لكل عمل جزاء فاختر لنفسك

حسان أحمد العماري
عناصر الخطبة
  1. سنن الله الكونية لا تتبدل ولا تتغير .
  2. الجزاء من جنس العمل سُنة ربانية .
  3. الجزاء الطيب في الدنيا والآخرة لا يكون إلا بحسن العمل .
  4. بروا آبائكم يبركم أبناؤكم .
  5. آثار غياب هذه السنة الربانية من حياتنا .
  6. إمهال الله عقوبة واستدراج .
  7. عبرة من فساد وظلم البرامكة وجزائهم .
  8. لكل عمل جزاء في الدنيا والآخرة فاختر لنفسك .
  9. عبرة من حياة وموت سعد بن معاذ. .

اقتباس

ولذلك كان الجزاء مُماثلاً للعمل من جنسه في الخير والشر، فمَن سَتَر مُسلمًا ستَره الله، ومن يسَّر على مُعسِر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن نفَّس عن مؤمنٍ كُرْبة من كُرَب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن أقال نادمًا أقال الله عثرتَه يوم القيامة، ومن تتبَّع عورة أخيه المسلم تتبَّع الله عورتَه، ومن ضارَّ مسلمًا ضارَّ الله به، ومن شاقَّ شاقَّ الله عليه، ومن خذَل مسلمًا في موضع يجب نصرتُه فيه خذَله الله في موضِع يجب نصرتُه فيه، ومَن سمَح سمَح الله له، والراحمون يرحَمهم الرحمن، وإنما يرحَم الله...

الخطبة الأولى:

الحمد لله المتفرد بالملك والخلق والتدبير، يعطي ويمنع وهو على كل شيء قدير، له الحكم وله الأمر وهو العليم الخبير، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه وهو اللطيف القدير .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنجّي قائلها صادقا من قلبه من أهوال يوم عظيم؛ يوم يقوم الناس لرب العالمين.

يا من إذا وقف المسيء ببابه *** ستر القبيحَ وجاد بالإحسانِ

أصبحتُ ضيف اللهِ في دار الرضا *** وعلى الكريم كرامةُ الضيفانِ

تعفوا الملوكُ حين النزول بساحتهم *** فكيف النزولُ بساحةِ الرحمنِ

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صاحب الشفاعة، ولا يدخل الجنة إلا من أطاعه، سيد الأولين، والآخرين، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، ومن سار على دربهم، واقتفى أثرهم بإحسان إلى يوم الدين.

 أما بعد: عبـاد الله: إن لله سننًا في هذا الكون يسير عليها لا تتخلف ولا تتبدل، بها تنتظم الحياة، ويقام الحق، ويسود العدل، وتطمئن النفوس، وتحفظ الحقوق، وتؤدى الواجبات، وهي سنن تجري في جميع أحوال البشر وعلاقاتهم مع ربهم ودينهم ومع بعضهم ومع الكون من حولهم .. إنها سنة الجزاء من جنس العمل.

فجزاء العامل من جنس عمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر قال تعالى: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة: 7- 8] .. وقال تعالى: (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً . وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) [النساء: 123-124].

 وقال -صلى الله عليه وسلم-: "أتاني جبريل فقال: يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به..."(الطبراني في الأوسط (4429) وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: "إسناده حسن").

يقول ابن القيم -رحمه الله- في (مفتاح دار السعادة: 1/71): "تظاهر الشرع والقدر على أن الجزاء من جنس العمل" انتهى ..

اعمل ما شئت .. فإذا عملت خيراً ستجد الخير في الدنيا قبل الآخرة وإن عملت شراً مهما كان صغيراً أو كبيراً ستجد الجزاء في الدنيا قبل الآخرة وما ربك بظلام للعبيد .. قال تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) [نوح: 10- 12].

وقال تعالى: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) [الأعراف: 163] فاعتدوا فكان الجزاء: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) [البقرة 65].

عوقب هؤلاء الذين احتالوا على أمر ربهم أنهم مُسخوا قردة خاسئين، والذنب الذي فعلوه أنهم فعلوا شيئاً صورته صورة المباح، ولكن حقيقته غير مباح، فصورة القرد شبيهة بالآدمي، ولكنه ليس بآدمي، وهذا لأن الجزاء من جنس العمل..

ومن طال وقوفه في الصلاة ليلاً ونهاراً لله، وتحمل لأجله المشاق في مرضاته وطاعته، خف عليه الوقوف يوم القيامة وسَهُل عليه، وإن آثر الراحة هنا والدعة والبطالة والنعمة، طال عليه الوقوف ذلك اليوم واشتدت مشقته عليه . وقد أشار الله –تعالى- إلى ذلك في قوله: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا * إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا) [الإنسان 26-27].

 فمن سبح الله ليلاً طويلاً، لم يكن ذلك اليوم ثقيلاً عليه، بل كان أخف شيء عليه .. ولما سُئل الحسن البصري: ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوهاً؟ فقال: "لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نورًا من نوره".

أيها المؤمنون/ عباد الله: لنتذكر جميعاً هذه السنة الإلهية في عباداتنا وأعمالنا وسلوكياتنا وعلاقاتنا؛ لتستقيم نفوسنا على الحق والخير في زمن كثر فيه البغي والظلم والتعدي والكبر، وسوء الظن والتقصير، والتفريط في الحقوق والواجبات، ولنبحث عن الجزاء الطيب بحسن العمل ..

قال أحد الصالحين: "الحسنة لا تضيع على ابن آدم .. والذنب لا يُنسى ولو بعد حين .. والديان هو الله -عز وجل- حي لا يموت .. ويا ابن آدم اسخر كما شئت .. واضحك على من شئت .. واعتدِ على من شئت .. واجرح من شئت .. وأحسن إلى من شئت .. واظلم من شئت .. واسفك دم من شئت .. وتكبر على من شئت .. فلا يضيع عمل عامل منكم عند الله في الحياة الدنيا وفي الآخرة إن خيراً فخير وإن شراً فشر .. قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) [غافر: 40] .. وقال تعالى: (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [الأنعام:129]..

 قال ابن كثير -رحمه الله-: "أي نسلط بعضهم على بعض، وننتقم من بعضهم ببعض جزاءً على ظلمهم وبغيهم"..

وقال الإمام ابن القيِّم - رحمه الله -: "ولذلك كان الجزاء مُماثلاً للعمل من جنسه في الخير والشر، فمَن سَتَر مُسلمًا ستَره الله، ومن يسَّر على مُعسِر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن نفَّس عن مؤمنٍ كُرْبة من كُرَب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن أقال نادمًا أقال الله عثرتَه يوم القيامة، ومن تتبَّع عورة أخيه المسلم تتبَّع الله عورتَه، ومن ضارَّ مسلمًا ضارَّ الله به، ومن شاقَّ شاقَّ الله عليه، ومن خذَل مسلمًا في موضع يجب نصرتُه فيه خذَله الله في موضِع يجب نصرتُه فيه، ومَن سمَح سمَح الله له، والراحمون يرحَمهم الرحمن، وإنما يرحَم الله من عباده الرحماء، ومن أنفَق أنفَق الله عليه، ومن أوعى أوعى عليه، ومن عفا عن حقِّه عفا الله له عن حقِّه، ومن تجاوَز تجاوَز الله عنه، ومن استقصى استقصى الله عليه"؛ (إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/214) ..

بروا آبائكم يبركم أبنائكم..

 قبل أكثر من خمسين عام حج رجل مع والده الذي بلغ من العمر عتيا وكانوا وقتها يركبون الجمال، وهم في قافلة فأراد الرجل الكبير أن يرتاح قليلاً من السفر وحرارة الشمس تحت ظل شجرة، واستمرت القافلة بالسير وجلس الابن مع أبيه، فلما ارتاح قليلاً حمل أبيه على ظهر وانطلق يجري به ليلحق بالقافلة، يقول الابن: فجأة وإذا بأبي يبكي ودموعه تنحدر على كتفي، فقلت: ما لك يا أبي؟! والله أنك أخف على ظهري من نسمة الهواء. قال: والله ما أبكي من أجل هذا، ولكني في هذا المكان قبل فترة من الزمن حملت أبي على ظهري فتذكرت قول الله تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن60-61].

عبـاد الله: غابت هذه السنة الربانية من حياتنا إلا من رحم الله فخسرنا الكثير من الأجور والحسنات، وحُرم الكثير منا رحمة الله وتوفيقه ولطفه، ومضى قطار العمر ونحن في غفلة، فما زادت حياتنا إلا تعاسة وشقاء، ورأينا سنن الله تجري على الأفراد والمجتمعات والشعوب والدول ولم نتعظ، وضعفت صلتنا بربنا وقصرنا في عباداتنا وزادت المعاصي والمنكرات، وسُفكت الدماء، وظهر الظلم والبغي، واستطال المسلم في دم أخيه وعرضه وماله دون وجه حق؛ فساءت العلاقات وثارت الخلافات وتأججت العصبيات ودُمرت القرى والمدن وذهب الأمن، واستوطن الخوف في كثير من بلاد المسلمين كل ذلك بسبب الذنوب والمعاصي حتى نسينا أمر الله فنسينا ووكلنا إلى أنفسنا جزاءاً وفاقاً ..

ولو أننا وضعنا سُنة الجزاء من جنس العمل نُصب أعيننا حكاماً ومحكومين، أحزاباً وجماعات، أغنياء وفقراء، أقويا وضعفاء، رجالاً ونساء لصلحت أحوالنا واستقامت نفوسنا وتبدلت أحوالنا .. فكفوا أيديكم وألسنتكم وأموالكم ومناصبكم عن البغي والحرام والظلم والعدوان، واعلموا أن إمهال الله عقوبة واستدراج فلا يغتر أحد بحلم الله ..

وتذكر يا من تتجرأ على النفوس المعصومة وتسفك الدماء المحرمة أن الجزاء من جنس العمل عاجلاً أو آجلاً، وقديماً قالوا: "بشِّر القاتل بالقتل"، هذا في الدنيا ويوم القيامة أشد وأنكى، وهذا ما أكَّده سيدنا سعيد بن جبير -رضي الله عنه- للحجاج, عندما قال له الحجاج: "ويلك يا سعيد!! قال له: الويل لمن زُحزح عن الجنة وأدخل النار.. قال: اختر لنفسك أيَّ قِتْلَةٍ تُريد أن أقتلك؟ فقال: بل اختر أنت لنفسك يا حجاج؛ فوالله لا تقتلني قِتْلَةً إلا قَتَلَكَ الله مثلها يوم القيامة ..".

 ويا أيها الظالم رويداً .. رويداً .. لا تلومنّ إلا نفسك وكما تدين تدان، وإن ربك لبلمرصاد ..

لقد بلغ الفساد والظلم والبغي بالبرامكة وقد كانوا وزراء الدولة العباسية مبلغاً عظيماً إلى جانب الإسراف والتبذير حتى قاموا بطلاء قصورهم بماء الذهب فإذا أشرقت الشمس في الصباح انتشر الضوء الوهاج في أرجاء المدينة، وضاقت أحوال الناس في عهدهم .. والرسول -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- يقول: "اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ" (رواه مسلم) ..

واستمرت حياتهم دون رادع يردعهم أو واعظ يكف بغيهم وظلمهم حتى جاء الخليفة هارون الرشيد وقضى عليهم ووضع لهم حد وألقى بهم في السجون .. فقال ابنٌ ليحيى البرمكى وزير هارون الرشيد وهم في السجن والقيود على أيديهم وأرجلهم: يا أبت بعد الأمر والنهى والنعمة صرنا إلى هذا الحال؟!, فقال: يا بني ... دعوة مظلوم سرت في جوف الليل غفلنا عنها, ولم يغفل عنها الله ...

وصدق الله إذ يقول: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) [إبراهيم 42-43].

اللهم احفظنا بحفظك الذي لا يُرام، واحرسنا بعينك التي لا تنام، واسترنا بسترك الجميل في الدنيا والآخرة، قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه ..

الخطـبة الثانية:

عبـاد الله: لكل عمل جزاء في الدنيا والآخرة فاختر لنفسك يا عبدالله ما شئت فإنك مجزي به .. لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ -رضي الله عنه- ولم يكن بين إسلامه وبين موته إلا سنوات قليلة .. فكان نِعم الرجل الرشيد في قومه الحريص على دينه وأمته المجاهد في سبيل ربه، قائم الليل وقارئ القرآن والمنفق في سبيل الله، جُرح في عزوة بني قريظة وانفجر جرحه ومات، فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن عرش الرحمن اهتز لموته، وشيعته الملائكة، فقد حكم في بني قريظة بالحق ولهجت ألسنة الأمة بالثناء عليه وخلد ذكره فلا يُسمع أحد به إلا ترضى عنه وغيره كثير من الصحابة..

 قال النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وجنازةُ سعدٍ موضوعةٌ اهتزَّ لها عرشُ الرحمنِ فطفِقَ المنافقونَ في جنازتِهِ، وقالوا ما أخَفَّها؟! فبلغَ ذلكَ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال "إنَّما كانت تحملُهُ الملائكةُ معهم" (السلسلة الصحيحة للألباني 7/1051) ..

فقدموا لدينكم ومجتمعاتكم وأوطانكم أعمالاً ومواقف تحفظ البلاد والعباد، وينتشر بسببها الأمن، وتقوى روابط الأخوة بين أفراد المجتمع، ويزدهر الوطن فيكون الجزاء عظيماً في الدنيا والآخرة، وكذلك الأوطان والشعوب والتاريخ لا يمكن أن ينسى العظماء في حياتهم وبعد مماتهم .. يقول الإمام الشافعي:

قد مات قوم وما ماتَتْ فَضائِلُهم *** وعاش قومٌ وهُمْ في النّاس أموات

يا أيها المسلم ويا أيتها المسلمة: قدموا في حياتكم أعمالاً صالحة ليوم لا ينفع فيه إلا العمل الصالح، وتذكروا أن الجزاء من جنس العمل وكما تدين تدان ولا يظلم ربك أحداً قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97]..

اللهم يا من لا تَمِلُ من حلاوة ذكره ألسنة الخائفين ولا تَكِلُ من الرغبات إليه مدامع الخاشعين اغفر لنا ذنوباً حالت بيننا وبين ذكرك واعفوا عن تقصيرنا في طاعتك وشكرك وأدم علينا لزوم الطريق إليك وهب لنا نوراً نهتدي به إليك .. واحقن اللهم دمائنا واحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين ..

ثم اعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل وعلا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56].. اللهم صلّ وسلم وبارك أطيب وأزكى صلاة وبركة على نبينا وإمامنا وحبيبنا وقدوتنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وخلفائه الراشدين وسائر الصحابة أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .. والحمد لله رب العالمين.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي