الإيمان بالملائكة ركن من أركان الإيمان، وأصل من أصوله، لا يتم الإيمان إلا به.. ويتضمن الإيمان بالملائكة أربعة أمور هي: الإيمان بوجودهم، والإيمان باسم من علمنا اسمه منهم مثل جبريل وإسرافيل وميكائيل ومالك -عليهم السلام-، ومن لم نعلم أسماءهم نؤمن بهم إجمالاً، والإيمان بما علمنا من صفاتهم، والإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله -تعالى-. والملائكة عالم غيبي وخلق من مخلوقات الله، لهم أجسام نورانية لطيفة لا يقدر البشر على رؤيتهم على صورتهم الحقيقية؛ لأن الله لم يعطِ أبصارنا القدرة على هذه الرؤية. ولم ير الملائكة في صورهم الحقيقية من هذه الأمة إلا الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فإنه رأى جبريل مرتين في صورته التي خلقه الله عليها...
أيها الإخوة: روى البخاري ومسلم واللفظ لمسلم، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- حينما أتاه جبريل -عليه السلام- يسأله عن أمور الدين، فقَالَ له مما قال: "فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْإِيمَانِ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ صَدَقْتَ..".
وبناء على هذا الحديث يكون الإيمان بالملائكة ركن من أركان الإيمان وأصل من أصوله لا يتم الإيمان إلا به.. ويتضمن الإيمان بالملائكة أربعة أمور هي: الإيمان بوجودهم، والإيمان باسم من علمنا اسمه منهم مثل جبريل وإسرافيل وميكائيل ومالك -عليهم السلام-، ومن لم نعلم أسماءهم نؤمن بهم إجمالاً، والإيمان بما علمنا من صفاتهم، والإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله تعالى.
أيها الإخوة: والملائكة عالم غيبي وخلق من مخلوقات الله، لهم أجسام نورانية لطيفة لا يقدر البشر على رؤيتهم على صورتهم الحقيقية؛ لأن الله لم يعطِ أبصارنا القدرة على هذه الرؤية. ولم ير الملائكة في صورهم الحقيقية من هذه الأمة إلا الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فإنه رأى جبريل مرتين في صورته التي خلقه الله عليها..
وأجسامهم قادرة على التشكل والتمثل والتصور بالصور الكريمة، ولهم قوى عظيمة، وقدرة كبيرة على التنقل، وهم خلق كثير لا يعلم عددهم إلا الله، قد اختارهم الله واصطفاهم لعبادته والقيام بأمره، والقوة على تنفيذه، فلا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون.. قال الله تعالى: (وَمَنْ عِندَهُ لا يَسْتَكْبـِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ) [سورة الأنبياء: 19،20]
وقد خلق الله الملائكة من "نور" فعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الْجَانُّ أي [الجن] مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وهو [اللهب المختلط بسواد النار] وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ» (رواه مسلم).
أيها الإخوة: ولقد وصفهم الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- بصفات كثير، فقد خلقهم الله على صور جميلة كريمة قال تعالى في جبريل: (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى) [النجم:6] أي ذو قوة ومنظر حسن.
وقد تقرر عند الناس وصف الملائكة بالجمال، كما تقرر عندهم وصف الشياطين بالقبح، ولذلك تراهم يشبهون الجميل من البشر بالملَك، انظر إلى ما قالته النسوة في يوسف الصديق عندما رأينه: (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) [يوسف:31].
ووصفهم الله بالقوة والشدة. فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ) [التحريم:6]، وقال تعالى في وصف جبريل عليه السلام (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) [النجم:5] وقال في وصفه أيضًا (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) [التكوير:20].
ومن صفاتهم عِظَم الأجسام والخلق. ففي صحيح مسلم من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت سَأَلَت رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ مَعنى قَوْلِهِ تعالى (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) [التكوير:23]، وقوله (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) [النجم:13] ؟ فَقَالَ: "إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ" (رواه مسلم).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود -رضي الله عنه- قَالَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ وَلَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ كُلُّ جَنَاحٍ مِنْهَا قَدْ سَدَّ الأُفُقَ يَسْقُطُ مِنْ جَنَاحِهِ مِنَ التَّهَاوِيلِ وَالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ. [التهاويل الألوان المختلفة] (رواه أحمد وصححه شاكر وغيره).
وهذا دليل على عظمته، ومع ذلك فإنه من الممكن أن يأتي على غير هذه الصفة، كما أتى على صورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، كما في حديث عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ.. قَالَ عُمَرُ: ثم قَالَ لِي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنْ السَّائِلُ؟" قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ".
وجاء مرة على صورة الصحابي دحية الكلبي، ولكن هذا التحول من الصورة التي هو عليها إلى صورة البشر إنما كان بأمر الله، وقد تمثل جبريل -عليه السلام- بشراً لمريم بنت عمران -رضي الله عنها- كما قال تعالى: (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) [مريم:17] أي: كاملا من الرجال في صورة جميلة وهيئة حسنة لا عيب فيه ولا نقص لكونها لا تحتمل رؤيته على ما هو عليه..
روى أبو داود عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أُذن لي أن أُحدِّث عن ملكٍ من ملائكةِ الله، من حملة العرش، إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام". (رواه أبو داود وصححه الألباني).
أيها الأحبة: ولا يوصف الملائكة بأنهم ذكورٌ أو إناث، قال الله –تعالى- منكراً على المشركين قولهم فقال: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) [الزخرف:19].
ومن صفاتهم: أنهم لا يأكلون ولا يشربون فقد قال الله عنهم لما أتوا إبراهيم في قصة إهلاك قوم لوط: (فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ) [هود:70]، ونقل السيوطي عن الفخر الرازي: أن العلماء اتفقوا على أن الملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون..
ومن صفاتهم: أنهم لا يملون ولا يتعبون ولا ينامون، قال الله تعالى: (وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ) [الأنبياء: 19، 20] وقال: (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ) [فصلت: 38].
ومن صفاتهم أن لهم أجنحة كما أخبرنا الله تعالى، فمنهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة، أو أربعة، ومنهم من له أكثر من ذلك قال الله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [فاطر: 1].
ومنازل الملائكة ومساكنها السماء، كما قال تعالى: (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) [الشورى: 5]. وينزلون إلى الأرض بأمر الله لتنفيذ مهمات أُنيطت بهم، ووكلت إليهم: (وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ) [مريم: 64]. ويكثر نزولهم في مناسبات خاصة كليلة القدر: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) [القدر : 3-4].
اللهم اجعلنا من المؤمنين ومن ورثة جنة النعيم ووالدينا ومن له حق علينا وجميع المسلمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
أيها الإخوة: والملائكة خلق كثير لا يعلم عددهم إلا الذي خلقهم: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ) [ المدثر : 31 ].
وإذا أردت أن تعلم كثرتهم، فاسمع ما قاله جبريل عن البيت المعمور، عندما سأله الرسول -صلى الله عليه وسلم- عنه عندما بلغه في الإسراء: "فَقَالَ هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ". (رواه البخاري ومسلم).
وفي صحيح مسلم عن عبد الله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمامٍ سبعون ألف ملك يجرونها". فعلى ذلك فإن الذين يأتون بجهنم يوم القيامة أربعة مليارات وتسعمائة مليون ملك..
وإذا تأملت النصوص الواردة في الملائكة التي تقوم على الإنسان علمت مدى كثرتهم، فهناك ملك موكل بالنطفة، وملكان لكتابة أعمال كل إنسان، وملائكة لحفظه، وقرين ملكي لهدايته وإرشاده.
أحبتي: الملائكة يموتون كما يموت الإنس والجن، وقد جاء ذلك صريحاً في قوله تعالى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ) [ الزمر: 68]، والآية تشمل الملائكة؛ لأنهم في السماء.
يقول ابن كثير عند تفسيره هذه الآية: "هذه هي النفخة الثانية، وهي نفخة الصعق، وهي التي يموت بها الأحياء من أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله كما جاء مصرحاً به مفسراً في حديث الصور المشهور، ثم يقبض أرواح الباقين حتى يكون آخر من يموت ملك الموت، وينفرد الحي القيوم، الذي كان أولاً، وهو الباقي آخراً بالديمومة والبقاء، ويقول: لمن الملك اليوم.؟ ثلاث مرات، ثم يجيب نفسه بنفسه فيقول: (لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر:16]"، ومما يدّل على أنهم يموتون قوله تعالى: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهه) [القصص: 88].
وهل يموت أحد منهم قبل نفخة الصور؟ هذا ما لا نعلمه، ولا نستطيع الخوض فيه؛ لعدم وجود النصوص المثبتة له أو النافية.
أحبتي: وللحديث عن الملائكة بقية بحول الله تعالى..
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي