إخوة الإيمان: الرجولة وصف اتفق العقلاء على مدحه، والثناء عليه، ويكفيك إن كنت مادحا إنسانا أن تصفه بالرجولة، وحسبك إن كنت ذاما أحداً أن تسلب عنه هذا الوصف الجميل، بيد أن الرجولة يساء فهمها، وامتثالها عند البعض، فليست الرجولة لمن طر شاربه، واسود عارضه، وليست في التفاف السواعد، وانبساط القامة، وبهاء الصورة. وليست الرجولة خلق يسعى لإثبات الذات، أو التصلب في المواقف والآراء، أو القسوة على الأهل والأولاد. وقبل ذلك كله ليست الرجولة قسيم الذكورة، بل هي وصف زائد عليه، وإلا...
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ: فِي دَارٍ مِنْ دُورِ الْمَدِينَةِ الْمُبَارَكَةِ، جَلَسَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- إِلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ آمَالَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ: تَمَنُّوا؟
فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَتَمَنَّى لَوْ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مَمْلُوءَةٌ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: تَمَنُّوا.
فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَتَمَنَّى لَوْ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مَمْلُوءَةٌ لُؤْلُؤًا وَجَوْهَرًا أُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
فَقَالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: وَلَكِنِّي أَتَمَنَّى رِجَالًا مِلْءَ هَذَا الْبَيْتِ مِثْلَ أَبِي عُبْيَدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ؛ فَأَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ -تَعَالَى-.
الرُّجُولَةُ أُمْنِيَّةٌ عُمَرِيَّةٌ، تَمَنَّاهَا الْمُلْهَمُ الْمُحَدَّثُ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّ الْأُمَمَ لَا تَتَقَدَّمُ وَتَنْهَضُ إِلَّا بِرِجَالَاتٍ حَمَلُوا الْعُقُولَ الْمُفَكِّرَةَ، وَالنُّفُوسَ الْكَبِيرَةَ، وَالْهِمَمَ الْعَالِيَةَ، وَالْعَزَائِمَ الْوَقَّادَةَ.
فَالرُّجُولَةُ فِي مَنْطِقِ الْفَارُوقِ أَغْلَى مِنْ كُلِّ جَوْهَرٍ ثَمِينٍ، وَأَعَزُّ مِنْ كُلِّ مَعْدِنٍ نَفِيسٍ؛ وَلِذَا كَانَ وُجُودُهَا عَزِيزًا فِي دُنْيَا النَّاسِ، حَتَّى قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا النَّاسُ كَالْإِبِلِ الْمِئَةِ، لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً" [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ].
بَلْ إِنَّ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَوَّلِ بَعْثَتِهِ، كَانَ يَتَطَلَّعُ إِلَى الرُّجُولَةِ الَّتِي تَنْصُرُهُ، وَتَعْتَزُّ بِهَا دَعْوَتُهُ، فَكَانَ مِنْ دَعَوَاتِهِ لِرَبِّهِ: "اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ، بِأَبِي جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ".
فَكَانَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وَكَانَتْ رُجُولَتُهُ مُنْذُ اللَّحْظَةِ الْأُولَى مِنْ إِسْلَامِهِ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: "مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ".
لَقَدْ عَلَّمَ الْفَارُوقُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كُفَّارَ قُرَيْشٍ حَقِيقَةَ الرُّجُولَةِ يَوْمَ أَنْ أَعْلَنَ هِجْرَتَهُ عَلَى الْمَلَأِ، فَقَالَ: "مَنْ أَرَادَ َأَنْ تَثْكَلَهُ أُمُّهُ، وَيُيَتِّمَ وَلَدَهُ، وَيُرَمِّلَ زَوْجَتَهُ، فَلْيَلْقَنِي وَرَاءَ هَذَا الْوَادِي".
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: الرُّجُولَةُ وَصْفٌ اتَّفَقَ الْعُقَلَاءُ عَلَى مَدْحِهِ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَيَكْفِيكَ إِنْ كُنْتَ مَادِحًا إِنْسَانًا أَنْ تَصِفَهُ بِالرُّجُولَةِ، وَحَسْبُكَ إِنْ كُنْتَ ذَامًّا أَحَدًا أَنْ تَسْلُبَ عَنْهُ هَذَا الْوَصْفَ الْجَمِيلَ، بَيْدَ أَنَّ الرُّجُولَةَ يُسَاءُ فَهْمُهَا، وَامْتِثَالُهَا عِنْدَ الْبَعْضِ، فَلَيْسَتِ الرُّجُولَةُ لِمَنْ طَرَّ شَارِبُهُ، وَاسْوَدَّ عَارِضُهُ، وَلَيْسَتْ فِي الْتِفَافِ السَّوَاعِدِ، وَانْبِسَاطِ الْقَامَةِ، وَبَهَاءِ الصُّورَةِ.
وَلَيْسَتِ الرُّجُولَةُ خُلُقًا يَسْعَى لِإِثْبَاتِ الذَّاتِ، أَوِ التَّصَلُّبِ فِي الْمَوَاقِفِ وَالْآرَاءِ، أَوِ الْقَسْوَةِ عَلَى الْأَهْلِ وَالْأَوْلَادِ.
وَقَبْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ لَيْسَتِ الرُّجُولَةُ قَسِيمَ الذُّكُورَةِ، بَلْ هِيَ وَصْفٌ زَائِدٌ عَلَيْهِ، وَإِلَّا لَكَانَ الرِّجَالُ كَثِيرًا.
الرُّجُولَةُ الْحَقَّةُ تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا الْمَعَانِيَ السَّامِيَةَ، وَالْمَقَامَاتِ الْعَلِيَّةَ.
الرُّجُولَةُ الْحَقَّةُ وَصْفٌ أَخَّاذٌ، يَمَسُّ الْجَوْهَرَ لَا الْمَظْهَرَ، فَرُبَّ إِنْسَانٍ عَظِيمِ الْخِلْقَةِ، صَحِيحِ الْجِسْمِ، وَلَكِنَّهُ يَعِيشُ بِهِمَمِ الرِّجَالِ، وَتَفْكِيرِ الْعَبَاقِرَةِ، فَأَيْنَ هَذَا مِنْ هَذَا؟!
فَقِيمَةُ الرُّجُولَةِ وَحَقِيقَتُهَا فِي مَضْمُونِهَا، لَا فِي شَكْلِهَا.
مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟" قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ، ثُمَّ سَكَتَ، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنَ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: "مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟" قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَلَا يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لَا يُسْتَمَعَ لَهُ.
فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِنْ هَذَا" [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ].
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: الرُّجُولَةُ لَقَبٌ تَتَشَرَّفُ إِلَى تَقَلُّدِهِ الْهِمَمُ، وَتَمْتَدُّ نَحْوَهُ الْأَعْنَاقُ، غَيْرَ أَنَّ الرُّجُولَةَ لَيْسَتْ دَعْوَى يُتَكَثَّرُ بِهَا، وَلَا انْتِسَابًا يُفْتَخَرُ بِهِ، بَلْ لَهَا سِمَاتٌ حَمِيدَةٌ، وَسَجَايَا مَمْدُوحَةٌ.
وَاللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ الرُّجُولَةَ فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ، وَذَكَرَ شَيْئًا مِنْ شَمَائِلِ أَهْلِهَا وَصِفَاتِهِمْ، فَتَعَالَوْا إِلَى حَدِيثِ الْقُرْآنِ عَنِ الرُّجُولَةِ وَالرِّجَالِ.
عِبَادَ اللَّهِ: وَأَحَقُّ الْعَالَمِينَ بِتَاجِ الرُّجُولَةِ هُمْ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ -تَعَالَى- الَّذِينَ تَمَثَّلُوا الرُّجُولَةَ فِي أَسْمَى صُوَرِهَا، فَكَانَتْ مَوَاقِفُهُمْ فِي مُوَاجَهَةِ الْفَسَادِ، وَمُقَارَعَةِ الشِّرْكِ، وَتَحَمُّلِ أَعْبَاءِ الرِّسَالَةِ، وَالِاصْطِبَارِ عَلَيْهَا، تَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ رُجُولَتِهِمْ.
لَقَدْ تَجَلَّتْ هَذِهِ الرُّجُولَةُ الْحَقَّةُ فِي كَرَمِ إِبْرَاهِيمَ، وَفِي عِفَّةِ يُوسُفَ، وَفِي قُوَّةِ مُوسَى، وَفِي صَبْرِ أَيُّوبَ، وَفِي تَوَاضُعِ سُلَيْمَانَ، وَفِي دَاوُدَ أَنَّهُ أَوَّابٌ، وَصَدَقَ اللَّهُ: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ).
الرُّجُولَةُ الْحَقَّةُ -يَا مَعَاشِرَ الرِّجَالِ-: هِيَ صِدْقٌ مَعَ اللَّهِ، وَتَقْدِيمُ رِضَاهُ عَلَى كُلِّ غَالٍ وَنَفِيسٍ، مَعَ الثَّبَاتِ عَلَى الْمَنْهَجِ الصَّحِيحِ، وَلُزُومِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب:23].
وَأَسْعَدُ النَّاسِ بِالرُّجُولَةِ أُولَئِكَ الرِّجَالُ الَّذِينَ طَهُرَتْ صُدُورُهُمْ مِنَ خَطَايَا الْقُلُوبِ، وَطَهُرَتْ أَبْدَانُهُمْ مِنَ الْأَرْجَاسِ وَالْأَنْجَاسِ.
قَالَ تَعَالَى: (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التوبة:108].
وَالطَّهَارَةُ فِي الْآيَةِ شَامِلَةٌ لِلطَّهَارَةِ الْحِسِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ.
الرُّجُولَةُ الْحَقَّةُ مَبَادِئُ وَقِيَمٌ يَتِمُّ تَلَقِّيهَا وَتَلْقِينُهَا فِي الْمَسَاجِدِ: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ) [النور:36-37].
الرُّجُولَةُ الْحَقَّةُ تَتَمَثَّلُ فِيمَنِ امْتَلَأَ قَلْبُهُ تَعْظِيمًا لِلَّهِ، فَلَمْ تُلْهِهِ الدُّنْيَا وَلَا طَنِينُ التِّجَارَةِ عَنْ طَاعَةِ الرَّحْمَنِ، وَالْقِيَامِ بِوَاجِبَاتِهِ: (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) [النور:37].
الرُّجُولَةُ الْحَقَّةُ تَتَجَلَّى فِي نُصْرَةِ الْحَقِّ، وَالْوُقُوفِ فِي وَجْهِ الْبَاطِلِ، وَلَوْ كَانَ مُرًّا: (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ) [غافر:28].
الرُّجُولَةُ الْحَقَّةُ اقْتِفَاءٌ لِسَبِيلِ الْمُرْسَلِينَ، وَالتَّأَسِّي بِسِيَرِ الْمُصْلِحِينَ: (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) [القصص:20].
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: وَمِنْ أَعْظَمِ كَمَالِ صُوَرِ الرُّجُولَةِ: أَنْ يَتَمَثَّلَ الْإِنْسَانُ خُلُقَ الْعِفَّةِ، فَيَحْفَظَ بَصَرَهُ، وَيَصُونَ فَرْجَهُ عَنِ الْحَرَامِ، تَبْدُو أَمَامَهُ الْفِتَنُ فَلَا يَسْتَجِيبُ لَهَا، وَتَؤُزُّهُ نَفْسُهُ الْأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ إِلَى الْمَعْصِيَةِ أَزًّا، فَيَكْبَحُ هَوَاهَا بِلِجَامِ الرُّجُولَةِ.
وَفِي حَدِيثِ السَّبْعَةِ الَّذِينَ اسْتَحَقُّوا ظِلَّ الرَّحْمَنِ: "وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ".
كَانَتِ الْعَرَبُ تَعُدُّ غَضَّ الْبَصَرِ مِنْ مَفَاخِرِ الرُّجُولَةِ، حَتَّى قَالَ شَاعِرُهُمْ:
وَأَغُضُّ طَرْفِي إِنْ بَدَتْ لِي جَارَتِي *** حَتَّى يُوَارِيَ جَارَتِي مَأْوَاهَا
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: وَمِنْ أَبْرَزِ مَعَالِمِ الرُّجُولَةِ: قِوَامَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ، وَغَيْرَتُهُ عَلَى عِرْضِهِ، وَإِذَا ضَاعَتِ الْغَيْرَةُ مِنَ النُّفُوسِ فَكَبِّرْ عَلَى الرُّجُولَةِ أَرْبَعًا.
وَأَيُّ رُجُولَةٍ تَبْقَى حِينَمَا يَرْضَى الْإِنْسَانُ لِأَهْلِهِ التَّبَرُّجَ وَالسُّفُورَ؟!
هَذِهِ الْغَيْرَةُ مَبْدَأٌ أَصِيلٌ، وَخُلُقٌ نَبِيلٌ، عَرَفَتْهُ الْعَرَبُ فِي جَاهِلِيَّتِهَا، وَجَاءَ الْإِسْلَامُ وَهَذَّبَهُ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، بَلْ وَاعْتَبَرَ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْ أَجْلِهِ شَهَادَةٌ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ".
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ: وَمِنَ الرُّجُولَةِ الَّتِي اتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الشَّرَائِعُ، وَشَهِدَ بِهَا التَّارِيخُ: الشَّجَاعَةُ وَالشَّهَامَةُ، وَالْأَنَفَةُ مِنَ الذُّلِّ أَوِ الِاسْتِذْلَالِ، يَقُولُ رَجُلُ الْعَرَبِ عَنْتَرَةُ بْنُ شَدَّادٍ:
لَا تَسْقِنِي مَاءَ الْحَيَاةِ بِذِلَّةٍ *** بَلْ فَاسْقِنِي بِالْعِزِّ كَأْسَ الْحَنْظَلِ
وَمِنَ الرُّجُولَةِ الْمَشْهُودَةِ -عِبَادَ اللَّهِ- أَنْ يَنْزِلَ الْمَرْءُ إِلَى مَيْدَانِ الْعَمَلِ، وَيَكِدَّ وَيَتْعَبَ لِنَفْعِ نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ، وَيَحْفَظَ مَاءَ وَجْهِهِ، وَلَا يَكُونَ عَالَةً عَلَى غَيْرِهِ، أَوْ مُتَشَوِّفًا لِأُعْطِيَاتِ الْمُحْسِنِينَ.
وَمِنْ عَلَامَاتِ الرُّجُولَةِ أَيْضًا: عُلُوُّ الْهِمَّةِ الَّتِي تَصْغُرُ دُونَهَا عَظَائِمُ الْأُمُورِ. وَقَدِيمًا قِيلَ: "الْهِمَّةُ نِصْفُ الْمُرُوءَةِ".
وَإِذَا لَاحَتِ الْأَعْمَالُ الصَّعْبَةُ، وَالْأَعْبَاءُ الثَّقِيلَةُ، بَرَزَتْ مَعَادِنُ الرِّجَالِ.
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ- وَقَالَ لَهُ: "إِنِّي أَبْغِي مِنْكَ حُوَيْجَةً -أَيْ: تَصْغِيرُ حَاجَةٍ- فَقَالَ لَهُ: ابْتَغِي لَهَا رُجَيْلًا".
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: وَيَتَأَكَّدُ الْحَدِيثُ عَنْ مَعَانِي الرُّجُولَةِ فِي هَذَا الْعَصْرِ الَّذِي نَرَى فِيهِ شَبَابَ الْيَوْمِ تَتَخَطَّفُهُمْ مَوَاقِعُ وَبَرَامِجُ، هَدَفُهَا إِيجَادُ أَجْيَالٍ عَرَبِيَّةٍ ذَاتِ سَحَنَاتٍ غَرْبِيَّةٍ. طُوفَانٌ مِنَ الْبَرَامِجِ السَّاقِطَةِ التَّافِهَةِ تَطْبَعُ شَبَابَ الْإِسْلَامِ عَلَى سُلُوكِيَّاتٍ وَأَخْلَاقِيَّاتٍ لَيْسَتْ مِنْ تَعَالِيمِ دِينِهِمْ، وَلَا خُلُقِ آبَائِهِمْ، وَلَا عَادَاتِ مُجْتَمَعَاتِهِمْ.
مَلَابِسُ ضَيِّقَةٌ، وَقَصَّاتٌ غَرِيبَةٌ، تَمَايُلٌ وَتَمَيُّعٌ، وَتَكَسُّرٌ وَتَغَنُّجٌ، وَمَنَاظِرُ وَمَشَاهِدُ تَفُتُّ الْفُؤَادَ، وَتُذْهِبُ النَّفْسَ حَسَرَاتٍ.
لَيْسَ سِرًّا -عِبَادَ اللَّهِ- وَلَا وُقُوعًا فِي هَاجِسِ الْمُؤَامَرَةِ: إِنَّ شَبَابَنَا وَفَتَيَاتِنَا مُسْتَهْدَفُونَ فِي فِكْرِهِمْ وَهُوِيَّتِهِمْ، وَالْوَاقِعُ يَشْهَدُ وَيَنْطِقُ: أَنَّ تِلْكَ الْقَنَوَاتِ كَانَتْ وَلَا زَالَتْ تُغْرِقُ الْفَضَاءَ بِبَرَامِجَ تَافِهَةٍ، وَلَا تَبْنِي عَقْلًا، وَلَا تُطَوِّرُ فِكْرًا، بَلْ تُهَيِّجُ الشَّهَوَاتِ، وَتُسَطِّحُ الِاهْتِمَامَاتِ.
يَقُولُ أَحَدُ كِبَارِ الْيَهُودِ السِّيَاسِيِّينَ فِي صَحِيفَةٍ مَشْهُورَةٍ: "لَقَدْ أَثْبَتَ بَرْنَامَجُ - وَسَمَّى أَحَدَ الْبَرَامِجِ الْعَرَبِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ بِالْمُجُونِ وَالتَّعَرِّي - أَثْبَتَ ذَلِكَ الْبَرْنَامَجُ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً، وَأَهَمُّهَا: أَنَّ عَدُوَّنَا لَيْسَ الْمُسْلِمِينَ، لَكِنَّ عَدُوَّنَا هُوَ الْإِسْلَامُ وَتَعَالِيمُهُ".
وَيَقُولُ يَهُودِيٌّ إِعْلَامِيٌّ آخَرُ عَنِ الْبِرْنَامَجِ ذَاتِهِ: "إِنَّ الْوَاقِعَ يَقُولُ: إِنَّ الْعَرَبَ وَالْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِعَقِيدَةِ مَحْوِ إِسْرَائِيلَ مِنَ الْخَرِيطَةِ أَصْبَحُوا قَلَائِلَ جِدًّا"
ثُمَّ امْتَدَحَ هَذَا الْبَرْنَامَجَ الَّذِي يَسْتَهْدِفُ الشَّبَابَ خَاصَّةً، وَقَالَ مَا نَصُّهُ: "لَقَدْ أَعْطَانَا هَذَا الْبَرْنَامَجُ الْأَمَلَ فِي وُجُودِ جِيلٍ عَرَبِيٍّ مُسْلِمٍ مُتَسَامِحٍ لِلْعَيْشِ فِي دَوْلَةِ إِسْرَائِيلَ الْيَهُودِيَّةِ".
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ تَرْبِيَةَ الْجِيلِ وَالْحِفَاظَ عَلَى شَبَابِ الْأُمَّةِ مِنْ هَذَا الطُّوفَانِ التَّغْرِيبِيِّ الْهَائِجِ فَرْضٌ وَوَاجِبٌ، يَشْتَرِكُ فِيهِ كُلُّ مَنْ يَحْمِلُ هُوِيَّةَ الْإِسْلَامِ، وَيَخْفُقُ قَلْبُهُ بِمَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنْ يُصْلِحَ مَا تَشَقَّقَ مِنْ أَخْلَاقِيَّاتِ شَبَابِ أُمَّتِهِ.
يُصْلِحُ ذَلِكَ بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ، وَالْعِبَارَةِ الْحَانِيَةِ، وَالتَّوْجِيهِ النَّاصِحِ الْمُشْفِقِ، مَعَ تَحْرِيكِ مَعَانِي الرُّجُولَةِ، وَالصِّفَاتِ النَّبِيلَةِ فِي نُفُوسِهِمْ، وَتَلْقِيحِهِمْ بِأَخْلَاقِيَّاتِ دِينِهِمْ، وَقِيَمِ مُجْتَمَعِهِمْ؛ لِتَكْوِينِ صِمَامِ أَمَانٍ أَمَامَ هَذِهِ الْفَيْرُوسَاتِ الَّتِي تُفْسِدُ طَبَائِعَهُمُ وَأَخْلَاقِيَّاتِهِمْ.
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِهَدْيِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى عَبْدِهِ الْمُصْطَفَى، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اجْتَبَى.
أَمَّا بَعْدُ:
فَيَا إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: إِنَّ مَعَانِيَ الرُّجُولَةِ لَا تَأْتِي فَجْأَةً، وَلَا تُدْرَكُ جُمْلَةً، بَلْ هِيَ أَخْلَاقِيَّاتٌ وَتَرْبِيَةٌ تُبْذَرُ فِي نَفْسِ الصَّغِيرِ، حَتَّى تَكْبَرَ مَعَهُ وَيَكْبَرَ بِهَا.
وَثَمَّةَ طُرُقٌ شَرْعِيَّةٌ وَعَادَاتٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ تَبْنِي هَذِهِ الرُّجُولَةَ الْمُنْتَظَرَةَ فِي شَخْصِيَّاتِ الْأَبْنَاءِ مُنْذُ بَرَاءَتِهِمْ وَزَهْرَتِهِمْ؛ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ:
تَكْنِيَةُ الطِّفْلِ وَمُنَادَاتُهُ بِأَبِي فُلَانٍ، فَهَذَا مِمَّا يُنَمِّي الْإِحْسَاسَ بِالْمَسْئُولِيَّةِ، وَيُشْعِرُ الطِّفْلَ بِأَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ سِنِّهِ، فَيَرْتَقِي شُعُورُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى مُشَابَهَةِ الْكِبَارِ فِي أَخْلَاقِيَّاتِهِمْ وَهَيْئَاتِهِمْ، وَقَدْ كَانَ مِنْ هَدْيِ نَبِيِّكُمْ وَحَبِيبِكُمْ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَكْنِيَةُ الصِّغَارِ، حَتَّى قَبْلَ سِنِّ التَّمْيِيزِ.
يَقُولُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا، كَانَ يَأْتِينَا وَيُخَالِطُنَا، فَيَقُولُ لِأَخِي وَكَانَ صَغِيرًا: "يَا أَبَا عُمَيْرٍ".
وَمِمَّا يُنَمِّي الرُّجُولَةَ فِي شَخْصِيَّةِ الطِّفْلِ: أَخْذُهُ لِلْمَجَامِعِ الْعَامَّةِ، وَمَجَالِسِ الْكِبَارِ، مِمَّا يَكُونُ لَهُ أَثَرٌ فِي زِيَادَةِ عَقْلِهِ، وَتَلْقِيحِ فَهْمِهِ، وَمُحَاكَاتِهِ لِمَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَكَانَ الصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- يَصْحَبُونَ أَوْلَادَهُمْ إِلَى مَجْلِسِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَمِمَّا يُنَمِّي الرُّجُولَةَ فِي حَيَاةِ الطِّفْلِ: إِتَاحَةُ الْفُرْصَةِ لَهُ لِلْحَدِيثِ مَعَ الْكِبَارِ، وَإِعْطَاؤُهُ قِيمَتَهُ فِي الْمَجْلِسِ، مِمَّا يُوَلِّدُ فِي نَفْسِهِ شُعُورًا إِيجَابِيًّا بِعُلُوِّ قَدْرِهِ، وَمَكَانَتِهِ بَيْنَ الْكِبَارِ.
وَمِنَ الْأَمْثِلَةِ النَّبَوِيَّةِ فِي ذَلِكَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُتِيَ بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ، وَالْأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ "يَا غُلَامُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الْأَشْيَاخَ؟" فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأُوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ [خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ].
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: الْإِنْسَانُ سَرِيعُ التَّأْثِيرِ بِمَا يَرَى أَوْ يَسْمَعُ، وَكَمْ مِنْ إِنْسَانٍ غَيَّرَتْ مُنْعَطَفَ حَيَاتِهِ قِصَّةٌ قَرَأَهَا عَنْ أَحَدِ صَالِحِ السَّلَفِ!
وَلِذَا فَإِنَّ رَبْطَ النَّاشِئَةِ بِأَخْبَارِ الصَّحَابَةِ وَسِيَرِهِمُ الَّذِينَ تَمَثَّلُوا أَعْلَى الْمَكَارِمِ مِنْ أَكْبَرِ الْأَسْبَابِ فِي سُلُوكِ طَرِيقِ الْجَادَّةِ، وَسَبِيلِ الرُّجُولَةِ.
وَمِمَّا يُنَمِّي الرُّجُولَةَ أَيْضًا: إِبْعَادُ الطِّفْلِ عَنْ حَيَاةِ الْكَسَلِ وَالرَّاحَةِ، وَتَكْلِيفُهُ بِالْأَعْمَالِ الَّتِي تُنَاسِبُ سِنَّهُ وَقُدْرَاتِهِ، مِمَّا يُنَمِّي فِي الطِّفْلِ رُوحَ الْكِفَاحِ، وَمُوَاجَهَةَ مَشَاقِّ الْحَيَاةِ وَصُعُوبَاتِهَا.
وَمِمَّا يُنَمِّي الرُّجُولَةَ أَيْضًا: تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى الْقُوَّةِ الْبَدَنِيَّةِ، وَالرِّيَاضَةِ الْجِسْمِيَّةِ، وَمِنْ أَدَبِيَّاتِ تَرْبِيَةِ السَّلَفِ لِأَبْنَائِهِمْ تَنْشِئَتُهُمْ عَلَى خُلُقِ الْقُوَّةِ مِمَّا يَكُونُ لَهُ أَثَرٌ فِي قُوَّةِ الْخُلُقِ.
رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ: أَنْ عَلِّمُوا غِلْمَانَكُمُ الْعَوْمَ.
وَمِنْ وَصَايَا الْفَارُوقِ أَيْضًا: "عَلِّمُوا أَوْلَادَكُمُ الرِّمَايَةَ وَالسِّبَاحَةَ وَرُكُوبَ الْخَيْلِ".
وَمِنَ الطُّرُقِ فِي غَرْسِ الرُّجُولَةِ -وَالطُّرُقُ كَثِيرَةٌ-: السَّلَامُ عَلَى الصِّغَارِ، وَمُصَافَحَتُهُمْ، وَأَخْذُ مَشُورَتِهِمْ، وَتَشْجِيعُ أَفْكَارِهِمْ، وَاسْتِكْتَامُهُمْ لِلْأَسْرَارِ، مَعَ تَجَنُّبِ إِهَانَتِهِمْ وَاحْتِقَارِهِمْ أَمَامَ الْآخَرِينَ.
تِلْكَ -عِبَادَ اللَّهِ-: بَعْضُ وَسَائِلِ غَرْسِ الرُّجُولَةِ وَتَنْمِيَتِهَا فِي نَفْسِ الطِّفْلِ.
وَاحْرِصُوا عَلَى تَرْبِيَةِ أَبْنَائِكُمْ وَفَلَذَاتِ أَكْبَادِكُمْ عَلَى مَكَارِمِ الرُّجُولَةِ، وَإِبْعَادِهِمْ عَنْ سَبِيلِ الْمُيُوعَةِ، وَالتَّقْلِيدِ الْمُشِينِ.
نَسْأَلُ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ أَنْ يُقِرَّ أَعْيُنَنَا بِصَلَاحِ ذُرِّيَاتِنَا، وَأَنْ يَجْعَلَهُمْ نَفْعًا لَنَا فِي الْحَيَاةِ، وَذُخْرًا بَعْدَ الْمَمَاتِ؛ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ يُجِيبُ الدَّعَوَاتِ.
عِبَادَ اللَّهِ: صَلُّوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْهَادِي الْبَشِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ، نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي