من أسماء الله -تعالى-: "الرزاق:". الذي عم برزقه كل شيء، فما: (مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا)[هود:6]. رزق الله الأجنة في بطون الأمهات، والحيتان في قعار البحار، والسباع في مهامه القفار، والطيور في أعالي الأوكار، ورزق كل حيوان، وهداه لتحصيل معاشه؛ فأعطى: (كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)[طـه:50]. ولو توكلتم على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو في الصباح خماصا جائعة، ثم...
الحمد لله العلي الأعلى، الكامل في الأسماء الحسنى، والصفات العليا،/ رب السماوات ورب الأرض ورب الآخرة والأولى.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والجود الذي لا يحصى.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من تعبد لله ودعا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، وأعلموا أن لله تسعة وتسعين اسما، من أحصاها دخل الجنة.
وإحصاؤها: معرفة لفظها ومعناها، والتعبد لله بها.
فمن أسمائه تعالى: "الله، الحي، القيوم، العليم، القدير، السميع، البصير، الرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيم، القوي، الملك، القدوس، السلام، الجبار".
ومن أسمائه تعالى: "المتكبر" أي ذو الكبرياء والعظمة.
فالكبرياء وصفه المختص به، فليس لأحد من المخلوقين أن ينازعه في ذلك.
ومن نازعه في الكبرياء أذاقه الله الذل والهوان.
والمتكبرون يحشرون يوم القيامة أمثال الذر، يطؤهم الناس بأقدامهم.
أما البارئ، فإنه لكمال عظمته وعزه وقهره وملكه اختص سبحانه بالكبرياء والعظمة.
ومن أسمائه تعالى: "الخالق" الذي خلق السماوات والأرض وما فيهما من المصالح وما بينهما من المخلوقات.
خلقها الله -تعالى- كلها في ستة أيام، وأحسن خلقها وأكمله، ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ولا تناقض: (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِيرٌ) [الملك: 3 – 4].
(فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ)[الحج: 5].
(يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[آل عمران: 6].
(يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ)[الزمر: 6].
ظلمة البطن، وظلمة الرحم، وظلمة غشاء الجنين، في بطن أمه: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ)[الزمر:6].
يقدر لكم في ذلك الموضع من الغذاء ما لا يستطيع أحد أن يوصله إليكم، وذلك بواسطة السرة المنغرسة في عروق الرحم، فتمتص من الدم، وما يتغذى به جسم الجنين، ولا يحتاج معه إلى البول والغائط؛ فسبحان الله رب العالمين.
خلق الله -تعالى- كرسيه وعرشه، وهما من أعظم المخلوقات.
فالكرسي وسع السماوات والأرض، وما السماوات السبع والأرضون السبع بالنسبة إليه إلا كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض.
والعرش استوى عليه الرحمن، وهو أعظم المخلوقات وأعلاها، وما الكرسي بالنسبة إليه إلا كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض.
أيها المسلمون: إن هذه المخلوقات العظيمة وما فيها من الإتقان والكمال؛ لتدل دلالة ظاهرة على عظمة خالقها وكماله، وأنه أتقن كل شيء، وأحسن كل شيء خلقه: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)[المؤمنون:14].
ومن أسماء الله -تعالى-: "الرزاق:".
الذي عم برزقه كل شيء، فما: (مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا)[هود:6].
رزق الله الأجنة في بطون الأمهات، والحيتان في قعار البحار، والسباع في مهامه القفار، والطيور في أعالي الأوكار، ورزق كل حيوان، وهداه لتحصيل معاشه؛ فأعطى: (كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)[طـه:50].
ولو توكلتم على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو في الصباح خماصا جائعة، ثم تروح في المساء بطانا ممتلئة بطونها بما يسر الله لها من الرزق والأقوات.
ومن رزق الله -تعالى-: ما يمن الله به على من شاء من خلقه، من حسن الخلق، وسماحة النفس.
ومن رزقه تعالى: ما يمن الله به على من يشاء من العلم النافع، والإيمان الصحيح، والعمل الصالح الدائب.
وهذا أعظم رزق يمن الله به على العبد: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)[الطلاق: 2- 3]ٍ.
وهو سبحانه المعطي المانع، فكم من سائل أعطاه سؤله، وكم من محتاج أعطاه حاجته، ودفع ضرورته.
وإنه تعالى ليستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا.
وكم منع سبحانه من بلاء انعقدت أسبابه، فمنعه عن عباده، ودفعه عنهم، فلا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع.
وهو سبحانه الذي بيده النفع والضر.
إن جاءك نفع فمن الله، وإن حصل عليك ضر لم يكشفه سواه.
ولو اجتمعت الأمة على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمع الناس على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك،.
فربك هو المدبر المتصرف بخلقه كما يشاء، فالجأ إليه عند الشدائد تجده قريبا، وافزع إليه بالدعاء تجده مجيبا، وإذا عملت سوءا، أو ظلمت نفسك، فاستغفره تجده غفورا رحيما.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)[الأعراف: 180].
بارك الله لي ولكم... الخ...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي