لأننا عاجزون عن إدراك المستقبل، وعلمنا قاصر، فقد أراد -سبحانه وتعالى- أن يولد هذا الإيمان في نفوس عباده الأمن النفسي، والراحة والرضا بالله، والثقة به؛ حتى تستمر الحياة، ويستطيعوا أن يتجاوزوا هذه المحن والمصائب والابتلاءات .. فما من محنة إلا وفيها منحة، ولا بلاء إلا وفيه لطف ورحمه، وقد يدفع الله عنك مصائب وابتلاءات أشد من ذلك وأقوى، لكنك لا تعلم الغيب ولا تدري أين يكمن الخير، فسلِّم أمرك إلى الله الذي من حقه أن يسعدنا أو يشقينا، أو يمرضنا أو يشفينا، أو يُفقرنا أو يُغنينا وهو أرحم بنا من أنفسنا...
الحمد لله المتفرِّدِ بالعظمة والبقاء والدوام، يكوِّر الليل على النهار، ويكوِّر النهار على الليل، ويصرّف الشهور والأعوام، لا إله إلا هو، الخلقُ خلقه، الأمر أمرُه، فتبارك ذو الجلال والإكرام، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه أستغفره، والى علينا نعَمَه، وتابع علينا آلاءه، وبالشكر يزيد الإنعام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قدّر الأمور بإحكام، وأجراها على أحسن نظام،
ما في الوجود سواك رب يُعبدُ *** كلا ولا مولى سواك فيقصدُ
يا مَن له عنت الوجوه بأسرها *** ذلا وكل الكائنات توحدُ
أنت الإله الواحد الفرد الذي *** كل القلوب له تَقِرُ وتشهدُ
وأشهد أن سيّدنا ونبيَّنا محمّدًا عبد الله ورسوله، أفضل الرسل وسيّد الأنام، ختم الله به الرسل والأنبياء فكان مسك الختام ..
هو المختار من البرايا هو *** الهادي البشير هو الرسولُ
عليه من المهيمن كل وقت *** صلاة دائمًا فيها القبولُ
صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله الأطهار وأصحابه الكرام، والتابعين ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليمًا كثيرًا على الدوام.
أما بعد: عباد الله: ماذا لو علم كل إنسان بالأمور التي ستحدث له في المستقبل؟ كيف ستكون نفسية ذلك الإنسان لو علم فرضاً أنه سيقع له حادث سيارة بعد شهر من الآن؟ أو أنه سيخسر كل أمواله ويصبح فقيراً بعد عشرين سنة؟ ما هو شعور الإنسان عندما يعلم أنه سيموت ابنه بعد عشر سنين؟ كيف ستكون حياة تلك المرأة التي تعلم أن زوجها سيتزوج عليها نهاية العام؟ .. لا إله إلا الله .. والله لو علم أحدنا بذلك لما طابت الحياة، ولا تلذذ الإنسان بطعام أو شراب، ولا تهنأ بنوم أو راحة أو سكينة؟ بل إن الحياة ستتوقف انتظاراً لهذا القادم خيراً كان أو شراً ..
فكان من رحمة الله بنا أن اختص نفسه بعلم الغيب المطلق حتى ينطلق الإنسان في هذه الحياة متوكلاً على الله وباذلاً ما يستطيع من الأسباب وراضياً بما قدره الله وقضى به، قال تعالى: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)[النمل:65]، وقال تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ)[الرعد:9]، وقال سبحانه: (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ)[هود: 123].
وبيّن -سبحانه وتعالى- أن علم الغيب مما اختص به نفسه، وهو علم شامل لما كان ولما سيكون في هذا الكون الفسيح، قال تعالى: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [الأنعام:59] .. وقال تعالى آمرًا رسوله -صلى الله عليه وسلم-: (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ)[الأنعام: 50] وقال تعالى: (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ)[الأعراف: 188]..
وحتى الجن الذين يعتقد الكثير فيهم معرفة الغيب، بيَّن سبحانه أنهم لا يملكون هذه القدرة، وذكر كيف أنهم ظلوا مسخرين في الأعمال الشاقة التي استعملهم لها سليمان - عليه السلام – حتى بعد وفاته، ولم يعلموا بموته إلا بعد سقوطه حين أكلت الأرضة عصاه التي يتكئ عليها، قال تعالى: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ)[سبأ:14] ..
وحتى يرسخ الإسلام هذه العقيدة في النفوس فقد أبطل الطرق التي يدّعي البشر من خلالها أنهم يعلمون الغيب، فأبطل الكهانة والتنجيم، والسحر والشعوذة، وقراءة الكف والفنجان، وما يسمى بعلم الأبراج وغير ذلك ..
وما على المسلم إلا أن ينطلق في هذه الحياة يأخذ من الكتاب والسنة منهجه وزاده الذي يبلغه رضوان الله وجنته، ويبذل المستطاع من الأسباب الشرعية، ويرضى بما قدّره الله عليه بعد ذلك، فإن كان خيراً حمد الله وأدى ما عليه فيه، وإن كان شراً أو مصيبة أو بلاءً صبر واحتسب ورضي بما قدر الله، ولا يسخط على الله، ويبذل من الأسباب الشرعية والدنيوية ليدفع هذه المصيبة أو هذا الابتلاء قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) [البقرة 155-156]..
هذا أبو عبيدة عامر بن الجراح -رضي الله عنه- اعترض على رجوع عمر بالناس عن دخول الشام عندما انتشر بها الطاعون، وقال لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- : "يا أمير المؤمنين أفراراً من قدر الله"؟ .. فقال عمر: "لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم نَفِرّ من قدَر الله إلى قدر الله، أرأيت إن كان لك إبل هبطت وادياً له عدوتان إحداهما خصيبة، والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله " (رواه البخاري).
أيها المؤمنون: عباد الله: قد يقع على المسلم قدَر يكرهه؛ لأن فيه مصيبة أو موتًا أو خسارة أو خوفًا أو قلقًا وهمًّا أو مرضًا وفقرًا، لكن المسلم عليه أن يعلم علم اليقين أنه ما من بلاء أو مصيبة أو محنة مهما كان فيها من الشر إلا وفيها خير لا يعلمه إلا الله قال تعالى: (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ) [البقرة: 216]، وقال سبحانه: (فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء 19] ..
ولأننا عاجزون عن إدراك المستقبل وعلمنا قاصر، فقد أراد -سبحانه وتعالى- أن يولد هذا الإيمان في نفوس عباده الأمن النفسي، والراحة والرضا بالله، والثقة به؛ حتى تستمر الحياة، ويستطيعوا أن يتجاوزوا هذه المحن والمصائب والابتلاءات .. فما من محنة إلا وفيها منحة، ولا بلاء إلا وفيه لطف ورحمه، وقد يدفع الله عنك مصائب وابتلاءات أشد من ذلك وأقوى، لكنك لا تعلم الغيب ولا تدري أين يكمن الخير، فسلِّم أمرك إلى الله الذي من حقه أن يسعدنا أو يشقينا، أو يمرضنا أو يشفينا، أو يُفقرنا أو يُغنينا وهو أرحم بنا من أنفسنا...
جلس أحد الكتاب المشهورين على كرسي مكتبه نهاية العام، وأخذ ورقة وبدأ يكتب ما حدث له خلال هذا العام، فكتب في السطر الأول: لقد تم إحالتي العام الماضي للتقاعد.. وكتب في السطر الثاني: وأجريتُ عملية في المرارة لإزالة الحصوة .. وكتب في السطر الثالث: وتوفي في هذا العام والدي .. وكتب في السطر الرابع: ورسب ابني في كلية الطب لتعطله عن الدراسة عدة شهور بسبب إصابته في حادث سيارة، وكتب في نهاية الورقة: يا له من عام سيئ ..
وجلس في مكتبه كئيباً حزيناً، فجاءت زوجته ووجدته بهذه الحالة ووقفت خلفه وقرأت بصمت ما كتبه على هذه الورقة، ثم ذهبت وأخذت ورقة، وكتبت عليها ودخلت مكتبه، ووضعتها أمام، قالت فيها السطر الأول: أحلت إلى التقاعد بعد ستين سنة من العمل، وقد قدمت الكثير وها أنت الآن متفرغ لكتاباتك ومؤلفاتك التي كنت تتمنى أن تجد لها وقت ..
وكتبت في السطر الثاني: وأجريت عملية المرارة وأزلت الحصوة التي عذَّبتك وآلمتك كثيراً .. وكتبت في السطر الثالث: وتوفي والدك وهو في الخامسة والثمانين من العمر دون أن يسبب لك أي متاعب ..
وكتبت في السطر الرابع: ونجا ابنك من الموت بسبب حادث السيارة ولم يصب بعاهات أو إعاقات .. ثم ختمت الزوجة عبارتها: يا له من عام رائع!!
وصدق الله إذ يقول: (فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء 19].. فلا ينبغي أن يكون هناك يأس أو قنوط، بل لا بد أن نتفاءل ونحسن الظن بالله، ونرضى بما قدَّره علينا، وندرك أنه ما من بلاء يصيب العبد إلا وفيه خير أراده الله، قد نعلمه وقد لا نعلمه ..
لما مات الصحابي أبو سلمة حزنت عليه زوجته أم سلمة، وتذكرت الحديث الذي علمهم إياه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقولوه عند نزول المصائب: "اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها"، أرادت أن تقول هذه الكلمات، لكنها فكرت وقالت في نفسها: مَن خير من أبي سلمة؟ هذا الزوج الكريم، هذا المؤمن، هذا المهاجر الذي يبتغي فضل الله العظيم، قالت: لكنها -قالتها إيمانًا بموعود الله- فأخلف الله لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فصارت أم سلمة أُمنا جميعًا، أم المؤمنين -رضي الله عنها-.
عباد الله: إن الرضا بالله، وحسن الظن به من أعظم ما يملأ القلب طمأنينةً وراحةً، ومن أهم أسباب دفع القلق الذي عصف بحياة كثير من الناس، بسبب موقف من المواقف، أو بسبب قدَر من الأقدار المؤلمة في الظاهر جرى عليه في يوم من الأيام ..
ذكر الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله- عن صاحب له: أن رجلاً قدم إلى المطار، وكان حريصًا على رحلته، وهو مجهد بعض الشيء، فأخذته نومةٌ ترتب عليها أن أقلعت الطائرة، وفيها ركاب كثيرون يزيدون على ثلاث مائة راكب، فلما أفاق إذا بالطائرة قد أقلعت، وفاتته الرحلة، فضاق صدره، وندم ندماً شديداً، ولم تمضِ دقائق على هذه الحال التي هو عليها حتى أُعلن عن سقوط الطائرة، واحتراق من فيها بالكامل .. ألم يكن فوات الرحلة خيراً لهذا الرجل؟! ولكن أين المعتبرون والمتعظون؟ ..
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم .. قلت قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه...
عباد الله : إننا بحاجة إلى تقوى الله، والعمل الصالح، والدعاء والتضرع بين يديه؛ حتى نثبت على الحق في هذه الحياة المليئة بالفتن والمصائب والابتلاءات .. فالصلاة تجلب الراحة والطمأنينة والأمان قال تعالى:( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [البقرة 153] ..
يقول كوليم الإنجليزي الذي أسلم وسمى نفسه عبد الله: إنه حينما كان مسافراً على ظهر باخرة إلى طنجة إذا بعاصفة قد هبت، وأشرفت السفينة على الغرق، وأخذ الركاب يحزمون أمتعتهم ويهرولون في كل اتجاه، وقد اضطربوا لا يدرون ما يصنعون، وإذا به يرى جماعة من المسلمين قد استوت في صف واحد يكبرون ويهللون ويسبحون..
فسأل أحدهم: ماذا تفعلون؟ فقال: نصلي لله.. فسأل: ألم يلهكم إشراف السفينة على الغرق؟ فقال: لا، إننا نصلي لله الذي بيده وحده الأمر، إن شاء أحيا وإن شاء أمات ..
وقد كان هذا الحادث سببًا في بحثه عن الدين الإسلامي وهدايته للإسلام، وأصبح من كبار دعاة الإسلام في إنجلترا، وقد أسلم على يديه الكثير .. والذكر فيه بركة وخيرية ونجاة، قال تعالى: (يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا اذكُرُوا اللّه ذِكراً كَثيراً وَسَبِّحُوهُ بُكرَةً وَأصٍيلاً هُوَ الَّذي يُصَلِّي عَلَيكُم وَمَلائِكَتُهُ لِيُخرٍجَكُم مِن الظُّلُمات إِلَى النُّورِ وَكان بِالمُؤمِنين رَحِيماً) [الأحزاب: 44]..
إن يونس -عليه السلام- لما أُلقي في البحر والتقمه الحوت وهو في كرب وضيق وظلمات بعضها فوق بعض ليس معه أحد لم ينفعه إلا عبادته وطاعته لله، (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء: 87].
قال أهل التفسير: سمعت الملائكة هذه الكلمة فبكت، وقالت: يا رب! صوت معروف من عبد معروف قال تعالى: (فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [الصافات: 143 -144] .. وتقديم المساعدة، وبذل النفع، وصنائع المعروف، وصدقة السر تقي مصارع السوء، وتدفع غضب الرب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيه نجاة للفرد والمجتمع والأمة.
عباد الله: إن أمواج الفتن والابتلاءات تصيب أمتنا اليوم في كثير من جوانب حياتها؛ فالاختلاف والتفرق، وكثرة القتل، ونزيف الدماء، وتسلط العدو، واحتلال الأرض، وتدنيس المقدسات، وضعف الأمة وتأخرها اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، ومع كثرتها وتعددها يُصاب الناس باليأس والقنوط، ويعتريهم الهمّ والقلق، ولكن رغم قسوتها وشدتها؛ إلا أن فيها خيرًا كثيرًا؛ فالأمة تحتاج إلى تمحيص وتمايز في الصفوف، فيظهر الإيمان من النفاق، والحق من الباطل، والخير من الشر، وأن تفيق من غفلتها، وأن تعود إلى دينها، واتباع نبيها محمد -صلى الله عليه وسلم- وحتى تبذل من الأسباب المأمور بها شرعاً ما تستطيع ولن يكون بعد ذلك إلا النصر والتمكين لأن ذلك وعد الله ولا يبقى إلا الحق والخير قال تعالى (فَأَمَّا الزبد فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ الناس فَيَمْكُثُ فِي الأرض) [الرعد: 17]..
فأمّلوا بالله، وثقوا به، وأحسنوا الظن به، وقوموا بأعمالكم كما أمركم، واحفظوا دمائكم وأعراضكم وأموالكم، واصبروا على أقدار الله حتى يأتي الفرج؛ كم من مصيبة كنت تظنها ستكون القاضية! وكم من حزن ظننت أن الدنيا لن تحلو بعده! وكم من عزيز فقدته فتوهمت أنه لم يعد بعده شيء يستحق الحياة! كم وكم؟! لكن الحياة عادت كما كانت، ولربما بطعم أحلى وأجمل.
واعلموا أن الله علام الغيوب، فتوكلوا عليه قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [لقمان: 34]..
اللهم اجعلنا من المؤمنين بك المتوكلين عليك، الراضين بقضائك، المؤمنين بقدرك، الداعين لدينك، الشاكرين لنعمك، إنك على كل شيء قدير، وصلّ اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي