لا تدع الله إلا بخير

عبدالله بن عياش هاشم
عناصر الخطبة
  1. الأوامر النبوية بالدعاء بالخير وعدم الدعاء بالشر .
  2. التربية النبوية باستغلال الأحداث كوسيلة تربوية .

اقتباس

واحرص أن يكون دعاؤك لنفسك وأهلك بما فيه نفع وخير وصلاح، فعن أم سلمة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ بِخَيْرٍ، فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ" رواه مسلم وأحمد وأبو داود.

الخطبة الأولى:

إنّ الحمد للّه نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا، ومن سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران:102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِين ءَامَنُواْ اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ -تَعَالَى-، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أما بعد: فأوصيكم ونفسي الخطّاءة بوصية الله -عز وجل- لعباده، فاتقوا الله -عباد الله- في السر والعلن.

جاء في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوَةِ بَطْنِ بُوَاطٍ، وَهُوَ يَطْلُبُ الْمَجْدِىَّ بْنَ عَمْرٍو الْجُهَنِيَّ، وَكَانَ النَّاضِحُ -يعني البعير الذي يستقى عليه- يَعْتَقِبُهُ مِنَّا الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالسَّبْعَةُ، فَدَارَتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى نَاضِحٍ لَهُ، فَأَنَاخَهُ، فَرَكِبَهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ، فَتَلَدَّنَ عَلَيْهِ بَعْضَ التَّلَدُّنِ -أي: توقف به، أو امتنع عن القيام بعض الشيء، أو تأخر في السير به- فَقَالَ لَهُ: شَأْ! لَعَنَكَ اللَّهُ!... فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ هَذَا اللاَّعِنُ بَعِيرَهُ؟". قَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ:"انْزِلْ عَنْهُ، فَلاَ تَصْحَبْنَا بِمَلْعُونٍ، لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيب لكم" صحيح الجامع.

تأمل معي -أيها الحبيب- كيف استثمر المعلم العظيم -صلى الله عليه وسلم- والمربي الأول -صلى الله عليه وسلم- هذا الموقف لتعليم أصحابه -رضي الله عنه- وتربيتهم، وتأمل كيف وَظَّفَ النبي -صلى الله عليه وسلم- الموقف لتنبيههم إلى أمرٍ خطير متعلقٍ بالدعاء.

فإن ربكم -عز وجل- قريب مجيب لمن دعاه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة:186].

ووَعَدَكم ربكم -جلَّ في علاه- بإجابةِ دعاء من دعاه، فقال: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر:60]، ووَعْدُهُ حَقٌّ، وقَوْله صِدْق، (وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [الروم:6].

فاحرص -أخي الحبيب- على دعاء ربك، وأكثِر منه، وألِحَّ، واطلب حاجتك، والتجئ إليه، وتَحرَّ أوقات الإجابة، وأحوالها، فإنك تدعو الجواد الكريم، الذي يُحـِبُّ أن يَسْأَلُه عباده، فلا يملُّ من كثرة الدعاء، ولا يسأَم من كثرة العطاء.

واحرص أن يكون دعاؤك لنفسك وأهلك بما فيه نفع وخير وصلاح، فعن أم سلمة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ بِخَيْرٍ، فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ" رواه مسلم وأحمد وأبو داود.

عباد الله: وفي حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: لعن رجلٌ مِنَ الأنصار -رضي الله عنه- دابةً، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينزل عنها، فقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "انْزِلْ عَنْهُ فَلاَ تَصْحَبْنَا بِمَلْعُونٍ" صحيح الجامع.

واللعن -عباد الله- دعاء، إلا أنه دعاء بالطرد والإبعاد عن رحمة الله الواسعة، ومَن أُبْعِد عن رحمة الله فما له من راحم! ومَن طُرِد من رحمة الله التي وسِعَتْ كلَّ شَيءٍ فقد خسر خسراناً مبيناً!.

وقد نهانا الحبيب -صلى الله عليه وسلم- عن ثلاث دعوات أن ندعو بها، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ تَلاَعَنُوا بِلَعْنَةِ اللَّهِ، وَلاَ بِغَضَبِهِ، وَلاَ بِالنَّارِ" رواه أبوداود والترمذي وأحمد والحاكم وغيرهم عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه-، أي: لا يدعو بعضكم على بعض باللعنة، ولا يدعو بأن يصيبه غضب الله، ولا أن يدخِلَه الله النَّار.

فاتقوا الله -عباد الله- واعلموا أن التلاعن خطير، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "ولَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ" متفق عليه، أي: إنهما في عِظَمِ الجُرْم والإثم سواء.

ومَنْ كان كثير اللَّعْنِ حُرِمَ مِن خيرٍ عظيمٍ، إذ يقول -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ يَنْبَغِي لِصِدِّيقٍ أنْ يَكُونَ لَعَّاناً" رواه مسلم عن أبي هريرة، وفي رواية عن أبي الدرداء قال -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ يَكُونُ اللَّعَانُونَ شُفَعَاءَ، وَلاَ شُهَدَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ".

أخي الحبيب: إنك لا ترضى أن يلعنك أحدٌ، فما شعورك إن علِمتَ أنَّك تلْعَنُ نفسك؟ نعم! ربما لَعَن المرء منا نفسَه وهو لا يشعر، ففي سنن أبي داود، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا لَعَنَ شَيْئًا -فجعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- نكرة لتعُمَّ وتشمل كلَّ شيء من إنسان أو حيوان أو نبات أو جماد، أو غيرها- صَعِدَتِ اللَّعْنَةُ إِلَى السَّمَاءِ، فَتُغْلَقُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ دُونَهَا، ثُمَّ تَهِبْطُ إِلَى الأَرْضِ فَتُغْلَقُ أَبْوَابُهَا دُونَهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ يَمِينًا وَشِمَالاً، فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مَسَاغًا -أي: مدخلاً وطريقاً تسلُكُه- رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي لُعِنَ، فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ أَهْلاً -يعني أصابته-، وَإِلاَّ رَجَعَتْ إِلَى قَائِلِهَا" رياض الصالحين، صحيح الجامع. فيكون قد لعن نفسه من غير أن يَشْعُر!.

فاحذر -أخي الحبيب- من اللعن، واجتنبه، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ المُؤْمِنُ بالطَّعَّانِ، وَلاَ اللَّعَّانِ، وَلاَ الفَاحِشِ، وَلاَ البَذِيء" رواه الترمذي.

اللهم أصلح أعمالنا وأقوالنا، وأخلص نياتنا، وبارك لك لنا اللهم في أولادنا وأزواجنا وإخواننا.

وفقني الله وإياكم لحفظ ألسنتنا وجوارحنا عن كل مُحَرَّم، وأسأله أن يجعلنا ممن يَقِفُونَ عند حدود الله... ويقتفون أثر الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم-، ويعملون بسنته، وأن يخلص لنا النيات والمقاصد.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ...

الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [البقرة:281].

أما بعد: فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعظم مربٍّ، يعلمنا كيف يستثمر المربي الموقف ليربي من تحته ويعلمهم، ففي حديث جابر -رضي الله عنه- في صحيح مسلم يعلمنا حبيبنا -صلى الله عليه وسلم- أن نُحَسِّن الدعاء، ولا ندعو بالسوء، لذلك؛ لما سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- الأنصاري يلعن دابته، أمره بأن ينزل  عنها، ويتركها سائبة، فقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ" صحيح الجامع.

عباد الله: إن بعض الناس إذا احتدم في نقاش، أو اشتد في خصام، دعا على نفسه، أو دعا على ولده، ليدعم موقفه، ويؤكد رأيه، فتسمع بعضهم يقول: الله يفقدني بصري إن لم يكن ما قُلتُ! وربما قال: يجعلني أفقد عيالي إن كان كيت وكيت! أو يقول: إن شاء الله أخسر أموالي ولا يبقى معي شيء إن لم يحدث كذا! مهلاً!  مهلاً أخي الحبيب!  أما وجدت ما تؤكد به قولك إلا هذه الدعوات؟!.

عباد الله: وبعض الناس ربما تكاثرت عليه الهموم، وتراكمت عليه الغموم، وتزايدت عليه الديون، أو ثقلت عليه الأمراض أو غيرها، فمن عِظَمِ كربته يتمنى الموت، ومن شِدَّةِ هَمِّهِ يستعجل أجله، ومِن ثِقَل غَمِّه يدعو على نفسه بالموتِ، يظُنُّ أنه إذا مات استراح، وزال عنه ما ثَقُلَ عليه من همومٍ وغمومٍ ومشكلات.

وهُم في ذلك يخالفون هَدْيَ الحبيب -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يقول: "لاَ تَدْعُوا بِالْمَوْتِ، وَلاَ تَتَمَنّوهُ، فَمَنْ كَانَ دَاعِيًا لاَ بُدَّ فَلْيَقُل: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي" رواه النسائي وله أصل في الصحيحين وغيرهما.

فالإنسان لا يدري متى يُكْتَبُ له الخير، وقد تكون الهموم والغموم والديون والمشكلات خيرٌ له، إذ تكونُ تكفيراً لذنوبٍ اقترفَها، وقد تكونُ تثقيلاً لموازين حسناتِه يومَ القيامةِ، ورِفعةً لدرجته في الجنة إذا صَبَرَ واحتسبَ ذلك عند الله تعالى، وقد تكون له أعمالٌ صالحةٌ وحسناتٌ هي سببُ دخولِهِ الجنَّة ورفْعَتِهِ فيها، لم يعملها بعد، فإذا طال عُمُرُه عمِلَها، فليست العِبْرَة بطول العُمُرِ أو قِصَرِه، وإنما بحسن العمل، وفي الحديث: "خَيرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ " رواه احمد والترمذي والحاكم وغيرهم.

قَالَ-صلى الله عليه وسلم-: "لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيب لكم".

أيها الأحبة: إن بعض الناس إذا انزعج من ولده دعا عليه، ثم يندم، ولات حين مندم! جاء شاب إلى أمه يطلب إذنها بالخروج مع صُحْبَة له في نزهة، فلَمْ تأْذَن له، فكرر عليها طلبه، فزجرته، فبالغ في إلحاحه حتى سئمت، فقالت: "رُحْ عَساكْ ما ترجع!"، وما دَرَت المسكينة أن كلماتها تلك وافقت ساعة إجابة، وتأميناً من الملائكة، فخرج ابنها، ولم يرجع إليها إلا خَبَرُه!.

وآخر يشم من ابنه رائحة دخان فيَسْأَلُه: تدخِّن؟ قال الولد: لا. قال: الله يَكْسِرْ رَقَبَتَك إنْ كُنْتَ تُدَخِّن! قالها وهو لا يظنُّ أنها قد توافق ساعة إجابة من الله، ولم يعْلَم أن الملائكة يؤمنون على دعائه، فيخرج ابنه مع أصدقائه إلى استراحة، ويَقْفِز ذلك الماهر البارِعُ في السباحة والغطس، ويغُوصُ في الماء، لكنه لم يَخْرُج ذلك اليوم من المسبح، بلْ أُخرِجَ مِنْه وقد دُقَّت عنُقُه، وتكسّرَت فقراتها، وأصيب بشلل كامل في أعضائه، لا يتحرك من جسمه إلا شفتاه وجفناه.

فاحرص -أخي الحبيب- أن يكون دعاؤك لولدك دعاء طيباً، ادعُ له بالصلاح، وادعُ له بالتوفيق، وادعُ له بالسلامَة، ادعُ الله أن يصلح خُلُقُه وتعامله، ادعُ له بالهداية، وصلاح العمل، وصلاح النية، ففي الحديث: "ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده" رواه ابن ماجة وحسنه الألباني.

فيا أيها الحبيب: ادعُ لنفسك ولولدك ولأهلك ومالك وخدمك بالخير، ادْعُ بالصلاح والسلامة والتوفيق والهداية والسداد؛ مستجيباً لوصية الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَاعَة نَيْلٍ، فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيب لكم" صحيح الجامع الصغير.

عسى الله أن يستجيب دعاءنا فتصلح أحوالنا، ونوفق للخيرات، ونهدى للطيبات، ونرقى في أعالي الجنات.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ... (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) [الأحزاب:56].


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي