقة والخيانة والكذب والنفاق، وشرب الخمر، وارتكاب كبائر الإثم والفواحش. وإذا كان الجسم يتلوث بالأوساخ والأدران فيُغسل بالماء والصابون فينظف، فكذلك الروح يتلوث بالذنوب والمعاصي فيتطهر بالاستغفار والتوبة والندم، وفعل الأعمال الصالحة، فيعود إليه صفاؤه وطهره.
عباد الله: إن سعادة الإنسان وكماله متوقفان على تربية جسمه وعقله، وأخلاقه وروحه، وكما أن بين الجسم والعقل ارتباط وثيق، فكذلك بين الروح والخُلق ارتباط وثيق، ولا يكمل أحدهما بدون الآخر، قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [الجمعة: 2]، فالتزكية هي التربية الروحية والأخلاقية، فالروح يزكو بالعبادات وبمكارم الأخلاق، وتعليم الكتاب والحكمة هي التربية العقلية.
عباد الله: إن وجود المربين والمصلحين أمرٌ لا بد منه، إذ هم ملح الأرض، يدعون من ضل إلى الهداية، ويرشدون الحيارى، ويقوّمون المعوج من الأفكار، ولذلك اهتم الإسلام بهم، وحث الأمة على العناية بهم، وكما اهتم الإسلام بتربية البشر، فقد اعتنى أيضاً برجال التربية، وحث على احترامهم وتقديرهم، وفرض محبتهم، وأوجب طاعتهم فأعظم المربين، وسيد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- قد أوجب الله محبته، وطاعته، وحذر من معصيته.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حَتَّى أكُونَ أحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أجْمَعِين" [أخرجه البخاري: 15، ومسلم: 44]، فيقدم المؤمن محبته على محبة غيره، وطاعته على طاعة غيره، ومنهجه على منهج غيره، وحكمه على حكم غيره.
وأوجب الله طاعته بقوله: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [آل عمران: 132]، وحذَّر من معصيته بقوله: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) [النساء: 14]، فأين نحن من طاعة المربي الأول -صلى الله عليه وسلم- لنسعد في الدنيا، وننجو في الآخرة.
رزقني الله وإياكم محبته وطاعته، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه.
الحمد لله، الحمد لله الذي جعل لكل شيء قدرًا، وأحاط بكل شيء خبرًا، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُ الله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة:281].
أيها المسلمون: إن الحلقة المفقودة في حياة المسلمين اليوم هي انعدام المربين القادرين أو قلتهم، مع أن وجودهم ضروري لكمال الأمة وسعادتها، ومما يزيد في المحنة ويضاعف الألم أن الأمة الإسلامية لطول ما فقدت التربية الصحيحة قد فقدت الاستعداد النفسي لقبول التربية، ومن هنا فلا فائدة من وجود الدواء والأطباء إذا كان المريض يرفض التداوي به ويأباه، ومن هنا كان الخطر جسيماً، وزوال المرض عسيراً.
ولعل خير من يقوم بتهيئة الأمة لقبول التربية هم المربون الصالحون الصادقون، بما يوجهون به الأمة للاقتداء بخير القرون في العبادة، والدعوة، والتعليم، وحسن الخلق، وحسن المعاملات، بحسب ما ورد في كتاب ربهم، وسنة نبيهم --صلى الله عليه وسلم-- ، وذلك بطريقتين: جماعية وفردية.
وكلنا مسئول -أيها الإخوة- فالأمة مسئولة بصورة جماعية، فلابد أن يتعاون المسلمون فيما بينهم بصورة جماعية، ويعيدون للمسجد دوره، ويجتمعون فيه كل يوم، ويتشاورون في أعمال الدين، وكيف يؤدونها، وكيف يكونون سبباً لنشرها في العالم، وكيف يفرغون الأوقات ويجاهدون بأموالهم وأنفسهم ليكون الدين كله لله، ويتحقق مراد الله من عباده، وبذلك يزيد إيمانهم، وتصلح أعمالهم، وتحسن أخلاقهم، ويكونون أمة يقتدى بهم. ويختارون عالماً بالكتاب والسنة مقتدياً بسلف الأمة، ويسندون له أمر تعليمهم، وتربية عقولهم وأرواحهم وأخلاقهم، فيعلمهم الكتاب والسنة، ويزكيهم بالأخلاق والآداب الإسلامية.
وهذه الطريقة هي التي سلكها النبي -صلى الله عليه وسلم- بأصحابه مدة حياته، فقد اتخذ دار الأرقم بن أبي الأرقم في مكة مجلساً له ولأصحابه يعلمهم ما يوحى إليه، ويربيهم بأوامر ربهم، ويعرفهم بعظمة ربهم ليكبروه، وبنعمه ليشكروه، وباليوم الآخر وما فيه ليتقوه.
ولما انتقل إلى المدينة -صلى الله عليه وسلم-، كان أول عمل قام به هو بناء مسجد قباء، حيث بناه وجمع المؤمنين من ذلك الحي فيه، وأخذ يعلمهم ويربيهم بما يزكي قلوبهم، ويصلح نفوسهم. ولما دخل -صلى الله عليه وسلم- المدينة كان أول عمل قام به هو بناء المسجد النبوي، وجمع فيه المهاجرين والأنصار يصلي بهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة، ويزكيهم، ويتشاور معهم في إقامة الدين، وبعث المعلمين والدعاة والمجاهدين إلى أقطار الأرض. ويستقبل فيه الوفود، والراغبين في الإسلام، ويعلمهم ويكرمهم.
وما هي إلا أيام وشهور وإذا رجال ونساء يتخرجون من هذا المسجد، هم خير رجال ونساء في العالم، إيماناً وتقوى، وعلماً وحكمة، وإحساناً ورحمة. وعنه عليه الصلاة والسلام أخذ هذه الطريقة التربوية أصحابُه، فكانوا نماذج في كمال التربية الإسلامية، ربوا الأمم والشعوب التي فتحوا بلادها على الطهر والصفاء، والعزة والكرامة، والصدق والمحبة.
ولما مات أولئك المربون الصادقون أقفرت الدنيا، وأصابها الظلام، وحلَّ بها الخراب والدمار إلا ما شاء ربك، فلقد كان أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، وأحسنها أخلاقاً، وأصدقها حديثاً، رضي الله عنهم ورضوا عنه: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 100].
هذه هي الطريقة التربوية الجماعية النافعة، فإن تعذرت يُصار في إصلاح النفس إلى الطريقة التربوية الفردية، والدعوة الفردية، بأن يدعو كل منا نفسه وأسرته وإخوانه وأصدقاءه وجيرانه بالمعروف، يدعوهم إلى الخير، يرجو بذلك رضا ربه، ونفع المسلمين، نسأل الله أن يهدينا لأحسن الأخلاق والأعمال.
أيها الإخوة: عودوا إلى ربكم، واعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئًا، واستقيموا على شرعه، ولا تغرنكم الحياة الدنيا، اللهم نجنا من النار ومن حرها، وجنبنا سوء أحوال أهلها، واجعلنا من الناجين يوم القيامة.
اللهم إنا نعوذ بك من النار ومن حال أهل النار، ومن حر النار، ومن عذاب النار، ومن الخزي والبوار، ونسألك يا الله، يا أرحم الراحمين ! أن تجيرنا من النار، اللهم حرم أجسادنا على النار، ولحومنا على النار وأبشارنا على النار، وحرمنا يا مولانا على النار! وآباءنا وأمهاتنا، وإخواننا وأخواتنا، وجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي