نداءٌ إلى أهل الزوجين حال الخلاف والغضب, نعم؛ حال الغضب هنا وهنا فقط تتمحص الأخلاق, وتخرج الضغائن وتغرف الألسنة ما في القلوب, يظهر المدفون ويخرج المكنون, ويكون التراشق, يسلق بعضهم بعضا بألسنة حداد, فأين الأيام الأول؟! ذهبت أين أيام الزفاف انقضت؟!, أين أيام المجاملات؟! هل اندثرت؟!!.نصيحتي وقت الخلاف والغضب أن نحكم الشرع ونغلب العقل...
الحمد لله القائل في محكم التنزيل: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21], أحمده حمدا يكافئ نعمه, ويوافي مزيده. وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا) [الفرقان: 54], وأشهد أن محمد عبده ورسوله, ونبيه وصفيه وخيرته من خلقه, صلوات ربي وسلام عليه القائل: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي", والقائل: "أيما امرأة مات زوجها وهو راض عنها؛ دخلت الجنة" صلوات ربي وسلام عليه ما ذكره الذاكرون الأبرار, وغفل عنه الغافلون والأشرار, وسلم تسليما كثيرا إلى يوم القرار.
عباد الله: اتقوا الله, فإن تقوى الله خير زاد, وأفضل وسيلة إلى إرضاء رب العباد (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) [الطلاق: 4].
إن الزواج في الإسلام قربة وعبادة وسنة من سنن المرسلين, وآية من آيات رب العالمين, هو للعاقلين سكنـا, وللشافيـــن حزنا, بيوت تغمرها السعادة, وأخرى تملؤها الشقاوة, بيوت تعيش الهناء والتؤدة والنعماء, وأخرى تعيش اختلاف البين وتحرقها الشحناء, فبدلاً أن يكون البيت سكنا مغنما, أصبح عند البعض صراعا ومغرما, (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ) [النحل: 80], فأخلفوا بتصرفاتهم آيات الله وفقدوا نعمة الله.
عباد الرحمن الكرام: وفي مثل هذه الأيام يحسين التذكير, وما يذكر إلا من ينيب, في الصيفيات تكثر الزواجات وترتبط الأسر بروابط الرحم والمصاهرات, فأسر يكون التوفيق حليفها, وأسر تغلب عليها الشيطان واجتالها, وعند الخلاف، تظهر معادن الرجال والنساء ويبين الطري من الجاف.
عندما يتفق الزوجان ويحافظان على أسرارهما ويكتمان مشاكلهما؛ يعيشان في سرية وسمو وهدوء وحياة طيبة, طاعة وودٌ وهناء وسعة, (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ) [النساء: 34], المطيعات لله ولأزواجهن هكذا قال أهل الاثر في تفسير التنزيل, والزوجة الصالحة خير على خير وفلاح يتلوه فلاحا, قال -صلى الله عليه وسلم- لعمر -رضي الله عنه-: "ألا أخبرك بخير ما يكنزه المرء المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته" [أخرجه أبو داؤد وأبي يعلى].
المرأة الصالحة كنز بل خير ما يكنزه المرء ومنه يفيد, وعن عمر -رضي الله عنه- عن رسول الله: "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة" [رواه مسلم]. والمرأة الصالحة من أسباب السعادة.
ربوا البنات على الفضيلة إنها *** في الموقفين لهن خير وثاق
وعليكم أن تستبين بناتكــم *** نور الهدى وعلى الحياء الباقي
وأما المرأة السوء -فاللهم سلم سلم- ففي كتاب [آداب النكاح] لقاسم التليدي: "أن من وصية لقمان: يا بني! إنما مثل المرأة الصالحة كمثل الدهن في الرأس, يلين العروق ويحسِّن الشعر, ومثلها كمثل التاج على رأس الملك, ومثلها كمثل اللؤلؤ والجوهر لا يدري أحد ما قيمته, ومثل المرأة السوء كمثل السيل لا ينتهي حتى يبلغ منتهاه, إذا تكلمت أسمعت, وإذا مشت أسرعت, وإذا قعدت رفعت, وإذا غضبت أسمعت, وكل داء يبرأ إلا داء امرأة السوء, يابني, لأن تساكن الأسد والأسود خير من أن تساكنها, تبكي وهي الظالمة وتحكم وهي الجائرة, وتنطق وهي الجاهلة وهي أفعى بلدغها".
وروى أن أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- قال: "فيهن ثلاث صفات من اليهود: يتظلمن وهن ظالمات, ويحلفن وهن كاذبات, ويتمنعن وهن راغبات, فاتق شر شرارهن, وكن على حذر من خيارهن". وهذا من سلف الأمة محمول على جانب الشر, وفي نسائنا خير كثير, خلقن للرجال ولهن خلق الرجال. والصبر على خطأهن واجب؛ لتستقيم الحياة, وفيهن خيرات.
تَوَقَّ الأَذى مِن كُلِّ رَذلٍ وَساقِطٍ *** فَكَم قَد تَأَذّى بِالأَراذِلِ سَيِّدُ
أَلَم تَرَ أَنَّ اللَيثَ تُؤذيهِ بَقَّةٌ *** وَيَأخُذُ مِن حَدِّ المُهَنَّدِ مِبرَدُ
عباد الرحمن الكرام: وفي خضم هذه الحياة تكون بعض المشاكل, ومن المشاكل الزوجية الكبرى والمحاضن المثيرة العظمى؛ أن تخرج أسرار البيوت من أحد الزوجين تارة, أومن البحث وراءهم والتقصي لأحوالهم من أهلهم تارة أخرى, ثم يأتي تدخل أهل الزوجين في حياتهما لا بالتسديد والإعانة, ولكن بالتشديد والنقد والملامة، فما دور الأسر في حياة الزوجين؟، دور الأسرة يبين الواقع والمأمول هو محل حديثنا اليوم.
فمن الأسر آباء وأمهات الأزواج, آباء وأمهات الزوجات من رحمهم يشتري, وأخرون رحمهم يباع, فأما من يشتري فهم للود حافظون, وللرحم عارفون ولحدود تدخلاتهم فاهمون, ولاحترام من ناسبهم ناشدون, هادئون في النقاش, راقون في الحوار, متأدبون في الطرح, ينظرون لزوج ابنتهم وزوجة ابنهم برقي وأدب واحترام وتوقير, معتبرين أن الزوج ابن لهم؛ ليسود حوارهم العدل وحكمهم الإنصاف والفضل.
متى وجد الزوج أهل زوجة كذلك؛ واقفون معه ضد خطئها, رفعهم على رأسه, وألبس ابنتهم لباس حرصه, متى وجد الزوج أهلها متفهمون عاقلون زاد ذلك حبهم وحبها في قلبه.
ومتى لقي الزوج أهل زوجته أسودا ضاربة, وكلابا مستعرة, سب وذم وشتم لأتفه الأسباب أو لأعلاها؛ كرهها أو حمل الحقد عليهم وعليها. إنهم يتصرفون كذلك وكأن الفضل لهم, وهنا وقفة لا بد فهمها فالفضل اليوم لمن؟! أهو لابنتك على زوجها أم لزوجٍ حملها وحفظ حقوقها ورعاها وقام بشؤونها؟. من الأسر من ظن أن الفضل لهم أن زوجوه, والحق أن الفضل للزوج من قبل ومن بعد, وكلنا زوج وأب.
عباد الله الكرام: متى فهم أهل الزوجة أن الفضل للأزواج احترموهم, وقدروهم, وأحسنوا التعامل معهم؛ ليلقون وتلقى ابنتهم منه الحسنى, والفضل له فلو شاء لسرحها, ولو شاء لعلقها, ولو شاء لعذبها, ولو شاء لأهانها ولو شاء لطلقها.
فمن اكرم ابنتكم فالفضل له فأكرموه, ومن حمل ابنتكم فالفضل له فأحبوه, ومن ستر ابنتكم فالفضل له فاستروه, ومن ستر ابنتكم فالفضل له فاستروه: (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) [البقرة: 228], (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) [النساء: 34].
وأما أهل بعض الأزواج فحصار في الحضر ومنع للسفر, ونقد في النفقة وتحريض على المبغضة, إحداث للنفاق وبث للشقاق, من والد الزوج مرة ومن أخواته مرة ومن أمه مرات, ومن هنا؛ ولما كان للأم من أثر في إفساد ابنتها على زوجها جاء في فقه الحنابلة في [زاد المستنقع]: "ويسن النكاح واحدة دينة أجنبية بكر ولود بلا أم". ولا سيما أن بعض الأمهات تغار على ابنها البكر, تتتبع حركاته, وتستقل سفراته.
كنت عند أحد أعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء بالرياض, فجاءه شاب متزوج حديث فأشتكى للشيخ أمه ومتابعتها لخروجه مع زوجته ودخوله, لماذا تخرجان؟ لماذا عن البيت تغيبان؟ لماذا لها تشتري وتحقق ما تبتغي؟ وأصبح الشاب حيران بين أمه الغيور وزوجته الحبور. وأصبح حال الزوج العريس منذ أشهر يرثى له حيران بين أمه والمتابعة لها, أم زوجته وبعض حقوقها ورغباتها المباحة أو المشروعة؟.
عباد الله: نداءٌ إلى أهل الزوجين حال الخلاف والغضب, نعم؛ حال الغضب هنا وهنا فقط تتمحص الأخلاق, وتخرج الضغائن وتغرف الألسنة ما في القلوب, يظهر المدفون ويخرج المكنون, ويكون التراشق, يسلق بعضهم بعضا بألسنة حداد, فأين الأيام الأول؟! ذهبت أين أيام الزفاف انقضت؟!, أين أيام المجاملات؟! هل اندثرت؟!!.
نصيحتي وقت الخلاف والغضب أن نحكم الشرع, ونغلب العقل, ونظهر التعقل, ونؤثر الحوار, ونلتزم والإنصاف, ونراعي الحكمة, ولو غضب أهل الزوج على الزوجة أو أهل الزوجة على الزوج فالله يقول (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المائدة: 8], (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المائدة: 8].
ما أجمل تخلية العقول, وما أعظم الهدوء عند العواصف الأسرية؛ لتكون النتائج عظيمة والنهايات رائعة, حتى ولو انتهت بالفراق (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) [القصص: 68]. فالله الله! والسكينة السكينة!.
يا أهل الزوجين: كم من زوجة طلقت وأسرة تشتت وأولاد ضاعوا وتاهوا بسبب الأهل والإخوان؟, وماذا سيكون جوابهم عند لقاء الله تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) [الأنبياء: 47].
أيها الزوج: إذا سمعت مزيداً من ذلك فتحل بصفات الأولياء الأصفياء (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) [القصص: 55], (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) [الفرقان: 63]. وكن منصفاً صادقاً وسطاً عدلاً لا تحيف مهما حاف عليك الآخرون, وإياك ونزعات الشيطان وتوهيمه.
أيها الآباء الفضلاء: إذا جاءت ابنتكم شاكية وأمها معها هارعة باكيه؛ فإياكم والانحدار معهن في قيل وقال, وتصديق ووصال, لتكن الحكمة ضالتك والهدوء سبيلك والتثبت ديدنك, ومالا تفعله اليوم تفعله غداً, فالعجلة في مثل هذا الحال ندامة, والتؤدة يرافقها السلامة. فكم من بيت احترق من عجلة التعامل, وانتكس بنزغ من الشيطان, وتهالك بتخبيب من الضلال, صاحبات أو صديقات أو جارات. فالله المستعان وعليه التكلان, ومن ابتلي فما له إلا الصبر على الأحزان.
لَرُبَّما اِبتَسَمَ الوَقورُ مِنَ الأَذى *** وَفُؤادُهُ مَن حَرِّهِ يَتَأَوَّهُ
وَلَرُبَّما اِختَزَنَ الكَريمُ لِسانَهُ *** حَذَرَ الجَوابِ وَإِنَّهُ لَمُفَوَّهُ
فإلى آباء وإخوان وأمهات الزوجات: من أراد إكرام ابنته عند زوجها؛ فليكرم زوجها تقديراً واحتراماً, ضيافة وقبولاً, سؤالاً لقاءً ومواساة. ومن أهان الزوج أهان الزوج ابنتهم اليوم أوغداً, إلا من رحم الله وقليل ماهم (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) [النساء: 34]. وتجنبوا الظنون السيئة, فبعض الظنن إثم, وفي الحديث: "فإذا ظننت فلا تحقق". واعلموا أن الله قد كرم الأهل وجعلهم عند الشقاق حاكمين, واثناء الخلاف مصلحين.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) [النساء: 35].
بارك الله لي ولكم في القران العظيم ونفعى وإياكم بما فيه من الآيات الذكر الحكيم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه.
ولازدحام المناسبات إليكم هذه الرسائل المختصرات:
رسالة, نعم؛ رسالة إلى أهل المناسبات: اتقوا الله في الإسراف والتبذير في هذه المناسبات, ولا تكونوا إخوان الشياطين (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) [الإسراء: 27], هذه النعم أمانه في أعناقا, فلنحافظ عليها قبل صرفها.
رسالة إلى من يترك زوجته وبناته في الأسواق بلا راع ولا رقيب, وربما إلى أوقات متأخرة من الليل: اتقوا الله وغاروا على عاركم, كان الحسن البصري -رضي الله عنه- يقول: "أتدعون نساءكم يزاحمن العلوج في الأسواق, قبح الله من لا يغار", وكان أصحاب رسول الله يسدون الكوى والثقب في الحيطان؛ لئلا تطلع النسوان إلى الرجال. ورأى معاذ امرأته تطلع في الكوة فضربها, ورأى امرأته قد دفعت إلى غلامة تفاحة قد أكلت منها فضربها.
لكل أبي بنت يرجى بقاؤها *** ثلاثة أصهار إذا ذكر الصهر
فبيت يغطيها وبعل يصونها *** وقبر يواريها وخيرهما القبر
هكذا الأحرار يغارون غيرة الأبرار.
رسالة, رسالة ولكنها من نوع آخر إلى الذين يسخرون بسنة رسول الله, أو ينكرون بعض أحاديث رسول الله, وأعظم من ذلك الذين يصفون الخلق ببعض ما اختص الله به, يصفون الخلق بعلمهم ما كان وما يكون وما سيكون, أو يصفون آخر بأنه ليس كمثله شيء, يا هؤلاء يا هؤلاء (مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا) [نوح: 13], (مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج: 74]. ليوقروا الله, فالله عظيم, والله قدير والله جليل (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور: 63].
فانكروا ذلك عبادالله بقلوبكم وألسنتكم في حدود استطاعتكم.
رسالة في توقير الله إلى كل طالب وكل ولي طالب: لا تمتهن ذكر الله في كتبك المدرسية, ودفاترك الدراسية, ما للمدارس وساحتها؟ ما للبيوت وأبوابها؟ سلوا الشوارع وجنباتها؛ ترونها تزخر بكتب فيها ذكر الله.
اسمع لسلف الأمة وهم يعظمون اسم الله, هذا عبدالملك بن مروان سقط منه فلس, نعم سقط فلس ولكنه سقط في بئر قذرة, فأستأجر رجلاً ليخرجه ولكن بثلاثة عشرة ديناراً, فقيل له: فلس تخرجه بهذا المبلغ؟! فقال: إنَ عليه اسم الله, إنَ عليه اسم الله, إن عليه اسم الله. ويالها من كلمة. هذه رسالة إلى طلابنا: إن هذه الكتب فيها اسم الله, فعظموا الله يوفقكم الله.
رسالة في معترك الإقامات ونقل الكفالات: أعينوا إخواناً لكم دعتهم الحاجة إليكم, قفوا مع الصالحين, وابذلوا الخير للنافعين, وإياكم وسبيل المغرضين أو المفسدين, فالله في عون العبد مادام العبد عون أخيه.
صلوا وسلموا وأكثروا من الصلاة والسلام على من أمركم ربكم بالصلاة والسلام عليه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب : 56].
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ, كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ, وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ, كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي