الاحتفال بأعياد الكفار

سالم بن عبد الكريم الغميز
عناصر الخطبة
  1. اعتياد الكفار على الاحتفال بأعيادهم الدينية وبعض الشركيات فيها .
  2. اللوم والعتب على بعض المسلمين المشاركين للكفار في أعيادهم .
  3. حكم تهنئة الكفار بأعيادهم ومشاركتهم فيها .
  4. اعتزاز المؤمن بإيمانه .
  5. السر في نهي الإسلام عن تقليد الكفار .
  6. لماذا الحديث عن الاحتفال بأعياد الكفار؟ .

اقتباس

أيها المسلمون: إن المؤمن عزيز بإيمانه، مشتغل بما معه من الحق، قال تعالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)[المنافقون:8]. فكيف يتناسب مع هذا الاستعلاء أن يقلد عادات الكفار ويحاكي تقاليدهم؟. إن الحرص على مخالفة اليهود والنصارى في كل شيء، هو حرص على أن تكون لهذه الأمة شخصيتها المستقلة في كل شأن من شؤونها، وفي كل صفة من صفاتها، والأعياد أهم ما ينبغي التمييز فيه؛ لأن الأعياد والعادات والتقاليد من أبرز مظاهر شخصية الأمة، ومن أوضح سماتها التي...

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً، بل فصل وبين وقرر صراطاً مستقيماً، ونصب من براهين معرفته وتوحيده سلطاناً مبيناً، أحمده سبحانه حمد عبدٍ جعل له من كل همّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً.

وأشهد أن لا إله الله، شهادة ترفع الصادقين إلى منازل المقربين درجات، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله جعل الله العزة في اتباع هداه، والذلة والصغار على من خالف أمره وعصاه.

أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله حق تقواه، وسارعوا إلى مغفرته ورضاه، فقد خلقكم لأمر عظيم، وهيأكم لشأن جسيم، أمركم بتوحيده وطاعته، واتباع نبيه، فيما جاء به من ربه، والبعد عن سبل الضلال، وخطوات الشيطان.

أيها المسلمون: لقد جرت عادة سنوية للنصارى في مثل هذه الأيام من كل عام، وهي أن يحتفلوا بواحد من أعيادهم الدينية، يحتفلون به على عادتهم في كفرهم وضلالهم، بكثير من الفسق والمجون، والفجور والاستهتار، مع ممارسة شعائر الشرك والكفر، يعظمون الصليب والتماثيل، ويقدسون شجرة الميلاد.

ونحن لسنا نعتب عليهم فسقهم ولا فجورهم، فإنه ليس بعد الكفر ذنب؛ لأن الكفر بالله -عز وجل- ووصفه بصفات النقص والسب أكبر ذنب وأعظم إثم، وأشنع جرم، يرتكبه الإنسان في هذه الحياة.

ولكن الذي نعتبه أشد العتب، ونأسف له بالغ الأسف، هو أن بعض المسلمين ممن أنعم الله عليهم بنعمة الإيمان، وهداهم الله إلى اتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم-: أن بعضاً من المسلمين يشاركون هؤلاء الكفرة في أعيادهم، على درجات مختلفة من المشاركة.

إن هذه المشاركة للنصارى في هذه الأعياد وغيرها على أي صورة كانت، وإلى أي درجة بلغت، هي مخالفة لديننا الحنيف.

وبيان هذه المخالفة أننا -نحن المسلمين- أهدى الناس طريقاً، وأقومهم سبيلاً، وأرشدهم سلوكاً، في الحياة، وقد أقامنا الله مقام الشهادة على الأمم كلها، نشهد عليهم بانحرافهم وضلالهم، قال الله -تعالى-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ)[البقرة:143].

فكيف يتناسب أن تشهد عليهم بالضلال، ثم تحاكيهم وتقلدهم في أعيادهم وعاداتهم؟!

ومما يؤسف له إبداء الصحف العربية والإسلامية اهتماماً بالغاً بأعياد النصارى، وأبرزت استعدادات الدول العربية والإسلامية لهذا الحدث وكأنه شرعيا، فأبرزت الإعلانات للحفلات المختلفة محاكاة للغرب، وطالبت الصحف أصحاب الفنادق، بخفض الأسعار، فإلى الله المشتكى من غربة الإسلام بين أهله!.

وتهنئة النصارى بأعيادهم؛ بمنزلة تهنئتهم بالسجود للصليب، كما قال ابن القيم -رحمه الله-: "بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشدّ مَقتاً من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام، ونحوه"-والعياذ بالله-.

إن في تهنئة النصارى ومشاركتهم في أعيادهم؛ إقرار لهم على باطلهم، وتأييد لهم.

أيها المسلمون: إن المؤمن عزيز بإيمانه، مشتغل بما معه من الحق، قال تعالى: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)[المنافقون:8].

فكيف يتناسب مع هذا الاستعلاء أن يقلد عادات الكفار ويحاكي تقاليدهم؟.

إن الحرص على مخالفة اليهود والنصارى في كل شيء، هو حرص على أن تكون لهذه الأمة شخصيتها المستقلة في كل شأن من شؤونها، وفي كل صفة من صفاتها، والأعياد أهم ما ينبغي التمييز فيه؛ لأن الأعياد والعادات والتقاليد من أبرز مظاهر شخصية الأمة، ومن أوضح سماتها التي تميزها عن غيرها.

ومن هنا، فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أبى على المسلمين أن يشاركوا أهل المدينة أعيادهم، وبين أن للمسلمين أعياد خاصة بهم؛ روى النسائي وابن حبان بإسناد صحيح، قال: "قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: قد أبدلكم الله -تعالى- بهما خيراً منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى".

أيها المسلمون: وسر تشدد الإسلام في النهي على تقليد الكافرين، والتشبه بهم، أن الاتباع والتشبه والتقليد مبعثهما محبة المقلّد الكامنة في قلب المقلّد.

ولما كان المسلمون لا يحبون الكافرين، فإنه لا يجوز لهم التشبه بهم، ولا تقليدهم.

وكيف يحب المسلم النصارى، وهم أعداء الله -تعالى- وأعداء رسوله -صلى الله عليه وسلم-؟ وقد نهى الله -تعالى- عن محبة الكافرين ومصادقتهم، وعن التعاون والتناصر بين المسلمين والكافرين؟.

وكيف تقوم المحبة بين عبد لله -تعالى- يقدم حب الله -تعالى- ورسوله على ما سواهما، من النفس والأهل والمال والولد، وبين رجل كافر عدو لله وعدو لرسوله؟!

يقول تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة:22].

إنك مهما بحثت وفتشت لن تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر بينهم وبين أعداء الله مودة، ولو كان هؤلاء الأعداء آباءً للمؤمنين، أو أبناءً أو إخواناً، أو عشيرة.

ليس هذا فحسب، بل إن هناك أمر خطير يتصل بهذه القضية بسبب وثيق، وهو أنه لا يجوز لنا التلقي عن الكافرين في شيء من العلوم التي تتعلق بالإنسان، لا المسلم يتلقى في هذه الشئون كلها من كتاب ربه وسنة نبيه.

كيف يجوز لنا أن نلتقي في شئون ديننا من أعدائنا؟ وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن التلقي، وغضب عندما رأى في يد عمر كتاباً من كتبهم؟.

هذا، ولقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الواقع البئيس الذي صار إليه كثير من المسلمين في هذه الأيام، من التقليد الأعمى لليهود والنصارى، دون وعي منهم للذلة والمهانة التي هم فيها، وضرب لهم مثلاً بليغاً في اندفاعهم في التقليد الأعمى، فقال صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلهم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟"[رواه البخاري].

إن في هذا الحديث لتحذير شديد من التقليد الأعمى، وتوجيهاً سديداً إلى التمييز في العادات والتقليد، فهل نعي تحذير الرسول، ونقبل توجيهه؟

اللهم اهدنا يا رب العالمين، وفقنا الله لما تحبه وترضاه.

أقول ما تسمعون.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه...

أما بعد:

أيها المسلمون: اتقوا الله حق التقوى، وتمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، وعضوا عليها بالنواجذ، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وعليكم بجماعة المسلمين، واعلموا أن ملك الموت قد تخطاكم إلى غيركم، وسيتخطى غيركم إليكم، فخذوا حذركم، وأعدوا للسؤال جوابا، وللجواب صواباً، وذلك بالأعمال الصالحة، والابتعاد عما يغضب الله -عز وجل-.

أيها المسلمون: اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل، فاعملوا ما دمتم في دار العمل، وأكثروا من الباقيات الصالحات قبل أن يفاجئكم الأجل، ثم تتمنون الرجوع، وهيهات: (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)[المؤمنون:99-100].

عباد الله: قد يقول قائل: نحن في بلد بفضل الله -عز وجل- لا يعترف، ولا يشعر بأعياد النصارى واحتفالاتهم، ولا يقيم لها وزناً، فما دخلنا نحن في هذا الموضوع؟.

إن الصحف ووسائل الإعلام الأخرى؛ تشن حرباً إعلامية على مجتمعنا، تمهيداً لدخول هذه العادات على الشباب؛ لأنها تخطط للأمد البعيد، وليس لليوم، ولكنها تريد أولاً زرع حب هذه الأشياء في قلوب الشباب، حتى إذا حان الوقت دخلت هذه الفتنة إلى بلادنا، كما دخل علينا غيرها من الفتن.

ألا ترون قصات الشعر للشباب وتقليدهم للاعبي الكرة الغربيين وغيرها من المظاهر الأخرى التي أصبحت شيئاً مألوفاً؟.

ثانياً: نقولها: من باب معرفة الشر تحذيراً من اغترار السفهاء به.

ثالثاً: إن من بيننا إخوة لنا تقام هذه الاحتفالات في بلادهم، فيجب علينا إبلاغهم بخطورتها، حتى يبلغوا أقاربهم، ومن ضلل وغرر بهم، والإعلام في تلك البلاد بخطورة هذا الأمر، وحثهم على التمسك بتعاليم دينهم.

فاتقوا الله -عباد الله-: وعودوا إلى الله، وخذوا دينكم من النبع الصافي كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.

عباد الله: صلوا على رسول الله كما أمركم بذلك مولاكم، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56].

اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشداً.

اللهم اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك.

اللهم اهد ولاة المسلمين، ووفقهم لتحكيم كتابتك بين المسلمين.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي