عباد الله: إن يومكم هذا هو يوم الحج الأكبر، وهو عيد الأضحى والنحر، هو يوم الحج الأكبر؛ لأن الحجاج يؤدون فيه معظم مناسك الحج، يرمون الجمرة الكبرى، ويذبحون الهدايا، ويحلقون رؤوسهم، ويطوفون بالبيت، ويسعون بين الصفا والمروة، وهو عيد الأضحى والنحر؛ لأن الناس يضحون فيه وينحرون هداياهم، وما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من إراقة دم، وإن للمضحي بكل شعرة حسنة، وبكل صوفة حسنة، وهذه الأضاحي ...
يكبر تسع مرات، ثم يقول:
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الله أكبر، عدد ما أحرم الحجاج من الميقات، وعدد ما رفعوا بالتلبية لله الأصوات.
الله أكبر، عدد ما دخل الحجاج مكة ونزلوا بتلك الرحبات.
الله أكبر، عدد ما طافوا بالبيت العتيق، وعظموا الحرمات.
الله أكبر، عدد ما خرجوا إلى منى ووقفوا بعرفات، وعدد ما باتوا بمزدلفة وعادوا إلى منى للمبيت ورمي الجمرات.
الله أكبر، عدد ما أراقوا من الدماء وحلقوا من الرؤوس تعظيما لفاطر الأرض والسماوات.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
نحمده على ما من به علينا من مواسم الخيرات، وما تفضل به من جزيل العطايا والهبات.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مسبغ النعم، ودافع النقم، وفارج الكربات.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أكمل الخلق، وأفضل البريات، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان ما دامت الأرض والسماوات، وسلم تسليما.
عباد الله: إن يومكم هذا هو يوم الحج الأكبر، وهو عيد الأضحىوالنحر هو يوم الحج الأكبر؛ لأن الحجاج يؤدون فيه معظم مناسك الحج، يرمون الجمرة الكبرى، ويذبحون الهدايا، ويحلقون رؤوسهم، ويطوفون بالبيت، ويسعون بين الصفا والمروة.
وهو عيد الأضحى والنحر؛ لأن الناس يضحون فيه وينحرون هداياهم، وما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من إراقة دم، وإن للمضحي بكل شعرة حسنة، وبكل صوفة حسنة.
وهذه الأضاحي سنة أبيكم إبراهيم ونبيكم محمد -عليهما الصلاة والسلام-، وإنها لسنة مؤكدة يكره لمن قدر عليها أن يتركها، وإن ذبحها لأفضل من الصدقة بثمنها لما فيها من إحياء السنة والأجر العظيم ومحبة الله لها.
فضحوا -أيها المسلمون-: عن أنفسكم وعن أهليكم متقربين بذلك إلى ربكم متبعين لسنة نبيكم محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث ضحى عنه وعن أهل بيته.
ومن كان منكم لا يجد الأضحية، فقد ضحى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- جزاه الله عن أمته خيرا.
وإذا كان منكم أحد يريد أن يتبرع بالأضحية عن والديه، فلا يحرم نفسه وذريته وأهله منها، وفضل الله واسع.
واعلموا أنه لا أصل لما يسميه بعض الناس: أضحية الحفرة، وهي التي يضحونها عن الميت أول سنة من موته يخصونه بها، ولا يدخلون معه أحدا في ثوابها، فإن هذا لا أصل له في الشرع فاجتنبوه.
وتجزي الشاة عن واحد، والبدنة والبقرة عن سبعة، فلا يشترك شخصان في شاة واحدة، ولا أكثر من سبعة في بدنة أو بقرة.
ولكن للإنسان أن يشرك في ثواب أضحيته من شاء سواء كانت شاة أم سبع بدنة أم سبع بقرة.
واعلموا أن للأضحية شروطا ثلاثة:
الأول: أن تبلغ السن المعتبر شرعا، وهو خمس سنين في الإبل، وسنتان في البقر، وسنة كاملة في المعز ونصف سنة في الضأن.
الشرط الثاني: أن تكون سليمة من العيوب التي تمنع الإجزاء، وهي أربعة عيوب: العرجاء البين ظلعها، وهي لا تعانق الصحيحة في الممشاة، والمريضة البين مرضها وهي التي ظهرت آثار المرض عليها إما في أكلها أو مشيها، أو غير ذلك من أحوالها.
ومن المرض البين الجرب، والعوراء البين عورها، بأن تكون عينها العوراء ناتئة أو غائرة.
أما إذا كانت لا تبصر بها، ولكن عورها غير بين فإنها تجزئ مع الكراهة.
والعيب الرابع العجفاء وهي الهزيلة التي لا مخ فيها.
فأما عيب الأذن أو القرن فإنه لا يمنع من الإجزاء، ولكنه يكره.
وكذلك الهتماء التي سقطت أسنانها أو بعضها، فإنها تجزئ ولكنها تكره.
وكلما كانت الأضحية أكمل في ذاتها وصفاتها فهي أفضل.
الشرط الثالث: من شروط الأضحية: أن تقع في الوقت المحدد للتضحية شرعا، وهو من الفراغ من صلاة العيد.
والأفضل أن ينتظر حتى يفرغ الإمام من الخطبتين، وينتهي بغروب الشمس من اليوم الثالث بعد العيد، فأيام الذبح أربعة يوم العيد وثلاثة أيام بعده، وأفضلها يوم العيد، والذبح في النهار أفضل، ويجوز في الليل.
ومن كان منكم يحسن الذبح بنفسه فليذبح أضحيته بيده، ومن كان لا يحسن فليحضر ذبحها، فإن ذلك أفضل.
فإذا ذبحت عنه، وهو غائب فلا بأس ويسميها عند الذبح، فيقول إذا أضجعها للذبح: بسم الله، والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، اللهم هذه عن فلان أو فلانة، هذه هي التسمية الواردة.
وأما ما يفعله بعض العوام من مسح ظهرها من وجهها إلى قفاها، فلا أصل له.
وإذا ذبحها ونوى من هي له ولم ينطق باسمه أجزأت النية؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"[البخاري (1) مسلم (1907)
ولكن النطق باسم من هي له أفضل اتباعا للسنة.
واعلموا أن للذكاة شروطا منها: أن يقول عند الذبح: "بسم الله" فمن لم يقل باسم الله على الذبيحة فذبيحته ميتة نجسة حرام أكلها؛ لقوله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ)[الأنعام: 121].
وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل" [البخاري (2910) مسلم (1968)
ومن شروط الذكاة: إنهار الدم بأن يقطع الحلقوم، وهو مجرى النفس، والمرئ، وهو مجرى الطعام.
ويتمم ذلك بقطع الأوداج، وهي الوردان عرقان غليظان محيطان بالحلقوم، يثعب منهما الدم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الذبيحة التي لا تفري أوداجها.
وجميع الرقبة من أعلاها إلى أسفلها موضع للذبح.
لكن الأفضل نحر الإبل من أسفل الرقبة في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر.
وذبح البقر والغنم من أعلى الرقبة، أي مما يلي الرأس، ولو ذبحها من وسط الرقبة أجزأت.
واذبحوا برفق، وحدوا السكين، ولا تحدوها وهي تنظر، ولا تذبحوها وأختها تنظر إليها، وامروا السكين بقوة وسرعة، واضجعوها على جنبها الأيسر، أو الأيمن، على حسب ما يتيسر لكم، ويكون أريح لها، ولا تلووا يدها على عنقها من خلفها عند الذبح، فإن ذلك تعذيب لها وإيلام بلا فائدة لها، ولا تسلخوها أو تكسروا رقبتها قبل أن تموت.
وكلوا من الأضاحي، واهدوا وتصدقوا، ولا تعطوا الجزار أجرته منها، بل أعطوه أجرته من عندكم، وأعطوه من الأضحية إن شئتم هدية إن كان غنيا أو صدقة إن كان فقيرا.
ومن أهدي إليه شيء منها أو تصدق به عليه، فهو ملكه يتصرف فيه بما شاء من بيع أو غيره.
أيها الناس: لقد علم الكثير منكم أن من أراد الأضحية، فإنه لا يأخذ من شعره وظفره وبشرته من دخول العشر، حتى يضحي لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه.
ولكن إذا لم يعزم أحدكم على الأضحية إلا في أثناء العشر، وقد أخذ شيئا من ذلك من قبل، فلا بأس أن يضحي، وأضحيته تامة؛ لأن الأخذ من ذلك لا ينقص الأضحية، ولا يمنع منها بأي حال من الأحوال.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ)[الحج: 34 - 37].
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ... إلخ...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي