لقد شَهِدَنا في الأسابيعِ والأيامِ القريبةِ فواجعُ ومآسي! جراءَ حوادثِ السيَّاراتِ والدَّراجاتِ النَّاريَّةِ! فَلَقَدْ صَليَّنا على عددٍ من شَبَابِنَا وأسَرِنا وفَلَذَاتِ أكبادِناَ, وقلوبُنا مِلؤُها الْحَزَنُ والأسى, وإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ, نعم قدَّر اللهُ وما شاءَ فعلَ، ولكنَّ اللهَ –تعالى- جَعَلَ لِكُلِّ شَيءٍ سَبَبَاً! فَلِما أضحتِ السَّياراتُ والدَّراجاتُ في كثيرٍ من الأحيان وبالاً وَدَمَارَاً على كثيرٍ من الأُسَرِ والبُيُوتِ؟! فلا تكاد تُمضي يومَاً إلا وتسمعُ عن أخبارٍ مُفجعةٍ وحوادثَ مؤلمةٍ! فنحنُ بِحَقٍّ أمامَ حَرْبٍ شرسةٍ..
اللهُ أكبرُ الله أكبرُ لا إله إلا اللهُ, واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ. اللهُ أكبرُ كلَّما طَلَبَ عَبدٌ مِنْ ربِّه العَفْوَ والغُفْرَانَ, اللهُ أكبرُ كلَّما ذُبِحَ للهِ مِن الأَضاحِي والقُربانِ, اللهُ أكبرُ عَدَدَ ما أفاضَ الْمَولى من الإحسانِ, اللهمَّ لكَ الحمدُ بالإيمانِ والقُرآنِ, والأمنِ والأمانِ.
نشهدُ ألا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له الملكُ الدَّيانُ, ونشهدُ أنَّ محمداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ بَعَثَهُ اللهُ رَحمَةً وأَمَانا, للإنسِ والجانِّ, اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على خاتمِ الأنبياءِ, وعلى آلهِ وأصحابِه الأوفياءِ, ومن تبعهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يومِ الجَزاءِ.
أمَّا بعدُ: عبادَ الله: خيرُ ما يوصى به الأنامُ تقوى الملكِ العلاَّمِ, فاتَّقوا الله في الغيبِ والشهادة تفوزوا بالْحُسنى وزيادةٍ, واحمدوا الله على هذا الدِّينِ العظيمِ, والعيدِ السَّعيدِ فعيدُنا شكرٌ لله على عطاياه, عيدُنا توحيدٌ خالصٌ للهِ ربِّ العالمينَ, (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الأنعام: 162].
وأعيادنا الشَّرعيةُ ثلاثةٌ ليس في الإسلام سواها! فليس في الإسلامِ عيدٌ لميلادٍ ولا لانتصارِ الجيوشِ والأجنادِ, ليس في الإسلام عيدُ يومٍ وطنيٍّ, أو شِعَارٍ قَومِيٍّ, فقدوتُنا رسولُ اللهِ وصحابتُه الكرامُ، فلم يُقيموا لأعمالِهم عِيدًا, ولو كانَ خَيرا لَسَبَقُونا إليه سَبْقاً أَكِيدَاً. الله أكبرُ الله أكبرُ لا إلهَ إلا اللهُ, واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمدُ.
الصَّلاةُ يا مؤمنُ: رُكنُ الدِّينِ, وفَرِيضَةُ اللهِ على المُسلمينَ, آكَدُ مَفرُوضٍ, وأوَّلُ مَعرُوضٍ, أجلُّ طَاعَةٍ, وأَرجَى بِضَاعَةٍ، ورَأسُ الأمَانَةِ: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) [العنكبوت: 45]. لا دينَ لمَن لا صلاةَ له، مَن تَرَكَ صَلاةً مَكتُوبَةً مُتَعَمِّدَاً مِن غَيرِ عُذرٍ بَرِئَت منه ذِمَّةُ اللهِ.
نعم لقد حَكَمَ النَّبِيُّ على ذالكَ فقَالَ: "ليس بينَ الرَّجلِ والكُفْرِ أو الشِّركِ إلاَّ تَرْكُ الصَّلاةِ"، كُلُّ الفَرَائِضِ أَنزَلَها اللهُ –تعالى- على رَسُولِه إلاَّ الصَّلاةَ، فإنِّه سُبحانَهُ أَصْعَدَ إليها رَسُولَه، ثمَّ فَرَضَها عليه, لِذا كانت وصيَّةُ رَسُولِ اللهِ عندَ الفِراقِ ! ورُوحُهُ الشَّريفَةُ تُغرغِرُ : "الصَّلاةَ الصلاةَ وما مَلَكتْ أيمَانُكُم".
اللهُ أكبرُ يا عبدَ اللهِ ويا أمَةَ اللهِ: كيفَ تَهونُ على البعضِ صلاتُهُم وهي رأسُ مالِهم وبِها صِحة إيْمَانِهِم؟! كيف تَهونُ عليهم وهم يَسمَعُونَ الوعيدَ من ذِي البَطشِ الشَّديدِ القائلِ: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون: 4- 5]، ما عُذرهُم والمساجدُ تُحيطُ بِهم من كلِّ جانبٍ؟!
ألم يَسمَعوا قولَ نَبِيِّنا : "مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِيَ بالصَّلاةِ فلم يَمنعهُ من اتِّباعِهِ عذرٌ لَمْ تُقبَل منهُ الصَّلاةُ التي صلَّى" قيل : وما العذرُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: "خوفٌ أو مرَضٌ".
الله أكبرُ الله أكبرُ لا إلهَ إلا اللهُ , واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمدُ.
أيُّها الكرامُ, لقد شَهِدَنا في الأسابيعِ والأيامِ القريبةِ فواجعُ ومآسي! جراءَ حوادثِ السيَّاراتِ والدَّراجاتِ النَّاريَّةِ! فَلَقَدْ صَليَّنا على عددٍ من شَبَابِنَا وأسَرِنا وفَلَذَاتِ أكبادِناَ, وقلوبُنا مِلؤُها الْحَزَنُ والأسى, وإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ, نعم قدَّر اللهُ وما شاءَ فعلَ، ولكنَّ اللهَ –تعالى- جَعَلَ لِكُلِّ شَيءٍ سَبَبَاً! فَلِما أضحتِ السَّياراتُ والدَّراجاتُ في كثيرٍ من الأحيان وبالاً وَدَمَارَاً على كثيرٍ من الأُسَرِ والبُيُوتِ؟
فلا تكاد تُمضي يومَاً إلا وتسمعُ عن أخبارٍ مُفجعةٍ وحوادثَ مؤلمةٍ! فنحنُ بِحَقٍّ أمامَ حَرْبٍ شرسةٍ، تخيَّلوا أنَّهُ يموتُ عندنا في المملَكَةِ في العامِ الواحدِ أكثرُ سبعةِ آلافِ إنسانٍ فيا لَهولِ المُصِيبةِ! بِأيِّ ذنْبٍّ قُتِلوا! لقد حرَّم اللهُ علينا دينُنَا التَّهوُّرَ والسَّفهَ, والطَّيشَ والعَبَثَ فقالَ: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[البقرة: 195]، وهل تلكَ الحوادثُ إلاَّ من جَرَّاءِ التَّهوُّرِ والسُّرعةِ المُفرِطَةِ والتَّجاوزاتِ الخاطئة وقطعِ الإشاراتِ تَهَوُّرا, والانشغَالِ بالجوالِ والأجهِزَةِ! والعبثِ والتَّفحيطِ, والوقوفِ الخاطئِ وقيادةِ سُفهاءِ الأحلام وصغارِ السِّنِّ!
فأين نحنُ من قولِ رسولِنا في يومِ الحجِّ الأكبرِ: "إنَّ دماءَكم وأموالَكم وأعرَاضَكم عليكم حرامٌ كحرمةِ يومِكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا". ألا يخشى هؤلاءِ المُتَهَوِّرُونَ من عقوبة مَن قَتَلَ نَفْسَهُ؟ فـ«مَنَ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا». إنَّها تحتاجُ منَّا إلى وقفةٍ حازمة وتعاونٍ للقضاء عليها "فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ".
أخي الشاب! السَّعيدُ من وُعظَ بغيره، فاحذر أنْ تكونَ عبرة ًلغيرك. لا تكن سبباً في شقاءِ وتعاسةِ أسرٍ فلا يَستهْوِينَّك شياطينُ الإنسِّ والجنِّ ,كلَّما ركبتَ سيارتَك قل: بسم الله توكلتُ على الله ولا حولَ ولا قُوةَ إلاَّ باللهِ, فإنَّ ملائكةَ الرحمنِ تقولُ لك: هُديتَ وكُفيتَ ووقيتَ، ويتنحَّى عنك الشيطانُ.
الله أكبرُ الله أكبرُ لا إلهَ إلا اللهُ, واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمدُ.
معاشِرَ المُؤمنينَ والمُؤمناتِ: أتُريدُونَ لِلبِرِّ عُنواناَ, ولِلإحسانِ نِبراساً؟ إنَّهُ في جَنَباتِ مَن قَرَنَ اللهُ حقَّهُ بِحقِّهما ورضاهُ بِرضاهِما فقالَ: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّـاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً)[الإسراء: 23].
نعم يا سامِعونَ: إنَّها بالأخَصِّ الأُمُّ صَاحبةُ القلبِ الرَّحيمِ, والصَّدرِ الحَنُونِ، لها نَفْسٌ كَبِيرةٌ، هيَ لا تُجازِي بِالسَّيئَةِ، ولا تُعامِلُ بالمِثلِ! كَم حَزِنَتْ لِتَفرَحَ أَنْتَ، وَسَهِرَتْ لِتَنَامَ أَنْتَ، أَمَلُها الكَبِيرُ ودُعَاؤُها المُستَمِرُّ أَنْ تَحيَى سَعِيدَاً!
أُمُّكَ: هيَ المَخلُوقُ الضَّعِيفُ التي تُعطِي ولا تَطلُبُ أَجْرًا، وتَبْذُلُ ولا تُأمِّلُ شُكْرًا، نَعم واللهِ إنَّها الأُمُ وَكَفَى، رَمْزُ الحَنَانِ, وَبَابُ الجِنَانِ, وطريقٌ إلى المَلِكِ الدَّيَّانِ! قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رِضا الرَّبِّ فِي رِضا الوَالِدَيْنِ، وَسَخَطُهُ فِي سَخَطِهِمَا".
جاءَ مُعَاوِيَةُ السُّلَمِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، فَقَالَ :«وَيْحَكَ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟" قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: "ارْجِعْ فَبَرّهَا, والْزَمْ رِجْلَهَا، فَثَمَّ الْجَنَّةُ».
أيُّها الأَوفياءُ: هل سَمعتم خَبَرَ رَجلٍ عَاشَ في عَهدِ رَسُولِ اللهِ ولم يَنَلْ شَرَفَ الصُّحبَةِ, وقد كانَ مُستَجَابَ الدَّعوةِ؟ أقرَأَهُ رَسُولُ اللهِ السِّلامَ ولم يَرَهُ! بل وحثَّ مَن يلقاهُ أنْ يَطلُبَ منهُ الدُّعاءَ والاستغفارَ! ابحثوا عن قِصَّتِهِ وتأمَّلوها جيدًا إنَّهُ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ القَرنيُّ. قال رَسُولُ اللَّهِ: «يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ.. لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ». لقد نالَ أُويسٌ تلكَ المَنزِلَةَ العَظِيمَةَ بِسببِ بِرِّهِ لأُمِّهِ, فَرَضيَ اللهُ عنه، وما أَعظَمَ بِرّ الوَالِدَينِ وأزكاهُ.
إنِّي أَدعُوكم يا كرامُ: ألاَّ تَخرجًوا مِن هذا المكانِ إلاَّ وقَد عَاهَدتُمُ اللهَ أنْ تَبذُلُوا وُسعَكُم بالبِّرِ والإحسانِ بالوالِدَينِ عُمُومًا، وبالوالِدَةِ خُصُوصًا, فَهَيَّا بِنَا جَميعاً نُسعِدهُمَا بِما يُحبَّانِ, ونَدعو لَهمَا في كُلِّ وَقتٍ وآنٍ, رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا .
مَنْ غيرُ أُمِّي إنْ فَرِحتُ بِعالَمِي *** فَرِحَتْ، وإنْ أَبكِي بَكَتْ مِن مَدمَعِي
مَنْ غَيرُها لَبِسَتْ أَحاسِيسِي التي *** أُخفِي عن الدُّنيا وضَمَّتْ أَضلُعِي
أُمِّي سَمَائِي ظِلُّ أَيَّامِي ومَا *** وَفَّيتُها حَقَّاً وَمَنْ ذَا يَدَّعِي
أُمِّي التي الجَنَّاتُ تَحتَ ظِلالِها*** فِي خَطوِها عندَ المَحَلِّ الأَرفَعِ
ربِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. اللهمَّ أعنَّا على بِرِّهما أحياءً ومَيِّتينَ، وأسعِدنا بِدُعائِهما وبِرِّهما، واجعلهم عنَّا راضينَ، اللهمَّ من أفضى منهما إليكَ فَنَوِّرَ لهُ قَبرَهُ، واجزهِ عَنَّا خَيرَ الجَزَاءِ وأوفاهُ، واجمَعنَا بهم في دارِ كرامَتِكَ يا رَبَّ العَالَمِينَ.
الله أكبرُ الله أكبرُ لا إلهَ إلا اللهُ , واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمدُ.
في مِثلِ هذا اليومِ الأغرِّ أعلَنَ النَّبِيُّ –صلى الله عليه وسلم- الوَثِيقَةَ العالَميَّةَ التي تَقُومُ علَيها سَعَادَةُ النَّاسِ, وتَحفَظُ حُقُوقَهم, حينَ قالَ: "إنَّ دِماءكُمْ، وَأمْوَالَكُمْ, وأعْرَاضَكُمْ، حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في شَهْرِكُمْ هَذَا، في بَلَدِكُمْ هَذَا"..
اللهُ أكبرُ ولله الحمدُ: حَقَّاً إنَّه خِطَابٌ, يُحاربُ كُلَّ تَصَرُّفٍ مَشينٍ يُروِّعُ الآمِنينَ! وَيُفَرِّقُ صَفَّ المُسلِمينَ, وأموالُ النَّاسِ مُحتَرَمَةٌ مَصونَةٌ، فيا ويلَ من يأخذونَ حُقُوقَ النَّاس بغير حقٍّ, يا ويلَ من يَغُشُّونَ وَيَظلِمُونَ! واللهُ تعالى يَقول: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) [البقرة: 188]، وأعراضُ النَّاسِ مُحترمةٌ مَصُونَةٌ! فلا يَجوزُ سَبُّها, ولا غِيبَتُها, ولا التَّعَرُّضُ لها بِسُوءٍ!
وكانَ من جُمَلةِ خُطبَةِ رسولِ الله –صلى الله عليه وسلم- أنْ قالَ: "اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْراً؛ فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإنَّ أعْوَجَ مَا في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فَإنْ ذَهَبتَ تُقيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوجَ، فَاسْتَوصُوا بالنِّساءِ".
إنَّه الإسلامُ -يا مؤمنونَ- الذي أعلى شأنَ المَرأَةِ وَرَفَعَ قَدْرَها! فَعلامَ نَسمَعُ عَجَبَاً من أَنوَاعِ الظُّلم والتَّعدِّي على الزوجاتِ, كلامٌ بَذِيءٌ وسبٌّ مَشِينٌ؟! وضَرْبٌ واعتِدَاءٌ؟! فَتَبًّا لِهؤُلاءِ الظَّلمةِ والقُسَاةِ, أينَ هم من قولِ الله تعالى: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَان) [البقرة: 229]، ومن قولِ رَسُولِنا –صلى الله عليه وسلم-: " أكْمَلُ المُؤمِنِينَ إيمَاناً أحْسَنُهُمْ خُلُقاً، وخِيَارُكُمْ خياركم لِنِسَائِهِمْ".
اللهُ أكبرُ الله أكبرُ لا إلهَ إلا اللهُ,واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمدُ.
عباد الله: ضَحُّوا تقبلَ اللهُ ضحاياكُم، سَمُّوا اللهَ عند الذَّبحِ وكبِّروا: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) [الأنعام: 121]. وكُلُوا وتَصَدَّقُوا وأهدوا ولا تُعطوا الجزَّارَ أجرَتَه منها، وأريحوا الذَّبِيحَةَ عند اقتيادِها ولا تؤذُوها بِحَدِّ السِّكينِ أمامَها, فـ:"إنَّ الله كَتَبَ الإحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإذَا قَتَلْتُم فَأحْسِنُوا القِتْلَة، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَليُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَه، وَلْيُرِح ذَبِيحَتَهُ".
وإذا أتيتم من طريقٍ فمن السُّنةِ أن تعودوا من طريقٍ آخر كما كان ذلك هديُ نبيِّنا -صلى الله عليه وآله وسلَّم-, ومن السنَّةِ كذلكَ ألاَّ تأكُلَ شيئاً قبل الصلاةِ إلاَّ من أضحيتك! وأكثروا في أيام التَّشريق من التهليل والتكبير والتحميد، ولا يجوز صيامها لأنَّها أيامُ عيدٍ, فهي أيامُ أكلٍ وشُربٍ وذِكرٍ لله تعالى.
أيُّها الكرام: وعندنا -بحمدِ اللهِ- أناسٌ مُخْلِصُونَ يُعنَونَ بِجمعِ لحومِ الأضاحي وشحومِها, فكونوا خيرَ مُعينٍ لجمعيةِ البِرِّ, والمستودعِ الخيري.
فاللهم تقبَّل منَّا إنَّك أنت السميعُ العليمُ وتب علينا إنك أنت التَّوابُ الرحيم. اللهم أدم علينا نعمة الأمن والأمان، واجعلنا لنعمائك من الشاكرين ولك من الذاكرين واكفنا شرَّ الفواحشِ والفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم سهِّل على الحُجَّاج حجَّهم ويسِّر لهم أمورهم. ووفق ولاةَ أمورِنا لما تحبُّ وترضى, وأعنهم على البرِّ والتَّقوى, واجزهم خيرا على ما بذلوا للحُجَّاجِ الكرامِ.
اللهم أصلح أحوالَ المسلمين في كلِّ مكانٍ، وهيئ لهم قادةً صالِحين مُصلحينَ ناصِحينَ يا ربَّ العالمين. اللهم اغفر ذُنُوبَنا واستُر عُيُوبَنا واشفِ مَرضانا وارحم موتانا وعافِ مُبتَلانا ورُدَّ لنا غائِبَنا, (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَاب النَّارِ)، وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي