فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل

خالد القرعاوي
عناصر الخطبة
  1. كَلِمَة جليلة جَمَعَت بَينَ التَّوَكُّلِ على الله وَحُسنِ الظَّنِّ بِهِ .
  2. فضائل قولنا: \" حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ\" .
  3. دعاء الأقوياء .
  4. الالتجاء إلى الله في الشدائد والكروب .
  5. فظائع الحوثيين الروافض ووجوب التصدي لهم. .

اقتباس

"حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" دُعاءُ الأَقوِيَاءِ، لا كَمَا يَظُنُّهُ المَهَازِيلُ الضُّعفاءُ أنَّها مُجرَّدُ أَذْكَارٍ وطُقُوسٍ بِدونِ عَمَلٍ وفِعْلٍ للأسبَابِ.. فالمُسلِمُ الصَّادِقُ يُواجِهُ الأَحدَاثَ والمَواقِفَ بـ"حَسبِيَ اللهُ ونِعمَ الوَكِيلُ" مُستَشعِرًا جَلالةَ مَعانِيها، وعَظِيمَ مَدْلُولِها، مَعَ العَمَلِ الجَادِّ الدَّءوبِ، واتِّخَاذِ الأَسبَابِ بِحكمَةٍ وَبَصِيرَةٍ،.. "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ"على عَبَثِ الحَوثِيِّنَ بِأرضِ وخَيرَاتِ ومُمتَلَكاتِ اليَمنِ السَّعيدِ! حَسْبُنَا اللَّهُ عليهم فقد سَفَكوا الدِّماءَ المَعصومَةَ، ودَمَّروا بُيُوتَ اللهِ، وسَرقُوا الجَامِعَاتِ والمَعاهِدَ، واستهدفوا عُلماءَ السُّنَّةِ ودُعاتِها، وهدَّدوا دُولَ الخَلِيجِ ومُقَدَّساتِ المُسلمينَ، فكانَ لِزاماً على أهلِ الإسلامِ دَحرَ عُدوانِهم، واستِئصَالَ شَأفَتِهم...

الخطبة الأولى:

الحمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ، الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ، نَحمدُ ربِّي ونَشكرُه على الكَثيرِ والقَلِيلِ، ونَشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ القَائِلُ: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [التوبة:51]، وفَّق من شَاءَ لِلتَّوَكُّلِ عليهِ فَحَازَ العَمَلَ الفَضِيلَ، وَنَالَ الأَجرَ الجَزيلَ، ونَشهدُ أنَّ سيِّدَنا وَنَبِيَّنا مُحمدًا عبدُ اللهِ ورسُولُه القُائِلُ: "حَسبُنا اللهُ ونِعمَ الوَكِيلُ", صلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبَاركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه الذَينَ نَصَروا دِينَ رَبِّهم وتوكَّلوا عليهِ,وَسلَكُوا خَيرَ سَبِيلٍ.

أمَّا بَعدُ: فأُوصِيكم عبادَ اللهِ وَنَفْسِي بِقَولِ اللهِ تَعالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

حَدِيثُنا عن كلمةِ قُدسِيَّةٍ رَبَّانِيَّةٍ مُبَارَكَةٍ, عَظِيمةِ المَعَانِي، رائِعَةِ المُضمُونِ، ذاتِ تَأثِيرٍ قَوِيٍّ وفَعَّالٍ. هِيَ حِصنٌ حَصِينٌ، وَسَهْمٌ لا يُخطِئُ هَدَفهُ، وسِلاحٌ لا يُهزَمُ صَاحِبُهُ! إذا قَالَها المُؤمِنُ بِقلْبٍ صَادِقٍ مُوقِنٍ بِحولِ اللهِ وَقُدرَتِهِ، هذه الكَلِمَةُ جَمَعَتْ بَينَ التَّوَكُّلِ على الله تِعَالى وَحُسنِ الظَّنِّ بِهِ.

إنَّها " حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ". فالتَّوَكُّلُ فِي قَولِنَا: "حَسْبُنَا اللَّهُ". وَحُسنُ الظَّنِّ فِي قَولِنَا: "وَنِعْمَ الْوَكِيلُ".

عبادَ اللهِ: لِهذهِ الكَلِمَةِ العَظِيمَةِ عِدَّةُ مَدلُولاتٍ وَمَقَاماتٍ ومُناسَبَاتٍ، فقدَ قالَها أبو الأنبياءِ وإمَامُ الحُنَفاءِ وخَلِيلُ الرَّحمنِ، إبرَاهِيمُ -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-؛ ذلِكَ أنَّهُ دَعَا قَومَهُ إلى عِبَادَةِ اللهِ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَتَرْكِ عِبادَةِ الأصنَامِ، فَأَبَوا، وَأَصَرُّوا علي الكُفْرِ والشَّركِ. فَكَسَّرَ أَصنَامَهُم، وَجَعَلَهُم جُذَاذَا، إلَّا كَبِيراً لَهُم، فَلَمَّا رَجَعُوا وَرَأَوهَا انتَقَمُوا لِأَنفُسِهم، وَقَالُوا: (حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ) [الأنبياء: الآية68].

 فَأَوقَدُوا نَاراً عَظِيمَةً، مِنْ شِدَّتِها وقُوَّتِها لَم يَتَمَكَّنُوا مِن قُربِها، فَرَموهُ بِالمَنجَنِيقِ مِنْ بُعْدٍ، وفي الأَثنَاءِ يَعَرِضُ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَيقُولُ: "يَا إِبْرَاهِيمُ، هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ؟ قَالَ: أَمَّا إِلَيْكَ فَلَا، وأمَّا إلى اللهِ فَبَلى"، فَأخَذَ الخَلِيلُ يُرَدِّدُ "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ". فَمَا الذِي حَدَثَ يا تُرى؟ استَجابَ اللهُ لَهُ فَقَالَ لِلنَّارِ: (كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ) [الأنبياء: 69]، بَرْدًا: ضِدَّ الحَرِّ، وَسَلامًا: ضَدَّ الهَلاكِ، قَالَ العُلَمَاءُ: لَو اكتَفَى اللهُ بِقولِهِ: بَرْداً فَقَط لَكانَتْ بَرْدَا يُهلِكُ، لَكِنَّهُ أردَفَها بِقولِهِ سَلامَا حتى لا تُهلِكَهُ!

عبادَ اللهِ: أمَّا المُنَاسَبَةُ الثَّانِيَةُ لِهذهِ الكَلِمَةِ العَظِيمَةِ فَقَدْ قالَها أيضاً خَلِيلُ الرحمَنِ وخَاتَمُ المُرسلِينَ مُحمَّدٌ عَقِبَ غَزوَةِ أحُدٍ، وقَد لَقِيَ المُسلِمونَ مِن المُشرِكينَ القَتْلَ والتَّنكيلَ والتَّمثيلَ ما جَعَلَهُم يَخافُونَ على المَدِينَةِ وَمَنْ فيها، فَعَمَدَ القائِدُ الأعظَمُ مِن الغَدِ مُباشَرَةً إلى مُطَارَدَةِ جيشِ العَدُوِّ حتى بَلَغُوا حَمْرَاءَ الأَسَدِ، وأَرسَلَ لَجيشِ قُرَيشٍ مَنْ يُخَوِّفُهم بأنَّ مُحَمَّداً خَرجَ بِجَميعِ أصحابِهِ وفيهم مِن الحنَقِ عليكم ما يَسحَقُكُم!

فقالَ أبو سُفيانَ قائِدُ جيشِ قُريشٍ قبلَ إسلامِهِ -رضي اللهُ عنهُ- أَبْلِغُوا مُحمَّداً أنَّا قد أَجْمَعْنا الكَرَّةَ عليهم لِنستَأصِلَهم، وأنَّ النَّاسَ قَد جَمَعُوا لَكُم، لِيقضُوا عليكم فَقَالُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ!. فما ذا حَدَثَ: (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) [آل عمران: 174].                   

اللهُ أكبرُ عبادَ اللهِ: إنَّها حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. والحَسِيُب هُو الكَافِي، فَالمسلِمُ يُؤمِنُ بِأنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَكفِي العَبدَ مَا أَهَمَّهُ، وَيَرُدُّ عنهُ كُلَّ خَطَرٍ ألَمَّهُ، الحَسِيُب هُو الذي إذا رُفِعَت إليه الحوائِجُ قَضَاهَا وإذَا حَكَمَ بِقَضِيَّةٍ أَبرَمَها وأَمضَاهَا.

يا مُؤمِنونَ: كَفَى بِاللهِ حَسِيبًا، معنَاها: المُدرِكُ للأَجزَاءِ والمَقَادِيرِ، واللهُ تَعالى يَعلَمُ مِن غَيرِ أنْ يَحسِبَ وَيُعَدَّ، فهو سُبحانَهُ الحسيبُ على أعمالِ عِبادِهِ، المُرَاقِبُ لَها. واللهُ تعالى يَقُولُ: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)[الطلاق: 3]؛ أي: كافِيهِ أمورَ دِينِهِ ودُنياه.

أمَّا قَولُنا"ونِعمَ الوكيل": فَمعناها نِعمَ المُتوكَّلُ عليه سُبحانَهُ في جَلبِ النَّعمَاءِ، ودَفْعِ الضَّرَّاءِ والبَلاءِ. الوكيلُ هو الذي تَوكَّلَ بِالعالَمِينَ خَلْقًا وَتَدبِيرًا وَهِدَايةً وَتَقْدِيرًا. فَيَتَولَّى بِإحسَانِهِ عِبَادَهُ، فلا يُضيِّعُهُم ولا يَترُكُهم ولا يكِلُهم إلى غيرِهِ، وقد عَلَّمَنا نَبِيُّنا أنَّ دُعَاءَ الْمُضْطَرِّ والمَكرُوبِ أنْ يَقُولَ: "اللهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ"؛ فإنَّهُ مَنْ وُكِلَ إلى نَفسِهِ وَتَصَرُّفِهِ هَلَكَ.

"حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ"؛ اللهُ جَلَّ وَعلا حَسْبُ مَنْ تَوكَّلَ عليهِ، وكانَ مُلتجِئًا إليه. فَهُو وَحْدَهُ مَنْ يُؤمِّنُ الخَائِفَ، ويُجيرُ المُستَجيرَ، نِعمَ المولَى ونِعمَ النَّصِيرُ: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا *وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) [الطلاق: 2، 3]. قالَ الشَّيخُ السَّعدِيُّ رَحمَهُ اللهُ عندَ قولِهِ تَعالى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) "أي: فِي أمرِ دِينهِ ودُنياهُ، بِأنْ يَعتَمِدَ على اللهِ فِي جَلْبِ مَا يَنفَعُهُ ودَفْعِ ما يَضُرُّهُ، وَيَثِقُ بِهِ سُبحانَهُ فِي تَسهِيلِ ذَلِكَ (فَهُوَ حَسْبُهُ) أي: كَافِيهِ الأَمرَ الذي تَوَكَّل عَليهِ بِهِ، وإذا كَانَ الأَمْرُ في كَفَالَةِ الغَنِيِّ القَويِّ العَزِيزِ الرَّحِيمِ، فَهو أَقرَبُ إلى العَبدِ مِن كُلِّ شَيءٍ، وَلَكِن رُبَّمَا أنَّ الحِكمَةَ الإلهِيَّةَ اقتَضَتْ تَأخِيرَهُ إلى الوَقتِ المُنَاسِبِ لَهُ؛ فَلِهَذا قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ)، فَلا بُدَّ مِن نُفُوذِ قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، وقَدْ جَعَلَ لَهُ وَقتًا ومِقْدَارًا، لا يَتَعَدَّاهُ ولا يَقصُرُ عنه". انتهى.

فيا مُؤمِنُ: لا تَستَبطِئ نَصرَ رَبِّكَ ورِزقَهُ وَعَافِيتَهُ؛ فإنَّ اللهَ مُحَقِّقٌ ما يُريدُهُ سُبحانَهُ، قَالَ تَعالَى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الأنفال: 64]. أي: كَافِيكَ وكَافِي أَتبَاعَكَ. فسُبحانَ ذِي المَلَكُوتِ، سُبحانَ ذِي الجَبَرُوتِ، سُبحانَ الحيِّ الذي لا يَموتُ.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ العَظِيمِ، وبِسُنَّةِ سَيِّدِ المُرسَلِينَ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهما مِن الآيَاتِ والذِّكرِ الحَكِيمِ، وأَستَغفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم ولِسَائِرِ المُسلمينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وخَطِيئَةٍ، فاستَغفِرُوه، إنَّه هُو الغَفُورُ الرَّحِيمُ.               

الخطبة الثانية:

 الحمدُ للهِ الفَرْدِ الصَّمَدِ، الوَاحِدِ الأَحَدِ، إِليهِ المَآلُ وعلَيهِ التُّكلانُ والمُعتمَدُ، هَدَى وأَرْشَدَ، وأَشقَى وأَسعَدَ.

نَشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، شَهادَةَ مَنْ أخلَصَ لِلهِ وَسَجَدَ، ونَشهدُ أنَّ نَبِيَّنا وحَبِيبَناَ مُحمَّدَاً عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ المُصطَفى المُنتَقَى الأَمجَدْ، أَخشَى وأَتْقَى مَنْ صَلَّى لِلهِ وَصَامَ وَعَبَدَ. صلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبَاركَ عليه، وعلى آلِهِ وأصحَابِهِ وأتباعِهم بِإحسانٍ وإيمانٍ إلى الأَبَدِ.

أمَّا بَعدُ: فَيا عبَادَ اللهِ، اتَّقُوا اللهَ تعالى وَتَوَكَّلُوا عليهِ حقَّ التَّوكُّلِ مِع صِدقِ النِّيَةِ وحُسنِ العَمَلِ: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [التوبة: 51].

 أيُّها المُؤمِنونَ: "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ " دُعُاءُ مَسأَلَةٍ، وعِلاجُ كُلِّ هَمٍّ فقد رُويَ عن رَسُولِ اللهِ قَولَهُ: "مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى: حَسْبِيَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. سَبْعَ مَرَّاتٍ كَفَاهُ اللَّهُ مَا أَهَمَّهُ".

 "حَسبِيَ اللهُ ونِعمَ الوَكِيلُ"مَلاذُ العَبدِ ومَلجَؤُهُ في الأَزَمَاتِ والشَّدَائِدِ، هي أَمْضَى مِنْ القُوَى المَادِيَّةِ، والأَسبَابِ الأَرضِيَّةِ! حِينَ يَقُولُها المُسلِمُ بِيَقِينٍ رَاسِخٍ؛ فَإنَّهُ يَعتَقِدُ أنْ لا حَوْلَ إلَّا حَولُ اللهِ، ولا قُوَّةَ إلَّا قُوَّةُ اللهِ تعالى. فَيَؤمِنُ المَكرُوبُ والمُبتلَى أنَّ الأُمورَ بِيدِ اللهِ سُبحانَهُ وبِحمدِهِ.

"حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" دُعاءُ الأَقوِيَاءِ، لا كَمَا يَظُنُّهُ المَهَازِيلُ الضُّعفاءُ أنَّها مُجرَّدُ أَذْكَارٍ وطُقُوسٍ بِدونِ عَمَلٍ وفِعْلٍ للأسبَابِ!  فقد كَانَ مِن جُملَةِ دُعاءِ نَبِيِّنا : "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ".

 فالمُسلِمُ  الصَّادِقُ يُواجِهُ الأَحدَاثَ والمَواقِفَ بـ"حَسبِيَ اللهُ ونِعمَ الوَكِيلُ" مُستَشعِرًا جَلالةَ مَعانِيها، وعَظِيمَ مَدْلُولِها، مَعَ العَمَلِ الجَادِّ الدَّءوبِ، واتِّخَاذِ الأَسبَابِ بِحكمَةٍ وَبَصِيرَةٍ، "فالمُؤمنُ القَوِيُّ خَيرٌ وأَحَبُّ إلى اللهِ مِن المُؤمِنِ الضَّعِيفِ، وفِي كُلٍّ خَيرٌ، احرِص على مَا يَنفَعُكَ، واستَعِنْ بِاللهِ ولا تَعْجَزْ".

أيُّها المُؤمنُونَ: قُولُوا بِلسانٍ واحِدٍ وَقلْبٍ وَاحِدٍ"حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" على الحَوثِيِّينَ الرَّوافضِ،  قَرَامِطَة ُالعَصرِ، وَرَافِضَة ُالدِّينِ الصَّحِيحِ، ومُنْكِري المَعروفِ والجَميلِ، الذينَ وَضَعوا أيدِيَهم بأيدي الصَّفَوِيِّينَ الإيرَانيِّينَ دَولَةِ الرَّفْضِ والخِدَاعِ والنُّكران.

"حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ"على عَبَثِ الحَوثِيِّنَ بِأرضِ وخَيرَاتِ ومُمتَلَكاتِ اليَمنِ السَّعيدِ!

حَسْبُنَا اللَّهُ عليهم فقد سَفَكوا الدِّماءَ المَعصومَةَ، ودَمَّروا بُيُوتَ اللهِ، وسَرقُوا الجَامِعَاتِ والمَعاهِدَ، واستهدفوا عُلماءَ السُّنَّةِ ودُعاتِها، وهدَّدوا دُولَ الخَلِيجِ ومُقَدَّساتِ المُسلمينَ، فكانَ لِزاماً على أهلِ الإسلامِ دَحرَ عُدوانِهم، واستِئصَالَ شَأفَتِهم،  انطِلاقاً من قولِ اللهِ تعالى: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) [الأنفال: 72]، ومن قولِ اللهِ تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) [البقرة: 194].

فَكَانَ بِفضلِ اللهِ تعالى ثُمَّ بِجُهُودِ حُكُومَةِ خادِمِ الحَرمينِ الشَّريفينِ، وإخوانِهِ من دُولِ الخَلِيجِ والدُّولِ العربيَّةِ والإسلامِيَّةِ، قَصْبَ السَّبقِ، في دَحرِ الحَوثييِّنَ الإرهابِيَّينَ في أوكارهم، ومُعسكراتِهم، فَلْيَبْشِرْ إخوانُنا في أرضِ الإيمانِ والحِكمَةِ، أرضِ العلمِ والعُلماءِ، بالنَّصرِ والعزِّ والتَّمكينِ، في مَعرَكَةِ عَاصِفَةِ الحَزْمِ !  

اقْصِفْ فَدَيتُكَ لا تَدَعْ حَوْثِيَّا *** وَسُقِ الرَّوافِضَ خُضَّعَاً وبُكِيَّا

مَا أَنتَ إلَّا مُنقِذٌ ومُؤَازِرٌ *** سَتُزِيلُ عَنْ يَمَنِ السَّلامِ شَقِيَّاً

فَيا جُنُودَنا البَواسِلَ ادْحَرُوهُم وسُومُوهُم سُوءَ العَذَابِ وكُونُوا لَهم بِالمرصَادِ، فاللهُ مَعَكُم ولن يَتِرَكُم أعمَالَكُمْ (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 15].

 هَؤلاءِ هُم الرَّافِضَة ُفَلا تَأْمَنُوهُم فَقْد خَوَّنَهُمُ اللهُ –تَعالى-، ولا تَتَقَارَبُوا مَعَهُم فقَد فَضَحَهُم اللهُ تعالى  ولا تُزعِجكُم الحوادِثُ، ولا يتسرَّبُ إليكم خَوفٌ ولا خَوَرٌ؛ فاللهُ تَكفَّلَ لِمَنْ تَوكَّلَ عَليِهِ ونَصَرَ دِينَهُ وأوليائَهُ بالكفايةِ التامَّة، والنَّصرِ الأَكِيدِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ) [محمد: 8].

"حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" وَمَنْ كَانَ اللهُ حَسِيبَهُ لا يَنشَغِلُ بِمَا يَكيدُهُ الكَائِدُونَ، ولا تُقلِقُهُ مُؤامراتُ المُتربِّصينَ ومَا يُبيِّتُونَ،  فَلقد طَمْأَنَ اللهُ نَبِيَّهُ وأنزلَ عليه: (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ)[الأنفال: 62].

فيا أيُّها المُؤمنونَ: أحسِنُوا ظَنَّكُم بِرَبِّكُم وَتَوَكَّلُوا عليهِ وَحدَهُ، وألحُّوا على اللهِ بِالدُّعَاءِ لِوُلاتِنا وَجُنُودِنَا ولِلمُسلِمينَ بالنَّصرِ والتَّأييدِ والتَّمكينِ، وأكْثِروا مِن التَّوبَةِ والاستِغفَارِ، واترُكُوا المَعَاصِيَ بِأشكَالِها، وأَغلِقُوا قَنَوَاتِ الشَّرِ والفَسادِ. (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: 103].

اللهمَّ اجعَلنا مِمَّن تَوَكَّلَ عَليكَ فَكَفَيتَهُ، واستَهدَاكَ فَهَديتَهُ يَا حَيُّ يَا قَيوُّمُ.     

اللهمَّ اكفِ المُسلِمينَ شُرُورَهم ورُدَّ كَيدَ الأعدَاءِ فِي نُحُورِهم وأَشغِلْهُم فِي أَنفُسِهم واجعلِ الدَّائِرة َعَليهم يا قَوِيٌ يا عَزِيزُ، اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ والمُسلمينَ، وأذِلَّ الكفرَ والكافِرينَ، والرَّافِضَةَ الحاقِدينَ، ودمِّر أعداءَ الدَّينِ، واجعَل هَذا البَلدَ آمِنًا مُطمئنًّا وَسَائِرَ بِلادِ المُسلِمِينَ.

اللهمَّ انْصُر مَنْ نَصَرَ الدِّينَ واخذُل مَنْ خذلَ الدِّينَ والمُسلمينَ، اللهمَّ انصُر جُنودَنا في اليَمَنِ على الحَوثِييِّنَ المُعتَدِينَ الظَّالِمينَ، اللهمَّ لا تَرفع للحوثييِّنَ رايَةً واجعلهُم لِمَن خلفَهم عِبرةً وآيَةً يا قَوِيٌ يا عَزِيزُ.

 اللهمَّ وفِّق إِمَامَنَا لِمَا تُحبُّ وتَرضَى، وفِّقهُ لِهُدَاكَ، واجعَلْ عَمَلَهُ فِي رِضاكَ، اللهمَّ وفِّق وُلاةِ المُسلِمينَ لِلعمَلِ بِكتَابِكَ وَتَحكِيمِ شَرْعِكَ. اللهمَّ إنَّا نَعوذُ بِكَ مِن زَوَالِ نِعمَتِك، وَتَحوُّلِ عَافِيتِكَ، وفُجَاءَةِ نِقمتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ. (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 23].

عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90]، فاذكروا اللهَ يذكُركم، واشكُروه على نعمِه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنَعون.


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي