الصفوية والصفويون -1- (قبل الصفويين إيران كانت سنية)

رشيد بن إبراهيم بو عافية
عناصر الخطبة
  1. ضرورة بيان سبيل المجرمين .
  2. نشأة الحركة الصفوية وعداؤها لأهل السنة .
  3. إيران قبل الصفويين كانت سنيّة   .
  4. أسباب تغيير الصفويين لمذهب أهل إيران .
  5. معالم السياسة التحويلية الصفوية في إيران .

اقتباس

انتشر جيش إسماعيل الأول في المناطق الوسطى, ثم سيطر على جنوب غرب إيران, ثم سيطر على خراسان الكبرى ومدينة هرات, وكان الخيار لغالبية السكان أثناء حملته إما الدخول في مذهب الشيعة والرفض أو الموت بأبشع الطرق!. وبذلك البطش والتنكيل استطاع تحويل الأراضي التي سيطر عليها من مذهب أهل السنة والجماعة إلى مذهب الرفض والتشيّع...

الخطبة الأولى:

الحمد لله ..

الحمدُ لله الذي بنعمته اهتدى المهتدون, وبعدله ضل الضَّالون, ولحكمه خضع العباد أجمعون, لا يُسألُ عما يفعل وهم يُسألون، لا مانعَ لما وَهَب، ولا مُعْطيَ لما سَلَب، طاعتُهُ للعامِلِينَ أفْضلُ مُكْتَسب، وتَقْواه للمتقين أعْلَى نسَب, بقدرته تهبُّ الرياحُ ويسير الْغمام، وبحكمته ورحمته تتعاقب الليالِي والأيَّام.

أحمدُهُ -سبحانه- على جليلِ الصفاتِ وجميل الإِنعام, وأشكرُه شكرَ منْ طلب المزيدَ وَرَام, وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له, لا تحيطُ به العقولُ والأوهام, وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه أفضَلُ الأنام, صلَّى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكرٍ السابق إلى الإِسلام, وعلى عمَرَ الَّذِي إذا رآه الشيطانُ هَام, وعلى عثمانَ الَّذِي جهَّزَ بمالِه جيشَ العُسْرةِ وأقام, وعلى عليٍّ الْبَحْرِ الخِضَمِّ والأسَدِ الضِّرْغَام، وعلى سائر آلِهِ وأصحابِه والتابعين لهم بإِحسانٍ على الدوام، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: 

معشر المؤمنين: ذكر ربنا -سبحانه- في كتابه الكريم المجرمين وفضحَ كيدَهم ومكرهم, ودعا إلى الحذر منهم و كشف سبيلهم ووَسَائلهم في الإفساد لِتُفتضَحَ وتُجتنَب, فقال -سبحانه-: (وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِين) [ الأنعام: 55 ], قال الإمام عبد الرحمن بن ناصر السعدي: "فإن سبيل المجرمين إذا استبانت واتّضَحت أمكن اجتنابُها والبعد عنها, بخلاف ما لو كانت مشتبهةً ملتبسة فإنه لا يحصل هذا المقصودُ الجليل" [تيسير الكريم الرحمن ص 236].

ألاَ وإنّ من أخطر المجرمين في التاريخ وفي الوقت الراهن "الرافضةُ الصفويُّون", الذين صارت لهم اليوم دولةٌ لها تاريخها الامبراطوري العميق, ولها قوميتها الفارسيّة المتعصّبة, وعقيدتها الرافضية الصفوية التي تخالف عقيدة الإسلام وعموم الأمّة, ومصالحها وأطماعها السياسيّة التي تبذل في سبيلها كل شيء.

نقفُ -معشر المؤمنين- في هذه السلسلة مع حقيقة الصفويّة والصفويين, وتاريخهم وجذورهم, و مشاريعهم وشعاراتهم, وغير هذا ممّا يتعلّق بفضح وكشف مخططاتهم الإجراميّة في العالم الإسلامي لتستبين سبيل المجرمين لكل ذي عينين, فلا تشتبه ولا تلتبسُ على أحدٍ بالشعارات الزائفة البرّاقة التي تظهرها وتبطنُ خلافَها, فنسأل الله السلامة والعافية ونسأله التوفيق إلى ما يحب ويرضَى:

بدأت الصفوية حركةً دينيّةً ذات تطلعات سياسية خفية وأخذت توسع اهتماماتها السياسية شيئًا فشيئًا؛ حتى انتهت إلى إقامة دولة الرفض والتشيّع مترامية الأطراف على أشلاء ملايين من أبناء أهل السنة والجماعة, الذين كانوا يشكلون الأغلبية الساحقة في إيران!.

وقبل أن نتطرق إلى مفهوم الصفوية وتاريخها ومشاريعها يحسن بنا -معشر المؤمنين- التأكيد على حقيقة تاريخية وهي كون إيران قبل عهد الصفويين "سنيّةً"  تعرف الله وتعبده  على منهج أهل السنة والجماعة الذي هو الإسلام الصافي النقي, على ما كان فيها وفي أهلها من الجهل والتصوّف, إلى أن جاء الصفويون في حملتهم الداهمة فغيّروا وبدّلوا!.

نعم -معشر الأحباب- قرابة تسعة قرون وإيران تتبع مذهب أهل السنة والجماعة, وكان السكان على مذهبي الإمامين الشافعي وأبي حنيفة, فكانت الصبغة السنية واضحة في جميع ألوان النشاط البشري لأهلها, وهو ما مكّن هذا القُطر من المساهمة في بناء صرح الحضارة الإسلامية بواسطة كبار العلماء من أبناء تلك المنطقة, أمثال الإمام البخاري، والإمام مسلم، وسيبويه, والفراهيدي, والبيروني, وغيرهم من أهل العلم في مختلف المجالات.

لكن بقيام الدولة الصفوية في إيران, واعتماد الصفويين السياسة التحويلية؛ تغيّر مسار النشاط البشري فيها تغيُّرًا جذريًّا في جميع مجالات الحياة (الدينية والعقدية, والفكرية, والسياسية, والاقتصادية, والاجتماعية), ووُجّه الإيرانيون قسرًا إلى وجهة مغايرة تتسم بالعداء الصارم لكل ما له صلة حضاريّة بأهل السّنّة والجماعة!.

فقد كان قيام دولة الصفويين مقترِنًا بالقضاء على مذهب أهل السنة والجماعة في إيران, كما تزامن مع ارتكاب مذابح ومظالم بحقهم, والتضييق عليهم أشد التضييق!.

بل إنّ التعصب المذهبي أوقع الصفويين في موالاة أعداء الله على المسلمين, فتحالفوا مع الدول النصرانية في أوربا, أملاً في إضعاف الدولة العثمانية السنّية التي كانت تقود الجهاد في سبيل الله ضد الصليبيين, رافعةً راية الإسلام, فاتحةً القسطنطينية, غازيةً في أوربا, فكان الصفويون سببًا في إضعاف وإعاقة مشاريع الفتوحات الإسلامية.

وفي المقابل -معشر المؤمنين-  رحّبَ الصفويون بإقامة النصارى في بلادهم أيَّما ترحيب, وعاملوهم بكل احترام وتقدير وإجلال, ووثّقوا صِلاتهم الاقتصادية بمختلف الدول النصرانية في أوربا, وسمحوا للتجار الأجانب بِحُرّية الحركة في المدن الإيرانية, ومنحوهم الامتيازات التجارية؛ مما شجع على ازدياد النفوذ الأوربي في المنطقة, فكان عهدهم بامتياز هو عهد إدخال قوى الاستعمار الأوربي في هذه المنطقة, وقد قامت السياسة الصفوية على هذا الأساس طوال مدة حكمهم التي استمرت أكثر من قرنين من الزمان من سنة 907هـ (1507م) إلى 1148هـ (1735م).  

معشر المؤمنين: من سنة 1500م إلى سنة 1502م غزا إسماعيل الأول تبريز, أذربيجان, وأرمينيا, وقضَى عقدا كاملا من الزمن من أجل تعزيز سيطرته على إيران حيث كان السكّان في تلك المناطق ما يزالون يدينون بالمذهب السنّي فهمًا وتطبيقًا.

انتشر جيش إسماعيل الأول في المناطق الوسطى سنة 1504م, ثم سيطر على جنوب غرب إيران بين سنة 1505و1508, ثم سيطر على خراسان الكبرى ومدينة هرات في 1510م, وكان الخيار لغالبية السكان أثناء حملته إما الدخول في مذهب الشيعة والرفض أو الموت بأبشع الطرق!. وبذلك البطش والتنكيل استطاع تحويل الأراضي التي سيطر عليها من مذهب أهل السنة والجماعة إلى مذهب الرفض والتشيّع.

هذا -معشر المؤمنين-  وقد كانت لهذه الدولة المارقة المعتدية أسبابًا وبواعث للقيام بهذه السياسة التحويلية, يجب علينا الانتباه إليها فهي مما يخدم موضوعنا "فضح سبيل المجرمين" فقد سعى الصفويون إلى تغيير المذهب المتبع للناس  للأسباب التالية:

الأول: أن تكون إيران الصفوية مختلفة عن الدولة العثمانية السنية, ذات القوة العسكرية القوية التي تحدها في الغرب وآسيا الوسطى الأوزبكية في الشمال الشرقي.

ثانيًا: الصراع الطويل بينهم وبين الإمبراطورية العثمانية والحروب العديدة التي دارت بينهما؛ جعل إسماعيل الأول أكثر إصرارا على خلق هوية مختلفة في إيران حتى لا يتكون معاونون للدولة العثمانية من داخل الأراضي الإيرانية. 

ثالثًا: التحويل إلى الرافض والتشيّع  - كما سنرى - كان جزءً من عملية سياسيّة؛ الهدف منها بناء أراض من شأن سكانها الإخلاص والولاء للدولة ومؤسساتها وعلمائها, وبالتالي تمكين الدولة ومؤسساتها  المختلفة من نشر حكمهم في جميع أنحاء الأراضي باسم المذهب والدين!. 

نسأل الله السلامة والعافية, ونسأله التوفيق إلى ما يحب ويرضَى, أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب إنه غفور رحيم.

الخطبة الثانية:

معشر المؤمنين: تأمّلوا كيف طُبّقت السياسة التحويلية في زمن الصفويين من مذهب أهل السنّة والجماعة إلى مذهب الرفض والتشيّع:

·     فرض المذهب الشيعي ديناً رسمياً للدولة وإجبار الناس على تغيير مذهبهم السنّي بطرق وحشية.

·     إنشاء مكتب يكون مسؤولا عن الإشراف على المؤسسات الدينية والأوقاف؛ بغية تحويل إيران إلى المذهب الشيعي الاثني عشري.

·     تدمير مساجد السنة لأنها القلاع والصروح التي يجتمع فيها المؤمنون ويتعلمون فيها التوحيد والعقيدة والعبادة والدين الإسلامي الصحيح,  وقد لاحظ بيريس تومي السفير البرتغالي في الصين والذي زار إيران في الفترة من 1511 إلى 1512 وقال: "إنه -أي إسماعيل الصفوي- يقوم بإصلاح كنائسنا ويدمر مساجد السنة".

·     أجبر الخطباء في جميع المساجد على شتم الخلفاء الراشدين الثلاثة أبي بكر الصديق، عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان -رضي الله عنهم-.

·     سلب جميع ممتلكات السنة وتم توجيهها لتطوير العتبات الشيعية والمؤسسات الدينية.

·     كما تم استضافة علماء الدين الشيعة ليحلوا مكان علماء الدين السنة.

·     أباح دم أهل السنة وأن تدمر وتدنس المقابر والمساجد السنية.

·     اضطهد وسجن وأعدم كل المقاومين السنيين ممن انتفضوا ضد الظلم والطغيان.

·     مع إقامة حكم صفوي كان يتم الاحتفال بعيد الغدير في 26 ذي الحجة, والذي من وجهة نظرهم نصب رسول الإسلام محمد ابن عمه علي بن أبي طالب إماما من بعده, كما يتم الاحتفال في 9 ربيع الأول بمقتل الخليفة عمر بن الخطاب وذلك بصنع دمية على شكل عمر ثم يتم لعنها وطعنها وإهانتها ثم إحراقها!.

وينبغي الانتباه إلى أنه مع تحسن العلاقات بين إيران والدول العربية, فإن الأولى قررت عدم الاحتفال رسميا بمقتل عمر ولكن على الصعيد الشعبي ما زال يتم الاحتفال بذلك!.

·     في سنة 1501م دعا إسماعيل الأول جميع الشيعة الذين يعيشون خارج إيران للعيش في إيران من التأكيد على حمايتهم من الأغلبية السنية!.

هذا -معشر المؤمنين- جزءٌ من مخططهم الخبيث الذي تم به تحويل منطقة إيران من مذهب أهل السنة والجماعة إلى مذهب الرفض والتشيّع, وحبّ آل البيت في الظاهر وفي الباطن تحقيق الأطماع والمشاريع التاريخية القومية الفاجرة الكافرة. نسأل الله السلامة والعافية.

اللهم حبب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا, وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.

وصل اللهم وبارك على نبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان وسلّم. 

الصفوية والصفويون -2- (اسماعيل الصفوي وتأسيس الدولة الصفوية)

الصفوية والصفويون -3- (دين وضعي و ليس مذهبا إسلاميا)

الصفوية والصفويون -4- (تصدير الثورة الصفوية.. الاستراتيجية والتكتيك)

الصفوية والصفويون -5- (صناعة الوعي الجماهيري بخطورة المشروع الصفوي)


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي