فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي
عناصر الخطبة
  1. القرآن ذكرى .
  2. التذكير بالقرآن منهج النبي - صلى الله عليه وسلم - .
  3. لا تأثير إلا بالقرآن .
  4. صور من التذكير بالقرآن .
  5. دعوة للتذكير بالقرآن .

اقتباس

كان -صلى الله عليه وسلم- لا يفتأ مذكراً المؤمنين والكافرين، وما كان يخص قوماً دون قوم في الدعوة والتذكير، وإنما يذكر الجميع الإنس والجن، والمسلمين والكفار، والله -سبحانه وتعالى- يتولى الناس فيهدي من يشاء، ويوفق من يريد للخير والرشاد، ويضل من يشاء بحكمته وعدله...

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي قال وقوله الحق:(فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) [ق:45]، أحمده سبحانه وأشكره الذي جعل القرآن شفاءً وتذكرة للمؤمنين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي المؤمنين، وغافر ذنوب المذنبين، وقابل توبة التائبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل الخلق أجمعين، وسيد الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ومن اقتدى بهم إلى يوم الدين.

أما بعد:

عباد الله: إن القرآن الكريم مليء بالآيات والمواعظ والعبر، وفيه من الزواجر والعظات والنذر ما يكفي لهز النفوس، وترقيق القلوب، وزلزلة المشاعر والأحاسيس، ولهذا أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يُذكر بالقرآن النفوس الغافلة، ويعظ به القلوب القاسية، ويحرك به الأنفس الجامدة، فإنه لن يحركها إلا القرآن، ولن يذيب قسوتها وجمودها إلا هذا الذكر الحكيم الذي أنزله الله تذكرة لمن شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلاً، ومن لم يؤثر فيه القرآن فلن يؤثر فيه شيء آخر، ومن لم يذكره القرآن فلن يذكره غير القرآن شيء، يقول الله -سبحانه وتعالى-: (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) [ق : 45]، ويقول: (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) [الأنبياء : 10].

إن التذكير بالقرآن هو منهج النبي -صلى الله عليه وسلم-، الذي أمره ربه بأن يذكر الناس بالقرآن ويعظهم به، لأن القرآن يثير الذكرى في القلوب، وفيه من البواعث والحوافز ما يعين على الاتعاظ والتذكر، وتشتمل آياته ومعانيه على كثير من العظات التي تزيل ركام الران والقسوة والغفلة من القلوب، يقول الله -سبحانه- عن القرآن الكريم: (وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) [الحاقة : 48]، ويقول:(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر : 17]، ويقول: (وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) [الأنعام : 126]، هذه هي طريقة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن اتبعه يسيرون على هذا النهج، وهذه الطريقة، أعني طريقة التذكير بالقرآن، ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) [ق : 45].

إن التذكير بالقرآن هو المنهج الذي يقوم عليه هذا الدين، وما أرسل الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- إلا من أجل أن يذكر الناس بالقرآن، بل أمره ربه أمراً صريحاً أن يكون مذكراً للناس بالقرآن فقال له: ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) [ق : 45]، (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) [الذاريات : 55]، (فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ) [الطور : 29]، وقال: (وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ) [الأنعام : 70]، فهذه الآيات وغيرها تدل دلالة واضحة على أن مهمة النبي -صلى الله عليه وسلم- هي التذكير، وأن المنهج الصحيح الذي مشى عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو منهج التذكير بالقرآن، ومن تأمل لفظ "التذكير" في القرآن لوجد أن الله -سبحانه وتعالى- كرر ذلك في آيات كثيرة جداً، فمرة يقول: "وَذَكِّرْ"، ومرة يقول "فَذَكِّرْ" ، ويقول: "أَفَلَا تَذَكَّرُونَ"، ويقول: "لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ"، ويقول: (وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [القصص : 51]، (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [الزمر : 27]، (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [القصص : 46].

وذكر لفظ "الذِّكْرَى" في ست آيات من القرآن، وأخبر أن الذين لا يذكّرون إنما هم اليهود، والنصارى، والمنافقون، وأراذل الخلق، الذين قال الله عنهم، (وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ) [الصافات : 13]، وقال: (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) [المائدة : 14]، وقال عن اليهود: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) [المائدة : 13]، وقال عن المنافقين: (أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) [التوبة : 126].

لقد هدد الله -جل وعلا- من لا يتذكر بالقرآن ولا يستفيد من ذكراه البليغة فنعتهم بأكبر الظلم: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا) [الكهف : 57]، ووصفهم بالمجرمين: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) [السجدة : 22]، وشبههم بالحمير فقال: (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) [المدثر 49: 51]، وفي المقابل يمدح الله من تذكر بالقرآن وانتفع بالذكرى فيقول: (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) [السجدة : 15]، وذكر من صفات عباد الرحمن الذين يجزون غرف الجنان الذين: ( إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا) [الفرقان : 73].

فمن هذه الآيات العظيمة الكثيرة نلاحظ أن التذكير بالقرآن أمر مهم جداً للناس جميعاً، فإن الله -سبحانه- وتعالى أنزل كتابه لهذا الغرض، وأرسل رسوله من أجل أن يُذكر الناس بهذا الكتاب العزيز، كما لاحظتم وسمعتم في الآيات الكثيرة التي ذكرت آنفاً.

أيها المسلمون: إن الإنسان لن يؤثّر في الناس بكلامه، ولا بخطاباته، ولا بأقواله الرنانة، أو أشعاره الحماسية، لن يؤثر فيهم أبداً مالم يجعل القرآن منهجه الأول في التذكير، وسبيله الأقوى إلى مخاطبة النفوس التي لا يحركها إلا هو، ولن تعتبر إلا به، فإذا لم يجعل القرآن وسيلته الأولى وطريقته الأقوى لإيقاظ النفوس وتذكير القلوب فإنه والله لن يتأثر في نفسه فضلاً عن أن يؤثر تأثيراً ملحوظا في الآخرين، يقول تبارك وتعالى:(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) [ص : 29]، ويقول:(ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) [الأعراف : 26]،ويقول سبحانه: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا) [الفرقان : 50].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والعظات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله منزل القرآن رحمة للعالمين ومناراً للسالكين وحجة على العباد أجمعين أنزل على عبده الكتاب عبرة للمعتبرين وموعظة للمتقين ونبراسا منيراً للمهتدين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى على جميع النبيين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

عباد الله: إن نبينا -صلى الله عليه وسلم- التزم بأمر ربه بتذكير الناس بالقرآن، فذكرهم بالقرآن قولا، وفعلا، وهديا، وسمتا، وخلقا، حتى إن أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عائشة -رضي الله عنها- وأرضاها، أَخْبرت عن خُلُقِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فقَالَتْ: "كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ" [ أحمد (24601) ].

كان -صلى الله عليه وسلم- لا يفتأ مذكراً المؤمنين والكافرين، وما كان يخص قوماً دون قوم في الدعوة والتذكير، وإنما يذكر الجميع الإنس والجن، والمسلمين والكفار، والله -سبحانه وتعالى- يتولى الناس فيهدي من يشاء، ويوفق من يريد للخير والرشاد، ويضل من يشاء بحكمته وعدله -سبحانه- (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) [الإسراء : 82].

هكذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُذكر بالقرآن، يقول جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: "اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ يَوْمًا، فَأَتَاهُ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ عَبْدُ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَفَرَغْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) [فصلت: 2] حَتَّى بَلَغَ (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ) [فصلت: 13] " فَقَالَ لَهُ عُتْبَةُ: حَسْبُكَ حَسْبُكَ، مَا عِنْدَكَ غَيْرُ هَذَا؟ قَالَ: لَا ..." [ الحاكم (3002) ]، وهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان سبب إسلامه آيات من أول سورة طه ذكر بها وتليت عليه، فرق لها قلبه، واسلم من تلك الساعة التي تليت عليه فيها تلك الآيات.

وكان نبينا -صلى الله عليه وسلم- يقرأ أحياناً في خطبة الجمعة سورة ق، يذكر أصحابه بآياتها التي اشتملت على أمر العقائد، والخَلْق، والبَدْء، والمعاد، والحشر، والحساب، وعذاب النار، ونعيم الجنة، ولأن فيها قول الله -عز وجل-: (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) [ق:45]، تقول أم عطية -رضي الله عنها-: "مَا حَفِظْتُ ق، إِلَّا مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، يَخْطُبُ بِهَا كُلَّ جُمُعَةٍ" [مسلم (873) ].

ومن هنا ندرك أن أهل المنهج الصحيح وأصحاب الصراط القويم، هم الذين يكثرون من التذكير بالقرآن، ويستشهدون به دائماً وأبداً في حياتهم كلها، ويرسمون طريقهم وخططهم ومنهجهم على ضوء آياته ونور أحكامه ومعانيه، فلا يقولون قولاً إلا ومستندهم فيه آية من الذكر الحكيم أو حديثاً من سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، ولا يتكلمون بكلام إلا ويستشهدون على كلامهم بلفظ أو معنى من القرآن، ولا يأتون بشيء إلا ويتبعونه بشاهد من هذا الكتاب العزيز الذي حوى كل شيء، وفيه ذكرى للعالمين كلهم في كل شئون حياتهم الدنيوية والأخروية، (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) [الأنعام : 90].

فعلينا أن نقرأ القرآن ونتأمله ونتدبره ونقرأ تفسيره لنذكر به أنفسنا ونذكر به غيرنا، فإن الله يسر قراءته لنا، وسهل حفظه علينا، ويسر فهمه، والعمل به، ليكون ذكرى لنا، فهل من مدكر؟ وهل من متعظ؟ ألم نسمع قول الله -سبحانه وتعالى- في أربع آيات متشابهة من سورة القمر، (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر : 17]؟. لنذكر أولادنا بالقرآن، ونذكر أهلنا بالقرآن، ونذكر إخواننا بالقرآن، ونذكر طلابنا بالقرآن، ولنقرع أسماعهم بمواعظه وآياته وعبره، ولنكثر من الاستشهاد به في جميع جوانب حياتنا، فـ (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) [ق : 37].

كما يجب علينا أن نهيأ أنفسنا للقرآن، ونطهر قلوبنا به، ونقبل عليه بقلوب خاشعة وأرواح طاهرة حتى يؤثر فينا، ونستفيد منه، فإنه لا ينفع إلا من يؤمن بالله، ويقبل على الله، ويخاف لقاء الله، ويخشى وعده ووعيده، ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) [ق : 45]، أما من لا يخاف الوعيد ولا يبالي بوعد الله ولا يتهيأ للقائه فلن تنفعه موعظة القرآن، يقول الله -جل وعلا-: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) [الذاريات : 55]، ويقول: (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى) [الأعلى 9: 10]، أما من لا يخشى فأنى له أن يتأثر بالقرآن؟.

اللهم أحي قلوبنا بالقرآن، وأيقظنا من غفلاتنا بالقرآن، وذكرنا منها ما نسينا يا رب العالمين.

( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة : 201].


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي