فرض صيام رمضان على أمة الإسلام في السنة الثانية من الهجرة، وجعله أحد أركان الإسلام وفروضه، وهو الركن الرابع من أركان الإسلام كما جاء في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "بُني الإسلام على خمس، وذكر منها صوم رمضان"، وصوم رمضان واجب على كل مسلم عاقل بالغ صحيح مقيم، وأن تكون المرأة طاهرة من الحيض والنفاس.
الحمد لله الذي شرع الشرائع وأحكم الأحكام، وخصَّ رمضان من بين الشهور بفريضة الصيام. أحمده سبحانه وهو المحمود على جميع ما قضاه وشرعه من الأحكام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك العلام، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أشرق الكون برسالته بعد أن خيَّم الظلام، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ما تعاقبت الليالي والأيام، وعلى من تبعهم بإحسان على الطريق في كل مقام.
أما بعد: اتقوا الله عباد الله؛ فإنها خير الزاد للسفر إلى دار المعاد.
أيها المسلمون: يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183]، يقول الإمام ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: "يقول تعالى مخاطباً المؤمنين من هذه الأمة آمراً لهم بالصيام وهو الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع" (أي: الجماع) بنية خالصة لله -عز وجل-؛ لما فيه من زكاة النفوس وطهارتها، وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة، وذكر أنه كما أوجبه عليهم فقد أوجبه على كل من كان قبلهم؛ فلهم فيهم أسوة، وليجتهد هؤلاء في أداء هذا الفرض أكمل مما فعل أولئك".
إن الله –تعالى- فرض صيام رمضان على أمة الإسلام في السنة الثانية من الهجرة، وجعله أحد أركان الإسلام وفروضه، وهو الركن الرابع من أركان الإسلام كما جاء في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "بُني الإسلام على خمس، وذكر منها صوم رمضان".
وصوم رمضان واجب على كل مسلم عاقل بالغ صحيح مقيم، وأن تكون المرأة طاهرة من الحيض والنفاس.
ويجب صوم رمضان بأحد أمرين؛ إما برؤية الهلال، وإما بإكمال شهر شعبان ثلاثين يوماً، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته؛ فإن غُمَّ عليكم فأكملوا شعبان ثلاثين".
وتثبت رؤية الهلال بشهادة شاهد عدل، كما ثبت ذلك عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: "تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أني رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه"، فإذا ثبت دخول رمضان إما برؤيته الهلال أو إكمال شعبان ثلاثين يوماً، فيجب على المسلمين أن يبيّتوا النية بالصيام قبل طلوع الفجر؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من لم يبيّت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له".
والنية عمل قلبي لا دخل للسان فيه، فلا يجوز التلفظ بها؛ كقول بعض الناس: نويت أن أصوم يوم كذا من شهر كذا، فذلك من البدع المحدثة التي لم يكن عليها أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ويبدأ صوم أيام رمضان من طلوع الفجر الثاني "الفجر الصادق" إلى غروب الشمس؛ لقوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة: 187].
ويسن للإنسان أن يتسحر؛ لأن في السحور بركة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "تسحروا؛ فإنّ في السحور بركة"، وفيه مخالفة لأهل الكتاب كما ثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر".
وإذا غربت الشمس فقد أفطر الصائم، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : "إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس؛ فقد أفطر الصائم".
ويستحب تعجيل الفطور؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطر".
ويجب على الصائم أن يتحلى بمكارم الأخلاق، قال -صلى الله عليه وسلم-: "فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم"، ويجب أن يجتنب أثناء صومه سيء الأخلاق؛ فرسولنا -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من لم يدع قول الزور والعمل به، والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، ويقول: "ليس الصيام من الطعام والشراب إنما الصيام من اللغو والرفث".
ومن الأفعال القبيحة التي يجب أن يتجنبها: إضاعة الصلوات حتى يخرج وقتها، فمن تعمد ترك صلاة حتى يخرج وقتها من غير عذر فقد كفر بإجماع العلماء كالذي يتعمد النوم عن صلاة الفجر إلى أن ينتصف النهار أو تشرق الشمس.
ومما يجب على الصائم تركه أثناء صومه قول الزور وعمل الزور، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه", وقد وصف الله عباده بتركهم مجالس الزور حتى في غير رمضان فقال تعالى (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) [الفرقان: 72].
ومما يجب على الصائم تركه أثناء صومه: اللغو والرفث، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس الصيام من الطعام والشراب، إنما الصيام من اللغو والرفث", ويقول تعالى: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) [الفرقان: 63]، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "الصيام جُنّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإذا سابّه أحد أو قاتله فليقل إني صائم".
ومما يجب على الصائم أن يجتنبه في أثناء صومه وفي غير صومه: سماع الأغاني ومشاهدة المسلسلات والتمثيليات، والجري خلف فساد الدشوش والقنوات، فقد جاء الوعيد الشديد من النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن فعل هذه المساوئ أن لا يكون له نصيب من صومه إلا الجوع والعطش فقال عليه الصلاة والسلام: "رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش", وقال: "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".
أيها المسلمون: هذه أمور يجب على الصائم أن يجتنبها، وهناك أمور أباحها الله للصائم أثناء صومه انطلاقاً من قوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة: 185]، وهي كما يلي:
يباح للصائم أن يصبح جنباً فقد ورد عن عائشة وأم سلمة أنهما قالتا: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم.
ويباح للصائم السواك، سواء كان في أول النهار أو في آخره؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة"، وفي لفظ "عند كل وضوء"، ولم يخص الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصائم من غيره.
ومما يباح للصائم فعله أثناء صومه: المضمضة والاستنشاق، بشرط أن لا يبالغ فيها؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- : "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً".
ويباح للصائم أيضاً: ذوق الطعام بشرط أن لا يدخل الطعام إلا حلقه؛ لما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنه-ما قال: "لا بأس أن يذوق الخل أو الشيء ما لم يدخل إلى حلقه وهو صائم".
ويباح للصائم صب الماء البارد على رأسه وهو صائم، وكذلك يباح له الاغتسال، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يصبّ الماء على رأسه وهو صائم من العطش أو من الحر.
ويباح للصائم الكحل والقطرة، ونحوهما مما يدخل في العين، سواء وجد طعمها في حلقه أم لا، وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه حقيقة الصيام، وابن القيم في كتابه زاد المعاد.
ويباح للصائم أيضاً تحليل الدم، وضرب الإبر التي لا يُقصد منها التغذية، وإن أخَّرها إلى بعد الغروب فهو أحوط وأفضل.
أيها المسلمون هناك صنف من الناس أباح الله لهم الفطر في رمضان وهم:
أولاً: المسافر؛ لقوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة: 184]، ويجوز له أن يصوم بشرط ألا يشق عليه الصيام، فإن شقّ عليه الصوم في السفر فليفطر، والفطر خيرٌ له؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "ليس من البر الصيام في السفر".
وبعض الناس يظنون أن الفطر في مثل أيامنا هذه لا يجوز، ويعيبون على من أخذ بالرخصة، أو يظنون أن الصيام أولى؛ لسهولة المواصلات ويسرها وتوفرها، فأقول لهؤلاء: إن الذي شرّع الأحكام شرعها لكل زمان ومكان، وهو العليم سبحانه بما سيؤول إليه حال الناس، وقد قال عن نفسه: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) [مريم: 64]، وقال: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 216].
ثانياً: يُباح الفطر في رمضان للمريض؛ لقوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة: 185]، والمرض المبيح للفطر هو المرض الذي يؤدي مع الصوم إلى ضرر في النفس، أو زيادة في العلة أو يُخشى معه تأخر الشفاء.
ثالثاً: ويُباح الفطر في رمضان بل يجب الفطر للحائض والنفساء، وقد أجمع أهل العلم على أن الحائض والنفساء لا يحل لهما الصيام، وتفطران وعليهما القضاء، وإن صامتا لم يجزئهما الصوم.
رابعا: ويباح الفطر في رمضان للشيخ الكبير الفاني، والمرأة العجوز إذا كان لا يستطيعان الصيام، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً"، ويلحق بهما المريض مرضًا لا يرجى برؤه فيفطر ويطعم عن كل يوم مسكينًا.
خامساً: ويباح الفطر في رمضان للحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما أو ولديهما، وعليهما الإطعام دون القضاء، وعليه مذهب ابن عباس -رضي الله عنهما-، وأما جمهور الصحابة وأكثر العلماء على أن عليهما الإطعام مع القضاء، والله تعالى أعلم.
الحمد لله حمد الشاكرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العالمين، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله خير خلق الله أجمعين، ورضي الله عن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النّبِي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر"، وعن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافرِ". وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ، وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السّمَاءِ وَيَقُولُ الرّب: وَعِزّتِي لَأَنْصُرَنّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ".
فينبغي للمسلم أن يحرص على الدعاء طيلة يومه، وخاصة عند فطره، وأفضل الدعاء المأثور عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: "ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ" (أبو داود وحسنه الألباني). وروي عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كَانَ إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: "اللَّهُم لَكَ صُمْتُ، وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ".
وعلى المسلم أن يحرص على تفطير الصائمين؛ لما في ذلك من عظيم الأجر، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ؛ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصّائِمِ شَيْئًا" (الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني).
أيها المسلمون: إن هناك أموراً كثيرة ينبغي على الصائم أن يجتنبها، وهي ما يعرف بالمفطرات والمفسدات؛ لأنه إذا فعل شيئاً منها في نهار رمضان، فقد فسد صومه، وزادت آثامه.
فعن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: بينا أنا نائم أتاني رجلان فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلاً وعرًا فقالا: اصعد، فقلت: إني لا أطيقه، فقالا: إنا سنسهله لك، فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار، ثم انطلق بي، فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم تسيل أشداقهم دمًا، قال: قلت: من هؤلاء؟ قالا: "الذين يفطرون قبل تحلة صومهم" (رواه الحاكم وقال: على شرط مسلم، وصححه ابن حبان وابن خزيمة والألباني).
وهذه المفطرات المفسدات والمبطلات للصوم تنقسم إلى قسمين، فالقسم الأول ما يبطل الصوم، ويفسده ويوجب القضاء وهي ما يلي:
أولاً: الأكل والشرب عمداً، أما إذا أكل أو شرب ناسياً، فلا يفسد صومه ولا يبطل عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ" (رواه البخاري ومسلم).
ثانياً: تعمد القيء والطراش، وأما من ذرعه القيء وخرج من بغير إرادته فلا شيء عليه وصومه صحيح، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ" (صححه ابن حبان وابن خزيمة).
ثالثاً: الحيض والنفاس؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- "أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ" (رواه البخاري).
رابعاً: الحقن الغذائية التي يُقصد منها التغذية، وتقوم مقام الطعام والشراب، وهي إيصال بعض المواد الغذائية إلى الأمعاء بقصد تغذية بعض المرضى، فهذا يفطر الصائم؛ لأنه إدخال إلى الجوف، وأما إذا كانت الحقن لا تصل إلى الأمعاء، وإنما إلى الدم فهي كذلك تفطر الصائم؛ لأنها تقوم مقام الطعام والشراب، مثل الجلوكوز والسلاين.
وأما إذا كانت الحقن للعلاج فقط، ولا يُقصد منها التغذية أو لتحليل الدم، فهذه لا تفطر الصائم، ولكن لو أخَّرها إلى ما بعد الغروب لكان أولى وأكمل وأحوط لعبادته، وأما استعمال البخاخ بالنسبة للمصابين بمرض الربو فإنه لا يفطر.
خامساً: خروج المني بشهوة يقظة بمباشرة أو استمناء أو تلذذ بنظر إلى امرأة فإنه يفطر الصائم.
سادساً: خروج الدم بالحجامة؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: " أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ"، ويلحق به سحب الدم الكثير للتبرع فإنه يفطر الصائم.
وأما القسم الثاني: فهو ما يفسد الصوم ويبطله ويوجب التوبة والقضاء والكفارة فهو الجماع في نهار رمضان فقط، فيحرم فعله أثناء الصيام، ولا يجوز للمرأة أن تمكّنه من ذلك؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإن مكّنته برضاها لزمها ما يلزمه من الإثم والقضاء والكفارة. وكفارته عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً، فإن لم يجد سقطت عنه الكفارة؛ لأن تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، وجمهور العلماء على أن الكفارة لا تسقط إلا بالإعسار، والله تعالى أعلم .
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي