لقد أثبت الصحابة -رضي الله عنهم- في كل المعارك والغزوات التي خاضوها شجاعة عجيبة، أذهلت عدوهم وأرعبت خصومهم، ففي غزوة بدر واجه المسلمون المشركين بلا استعداد مسبق، ودون أن يكون معهم سلاح غير سلاح الراكب، وكان عدد المشركين يفوق عدد المسلمين بثلاثة أضعاف...
الحمد لله الذي حكم أن العاقبة للمتقين، وأن هلاك الظالمين يكون على أيدي المؤمنين، ومصير الجبابرة والمتكبرين ينتهي ويزول بقوة وشجاعة المسلمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله أشجع الناس أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين، وصحابته أولي العز والتمكين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
عباد الله: من الصفات التي تميز بها المسلمون عن غيرهم صفة الإقدام والشجاعة، حيث يعرف المسلمون قديماً وحديثاً بالبسالة، ورباطة الجأش، وروح الإقدام، واقتحام الصعاب، ودخول المكاره بلا خوف أو تردد.
وهذه الشجاعة والبسالة التي عرف المسلمون بها؛ لا شك أنها نابعة في نفوسهم من إيمانهم العميق, ودينهم المتين الذي كساهم هذا الخلق العظيم، وجعل في أنفسهم الدافع الأعظم نحو هذا الإقدام وهذه الشجاعة.
فالقرآن الكريم هو الذي ربى نفوس المؤمنين على هذا الخلق ودعاهم إليه، وحثهم عليه، وغرس فيهم أصله وحقيقته، ووجههم لاستعماله في نصرة الحق وإبطال الباطل دون جبن أو تهور.
والنبي -صلى الله عليه وسلم- هو القدوة العملية والمثال الحي لتطبيق هذا الخلق في كثير من مواقفه وسيرته -عليه الصلاة والسلام-.
اسمعوا إلى هذه الآيات، وتأملوا ما فيها من الحث على الشجاعة والإقدام، وما فيها من دعوة واضحة إلى التحلي بهذا الخلق العظيم, وهذه والصفة الجليلة، يقول الله -سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الأنفال : 45] ويقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ) [الأنفال : 15].
فالدعوة إلى الثبات في مواقف القتال والنزال هي دعوة إلى الشجاعة في الأساس, ويقول ربنا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) [التوبة : 123]، فالأمر بقتالهم والإغلاظ عليهم إنما هو أمر بالإقدام والشجاعة.
لقد كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- أشجع الناس على الإطلاق، وأكثرهم قوة وصلابة وثباتاً، يقول أَنَسٍ بن مالك -رضي الله عنه-: "كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ فَكَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَبَقَهُمْ عَلَى فَرَسٍ، وَقَالَ: وَجَدْنَاهُ بَحْرًا" [البخاري (2820) مسلم(2307) ]،: أي وجدنا فرسه سريع العدو -صلى الله عليه وسلم- .
ويقول البراء بن عازب -رضي الله عنه- يوم حنين: "وَإِنَّ الشُّجَاعَ مِنَّا لَلَّذِي يُحَاذِي بِهِ، يَعْنِي النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-" [مسلم (1776) ]، أي أن شجعان الصحابة كان يحتمون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يحميهم ويذود عنهم.
ويقول جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رضي الله عنهما-: "قَاتَلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مُحَارِبَ خَصَفَةَ بِنَخْلٍ، فَرَأَوْا مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِرَّةً، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالَ لَهُ: غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ، حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالسَّيْفِ، فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: "اللهُ"، فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟" قَالَ: كُنْ كَخَيْرِ آخِذٍ، قَالَ: "أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ "، قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أُعَاهِدُكَ أَنْ لَا أُقَاتِلَكَ، وَلَا أَكُونَ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ، فَخَلَّى سَبِيلَهُ، قَالَ: فَذَهَبَ إِلَى أَصْحَابِهِ، قَالَ: قَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ النَّاسِ" [أحمد (14929 ) ].
أنت الشجاع إذا الأبطال ذاهلة *** والهندواني في الأعماق واللمم
فكنت أثبتهم قلباً وأوضحهم درباً *** وأبعدهم عن ريبة التهم
أما أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي رباهم بنفسه، واعتنى بهم عناية خاصة، فقد كانوا طلابه وتلاميذه في الشجاعة والإقدام، وما قامت دولة الإسلام إلا على جماجمهم وأشلائهم.
روى مسلم في صحيحه عن أنس -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَخَذَ سَيْفًا يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: "مَنْ يَأْخُذُ مِنِّي هَذَا؟ فَبَسَطُوا أَيْدِيَهُمْ، كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ يَقُولُ: أَنَا، أَنَا، قَالَ: فَمَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ؟ قَالَ فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ. فَقَالَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ أَبُو دُجَانَةَ: أَنَا آخُذُهُ بِحَقِّهِ. قَالَ: فَأَخَذَهُ فَفَلَقَ بِهِ هَامَ الْمُشْرِكِينَ" [مسلم (2470) ] أي شق به رؤوسهم.
لقد أثبت الصحابة -رضي الله عنهم- في كل المعارك والغزوات التي خاضوها شجاعة عجيبة، أذهلت عدوهم وأرعبت خصومهم، ففي غزوة بدر واجه المسلمون المشركين بلا استعداد مسبق، ودون أن يكون معهم سلاح غير سلاح الراكب، وكان عدد المشركين يفوق عدد المسلمين بثلاثة أضعاف، مدججين بكل أنواع الأسلحة، ومع ذلك هزموهم وانتصروا عليهم بإذن الله، (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [آل عمران : 123].
لقد استشار النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه في خوض هذه المعركة مع العدو، فقام أبوبكر فتكلم فأحسن، ثم قام عمر فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال:" يارسول الله, أمض لما أراك الله فنحن معك، والله لن نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن نقول لك اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون".
ثم قام سعد بن معاذ قائد الأنصار وحامل لوائهم، فقال: "يارسول الله, قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، فامض بنا لما أردت، وأظعن بنا حيث شئت، وصل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت، وخذ من أموالنا ماشئت، وأعطنا ماشئت، وما أخذت منا أحب إلينا مما تركت، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغمام لسرنا معك، ولو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك، وما أمرت فيه من أمر فنحن تبع لأمرك، ولعل الله يريك منا ماتقر به عينك، فسر بنا على بركة الله، فسر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقول سعد ونشطه ذلك، ثم قال: "سيروا وابشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم".
(وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ * إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال 7: 10].
قلت ما سمعتم، واستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وأفضل النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الناس: من المواقف الشجاعة التي سطرها الصحابة -رضي الله عنهم- في غزواتهم ومعاركهم: المواقف العجيبة التي سطرها أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في معركة أحد، حيث جعل -صلى الله عليه وسلم- على الميمنة المنذر بن عمرو، وعلى الميسرة الزبير بن العوام، يسانده المقداد بن الأسود.
وحرض أصحابه على القتال وحثهم على المصابرة والجلد، وأخذ ينفث روح الحماسة والبسالة فيهم، حتى أنه -صلى الله عليه وسلم- جرد سيفاً باتراً فنادى فيهم من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فقام إليه رجال ليأخذوه، منهم عمر، وعلي، والزبير بن العوام، حتى قام إليه أبو دجانة "سماك بن خراش"، فقال وما حقه يارسول الله؟ فقال أن تضرب به وجوه العدو حتى ينحني، فعصب أبو دجانة على رأسه عصابة حمراء كان إذا اعتصب بها علم الناس أنه سيقاتل حتى الموت، ثم خرج يتبختر في مشيته بين الصفين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن".
كان أول وقود المعركة حامل لواء المشركين طلحة العبدري، كان من أشجع فرسان قريش، يسميه المسلمون كبش الكتيبة، خرج طلحة العبدري وهو راكب على جمله يدعو إلى المبارزة، فأحجم الناس عن مبارزته لفرط شجاعته، فتقدم إليه الزبير بن العوام فوثب عليه وثبة الليث، وقفز إليه قفزة الأسد، حتى صار معه على جمله، فألقاه على الجمل فأقتحم به الأرض فذبحه بالسيف، فلما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا المصرع الرائع كبّر، وكبّر المسلمون وراءه، وأثنى على الزبير وقال في حقه: "إن لكل نبي حوارياً وحواري الزبير".
فحمل لواء المشركين بعد طلحة العبدري أخوه عثمان العبدري، فتقدم إليه حمزة بن عبد المطلب فضربه على عاتقه ضربة بترت يده مع كتفه حتى وصلت إلى سرته فبانت رئته فمات، فحمل اللواء بعده أخوه أبو سعد العبدري، فرماه سعد بن أبي وقاص بسهم في حنجرته فمات لحينه، فحمل اللواء بعده أخوه مسافع العبدري، فرماه عاصم بن ثابت بسهم فقتله، فحمل اللواء بعده أخوه كلاب العبدري، فانقض عليه الزبير فقاتله حتى قتله، فحمل اللواء بعده أخوه الجلاس العبدري، فطعنه طلحة بن عبد الله طعنة قضت عليه.
في تلك المعركة وقع المسلمون في خطأ فادح ومخالفة واضحة لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في توجيهه لهم بعدم النزول من الجبل حتى يأمرهم بالخروج، فانعكست الأمور، وتحول النصر إلى هزيمة، والتف المشركون على المسلمين، وأشيع بين المسلمين أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قتل، فمر أنس بن النضر فقال لهم: ما تنتظرون؟ فقالوا: قتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء -يعني المسلمين-، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء -يعني المشركين-، ثم تقدم فلقيه سعد بن معاذ فقال: إلى أين يا أباعمر؟ فقال أنس: واهاً لريح الجنة ياسعد، إني لأجد ريح الجنة من دون أحد، ثم مضى فقاتل المشركين حتى قتل، فما عرف من بين الشهداء حتى عرفته أخته بعد نهاية المعركة وبه بضع وثمانون ما بين طعنة برمح وضربة بسيف ورمية بسهم.
وبمثل هذا الاستبسال وهذا التشجيع عادت إلى المسلمين روحهم المعنوية، ورجع إليهم رشدهم وصوابهم، فأخذوا أسلحتهم، وتركوا القعود والاستسلام، وهاجموا المشركين من جديد.
أما بطولات سيف الله المسلول خالد بن الوليد -رضي الله عنه- فذاك شيء يفوق الوصف والخيال، يقول المؤرخون: لم يهزم خالد بن الوليد في معركة قط لا في جاهلية ولا في إسلام، ويقول -رضي الله عنه- عن نفسه: "لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فما بقى في يدي إلا صفيحة يمانية" وهذا يدل على شجاعته الفائقة، وكان قائدًا لجيش المسلمين في معركتي اليمامة واليرموك الشهيرتين، وقطع المفازة من العراق إلى أول الشام في خمس ليال في عسكر معه، وكانت هذه من أعاجيب خالد -رضي الله عنه-، ولما توالت انتصاراته واشتهرت شجاعته عزله عمر -رضي الله عنه- عن قيادة الجيش؛ حتى يعلم الناس أن الله إنما ينصر دينه بغير خالد.
وفي معركة اليرموك طَلَبَ ماهان خَالِدًا لِيَبْرُزَ إِلَيْهِ فقال ماهان: إِنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ مَا أَخْرَجَكُمْ مِنْ بِلَادِكُمُ الْجَهْدَ وَالْجُوعَ، فَهَلُمُّوا إِلَى أَنْ أُعْطِيَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْكُمْ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَكِسْوَةً وَطَعَامًا وَتَرْجِعُونَ إِلَى بِلَادِكُمْ، فَإِذَا كَانَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ بَعَثْنَا لَكُمْ بِمِثْلِهَا. فَقَالَ خَالِدٌ: "إِنَّهُ لَمْ يُخْرِجْنَا مِنْ بِلَادِنَا مَا ذَكَرْتَ، غَيْرَ أَنَّا قَوْمٌ نَشْرَبُ الدِّمَاءَ، وَأَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّهُ لَا دَمَ أَطْيَبُ مِنْ دَمِ الرُّومِ فَجِئْنَا لنشربه"، فقال أصحاب ماهان: هَذَا وَاللَّهِ مَا كُنَّا نُحَدَّثُ بِهِ عَنِ العرب وانهارت معنوياتهم من هذا الكلام القوي.
عباد الله: لو أردنا أن نستقصي ونتتبع مواقف المسلمين البطولية لاحتجنا إلى ساعات طوال ومجلدات ضخمة، ففي كل غزوة ومعركة كانت هناك نماذج بطولية رائعة يعجز اللسان عن تصويرها والقلم عن تسطيرها، ولكن حسبنا أن نعلم أن هؤلاء الأبطال كان يدفعهم إلى الشجاعة والإقدام الشوق إلى الشهادة، والتعجيل للقاء الله -سبحانه وتعالى- الذي ناداهم فقال: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة : 111].
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَخْرُجُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَبَدًا، وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ، وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً فَيَتَّبِعُونِي، وَلَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ فَيَتَخَلَّفُونَ بَعْدِي، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنْ أَغْزُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلَ، ثُمَّ أَغْزُوَ فَأُقْتَلَ ثُمَّ أَغْزُوَ فَأُقْتَلَ" [ابن ماجة (2753) ].
صلوا وسلموا على هذا النبي العظيم والقائد الكريم الذي أمركم ربكم جل جلاله بالصلاة والسلام عليه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب : 56].
اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم ارفع راية الدين وأعلي كلمة الحق ياقوي يامتين.
اللهم ارفع علم الجهاد، وأسقط راية الكفر والفساد.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي