ليستشعر العباد أهمية الاستغفار في حياتهم، وضرورته في صلاح أمورهم وشؤونهم.. فكم جلب الاستغفار لأهله من الخيرات! وكم صرف عنهم من البلايا والملمات! فإذا أردت مغفرة الذنوب، ومحو الخطايا وستر العيوب، فالزم الاستغفار.. وإذا أردت القوة في الجسم، والصحة في البدن، والسلامة من الآفات والأمراض، فالزم الاستغفار...
الحمد لله الغفور الوهاب، الكريم التواب، وعد عباده بجزيل الثواب، وجعل الاستغفار أمانًا لهم من العقوبة والعذاب..
أما بعد، فإن العبد بما لا ينفك عنه من التقصير في الطاعات، وبما لا يسلم منه من الوقوع في المعاصي والسيئات، لمفتقر أشد الافتقار إلى مغفرة الله وعفوه، وتجاوزه وصفحه؛ لذلكم أمر الله نبيه بالاستغفار لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات، مع أن الله تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فقال تعالى: (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) [محمد: 19].
امتثل النبي – صلى الله عليه وسلم- أمر ربه فلزم الاستغفار في عامة شؤونه وأحواله، ودعا أمته لما دعاه إليه ربه فقال: "يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه".
وكذلك الأنبياء والمرسلون يستغفرون ربهم ويأمرون بالاستغفار أقوامهم، فها نبي الله هود – عليه السلام- يعظ قومه فيما حكى الله عنه فقال: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) [هود: 52].
وعلى هذا الهدي القويم والصراط المستقيم، سار عباد الله الصالحون، فـ: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات: 17- 18].
كل ذلك ليستشعر العباد أهمية الاستغفار في حياتهم، وضرورته في صلاح أمورهم وشؤونهم.
فكم جلب الاستغفار لأهله من الخيرات! وكم صرف عنهم من البلايا والملمات!
إذا أردت مغفرة الذنوب، ومحو الخطايا وستر العيوب، فالزم الاستغفار، يقول تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا) [النساء: 110].
إذا أردت القوة في الجسم، والصحة في البدن، والسلامة من الآفات والأمراض، فالزم الاستغفار، يقول تعالى حكاية لقول نبيه هود – عليه السلام – لقومه: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ) [هود: 52].
إذا أردت الأمن في الدنيا والآخرة من العذاب، والنجاة من العقاب، فالزم الاستغفار، يقول الله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الأنفال: 33].
إذا أردت الغيث النافع، والولد الصالح، والمال الحلال والرزق الواسع، فالزم الاستغفار، يقول تعالى حكاية لقول نبيه نوح – عليه السلام – لقومه: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) [نوح: 10- 12].
إذا أردت عيشة هنيئة، وسعادة وسكينة وطمأنينة، فالزم الاستغفار، قال تعالى: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) [هود: 3].
إذا أردت أن ترى في صحيفتك يوم القيامة ما يملأ قلبك بالفرحة والسرور، والبهجة والحبور، فالزم الاستغفار، يقول نبينا -عليه الصلاة والسلام-: "من أحب أن تسره صحيفته يوم القيامة، فليكثر فيها من الاستغفار".
عباد الله، ربنا الكريم ينادي عباده إلى طلب مغفرته، ويعدهم الإجابة والغفران، فيقول في الحديث القدسي: "يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفر لكم".
وفي حديث قدسي آخر: "يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة".
الخطبة الثانية
الحمد لله...
الاستغفار مشروع في عامة الأوقات والأمكنة الطاهرة، مشروع عند الوقوع في الذنب، وعند العزم على مواقعته، مشروع عند الفراغ من الطاعات، واستشعار التقصير في أدائها، مشروع كلما غفل العبد عن ذكر الله.
وأخص أوقاته وأفضلها وقت السحر، أثنى الله على عباده الصالحين باستغفاره في الأسحار فقال: (وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات: 18].
يُستحب الاستغفار بجميع الصيغ الثابتة عن النبي –صلى الله عليه وسلم– وسيدها وأفضلها: ما ثبت عنه أنه قال: "سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت".
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي