كم في يومِ عرفَةَ من مُتَضَرِّعٍ للهِ وَمُنكَسِرٍ؟! وكم فيه منْ خائِفٍ وَجِلٍ؟! كَم مِن رَجُلٍ بَادَرَ إلى رَبِّهِ بِالتَّوبَةِ فَبَادَرَهُ اللهُ بِالغُفرَانِ؟! ملايينُ البَشرِ تجأَرُ إلى اللهِ بِمُختَلِفِ اللُّغَاتِ، بِجميعِ الحاجاتِ, وَاللهُ –سُبحَانَهُ- سميعٌ بصيرٌ، لا تختَلِفُ عَلَيهِ الأَلسِنَةُ, ولا تُعجِزُهُ اللَّغاتُ, وَلا يَشغَلُهُ سُؤَالٌ عَن سُؤَالٍ.. فما أجلَّه من يومٍ يُباهي الله فيه! وما أشرَفَهُ من يومٍ يَستَجِيبُ الله فيه! ويُقيلُ فيه! ويغفرُ فيه! يَومٌ مَا رُئِيَ إِبلِيسُ أَحقَرَ وَلا أَغيَظَ مِنهُ فِيهِ؛ وَذَلِكَ لِمَا يَرَى مِن تَنَزُّلِ الرَّحماتِ وَتَجَاوُزِ اللهِ عَنِ السَّيئاتِ..
الحمدُ لله أتمَّ علينا النِّعمَةَ وأكملَ لنا الدِّين, نشهد ألا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ رَبُّ العالَمِينَ, ونَشهَدُ أنَّ مُحمَّدَا عبدُ الله ورسولُه المُصطفى الأمينُ, صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ وأَتبَاعِهِ بِإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم الدِّين.
أمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ حَقَّ التَّقوى، واستَمسِكُوا من الإسلام بالعُروة الوُثقُى, واشكروا اللهَ على نِعَمٍ تَترَاً (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) [البقرة: 197].
ودَّعنا بِحمدِ اللهِ حُجَّاجَنا, وقلوبُنا معهم! تَرْقُبُهم وتَدعوا لهم, وَتَقُولُ لهم: زوَّدكم الله التَّقوى، وغَفَرَ ذَنُوبَكُم، ويَسَّر لكم الخيرَ, ونَستَودِعُ الله دِينَكم وأماناتِكم وخواتيمَ أعمالِكم, وإنَّا نُبَشِّرُهُم ببشارةِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: «أنَّ الحَجَّ المَبْرُورَ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّةَ».
عبادَ الله: ولئن مَضى الحُجَّاجُ بالأجرِ والغَنِيمَةِ فَفَضْلُ الله وَاسِعٌ, وجُودُهُ ليس له حدٌّ, فَهَنِيئاً لنا صيامُ يومِ عَرَفَةَ! فقد جَعَلَهُ اللهُ بِفضلِهِ وَكَرَمِهِ مُكفِّراً لِذُنوبِ سَنَتَينِ كَامِلَتَينِ! كما صَحَّ ذلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ قالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ».
ألم تَعلموا يا مسلمونَ: أنَّ يومَ عَرَفَةَ هو يومُ إكمالِ الدِّينِ وإتمامُ النِّعمةِ! يَومٌ عَظَّمَ اللهُ أمرَهُ، وَرَفَعَ على الأيامِ قَدْرَهُ, في الصَّحيحينِ وغيرهما عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضيَ اللهُ عنهُ- أَنَّ رَجُلاً مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) [المائدة: 3]. قَالَ عُمَرُ: "قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ".
مَعَاشِرَ الصَّائِمينَ: يومُنا هذا حَافِلٌ بِالهِبَاتِ والخَيرَاتِ، جَمُّ المِنَحِ والبَرَكَاتِ؛ فيه يُعتِقُ اللهُ -عزَّ وَجَلَّ- مِن عِبادِهِ مِن النَّارِ مَا لا يُعتِقُ فِيما سِواهُ، في صَحيحِ مُسلمٍ -رحمهُ اللهُ- بسندِهِ: عن عَائِشَة -رضي اللهُ عنها- أنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ».
فما أعظَمَهُ من يومٍ أقسمَ اللهُ فيه!! فَهوَ اليَومُ المَشهُودُ, وما أجلَّه من يومٍ يُباهي الله فيه! وما أشرَفَهُ من يومٍ يَستَجِيبُ الله فيه! ويُقيلُ فيه! ويغفرُ فيه! يَومٌ مَا رُئِيَ إِبلِيسُ أَحقَرَ وَلا أَغيَظَ مِنهُ فِيهِ؛ وَذَلِكَ لِمَا يَرَى مِن تَنَزُّلِ الرَّحماتِ وَتَجَاوُزِ اللهِ عَنِ السَّيئاتِ,
قال ابنُ رجبٍ -رحمهُ اللهُ-: "العتقُ من النَّارِ عامٌّ لِجميعِ المسلمينَ بحمدِ اللهِ".
حَسبُكُم -يا مؤمنونَ- أنَّ رَحمَةَ اللهِ سَابِغَةٌ، لا تَضِيقُ على أيِّ ذَنْبٍّ ولا مُذنبٍ، فقد دعا –سُبحانَهُ- المُسرِفِينَ على أنفُسِهم لِيَتَعَرَّضُوا لِنَفَحاتِ رَحمَتِهِ، مَهمَا بَلَغَت ذُنُوبُهم فقالَ: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53].
اللهُ أكبرُ يا مؤمنونَ: كم في يومِ عرفَةَ من مُتَضَرِّعٍ للهِ وَمُنكَسِرٍ؟! وكم فيه منْ خائِفٍ وَجِلٍ؟! كَم مِن رَجُلٍ بَادَرَ إلى رَبِّهِ بِالتَّوبَةِ فَبَادَرَهُ اللهُ بِالغُفرَانِ؟! ملايينُ البَشرِ تجأَرُ إلى اللهِ بِمُختَلِفِ اللُّغَاتِ، بِجميعِ الحاجاتِ, وَاللهُ –سُبحَانَهُ- سميعٌ بصيرٌ، لا تختَلِفُ عَلَيهِ الأَلسِنَةُ, ولا تُعجِزُهُ اللَّغاتُ, وَلا يَشغَلُهُ سُؤَالٌ عَن سُؤَالٍ.
في يومِ عَرَفَةَ أَفضَلُ الدُّعَاءِ وَأَرجَى المَسأَلَةِ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «خَيرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَومِ عَرَفَةَ، وَخَيرُ مَا قُلتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِن قَبلِي: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ».
فعظِّموا ذلكَ اليومَ، وادعوا اللهَ فيهِ وأنتم موقنون بالإجابة، فإنَّ اللهَ سَمِيعٌ قريبٌ لا تخفى عليه خافيةٌ، عفوهُ واسعٌ، وَرَحْمَتهُ وسِعَتْ كُلَّ شَيءٍ. فاللهمَّ ارزقنا توبةً صادِقَةً نَصوحاً يا ربَّ العالَمينَ. اللهمَّ أعنَّا جميعاً على ذكرك وشكرك وعلى حسنِ عبادتك.
يا مؤمنونَ: اعمُروا قُلُوبَكم وألسِنَتِكم وأوقاتَكم بذكرِ اللهِ تعالى, ورَدَّدوا هذهِ الأيامَ: اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ, واللهُ أكبرُ، واللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ.
أقولُ ما تَسمعُونَ، وأستغفرُ الله لي ولكم ولِسائِر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنبٍّ إنَّه هو الغَفُورُ الرَّحيمُ.
الحمدُ لله، تفرَّدَ عزًّا وكَمَالاً، نَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تقدَّسَ وتعالى، ونشهدُ أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبدُ الله ورسولُهُ أزكى الورَى خِصالاً، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وبَاركَ عليه وعلى آلِهِ وأصحَابِهِ والتَّابعينَ وَمَن تَبِعهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يَوم الدِّينِ.
أمَّا بعدُ: فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ تُحفَظوا، وعظـِّموا شَعَائِرَهُ تَتَّقُوا (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)[الحج: 32]، وأبشروا يا مؤمنونَ: فمن لم يَتَيَسَّرُ لهُ حجُّ هذا العامِ فقد شرعَ لنا رَبُّنا أعمالاً تُكَفِّرُ الذُّنوبَ، وتَستُرُ العيُوبَ وتُحقِّقُ المَطلُوبَ, ألم يجتمع لنا هذا العامُ يومانِ فاضِلانِ؟ يومُ عرفةَ الذي هو أفضلُ الأيَّامِ على الإطلاقِ؟ ويومُ الجُمُعَةِ الذي حوى فَضَائِلَ عدِيدةٍ؟
قالَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ في كتابِهِ زادَ المعادِ ما مفادهُ: "وَلِهَذَا كَانَ لِموَافَقَةِ الْجُمْعَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ مَزِيَّةٌ عَلَى سَائِرِ الْأَيّامِ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ. ففيهِ اجْتِمَاعُ الْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا أَفْضَلُ الْأَيَّامِ. وفِيهِما سَاعَةٌ مُحَقَّقَةُ الْإِجَابَةِ. وفيهما مُوَافَقَةُ وَقْفَةِ رَسُولِ اللِّهِ -صلى الله عليه وسلم-. ويَوْمُ الْجُمْعَةِ يَوْمُ عِيدٍ وَيَوْمَ عَرَفَةَ يَوْمُ عِيدٍ لِأَهْلِ عَرَفَةَ. وهو يومُ إكْمَالِ الدِّينِ وَإِتْمَامِ النِّعْمَةِ. وفِيهِ اجْتِمَاعُ الْخَلَائِقِ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ لِلْخُطْبَةِ وَالصَّلاةِ فَيُذَكِّرُكَ بِيَوْمِ الْجَمْعِ الْأَكْبَرِ وَالْمَوْقِفِ الْأَعْظَمِ؛ فَإِنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ؛ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ».انتهى.
فيا مُؤمِنُ: كُنْ اليومَ في رِكَابِ التَّائبينَ, وقوافِلِ المُستَغفرينَ, فالزَمْ اليومَ بيتَ اللهِ، وتَقَرَّب إلى مولاكَ، وانقطِع عن لَهوِكَ ودُنياكَ, فكم بفضلِ اللهِ في هذا اليومِ من مُتَضَرِّعٍ ومُنكَسِرٍ؟! ونَائِحٍ على ذُنُوبِهِ بَاكٍ على عُيُوبِهِ؟! كم فيها مَنْ بَادَرَ مَولاهُ بالتَّوبةِ والإحسانِ, فَبَادَرَهُ رَبُّهُ بالصَّفحِ والغُفرانِ؟! (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى)[طه: 82].
فاللَّهم وفِّقنا للتَّوبَةِ الصَّادِقَةِ النَّصُوحِ, اللَّهمَّ أعنَّا جميعاً على ذِكركَ وشكركَ وحسنِ عبادَتِكَ.
وابشروا يا مؤمنونَ: فقد شَرَعَ لَنا ربُّنا ذَبحَ الأَضَاحي التي هي من أعظمِ شعائِرِ الدِّينِ, وأَحبِّها لِرَبِّ العالَمينَ, وهي سُنَّةُ أَبِينَا إبراهيمَ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-. وقد قالَ بوجوبِها عَدَدٌ من العلماءِ, قال ابنُ القَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ-: "ولم يَكنْ -صلى الله عليه وسلم- يَدَعُ الأُضحِيَةَ".
وقال الشيخُ ابنُ العُثيمينَ -رحمَهُ الله-: "والقولُ بِالوجوبِ أَظهَرُ بِشرطِ القُدرَةِ، أمَّا الْمَدِينُ فإنَّه لا تَلزَمُهُ الأُضحِيَةُ، بل إنْ كان عليه دَيْنٌ فَينبَغي أنْ يَبدَأَ بالدَّين قبلَ الأضحيةِ".
وقالَ ابنُ بازٍ -رحمهُ اللهُ-: "ولا حَرَجَ أنْ يَستَدِينَ المُسلِمُ لِيُضَحِيَّ إذا كانَ عندهُ قُدرَةٌ على الوفَاءِ".
أيُّها الكرامُ: ذكرتُ ذالِكَ لأنَّ بعضَ إخوانِنا قد يتذمَّرُ من ارتفاعِ أَسعَارِ الأَضاحي! فَيجعَلُ ذلك مُبرراً لِعدمِ الشِّراءِ وهو قَادِرٌ ومُوسِرٌ! أو يستَطِيعُ الاستِدَانَةَ والوَفاءَ! والعَجِيبُ أنَّنا قد نُنفِقُ أَضعَافَ هذه المَبَالِغِ في قِطعةِ أثاثِ منزليَّةٍ أو في نُزهَةٍ عائِليَّةٍ! ونَتَكاثرُ سِعرَ أُضحيةٍ سنويَّةٍ! فَدَعْ عنكَ كَيدَ الشَّيطانِ, فَإنَّهُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ! وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ المَغْفِرَة وَالفَضْل!
وبَعضُنا قد يُفَاخِرُ بالأسعارِ فَيَقولُ: اشتَريتُ بِأغلى الأثمانِ, أو أَطيبِ ما في السُّوقِ, وَكأَنَّنا بِذَلِكَ نَمُنُّ على اللهِ بالنَّفَقَةِ والأضحِيَةِ, واللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْنا أَنْ هَدَانا لِلْإِيمَانِ.
عبادَ اللهِ: وبعضُ الناسِ يتأخَّر في تَسديدِ المَبلغِ أو يماطلُ فيه، وهذا لا يجوز أصلاً فكيفَ إذا تَعلَّق بنسكٍ!؟
ولتَعلَموا أنَّ الذَّبحَ لابُدَّ أن يكونَ في الوَقتِ الْمُحدَّدِ شَرعاً مِنْ بعدِ صلاةِ العيدِ إلى آخر أيامِ التَّشريقِ, قال رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- : «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ؛ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكَ فِي شيءٍ».تَقَبَّلَ اللهُ منَّا ومنكم صالِحَ القولِ والعمَلِ.
أيُّها المؤمنون: عيدُ الأَضحى شِعَارُنا، فحضورُهُ عبادَةٌ, والتَّخَلُّفُ عنهُ خَسَارَةٌ ونَدَامَةٌ, وقد أمَرَ رسولُنا -صلى الله عليه وسلم- العَواتِقَ, وذواتُ الخُدُورِ, حتى الحيَّضَ أمرهُنَّ أنْ يَخْرُجنَ لِصَلاةِ العِيدِ، وأنْ يَشهدنَ الخَيرَ ودَعوةَ المؤمنينَ! فكيف بالشَّبابِ والرِّجالِ الأَقوياءِ؟!
ويسنُّ لنا مَعاشِرَ الرِّجَالِ الاغتِسَالُ والتَّطيُّبُ ولُبسُ أحسنِ ما نجدُ, أمَّا النِّساءُ فَيَخرُجنَ مُحتَشِمَات غيرَ مُتَطَيِّبَاتٍ, والسُّنةُ أن نَذهبَ مَشْيَاً على الأَقدَامِ ولا نَأكُلَ شَيئَاً قَبلَ الصَلاة حتى نَأكُلَ من الأُضحيةِ، وأنْ نَذهبَ من طَريقِ ونَعودَ من آخرَ.
وإنَّهُ ستُقَامُ صلاةُ العيدِ في هذا الجامعِ -بِإذنِ اللهِ- في تمامِ السَّاعةِ السَّادِسَةِ وخمسةَ عشَرَ دقيقةً, كما توجدُ إعلاناتُ المُصلَّياتِ والجوامِعِ على الأبوابِ.
عبادَ اللهِ: أكثروا من ذِكرِ اللهِ –تعالى-, فهو شِعَارُ هذهِ الأيامِ المَعلُوماتِ, ومن أفضَلِ أعمالِها! وارفعوا أصواتَكم بِذلِكَ خاصَّةً عند الخُروجِ لصلاةِ العيدِ, فقد كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَخرَجُ في العيدِ رَافِعَا صوتَهُ.
اللهمَّ وفقنا لاغتنامِ الأوقاتِ بالأعمال الصَّالِحاتِ, اللهم ارزقنا توبةً نصوحاً واغفر لنا ولوالدِينا وجميعِ المسلمينَ يا ربَّ العالمين. اللهمَّ أصلح أحوال المسلمينَ في كُلِ مكانٍ واحقن دمائهم ووحِّد صفُوفَهم وهيئ لهم قادةً صالحين مُصلحينَ يا ربَّ العالمين.
اللهم سهل على الحجاج حجهم وفقهم ويسر لهم أمورهم, ورُدَّهُم غانمين سالمينَ وبرضوانكَ فائزينَ (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوهاب)، (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي