شبكات التواصل الاجتماعي..ما لها وما عليها

ناصر القطامي

عناصر الخطبة

  1. ثورة وسائل التواصل الاجتماعي
  2. إيجابيات وسائل التواصل الاجتماعي
  3. سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي
  4. وصايا ونصائح لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.

الخطبة الأولى:

الحمد لله..

لم يكن يدر بخلد ذلك الشاب الأمريكي الصغير ذا العشرين ربيعًا، والذي يدرس في قسم علوم الحاسب بجامعة هارفارد عام 2003م أنه بين عشية وضحاها سيساهم في قلب العالم وتغيير وجهته، حين أسَّس أول موقع ضخم في منصة وسائل التواصل الاجتماعي وهو: (الفيس بوك).

في مشهد آخر.. شاب يتقدم للزواج من إحدى الفتيات..لم يتكلف والد الفتاة كثيراً عناء البحث والسؤال عنه!ثمة جهد يسير قام به لأحد حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي كانت كفيلة بإبراز هويته، وكشف شخصيته، ومستوى اهتماماته.

من خلال تعريفه لنفسه على واجهة صفحته، ونوعية من يتابع، بل ويمكن التعرف نسبياً على نمطية تفكيره، وفسيولوجية طبيعته من خلال ما ينشر أو عبر ردوده على متابعيه.

إذن فنحن أمام ثورة تقنية هائلة، وعولمة فكرية ضخمة، تستحق منا دراستها وكشف أسبارها، والآلية الإيجابية للتعاطي معها، وترشيد استخدامها.

أيها المؤمنون: إن نعم الله عز وجل على الإنسان كثيرة لا تعد ولا تحصى، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[النحل: الآية 18].

ومن تلك النعم العظيمة التي حظي بها الناس في زماننا وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، بأشكالها وأنواعها، وهي في الحقيقة –لمن أحسن استخدمها- نعمة كبيرة من الله -عز وجل-.

  لقد كان الحديث في بدايات ظهور ثورة وسائل التواصل الاجتماعي يعد من نافلة القول بل ربما ترفع بعض كبار أهل العلم والمثقفين عن الخوض في الحديث عنها أو المشاركة فيها، بل وربما بلغ بالبعض المنع منها وتحريمها، وما هي إلا أيام حتى غدت هذه البرامج التقنية عند الكثير ضرورة لا ترفا.

لقد أصبح العالم اليوم في ظل وسائل التواصل الحديثة كقرية صغيرة، يستطيع الإنسان التعرف على أخباره والتواصل مع أفراده، فلقد أصبحت هذه الوسائل الآن متاحة في أيدي عدد كبير جدا في كل دول العالم.

وتشير الدراسات إلى وجود نحو 15 مليون مستخدم للإنترنت في السعودية، وتحتل السعودية المرتبة الخامسة عربيًّا فيما يخص استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، ويصل عدد مستخدمي موقع الفيس بوك في السعودية 6 ملايين مستخدم، ويضم حاليًّا أكثر من مليار مستخدم على مستوى العالم.

أما حجم زوار الشبكات الاجتماعية والمشتركين في تزايد مستمر، ويعتبر الموقع الشهير الفيس بوك ثامن أكبر دولة في العالم لكن ليس من حيث عدد السكان، بل من حيث عدد المشتركين.

وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي لا تؤثر في نطاق المجتمع الافتراضي فقط، بل شملت واقع حياة المتعاملين معها الاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية.

أيها الكرام: ولشبكات التواصل الاجتماعي محاسن وإيجابيات نورد بعضها، فمنها أولاً: أنها وسيلة للتواصل المعرفي:

فيمكن من خلال وسائل التواصل الاجتماعي جمع كثير من المعلومات والمعارف، فهي وسيلة اطلاع سهلة وميسورة تساعد على التنوع الثقافي وزيادة المعرفة، وهي فاعلية أكثر من الوسائل التقليدية للمعرفة والقراءة. فإذا نظرنا إلى حجم المعلومات المتبادلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وجدناها كثيرة ومتنوعة، تشمل كثير من المجالات، وتساعد الشباب على زيادة النمو المعرفي دون بذل كثير من الوقت والجهد في القراءة والاطلاع في المكتبات.

ثانيا: أنها أداة عون على صلة الرحم:

لا يخفى ما توفره وسائل التواصل الاجتماعي من جهد ووقت لتحقيق الفريضة التي ربما غابت عن كثير من الناس، إما لانشغالهم أو بعد المسافات، أو صعوبة الطريق وما إلى ذلك.

أما وسائل التواصل الاجتماعي فقد قصرت المسافات بين الأقارب بعضهم البعض، ويمكن للإنسان أن يطمئن على أقاربه والتعرف على أخبارهم على مدار اليوم دون أن يكلفه ذلك وقت ولا جهد ولا سفر.

ثالثا: أنها منبر للرأي والرأي الآخر:

إن من أهم خصائص شبكات التواصل الاجتماعي سهولة التعديل على صفحاتها، وكذلك حرية إضافة المحتوى الذي يعبر عن فكرك وآراءك، والتي ربما تتعارض مع الغير أحيانا، فالمجال مفتوح أمام حرية التعبير –المنضبطة بميزان الشرع والعقل- مما جعل مواقع التواصل الاجتماعي أداة قوية للتعبير عن الميول والاتجاهات والتوجهات الشخصية.

كما أن الشخص في وسائل التواصل الاجتماعي أكثر فاعلية؛ لأنه يستطيع المشاركة بآرائه وأفكاره، وليس أداة استقبال فقط.

رابعًا: تعتبر وسيلة دعوية فعالة:

فقد فتحت الشبكات الاجتماعية بابًا كبيرًا للتواصل والدعوة مع الآخرين مسلمين أو غير مسلمين، باختلاف لغاتهم واختلاف أجناسهم وبلدانهم، وأصبح لكثير من الدعاة صفحاتهم الخاصة ومواقعهم الإلكترونية، وهو انتقال إيجابي للتواصل العالمي مع سائر المسلمين في ظل الانفتاح المعلوماتي، وتتميز الدعوة عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي بالعالمية والفورية والتحديث المستمر، مع كسر حاجز الوقت والزمان، والسهولة في الاستخدام والتواصل، والتوفير في الجهد والتكاليف.

ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن للإنسان أن يعمل جاهداً على تطوير وتحسين العديد من الأمور المختلفة التي يمكن أن تساعده على تطوير حياته؛ كاكتساب المهارات الجديدة.

أيها المؤمنون:

ورغم الإيجابيات الكثيرة التي تحملها شبكات التواصل الاجتماعي، فإن استعمالها لا يخلو من سلبيات ومخاطر اجتماعية؛ حيث نبهت دراسة سعودية متخصصة إلى المخاطر الاجتماعية المحتملة لمواقع التواصل الاجتماعي على الأسر، مشيرة إلى أن من تلك المخاطر كثرة حالات الطلاق والخيانة الزوجية، وتقليص العلاقات الاجتماعية خصوصا مع تفشي استعمال مواقع التواصل الاجتماعي عبر الهواتف الذكية.

ومن السلبيات أيضًا: ضياع الوقت.

فقد أصبح استخدام الهاتف الذكي، وغيره من الأجهزة الحديثة للتصفح في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، يسلب من الإنسان وقتًا كبيرًا، حتى بلغ البعض حد الإدمان في قضاء أوقات كبيرة للتصفح في هذه الوسائل، حتى بين جنبات المساجد، وأدبار الصلوات، وفي رحاب الحرمين الشريفين، منشغلين بتصوير أو تسجيل، أو محادثات ونحوها.

وشبكات التواصل الاجتماعي ذئبٌ جائع.. غذاؤه الوقت!

ولقد صدق في مثل هؤلاء حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" (رواه البخاري).

ولا شك أن هذا أمر جلل؛ لذا يقول ابن القيم -رحمه الله: "إضاعة الوقت أشد من الموت؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها". ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ما ندمت على شيء ندمي على يومٍ غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي".

والحق أن  دوام الجثوم على شبكات التواصل الاجتماعي يقتل النبوغ ويشتت الأذهان، ويهدر الوقت، ويورث الكسل، ويجلب الفشل.

ومنها: بث الإشاعات والأراجيف:

فقد صرح مسئول أمني في المملكة أن ما يقارب عشرة آلاف حساب في تويتر، ومائة وثلاثين ألف تغريدة يوميا تستهدف زرع الفتنة والإحباط داخل المجتمع السعودي.

فالشائعات تُعتبر من أخطر الأسلحة الفتَّاكة والمدمِّرة للمجتمعات والأشخاص، فكم أقلقت الإشاعةُ من أبرياء، وكم حطَّمت الإشاعة من عظماء، وكم هدمت الإشاعة مِن بيوت، وكم تسببت الشائعات في هدم علاقات وصداقات.

والواجب على المسلم أن يقف عند هذه الشائعات المنتشرة على شبكات التواصل الاجتماعي، وألا يسمح لنفسه أن يكون ناقلا لها؛ لأن الله -عز وجل- أمر بالتثبت من الأخبار، وحذر من نشر الشائعات، فقال تعالى: ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ [الحجرات: 6].

وقد قال الإمام الحسن البصري -رحمه الله-: "المؤمن وقَّاف حتى يتبين".

ومن سلبيات شبكات التواصل الاجتماعي مواقف التحريض ونشر الفتنة: فوسائل التواصل الاجتماعي شأنها شأن وسائل الأعلام المرئية والمقروءة، منها ما ينشر المعلومات الصادقة ومنها ما يهدف لتغييب الوعي وإثارة البلبلة، وقد تكون مصدرا للخير، وقد تكون دافعا للشر.

مما قد يحدث خللا أمنياً وفكرياً، خاصة أن أكثر رواد الشبكات الاجتماعية من الشباب، مما يسهل إغرائهم وإغوائهم بدعوات لا تحمل من الإصلاح إلا اسمها، وما هي إلا خطط إبليسية يقف وراءها دول ومنظمات تسعى للهدم والتدمير.

ومن سلبياتها: عرض المواد الإباحية والفاضحة والخادشة للحياء.

إن مسألة الإباحية الخلقية والدعارة من المخاطر العظيمة على المجتمعات القديمة والمعاصرة وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما تركت بعدي فتنة هي أخطر على الرجال من النساء"، لقد ذكرت وزارة العدل الأمريكية في دراسة لها أن تجارة الدعارة والإباحية الخلقية تجارة رائجة جدا يبلغ رأس مالها ثمانية مليار دولار، ولها أواصر وثيقة تربطها بالجريمة المنظمة. وتجارة الدعارة هذه تشمل وسائل عديدة كالكتب والمجلات وأشرطة الفيديو والقنوات الفضائية الإباحية والإنترنت. وتفيد الإحصاءات الاستخبارات الأمريكية (FBI) أن تجارة الدعارة هي ثالث أكبر مصدر دخل للجريمة المنظمة بعد المخدرات والقمار.

ومن سلبيات شبكات التواصل الاجتماعي : الكذب لأجل إضحاك الناس:

من صور الاستخدام السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي كذب البعض بقصد إضحاك الناس، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الحسن الذي رواه الإمام الترمذي وغيره: "ويل للذي يحدث بالحديث، ليضحك به القوم فيكذب، ويل له، ويل له".

قال الإمام المناوي -رحمه الله- في شرحه للحديث: كرره إيذاناً بشدة هلكته؛ وذلك لأن الكذب وحده رأس كلِّ مذموم، وجماع كلِّ فضيحة، فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب، ويجلب النسيان، ويورث الرعونة كان أقبح القبائح، ومن ثم قال الحكماء، إيراد المضحكات على سبيل السخف نهاية القباحة.

ومن سلبياتها: حدوث الأعراض الصحية فلقد أظهرت العديد من الدراسات الآثار السلبية لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الظلام -خاصة عبر الأجهزة اللوحية- على عادات الراحة والنوم إضافة إلى تأثيرها على العينين جراء إشعاع الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات.

فالتعرض للشاشة المضيئة لفترات طويلة من الزمن يمكن أن يؤخر المستخدم عن النوم.ويذكر أن طريقة حمل الأجهزة والتعامل معها يمكن أن تسبب للمستخدم توترًا في العضلات والأوتار في أجزاء مختلفة من الجسم. فالاستخدام المفرط للأجهزة المحمولة يعطي شعورا بالألم والضعف الجسدي، كما قد يصيب مدمنيها بمتلازمة -بصر الكمبيوتر- بسبب التحديق في الخط الصغير للنصوص، وقراءة الرسائل مما يسبب إجهاد العين وجفافها، كما يسبب آلام العنق والرقبة، خاصة لمن يتخذ وضعيات غير صحيحة.

ومن سلبياتها: أنها اختطفت لذة القراءة المنهجية، ومتعة المطالعة  التخصصية، وأشعرت كثيرا من مستخدميها بالتخمة الفكرية، لكثرة ما يقرءون من خلالها، حتى إذا ما جئت تفتش في داخلك، ومستوى حصيلتك، لم تجده شيئًا  يستحق القياس، سوى معلومات مفرقة، وأحسن ما يقال في حقها إن كانت مطالعات إيجابية أنها ثقافة عامة، لكن من المؤكد أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تطور فكراً، أو ترشد وعياً، لكنها من الصعب أن تؤسس علماً، أو ترسخ منهجاً، أو تبني حضارة.

ومن سلبيات شبكات التواصل الاجتماعي تدني مستوى الاهتمامات في بعض الحسابات والشبكات، إطلاق الأوسمة  التافهة (أو ما يسمى بالهاشتاقات) وانخراط الكثير في المشاركة فيها وللأسف.

وبعد.. فإن إيراد مثل هذه المخاطر لشبكات التواصل الاجتماعي، لا يعني بالضرورة التحذير منها، إنما المراد الحذر منها، إذ إنها سلاح ذو حدين، من استعان بها على اكتشاف المعارف والعلوم، وإصلاح نفسه وتطويرها، والتوازن في التعاطي معها عبر المفيد والمباح منها، كانت له خيراً وبركة، وإن كانت الأخرى فقد خسر.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ(3)﴾ [العصر: 1-3].

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما جاء فيهما من الآيات والحكمة. قد قلت ما قلت، إن صوابًا فمن الله، وإن خطأً فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه، إن ربي كان غفارا.

الخطبة الثانية:

إن من الحكمة أمام ثورة هذه الشبكات الإلكترونية، والبرامج التقنية، أن نوجهها لا أن نواجهها، فلقد أصبحت تشكل جزءاً كبيراً من هوية المجتمع، ومعبِّرة عن تكوينه، وناطقة بتفاصيله، ومن أراد أن يتناغم مع هذه الشبكات ويتعاطى معها فإني أسوق له هذه الوصايا:

1-  حدِّد هويتك :

من أنت وماذا تريد، لا يستجرنك غيرك لتحقيق أهدافهم!فاختر من تتابع، وحدد ماذا تكتب؟ ولمن تقرأ ؟ وماذا تنشر؟

2- ارسم منهجك:

 فحسابك انعكاس لشخصيتك، ونمطية تفكيرك، وطبيعة بيئتك غالبا، فليكن لك منهجاً واضحاً تتخذه مع نفسك في تعاطيك مع هذه الشبكات.

3- ارفع قيمتك واسمُ بذاتك، وحلِّق بروحك في سماء العز، مترفعاً عن سقط المتاع، ولا تهبط بفكرك ولسانك واهتماماتك !فكل وعاء بما فيه ينضح !ولا تُنقص كرامتك بمجادلة الجهلة والسفهاء وملاغاتهم، إذ ليس لديهم ما يخسرونه بالمجادلة، فمن اتقاهم فقد أكرم نفسه  ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان: 72].

4- لا يلزم من كثرة الشيء أو انتشاره صحته وسلامته!

فانتشار تركيب المقاطع المرئية المضحكة مثلاً بقصد السخرية من أشخاص أو شخصيات وتداولها عبر شبكات التواصل الاجتماعي لا يعني جواز نشرها لوقوعها في دائرة المنع الإلهي ﴿لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [الحجرات: 11].

5- ليس كل مشهور صحيحاً.. كما أنه ليس كل صحيح مشهور !

فلا يعني بالضرورة أن ما يفيدك يستلزم أن يكون في حساب شخصية مشهورة! أو أن يكون في حساب يزخر بآلاف الأعداد من المتابعين! كلا، بل ربما وجدت بُغيتك عند شخصية مغمورة، فأثْرت معلوماتك، ونمّت ثقافتك، وطورت من مستواك.. فكثرة المتابعين ليست دليلاً قطعياً لفضل المرءِ أو نُبلِه.

 6- نوِّع في تخصصات من تتابع، واقطف من كل بستان زهرة، لا تحصر نفسك في ميدان واحد! وثقافة واحدة! ولا مانع من التركيز على حسابات تفيدك في  تخصصك أو تنمي هوياتك، أو تلبي ميولك.

7- احفظ وقتك من الإفراط في التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي فهو رأس مالك، وسرُّ فلاحك، وذُخر زادك، ويا لهوان من ضيعه فيما لا يجد بركته في دنياه ولا أخراه.

8- احفظ جوارحك:

 احفظ عينك عن مشاهدة الحرام، ولسانك من الولوغ في أعراض المسلمين، فأنت مسئول، والملَك يقيد، والصحائف تُكتب، والحسيب يراقب، والموعد جنة أو نار ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ﴾ [النور: 30].

9- تثبت قبل نشر الأخبار والأسرار :

فلا قيمة تذكر أن تكون أول من ينشر ذلكم الخبر! أو يسُوق تلك المعلومة! ويعظم الأمر ويشتد إن كان ذلك في فضيحة لمسلم، ويتعاظم حين يكون في حق ولي أمر من أمور المسلمين أو عالم من علماءهم! واستمسك بوصية ربك ومولاك ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾[الحجرات: 6]، وفي قراءة سبعية (فتثبتوا).  

10- احذر مزالق الشبهات والشهوات:

 فالكبيرة كانت صغيرة، والجريمة كانت في أصلها يسيرة  ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ [البقرة: 168]، فالوقوع في مواطن الشبهات الفكرية، واللوثات العقائدية، والفتن الشهوانية إنما هو استدراج من عمل الشيطان، يستجرُّ به ناقصي العلم، وسفهاء الأحلام، لإيقاعهم في حبائلها.

ولقد جاء التوجيه الربّاني ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾ [الإسراء: 32]، في إشارة إلى التحذير من خطواته المؤدية إليه؛ إذ النفس البشرية قد فطرت على استقباح مباشرة الحرام، فأوقعهم الشيطان بِحِيَله وخطواته عياذاً بالله.

11- أفد واستفد، فأكثر أصحاب الحسابات المميزة التي يُقدّر عدد متابعيها بالآلاف كان الدافع الجاذب لهم نوعية المحتوى، وتميز الطرح، وانتقاء المنشور، وتفرد الأسلوب، إذ إن التكرار والتقليد لا طعم له ولا رائحة!

فأفد من علمك وخبرتك وتجربتك، ولتكن قيمة مضافة في هذه الشبكات لا ضائفًا عليها.

12- روِّح عن نفسك بالمباح بمشاهدة المقاطع المباحة أو الطريفة، أو الوثائقية والتاريخية إن شئت، فلا أحد يمنعك من ذلك! شريطة خلوها من المحاذير الشرع.

13- كن إيجابياً، كن جميلاً ترى الوجود جميلاً:

لا تلبس نظارة سوداء فتحول الأشياء من حولك إلى صور مظلمة، ولوحات معتمة، وزواياً قاتمة، تفاءل، فكر، خطط، شجِّع، ركِّز، بادر، ثابر، سابق، نافس،  وتذكر إن لم تُشعل شمعة فلا تُطفئها.

هذا وصلوا وسلِّموا…


تم تحميل المحتوى من موقع