يا شباب الإسلام، يا فتيات الإسلام: ندعوكم إلى الحب، الحب الدائم، إلى حب ليس له يوم؛ بل حب كل يوم، ندعوكم إلى حب الله الواحد الأحد، الرحمن الرحيم، الفرد الصمد، فهو أسمى حب. لا تقابلوا نعمه بالمعاصي، وجميله بالنكران، وتحتفلوا بعيدٍ باطل...
إما بعد: فالحب في الإسلام أنواع، وقمة الحُبِّ حبُّ الله -سبحانه وتعالى-، فهو أصل الحب الخالص، (وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ) [البقرة:165].
ويقول ابن القيم: المحبة لها داعيان: الجمال والإجلال، والربُ -تعالى- له الكمال المطلق من ذلك، فإنه جميل يحبُ الجمال، بل الجمال كلهُ له، والإجلال كله منه، فلا يستحق أن يحب لذاته من كل وجه سواه. اهـ. لذلك؛ فحبُ العبد لربه نعمة لهذا العبد، لا يدركها إلا من ذاقها.
ثم هناك حبُّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فمن أحب الله -تعالى- أحب نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وأحب أمره الذي جاء به؛ لأنه أمر الله -تعالى-.
ثم إن النبي يُحَبُّ لكماله، فهو أكمل الخلق، والنفس تحب الكمال، ثم هو أعظم الخلق فضلاً علينا، وإحسانا إلينا، والنفس تحب مَن أحسن إليها، ولا إحسان أعظم من أنه أخرجنا من الظلمات إلى النور؛ ولذا، فهو أولى بنا من أنفسنا، بل وأحب إلينا منها، بل حُبه واجب علينا،كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه، وماله، وولده، والناس أجمعين".
ثم حبُّ المؤمنين، وقد حسمه رسول الله بقوله: "والذي نفسي بيده! لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم".
وأكد على ذلك أيضا -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "ما تحاب اثنان في الله -تعالى- إلا كان أفضلهما أشدهما حباً لصاحبه".
ثم بين -صلى الله عليه وسلم- قيمة ذلك الحب بين المسلمين في يوم القيامة، فقال: "إن من عباد الله عباداً ليسوا بأنبياء، يغبطهم الأنبياء والشهداء"، قيل: من هم؟ لعلنا نحبهم! قال: "هم قوم تحابّوا بنور الله بينهم من غير أرحام ولا أنساب، وجوههم نور، على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس، -ثم قرأ- (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)" [يونس:62].
وهناك حبُّ الأم، ألم يقل النبي-صلى الله عليه وسلم-: "أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك"؟ وقال: "الزم رجلها، فثَمّ الجنة".
وحبُّ الأم أعلى صورة من صور الحب؛ فالأم هي الإيثار والعطاء والحب الحقيقي الذي يمنح بلا مقابل ويعطي بلا حدود، الأم هي الرحمة المهداة من الله -تعالى-. قال أحمد شوقي: حبُ الأم أشهر وسنون، وبنات وبنون، وأشغال وشؤون، يبقى مع الثكل، ويتقد عند حشرجة الصدر، ولا ينطفئ إلا بانطفاء القلب.
وهناك حبُّ الأب، والأب... هو "أوسط أبواب الجنة" كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وللعلم؛ فمهمة الأب كرمز للسلطة، لا تتنافى مع مهمته كمصدر للحنان، وتحضرني حادثة عن شخص توفى ابنه فقال: توفي أخي وأختي والكثير من أقربائي وحزنت عليهم حزناً شديداً، ولكن ليس كحزني وتأثري وأنا أمشي بجنازة أبي، لأني كنت أتمنى لو أن الله قبض روحي قبل أن أمشي بجنازة أبي.
هذا هو الأب الذي لا يقدره البعض من أبنائنا اليوم، وهناك مثل صيني يقول: نعرف قيمة الملح عندما نفتقده، وقيمة الأب بعد وفاته.
وهناك حب الابن، قيل لبعضهم: أي ولدك أحب إليك؟ فقال: صغيرهم حتى يكبر، ومريضهم حتى يبرأ، وغائبهم حتى يقدم "يعود".
وهناك حب البنت، تقول أم المؤمنين عائشة: "جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعَت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "إن الله قد أوجب لها بهما الجنة"، أو "أعتقها بهما من النار". نعم، هذه هي البنت، وقد قالوا: يبقى ابنك ابنا لك حتى عرسه، وتبقى ابنتك كذلك حتى القبر.
وهناك حبُ الأخ: وهل الإخوة اليوم يعيشون ويشعرون بهذا الحب؟ لما قتل زيد بن الخطاب -رضي الله عنه- حزن عليه سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حزناً شديداً، حتى كان يقول: إن الصَّبا لتهب فتأتي بريح زيد بن الخطاب!.
وحكي أن امرأة جاءت إلى الحجاج لتشفع في زوجها وابنها وأخيها المقدمين للقتل، فقال لها الحجاج: اختاري واحداً منهم وسأقتل الاثنين، فقالت الزوج موجود، والابن مولود، والأخ مفقود، أختار الأخ، فقال لها الحجاج: قد وهبت لك الثلاثة لحسن منطقك، وعفا عنهم.
وهناك حب الوطن: قال الحافظ الذهبي، وهو من العلماء المدققين، معدداً طائفة من محبوبات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وكان يحبُ عائشة، ويحب أباها، ويحب أسامة، ويحب سبطيه، ويحب الحلواء والعسل، ويحب جبل أحد، ويحب وطنه"، "ما أطيبك من بلد! وما أحبك إليَّ! ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك". كلمات قالها الحبيب وهو يودع وطنه. إنها تكشف عن حب عميق وتعلق كبير بالوطن.
ومن أنواع الحب (ذلك) المنتشر بين الناس، والذي يذكرونه همساً وجهراً، وهو الذي يعرف ويسمع على ألسنة أهل الغناء والتمثيل والأدب والشعر.
وهو على أنواع، فمنه: الحب العذري، وهو -كما قال عنه العقاد-: الحبُ العذري كما شاع على ألسنة واصفيه حب بعيد عن رغبات الجسد ونزعاته، وهو الذي ينزه صاحبه عن فحش القول والفعل كما قال البحتري:
وإني لينهاني خلائق أربـعٌ *** عن الفحش فيها للكريم روادعُ
حياء وإسلام وتقوى وعفة *** وما المرءُ إلا ما حبته الطبائعُ
ومنه قسم هو قربة وطاعة، وهو حب الرجل امرأته، وهذا الحب نافع، فإنه أدعى إلى المقاصد التي شرع الله لها النكاح، وأكفُّ للبصر والقلب عن التطلع إلى غير أهله؛ ولهذا يحمد هذا المحب والعاشق عند الله وعند الناس؛ لذا حض النبي -صلى الله عليه وسلم- على استعمال هذا الدواء، ورغّب فيه، وعلق عليه الأجر صدقة عليه، وقال: "وفي بضع أحدكم صدقة". وعندما سُئل: مَن أحبّ الناس إليك؟ قال: "عائشة"، هكذا قالها بدون تردد.
ومنه قسم هو مقت من الله، وبعد من رحمته، وهو أضر شيء على العبد في دينه ودنياه، كحب المردان، حب الذكر للذكر، أو حب الأنثى للأنثى، فما ابتلي به إلا من سقط من عين الله وطرد من بابه.
ومنه حب الرجل للمرأة، وهو -كما بينا- إن كان بالحلال فهو مطلوب، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "حُبِّبَ إليَّ مِن دنياكم النساء والطيب".
وإن كان بالحرام لغير الزوجة فهو الخطر العظيم؛ لأن حب الرجل في هذه الحالة هو ميل شهواني أناني حسي، تدعمه لذة الظفر وإحساس الامتلاك.
ومنه حبُ المرأة للرجل: فإن كان بالحلال كزوجها فهو المطلوب، قال -تعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم:21].
أما لغير الزوج فهو الحبُ الذي يدمر ويشقي وينتهك الأعراض ويفضح الأشراف، ويؤدي إلى غضب الله ومقته ولعنته في الدنيا والآخرة.
ومنه قسم أكثر ما يقع فيه الشباب الغض من الجنسين من الذين صدقوا بضرورة الحب قبل الزواج، لكن سرعان ما يكتشفون أن هذا الطريق محفوف بالخطر، محاط بالشهوات؛ لأن الحب الذي يحدث نتيجة لنظرة أو حديث عابر ثم يتطور إلى حب، هو يحدث عادة من وراء الأهل وبدون اختيار ولا تفكير، لا من الفتى ولا من الفتاة، فهو يبدأ -كما قالوا- دلعاً وينتهي ولعاً، ويبدأ هزلا وينتهي جداً، وكثيراً ما يؤدي إلى عواقب غير محمودة؛ لأنه يتم بعيداً عن دائرة الضوء مع طيش الشباب، وتحكم العواطف، وغلبة الهوى، وسيطرة الغرائز، ووسوسة شياطين الإنس والجن.
وفي مثل هذا المناخ لا يستبعد من الفتى والفتاة أن يقعا في الخطأ، ثم تقع الكارثة، وفضلاً عن هذا وذاك، قد يكون الحب بين طرفين غير متكافئين اجتماعياً أو ثقافياً، فتحول دونهما الحوائل، وتقف العقبات والعوائق دون ارتباطهما بالزواج، وفي هذا ما فيه من حرج الصدر، وشتات الأمر، قال ابن القيم: "الكآبة تتولد من حصول الحب وفوت المحبوب"، وقال: "الألم من عدم إدراك المحبوب والظفر به من أعظم الألم"، وقال: "الحب هو الداء الدوي الذي تذوب معه الأرواح، ولا يقع معه الارتياح".
إذن؛ فالأمر خطير، وهذا دواؤه الوحيد (هكذا) هو إما الزواج عملاً بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لم يُر للمتحابين مثل النكاح"، وإما الاستعانة بالله بالإقلاع عن هذا الحب والاستعانة بالصبر والصوم والصلاة. ومعرفة جزاء العفة الحسن الذي ينتظره عند الله.
وللحب علامات تظهر على صاحبه، كما قال الشاعر:
آية مـن علامـة العشــاقِ *** اصفرار الوجوه عند التلاقي
وانقطاعٌ يكون من غير وعي *** ودموع بالصمت والإطـراق
وقد يحدث الحب للإنسان باختياره، وقد يحدث له اضطراراً، فإن حدث له اضطراراً لم يلم عليه، كأن يكون نظر فجأة ثم صرف بصره لكن وقع الحب في قلبه، أو كان بسبب معرفة سابقة أو قرابة أو سماع عن ذلك الشخص ولم يملك الإنسان دفعها فلا إثم عليه، بشرط أن يلتزم فيها حدود الله.
أو كمن كان يحب امرأة ثم فارقها وبقى حبها في قلبه، و العكس صحيح، كما جاء في قصة بريرة ومغيث، فقد روى البخاري عن قصة بريرة أن زوجها كان يمشي خلفها بعد فراقها له وقد صارت أجنبيه عنه ودموعه تسيل على خديه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يا عباس، ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثا؟"، ثم قال لها: "لو راجعتيه؟"، فقالت: لا حاجة لي فيه. ولم ينهه عن حبها وعشقها في هذه الحال، لأن ذلك الشيء لا يملك ولا يدخل تحت الاختيار.
وأما إن تعمد الإنسان الوقوع في الحب باختياره عن طريق النظر الحرام أو الاختلاط أو المحادثات المحرمة أو المعاكسات وغير ذلك، فهو آثم وعليه وزر ذلك، وهذا الذنب من أقبح المعاصي عند الله.
وإذا كان الله -سبحانه- قد توعد الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، فالذي يحب الحب الحرام لا هم له إلا تحقيق اللقاءات الغير المشروعة مع من يحب ولو كان ذلك على حساب دينه وشرفه وعفته.
أيها الإخوة: باسم الحب، كم ترتكب من جرائم وتحت ستار تزييف هذا الحب، يزني المجرمون، ويزينونه للناس باسم الحب الجنسي، وبالطبع، فأغلب ضحاياه هم الشباب من الجنسين، ومعظمهم وقعوا فيه بسبب ما قدم لهم من خلط بين معاني الحب النبيلة وإلباسها بلباس الجنس، لقد حاصروهم بأسماء الحب الجنسي وعناوينه، حب ودمار، حب وضياع، حب ورغبة، حب تحت الشمس، جنون الحب، جريمة الحب، ليلة حب!.
أفلام ومسلسلات وبرامج وقصائد وشعر وقصص وروايات وأغانٍ لا هم لها إلا تزيين الحب الجنسي للناس، إنها مؤامرة ابتزاز صريحة تحت شعار أنبل المشاعر الإنسانية، مشاعر الحب.
إن الجنس والحب لم يكونا قط توأمين! بل؛ ما أبعد الجنس عن الحب! وما أكثر ما يتم الجنس بلا حب! بل أحيانا مع الكراهية! وما أكثر ما يتم شراؤه بالمال!.
إن الحب الحقيقي شيء آخر غير ما نرى ونسمع في الأغاني والمسلسلات والأفلام والشعر والقصص والروايات، حتى العقلاء في الغرب تنبهوا لهذه القضية الخطيرة، يقول برناردشو: ما الغرض من أغاني الحب ومن أفلام الحب؟ ليست هذه جميعاً سوى حملة إعلانات لإقامة العلاقة الفاسدة بين الرجل والمرأة. اهـ. نعم، إنها دعوة صريحة لارتكاب الفواحش ما ظهر منها وما بطن تحت ستار الحب.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النور:19].
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
يقول الأستاذ جاسم المطوع: إن ديننا الإسلامي يركز على الجوهر، مع عدم إهمال الشكل في أي شيء، حتى في اللباس، فالإسلام أوصى بستر العورة والتزين والتجمل باللباس، ومع حرصه على الشكل ركز ولفت النظر إلى الجوهر فقال -تعالى-: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) [الأعراف: 26].
أما الحضارة الغربية اليوم فإنها تركز على الشكل في كل شيء، في اللباس والمكياج والزينة والديكور، وشمل ذلك حتى العلاقة الإنسانية، فهي حضارة مزيفة، ويسوّقون هذه الأفكار على مستوى العالم حتى شمل ذلك الحب على الرغم من أنه خلق قلبي الأصل فيه الجوهر لا المظهر، ولكنهم لا يفرقون في ذلك حتى جعلوا له عيداً سموه عيد الحب (سان فالنتاين)، وفالنتاين هو اسم قسيس عاش في القرن الثالث الميلادي وتم إعدامه في الرابع عشر من فبراير عام سبعة ومائتين بعد الميلاد؛ لأنه زنا بابنة الإمبراطور الروماني، علما بأن القساوسة محرم عليهم الزواج الشرعي، فكيف بالزنا؟ والذين أشفقوا على القسيس من بعده جعلوا يوم إعدامه عيداً لتبادل الهدايا، وأسموه يوم عيد الحب! وهو -حقيقة- يوم الشفقة على رجل زاني.
وقد كشفت الإحصاءات أن الأمريكيين ينفقون ثلاثة مليارات دولار على شراء هدايا عيد الحب سنوياً، حتى ابتكرت بعض الجهات والشركات مناسبات في هذا اليوم تعبر عن الحب، منها شركة فايزر لصناعة الأدوية، أطلقت حملة دعائية لدواء الفياغرا وكيف أنه يزيد الحب، وأعلنت الجمعية الأمريكية للحياة البرية على الخط الرومانسي الساخر عشرة مواقع طبيعية بأمريكا، ويمكن للعشيقين أن يطلقا شرارة الحب من جديد عند الزيارة الأولى للموقع.
بمثل هذه المظاهر يعبرون عن حبهم وهو مفتعل، ولهذا جعلوا له عيداً؛ فالحضارة الغربية أعيادها تنشأ بسبب الظلم وهضم الحقوق، فعيد العمال جاءت فكرته من ظلم العمال، وعيد الأم جاءت فكرته من ظلم الأم وعدم تقديرها، وكذلك عيد الحب، أرادوا أن يحيوا الحب الحقيقي في نفوس أبنائهم وأجيالهم من خلال نشر الحرية الجنسية باسم الحب!.
هكذا أعيادهم، أما نحن المسلمين فأعيادنا انبثقت من فرح وانتصار، فعيد الفطر فرح المسلم بطاعته التي أداها من صيام وصلاة وقيام وذكر لله، وعيد الأضحى فرح المسلم بنجاة إسماعيل بن إبراهيم -عليهما السلام-، وفرحه بعطايا الفقراء والمساكين.
فهناك فرق جوهري بين أعيادنا وأعيادهم؛ ولهذا فإننا لا نحتاج لأن يكون الحب عيدا عندنا لأن حياتنا قائمة على الحب، بدءاً من حبنا لله ورسوله والأنبياء والصحابة والصالحين، وحبنا ديننا وحب أهلنا ووالدينا وأبنائنا وزوجاتنا وأنفسنا.
وديننا دين الحب، وأول عمل عمله نبينا محمد عند تأسيس الدولة، أنه وثق علاقة حب الإنسان بربه والناس، فالحب الأول لله تمثل في بناء المساجد، والحب الثاني تمثل في المؤاخاة بين الأوس والخزرج.
نعم، لقد كان رسول الله يغرس الحب طوال فترة وجوده بمكة وتأسيس الدولة في المدينة حتى تغيرت الجزيرة كلها، فالحب هو أفضل سلاح لتغيير معتقدات البشر وسلوكهم.
بالحب يستطيع الزوج أن يغير زوجته، بالحب تستطيع الزوجة أن تغير زوجها، وبالحب يستطيع الوالدان أن يغيرا أبناءهما، وبالحب يستطيع الأبناء أن يغيروا والديهم، وبالحب تعالج المشاكل؛ بل وحتى عند الأطباء فإن الحب يداوي من الأمراض.
يا شباب الإسلام، يا فتيات الإسلام: ندعوكم إلى الحب، الحب الدائم، إلى حب ليس له يوم؛ بل حب كل يوم، ندعوكم إلى حب الله الواحد الأحد، الرحمن الرحيم، الفرد الصمد، فهو أسمى حب. لا تقابلوا نعمه بالمعاصي وجميله بالنكران، وتحتفلوا بعيد باطل.
ندعوكم لحب رسوله، واتباع سنته، ولا تشاركوا من [حاولوا سبّه] في أعيادهم، ندعوكم لحب المسلمين ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم، ندعوكم إلى حب الإسلام وحمل همّ الدين ونصرته، والشريعة ورفعتها، ندعوكم إلى حب الأهل.
إنها دعوة منا للحب والسعادة، ندعوكم جميعاً لنصير قلبا واحداً، يداً واحدة، نتقاسم الأفراح، إذا اشتكى منا أحد وجد الجميع جواره يشاطرونه أحزانه، هذا هو الحب الحقيقي، فهل نفعل؟ نرجو ذلك ونتمناه.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضاه. اللهم ...
تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي