إنّ سياسةَ حكومةِ وشعبِ المملكةِ العربية السعودية, بقيادة الحكيمِ والْمُسدّد الْمَلِكِ سلْمان سلّمه الله تعالى, اللجوءَ إلى الحوارِ والسلامِ, والْميلِ إلى التآلف واللوئام, ولا يلجؤون إلى الحروب, ولا يُشعلون الفتن والقلاقل أبدًا.
إلا أنّ دولةَ المجوس لم تتركنا, وعِصابةَ الروافضِ لم تَدَعْنا, فنحن نميل إلى الْرَّحمة, وهم يجنحون إلى العذاب, نحن ندعو إلى السلام, وهم يدعون ويُحرّضون على الحرب والإرهاب فدخلوا بلادَ العرق والشام, وتمادوا في والبغيِ الإجرام, وعاثوا قتلاً في أهل الإيمان, فيا وَيْحَهُمْ يَوْمَ أنْ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ, فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ..
الحمد لله الخالق البارئِ المصور, العزيز الجبارِ المتكبر, العليِ الذي لا يضعه عن مجده واضع, الجبارِ الذي كلُّ جبارٍ له ذليلٌ خاضع, وكلُّ متكبرٍ في جناب عزه مسكينٌ متواضع, فهو القهار الذي لا يدفعه عن مراده دافع, الغنيٌّ الذي ليس له شريكٌ ولا منازع, القادرُ الذي بهر أبصارَ الخلائق جلالُه وبهاؤُه, وقَهَرَ العرشَ المجيدَ استواؤُه واستعلاؤُه, كسر ظهور الأكاسرة عزُّهُ وعلاؤه, وقصَّر أيدي القياصرةِ عظمتُه وكبرياؤه, فالعظمةُ إزاره, والكبرياءُ رداؤه, ومن نازعه فيهما, قَصَمَهُ بِدَاء الموت فأعجزه دَوَاؤُه, جَلَّ جلاله, وتقدست أسماؤه, والصلاة والسلام على نبيّنا محمد, الذي أشرقت بنوره أكنافُ العالم وأرجاؤه, وعلى آله وأصحابه الذين هم أَحِبَّاءُ الله وأولياؤُه, وخِيْرَتُه وأصفياؤُه, وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فاتقوا الله معاشر المسلمين, واعلموا أنّ الحقَّ والباطلَ لهما صولاتٌ وجولات, وهذه سنّةُ الله تعالى في هذه الحياة, يعلو الباطل مرّةً على الحقّ, حتى يظنَّ الناسُ أنّ الحق قد انتهى وولَّى, وأنّ الباطل قد انتصرَ وعلا.
فهؤلاء أنبياءُ اللهِ تعالى ورُسُلُه, يُكذَّبُون ويُحارَبُون, حتى بَلَغَ الْيَأْسُ مِنْهُمْ مَبْلَغًا عظيمًا, وهم الذين ينزل عليهم الوحيُ صباح مساء, ولكن سُرْعان ما يأتي الفرج والنصر, قال تعالى حاكيًا حالهم: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) [يوسف: 110].
قال العلامةُ السعديّ -رحمه الله-: "يخبر -تعالى- أنه يرسل الرسل الكرام، فيكذبهم القوم المجرمون اللئام، وأن الله -تعالى- يمهلهم ليرجعوا إلى الحق، حتى إنه تصل الحال إلى غاية الشدة منهم على الرسل.
حتى إن الرسل - على كمال يقينهم، وشدة تصديقهم بوعد الله ووعيده - ربما أنه يخطر بقلوبهم نوعٌ من الإياس، ونوعٌ من ضعف العلم والتصديق، فإذا بلغ الأمرُ هذه الحال (جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ) وهم الرسل وأتباعهم". ا.هـ
فالابتلاءُ سُنة الله -تعالى- على جميع عباده, والشّدَّةُ والكربُ ماضٍ على خيار خلقه, حَتَّى يأتي عليهم حالٌ يَقُولَ فيه (الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ) [البقرة: 214].
يتساءل الرسولُ والمؤمنون جميعًا: متى نصرُ الله؟ متى يأتينا الفرج من الشدة التي نحن فيها, متى يأتينا الغوث والكفارُ يُؤذوننا, والمنافقون يشمتون بنا, متى يأتينا الفوز على أعدائنا, ونحن على الحق وهم على الباطل, مَتَى نَصْرُ اللَّهِ؟ فيأتي الجواب بعد مُعانةٍ وشدّةٍ: (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [البقرة: 214].
إنّ سُنّة الله أنْ يُمتحن أهل الحق مِحننًا تترى, ويرى أهلُ الباطلِ النصرَ عليهم يتوالى!! لِمَاذا: لحكمٍ كثيرةٍ من أهمّها:
الحكمةُ الأُولى: ليستدرج المجرمين في مستنقع جحيم الدنيا والآخرة, فيذوقوا حلاوة الانتصار, ثم يتجرعوا بعدها مرارةَ الذلّ والصغار, وهذا أنكى وأشدّ عليهم لُو هُزموا من أول مرّة.
الحكمةُ الثانية: ليرى ثباتَ وتضحياتِ وصبرَ المؤمنين, ويَفْضَحَ المنافقين والكاذبين, الذي يغتر الناسُ بهم أيّام الأمن والدّعة. (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) [العنكبوت: 2-3].
إنها سنةُ الله في خلقه, ألا يتركهم بلا مِحن, ولا يدعهم بلا فتن, حتّى ليرى واقعًا من هو الصادق فيصبر ويُجاهد, ويرى الكاذب الذي يُنافق ويُداهن.
واعملوا معاشر المسلمين: أنّ الباطل لا يدوم, مهام قويتْ شوكتُه, وكثرَ أنصارُه وأتباعه, تأملوا قولَ الله -تعالى-: (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النساء: 141].
كيف عبّر عَنْ ظَفَرِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْفَتْحِ وَأَنَّهُ مِنَ اللهِ، وَعَنْ ظَفَرِ الْكَافِرِينَ بِالنَّصِيبِ, وذلك لِيُفيدَ بِأَنَّ الْعَاقِبَةَ فِي الْقِتَالِ لِلْمُؤْمِنِينَ ، فَهُمُ الَّذِينَ يَكُونُ لَهُمُ الْفَتْحُ وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْأُمَمِ الْكَافِرَةِ ، وَلَكِنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ, قَدْ يَقَعُ فِي أَثْنَائِهَا نَصِيبٌ مِنَ الظُّفَرِ لِلْكَافِرِينَ لَا يَنْتَهِي, إِلَى أَنْ يَكُونَ فَتْحًا يَسْتَوْلُونَ بِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.
أمة الإسلام: إنّ سياسةَ حكومةِ وشعبِ المملكةِ العربية السعودية, بقيادة الحكيمِ والْمُسدّد الْمَلِكِ سلْمان -سلّمه الله تعالى-, اللجوءَ إلى الحوارِ والسلامِ, والْميلِ إلى التآلف والوئام, ولا يلجئون إلى الحروب, ولا يُشعلون الفتن والقلاقل أبدًا.
إلا أنّ دولةَ المجوس لم تتركنا, وعِصابةَ الروافضِ لم تَدَعْنا, فنحن نميل إلى الْرَّحمة, وهم يجنحون إلى العذاب, نحن ندعو إلى السلام, وهم يدعون ويُحرّضون على الحرب والإرهاب.
فدخلوا بلادَ العرق والشام, وتمادوا في والبغيِ الإجرام, وعاثوا قتلاً في أهل الإيمان, فيا وَيْحَهُمْ يَوْمَ أنْ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ, فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ.
ولكنّنا تَمَالكنا أعصابنا, وَحَذَّرْنا دولةَ الْمجوس من عاقبةِ صنيعهم, حتى جاءتْ الْمُصيبةُ التي لا صبر بعدها, والجريمةُ التي لا غُفران معها, وهي احتلالُ اليمنِ بلدِ الحكمة, فأرسلوا ذراعهم المجوسيّ الحوثيّ, فاسْتجاب لهم فقَتَّلَ وبغى, حتّى إذا بلغ السيلُ الزّبى, وحامَ بعصاباتِه حول الْحمى, فاسْتولى على صنعاءَ وحاصر عدن, وذاق أهلُ السنة من صواريخه وسلاحِه صنوفَ الْمحن, وعقد الصفات مع الدولة الصفوية, فأمدّوه بِمُختلف الرجال والعتاد, لِيَسْتولوا على كافَّةِ أرجاءِ البلاد، لكنّه أمرٌ دونه خَرْطُ الْقَتَاد.
حينها لَجَأنا للحرب ولسان حالنا:
إنْ لم يكنْ إلا الأسنةَ مركبٌ *** فلا رَأْيَ للمضطرِّ إلا ركوبها
فأجمع عقلاءُ قومنا -وَفَّقَهُمُ اللهُ- على القتال, واسْتعدّوا للطّعان والنّزال, ولسان حالهم:
أرى خَلَلَ الرَّماد وَمِيضَ جمرٍ *** ويُوشك أن يكون لها ضِرامُ
فإن النار بالعودين تُذْكَى *** وإنّ الحرب مبدؤها الكلام
فإنْ لم يُطْفِهَا عقلاءُ قومٍ *** يكون وقودَهَا جُثَثٌ وَهَامُ
ولم يَنْتَظِرْ قائدُنا الْموفقُ إلى حين اجتماع الدول العربية, بل زَأَرَ فانْتخى لنخوتِه كثيرٌ من الدول, وأرسلوا الطائرات والباخرات.
ولسان حالهم:
من ذا يُغِيْرُ على الأُسُودِ بِغَابِهَا *** أوْ مَن يَعُومُ لِمَسْبَحِ التِّمْسَاحِ
نسأل الله -تعالى- أنْ ينصر المجاهدين على الحوثيين, وأنْ يخذل دولةَ المجوس المشركين, إنه سميعٌ قريبٌ مُجيب.
الحمد لله الذي افتتح بالحمد كتابه، وألهمه عباده، وجعله مستزيداً لهم من فضله، وصلى الله على محمد نبيّه وخاتم رسله، وصفوته من خلقِه، وخيرته من عباده.
أما بعد: معاشر المسلمين: إنّ جماعةِ الحوثيّ الرافضي, تخطّى الخطوطَ الحمراء, ونَسَفَ بالمواثيق والاتفاقيّات, وغرّه حلمُ الحليم, وظنّ أنَّ حِلْمَنَا عجزٌ وخور.
إذا رَأيْتَ نُيُوبَ اللّيْثِ بارِزَةً *** فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيْثَ يَبْتَسِمُ
لقد تمادَتْ عصابةُ الحوثيّ المجرمةِ الصفويّة, وسفكوا دماء الأبرياء, وشرّدوا وسجنوا الأتقياء والعلماء, وأتلفوا الأموال المعصومة, وهدموا مساجد أهلِ السّنة والجماعة, وفجّروا حلقات تحفيظ القرآن, والمعاهدَ والجامعاتِ الإسلامية.
وما فتئوا يعبثون بِأَمْنِ اليمن السّنيّ, وأطلقوا التصريحات الخبيثة, التي يُهدّد بالعبث بأمن الخليج, وَغَزْوِ مكةَ والمدينة.
وكم تطالوا على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-!!, وكم قدحوا في أعراض زوجاته!! بأبي وأُميِّ عليه الصلاة والسلام.
ونظرًا ِلُخطُورتهم على اسْتقرار دُوَلِ الجزيرة العربيّة, فإنّ إضعافَ شكوتهم, وضربَ معاقلِهمُ العسكريّةِ, هو حمايةٌ لبلادنا من رجسهم, ودِرْعٌ حصينٌ من نشر مذهبهم, وقَطْعِ يدِ دولةِ الرَّفْضِ والشرك في إيران, التي ما فَتِئَتْ تُزعزع أمْن واستْقرار البلدان.
إنّ الأمة الإسلامية السنيّة, أجمعت على تأييدها لعملية "عاصفة الحزم", لوقف تقدم الحوثيين في اليمن, وإنقاذِه من براثن الاحتلال الإيراني الصفوي الأثيم, وهو واجبٌ شرعيٌّ ووطنيّ.
والواجب على علماء اليمن ودعاتِهِا, أنْ يُوحّدوا كلمتهم, وينبذوا الخلافات بينهم.
كما أنّ الواجب علينا نحن في هذه البلاد وغيرِها: أنْ ندعو الله -تعالى- أنْ ينصر جنودنا البواسل على المجوس, وأنْ نَنْبُذَ كلَّ ما بَيْنِنِا من خلافاتٍ سياسيّة وفكريّة وغيرِها, ولْتجتمعَ كلمتُنا على العدوّ الأول, الْيهودِ والرافضة.
نسأل الله -تعالى- أنْ يحمي بلادنا وبلاد المسلمين من رجس الجلوس, وأنْ يُخرجهم من أراضينا أذلةً صاغرين, إنه على كل شيءٍ قدير.
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي