إيران والحوثيون وصناعة الإلحاد في الحرم

عبد الله بن محمد البصري
عناصر الخطبة
  1. حقيقة الحوثية .
  2. سبب مكائد إيران ببلاد الحرمين .
  3. أهمية تجهيز العدة والعتاد .
  4. من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم للبيت الحرام . .

اقتباس

لِمَصلَحَةِ مَن تُهَاجَمُ بِلادُ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ؟! وَلِمَصلَحَةِ مَن تُهَدَّدُ في أَمنِهَا وَيُزَعزَعُ استِقرَارُهَا؟ وَلِمَصلَحَةِ مَن تُشعَلُ الفِتَنُ على أَرَاضِيهَا وَهِيَ مَهوَى أَفئِدَةِ المُسلِمِينَ؟! بَلْ وَلِمَصلَحَةِ مَن تُتَوَعَّدُ بِإِحدَاثِ القَلاقِلِ وَالاضطِرَابَاتِ في مَوسِمِ الحَجِّ في أَشرَفِ بُقعَتَينِ وَأَطهَرِ مَسجِدَينِ؟! إِنَّهُ التَّخطِيطُ اليَهُودِيُّ المَاسُونِيُّ وَالمَكرُ النَّصرَانِيُّ الصَّلِيبِيُّ، يُحَرِّكُ قُلُوبًا ..

 

 

 

 

أَمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم -أَيُّهَا النَّاسُ- بِتَقوَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَلْ لَكُم نُورًا تَمشُونَ بِهِ وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * لِئَلاَّ يَعلَمَ أَهلُ الكِتَابِ أَلاَّ يَقدِرُونَ عَلَى شَيءٍ مِن فَضلِ اللهِ وَأَنَّ الفَضلَ بِيَدِ اللهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ) [الحديد 28: 29]

أَيُّهَا المُسلِمُونَ: وَمُنذُ بَدءِ الاعتِدَاءِ الحُوثِيِّ الرَّافِضِيِّ عَلَى حُدُودِ هَذِهِ البِلادِ الطَّاهِرَةِ إِلى يَومِكُم هَذَا، وَهَؤُلاءِ البُغَاةُ المُجرِمُونَ في غَيِّهِم يَعمَهُونَ وَفي ضَلالِهِم يَتَقَلَّبُونَ، وَكُلَّ يَومٍ يَخرُجُونَ بِجَدِيدٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَقِيقَتَهُم تَتَجَاوَزُ جَمَاعَةً صَغِيرَةً مُتَمَرِّدَةً تُحَرِّكُهَا عُقُولٌ عَامِيَّةٌ أَو تَقُودُهَا آرَاءٌ فَردِيَّةٌ، إِلى فِرقَةٍ مُدَرَّبَةٍ تَدرِيبًا عَسكَرِيًّا طَوِيلاً، تَسِيرُ وِفقَ تَنظِيمٍ مُجَهَّزٍ مَدرُوسٍ، وَتَمشِي إِلى هَدَفٍ مُخَطَّطٍ لَهُ مُنذُ وَقتٍ لَيسَ بِاليَسِيرِ.

يَشهَدُ لِهَذَا الأَمرِ وُقُوعُ هَذَا الاعتِدَاءِ قُبَيلَ مَوسِمِ الحَجِّ، وَالَّذِي هَدَّدَتْ إِيرَانُ وَعَلَى مُستَوَى حُكُومَتِهَا وَرِجَالِ الدِّينِ فِيهَا بِإِفسَادِهِ عَلَى المُسلِمِينَ، ثم إِنَّ هَذَا الاعتِدَاءَ تَزَامَنَ مَعَ استِمرَارِ تَمَرُّدِ هَؤُلاءِ الحُوثِيِّينَ عَلَى بِلادِهِم وَحُكُومَتِهِم، فَضلاً عَن تِلكَ الأَسلِحَةِ الَّتي يَستَخدِمُهَا أُولَئِكَ الظَّالِمُونَ مِن صَوَارِيخَ وَرَاجِمَاتٍ وَرَشَّاشَاتٍ، وَالَّتي مَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ فَقِيرَةٍ أَن تَصنَعَ مِثلَهَا أَو تُوَفِّرَ نِصفَهَا.

إِنَّ هَذَا وَغَيرَهُ -كَمَا نَقَلَت بَعضُ الصُّحُفِ الإِيرَانِيَّةِ من مُشَارَكَةِ عَشَرَاتِ الجُنُودِ مِن حِزبِ اللهِ الشِّيعِيِّ في القِتَالِ- لَيَضَعُ أَمَامَنَا تَسَاؤُلاً مُلِحًّا عَن خَلفِيَّاتِ هَذَا الاعتِدَاءِ وَعَمَّن يَقِفُ وَرَاءَهُ؟ وَهَل هَذَا فِعلُ جَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ مُتَسَلِّلَةٍ، ذَاتِ قُدُرَاتٍ مَحدُودَةٍ، أَم هُوَ تَنظِيمٌ تُحَرِّكُهُ أَصَابِعُ دَولِيَّةٌ خَفِيَّة، بِتَخطِيطٍ مَاكِرٍ وَدَهَاءٍ فَاجِرٍ؟!

لِمَصلَحَةِ مَن تُهَاجَمُ بِلادُ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ؟! وَلِمَصلَحَةِ مَن تُهَدَّدُ في أَمنِهَا وَيُزَعزَعُ استِقرَارُهَا؟ وَلِمَصلَحَةِ مَن تُشعَلُ الفِتَنُ على أَرَاضِيهَا وَهِيَ مَهوَى أَفئِدَةِ المُسلِمِينَ؟! بَلْ وَلِمَصلَحَةِ مَن تُتَوَعَّدُ بِإِحدَاثِ القَلاقِلِ وَالاضطِرَابَاتِ في مَوسِمِ الحَجِّ في أَشرَفِ بُقعَتَينِ وَأَطهَرِ مَسجِدَينِ؟! إِنَّهُ التَّخطِيطُ اليَهُودِيُّ المَاسُونِيُّ وَالمَكرُ النَّصرَانِيُّ الصَّلِيبِيُّ، يُحَرِّكُ قُلُوبًا مَجُوسِيَّةً صَفوِيَّةً حَاقِدَةً، فَتُشهِرُ خَنَاجِرَ مَسمُومَةً بِبُغضِ السُّنَّةِ وَأَهلِهَا، وَتَسُلَّ أَسيَافًا مُسَوَّدَةً بِسَوَابقِ الغَدرِ وَالخِيَانَةِ، لِتَطعَنَ بها في نُحُورِ أَهلِ السُّنَّةِ وَظُهُورِهِم.

إِنَّهُ المُخَطَّطُ الصَّفوِيُّ الإِيرَانِيُّ لابتِلاعِ العَالَمِ الإِسلامِيِّ وَالهَيمَنَةِ عَلَيهِ مِن كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَالَّذِي بَاتَ وَاضِحًا لِلعُيُونِ المُبصِرَةِ وَالقُلُوبِ الحَيَّةِ، تُبَيِّنُهُ التَّصرِيحَاتُ المُبَاشِرَةُ بَينَ آوِنَةٍ وَأُخرَى، وَتَدعَمُهُ التَّهدِيدَاتُ المُعلَنَةُ حِينًا بَعدَ حِينٍ، وَتَشهَدُ عَلَيهِ الأَحدَاثُ الَّتي تَتَفَجَّرُ يَمنَةً وَيَسرَةً، في بَاكِستَانَ وَفي أَفغَانِستَانَ، وَفي العِرَاقِ وَفي لِبنَانَ، وَفي اليَمَنِ عَلَى حُدُودِ بِلادِ الحَرَمَينِ، بَل وَفي مَكَّةَ خَيرِ بِلادِ اللهِ وَفي مَدِينَةِ رَسُولِ اللهِ، وَهُوَ المُخَطَّطُ الرَّافِضِيُّ الَّذِي لم تَسلَمْ مِنهُ عَدَدٌ مِنَ المُدُنِ في قَلبِ دَولَةِ التَّوحِيدِ، بِشِرَاءِ الأَرَاضِي فِيهَا تَمهِيدًا لاكتِسَاحِ تَمَسُّكِهَا السُّنِّيِّ، وَقَصدًا لِتَغيِيرِ نَسِيجِهَا الإِسلامِيِّ، وَتَحوِيلِهَا إِلى خَلِيطٍ مِنَ السُّنَّةِ وَالرَّافِضَةِ.

وَلَيسَ هَذَا الكَلامُ -الَّذِي نُعلِنُهُ الآنَ- مِن قَبِيلِ المُبَالَغَةِ وَلا وُقُوعًا في هَاجِسِ المُؤَامَرَةِ، بَل هِيَ الخُطُوَاتُ العَمَلِيَّةُ الجَادَّةُ لِتَحوِيلِ بُنُودِ الخِطَّةِ الخَمسِينِيَّةِ؛ لِتَروِيجِ التَّشَيُّعِ مِن أَدرَاجِ السِّرِّيَّةِ والتَّكَتُّمِ، إِلى أَرضِ الوَاقِعِ المُعلَنِ المُشَاهَدِ المُتَبَجَّحِ بِهِ.

وَقَد يَتَسَاءَلُ مُتَابِعٌ لِهَذَا العِدَاءِ الَّذِي تُبدِيهِ دَولَةُ الرَّافِضَةِ الصَّفوِيَّةِ ضِدَّ دَولَةِ السُّنَّةِ السُّعُودِيَّةِ بِالذَّاتِ؛ مَا أَسبَابُهُ وَمَا دَوَافِعُهُ؟ فَيُقَالُ: إِنَّهَا مَجمُوعَةُ أَسبَابٍ تَأرِيخِيَّةٍ وَدِينِيَّةٍ وَاجتِمَاعِيَّةٍ وَاقتِصَادِيَّةٍ، فَإِيرَانُ تَعُدُّ نَفسَهَا وَارِثَةَ الحَضَارَةِ المَجُوسِيِّةِ عَن مَملَكَةِ الفُرسِ، وَمِن ثَمَّ فَهِيَ تُعَادِي كُلَّ عِرقٍ عَرَبِيٍّ، خَاصَّةً عَرَبَ الجَزِيرَةِ وَالحِجَازِ، الَّذِينَ اجتَاحُوا المُدُنَ الفَارِسِيَّةَ وَأَسقَطُوا إِيوَانَ كِسرَى وَهَدَمُوا عُرُوشَهُ وَوَرَثُوا مُلكَهُ، وَأَطفَؤُوا نَارَ المَجُوسِ المُقَدَّسَةَ وَأَخمَدُوهَا لِلأَبَدِ، كَيفَ وَقَد وَلِيَتِ الدَّولَةُ السُّعُودِيَّةُ أَمرَ الحَرَمَينِ بَعدَ الدَّولَةِ العُثمَانِيَّةِ، الَّتي كَانَ لها دَورٌ في مُحَارَبَةِ الرَّافِضَةِ وَكَسرِ شَوكَتِهِم وَكَبتِهِم؟

وَإِذَا عُرِفَ أَنَّ إِيرَانَ هِيَ الدَّولَةُ الطَّائِفِيَّةُ المَذهبِيَّةُ، الَّتي أَخَذَت عَلَى عَاتِقِهَا نَشرَ التَّشَيُّعِ في العَالَمِ بِأَسرِهِ، وَتَوَلَّت مُهِمَّةَ تَصدِيرِ مَبَادِئِ الثَّورَةِ الخُمَينِيَّةِ إِلى العَالَمِ كُلِّهِ، بِإِنشَاءِ المَرَاكِزِ وَالمَدَارِسِ وَالسَّفَارَاتِ في كُلِّ أَنحَاءِ العَالَمِ، وَاختِرَاقِ المُنَظَّمَاتِ وَالهَيئَاتِ الإِسلامِيَّةِ بِدَعوَى التَّقرِيبِ وَالوِحدَةِ، وَطِبَاعَةِ الكُتُبِ مِن أَجلِ التَّروِيجِ لِلتَّشَيُّعِ، إِضَافَةً إِلى استِقطَابِ المُبتَعَثِينَ لِلدِّرَاسَةِ في تِلكَ الدَّولَةِ وَشَحنِهِم بِالمَذهَبِ الرَّافِضِيِّ.

وَقَد كَانَت السُّعُودِيَّةُ بِجُهُودِهَا الإِسلامِيَّةِ السُّنِّيَّةِ بِالمِرصَادِ لِهَذِهِ الطُّمُوحَاتِ الإِيرَانِيَّةِ؛ إِذ تَوَلَّت نَشرَ الإِسلامِ الصَّحِيحِ، وَبَنَتِ المَدَارِسَ وَالجَامِعَاتِ وَالمَرَاكِزَ الإِسلامِيَّةَ، وَأَنشَأَتِ الجَمعِيَّاتِ الخَيرِيَّةَ وَالمُؤَسَّسَاتِ الدَّعَوِيَّةَ، وَالَّتي كَانَ لها أَبلَغُ الأَثَرِ في نَشرِ الدِّينِ الصَّحِيحِ وَإِبطَالِ المُخَطَّطَاتِ الفَارِسِيَّةِ، وَتَبصِيرِ النَّاسِ بِحَقِيقَةِ الشِّيعَةِ وَكَشفِ أَبَاطِيلِهِم وَبَيَانِ فَسَادِ مُعتَقَدِهِم .. أَقُولُ: إِذَا عُرِفَ كُلُّ هَذَا تَبَيَّنَ لِمَاذَا يَصُبُّ الرَّافِضَةُ جَامَّ غَضَبِهِم عَلَى البِلادِ السُّعُودِيَّةِ السُّنِّيَّةِ.

وَرُبَّمَا تَكُونُ هُنَاكَ أَسبَابٌ نَفسِيَّةٌ تِجَاهَ السُّعُودِيَّةِ بِسَبَبِ تَمَسُّكِهَا بِمُحَارَبَةِ البِدَعِ وَالخُرَافَاتِ وَالضَّلالاتِ الَّتي تُوجَدُ بِكَثرَةٍ في الدِّينِ الشِّيعِيِّ، ممَّا أَورَثَ الشِّيعَةَ عَامَّةً وَالإِيرَانِيِّينَ خَاصَّةً أَنَّ السُّعُودِيَّةَ هِيَ أَعدَى الأَعدَاءِ، وَرُبَّمَا تُوجَدُ أَسبَابٌ اجتِمَاعِيَّةٌ بِسَبَبِ إِبَاحَةِ المُتعَةِ لَدَى الرَّافِضَةِ وَمَا نَشَأَ عَنهَا مِن آثَارٍ ضَارَّةٍ، في حِينِ أَنَّ المُجتَمَعَ السُّعُودِيَّ مَا زَالَ مُحَافِظًا في مَجمُوعِهِ، تُهَيمِنُ عَلَيهِ أَحكَامُ الشَّرِيعَةِ وَالآدَابُ الإِسلامِيَّةُ، وَرُبَّمَا تَكُونُ ثَمَّةَ أَسبَابٌ أُخرَى مِن قَبِيلِ الأَسبَابِ الاقتِصَادِيَّةِ وَالتَّنَافُسِ الكَبِيرِ في مِضمَارِ الصِّنَاعَاتِ النِّفطِيَّةِ، وَمَهمَا يَكُنْ مِن سَبَبٍ فَإِنَّ العَدَاوَةَ الإِيرَانِيَّةَ لِلسُّعُودِيَّةِ مِن جِنسِ العَدَاوَاتِ الَّتي لا تَنطَفِئُ نَارُهَا وَلا يَبرُدُ أُوَارُهَا، لأَنَّ لها مَصَادِرَ تُوقِدُهَا وَرَوَافِدَ تَمُدُّهَا، وَهِيَ مَصَادِرُ عَقَدِيَّةٌ وَرَوَافِدُ مَذهَبِيَّةٌ، وَعَدَاوَاتٌ تَأرِيخِيَّةٌ وَعَصَبِيَّاتٌ سِيَاسِيَّةٌ، تُمَثِّلُ في مُجمَلِهَا أَشَدَّ أَنوَاعِ العَدَاوَاتِ وَالأَحقَادِ.

وَإِنَّ مِمَّا يَنبَغِي مَعرِفَتُهُ ممَّا يَنطَلِقُ مِنهُ الرَّافِضَةُ في تَمَرُّدِهِم وَإِثَارَتِهِمُ الفِتَنَ وَخَاصَّةً في الأَرَاضِي المُقَدَّسَةِ، أَنَّ الثَّورَةَ الصَّفوِيَّةَ الرَّافِضِيَّةَ البَاطِنِيَّةَ، قَد بَشَّرَت أَتبَاعَهَا بِقُربِ ظُهُورِ مَهدِيِّهِمُ الغَائِبِ المُنتَظَرِ، زَاعِمِينَ أَن ظُهُورَهُ لَن يَكُونَ إِلاَّ بَعدَ ثَورَاتٍ مُتَتَالِيَةٍ عَلَى مَن ظَلَمَ أَهلَ البَيتِ وَسَلَبَ حُقُوقَهُم، وَأَنَّ جُدرَانَ الكَعبَةِ سَتَتَلَطَّخُ يَومًا مَا بِدِمَاءِ هَذِهِ الثَّورَاتِ الَّتي تَسبِقُ خُرُوجَ المَهدِيِّ المُنتَظَرِ المَزعُومِ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ هَذِهِ الثَّورَاتِ الرَّافِضِيَّةَ الصَّفوِيَّةَ، وَتِلكَ الحَرَكَاتِ الفَارِسِيَّةَ المَجُوسِيَّةَ، لم تَقَعْ مُصَادَفَةً أَو دُونَ هَدَفٍ وَغَايَةٍ، وَإِنَّمَا هِيَ تُبعَثُ وَتُدعَمُ بِأَفكَارٍ وَأَموَالٍ مَجُوسِيَّةٍ، وَتُدَارُ بِتَخطِيطٍ رَافِضِيٍّ صَفوِيٍّ، لِتُمَهِّدَ بِزَعمِهِم لِخُرُوجِ الإِمَامِ الغَائِبِ كَمَا يَدَّعُونَ.

وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ على أَهلِ السُّنَّةِ أَن يُعِدُّوا العُدَّةَ الدِّينِيَّةَ العِلمِيَّةَ، وَيُجَهِّزُوا القُوَّةَ الاقتِصَادِيَّةَ وَالسِّيَاسِيَّةَ، وَأَن يَستَكمِلُوا آلَتَهُمُ الحَربِيَّةَ، وَأَن يُقَوُّوا حُصُونَهُم مِنَ الدَّاخِلِ لِمُوَاجَهَةِ هَذَا العَدُوِّ المُشتَدِّ في عَدَاوَتِهِ، وَأَن يَحفَظُوا قُلُوبَهُم وَقُلُوبَ أَبنَائِهِم مِن أَمرَاضِ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ، وَيَتَضَلَّعُوا بِالعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ الصَّافِيَةِ، المَبنِيَّةِ عَلَى مَا جَاءَ في كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَلا يَنقَادُوا لأَيَّةِ دَعوَةٍ لَلتَّقَارُبِ مَعَ الرَّافِضَةِ كَائِنَةً مَا كَانَت.

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ وَالمَسجِدِ الحَرَامِ الَّذِي جَعَلنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً العَاكِفُ فِيهِ وَالبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلحَادٍ بِظُلمٍ نُذِقْهُ مِن عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبرَاهِيمَ مَكَانَ البَيتِ أَن لا تُشرِكْ بي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّنْ في النَّاسِ بِالحَجِّ يَأتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشهَدُوا مَنَافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسمَ اللهِ في أَيَّامٍ مَعلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِن بَهِيمَةِ الأَنعَامِ فَكُلُوا مِنهَا وَأَطعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقضُوا تَفَثَهُم وَلْيُوفُوا نُذُورَهُم وَلْيَطَّوَّفُوا بِالبَيتِ العَتِيقِ * ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّت لَكُمُ الأَنعَامُ إِلاَّ مَا يُتلَى عَلَيكُم فَاجتَنِبُوا الرِّجسَ مِنَ الأَوثَانِ وَاجتَنِبُوا قَولَ الزُّور ِ* حُنَفَاءَ للهِ غَيرَ مُشرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخطَفُهُ الطَّيرُ أَو تَهوِي بِهِ الرِّيحُ في مَكَانٍ سَحِيقٍ * ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقوَى القُلُوبِ) [الحج 25:32]

 

الخطبة الثانية:

 

أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالى- وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ: لَقَد عَظَّمَ اللهُ -تَعَالى- البَيتَ الحَرَامَ وَكَرَّمَ الكَعبَةَ المُشَرَّفَةَ، فَجَعَلَ المَسجِدَ الحَرَامَ فِنَاءً لها، وَجَعَلَ مَكَّةَ فِنَاءً لِلمَسجِدِ الحَرَامِ، وَجَعَلَ الحَرَمَ فِنَاءً لِمَكَّةَ، وَجَعَلَ المَوَاقِيتَ فِنَاءً لِلحَرَمِ، وَجَعَلَ جَزِيرَةَ العَرَبِ فِنَاءً لِلمَوَاقِيتِ، كُلَّ ذَلِكَ تَعظِيمًا لِبَيتِهِ الحَرَامِ الَّذِي (مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا).

وَمِن هُنَا فَإِنَّ أَيَّ اعتِدَاءٍ عَلَى هَذِهِ الجَزِيرَةِ بِعَامَّةٍ وَعَلَى الحَرَمَينِ بِخَاصَّةٍ، فَإِنَّمَا هُوَ كُفرٌ وَإِلحَادٌ وَظُلمٌ، وَيلٌ ثم وَيلٌ لِمَن خَطَّطَ لَهُ وَنَظَّمَهُ، وَوَا خَيبَةَ مَن بَدَأَهُ أَو شَارَكَ فِيهِ أَو رَضِيَ بِهِ، قَالَ -سُبحَانَهُ-:( وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلحَادٍ بِظُلمٍ نُذِقْهُ مِن عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الحج :25]

وَلَقَد كَانَ هَديُ خَيرِ الخَلقِ وَأَعلَمِهِم بِاللهِ محمدِ بنِ عبدِاللهِ، أَنْ شَرَّفَ البَيتَ الحَرَامَ وَعَظَّمَهُ وَصَانَهُ وَكَرَّمَهُ، وَحَرَّمَ حَملَ السِّلاحِ فِيهِ لِلقِتَالِ، وَنَهَى عَنِ الإِحدَاثِ فِيهِ أَو إِيذَاءِ أَيِّ شَيءٍ حَتى الصَّيدُ وَحَتى الشَّجَرُ، قَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- يَومَ فَتحِ مَكَّةَ: "إِنَّ هَذَا البَلَدَ حَرَّمَهُ اللهُ يَومَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرمَةِ اللهِ إِلى يَومِ القِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لم يَحِلَّ القِتَالُ فِيهِ لأَحَدٍ قَبلِي وَلم يَحِلَّ لي إِلاَّ سَاعَةً مِن نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرمَةِ اللهِ إِلى يَومِ القِيَامَةِ، لا يُعضَدُ شَوكُهُ وَلا يُنَفَّرُ صَيدُهُ وَلا يَلتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلاَّ مَن عَرَّفَهَا، وَلا يُختَلَى خَلاهَا" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "لا يَحِلُّ لأَحَدِكُم أَن يَحمِلَ بِمَكَّةَ السِّلاحَ" رَوَاهُ مُسلِمٌ.

وَلَقَد بَلَغَ مِن تَعظِيمِهِ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- لِلبَيتِ الحَرَامِ أَن أَهدَى في حَجَّتِهِ مِئَةَ بَدَنَةٍ، وَحَجَّ عَلَى رَحلٍ رَثٍّ وَقَطِيفَةٍ خَلِقَةٍ مُتَواضِعًا، وَأفَاضَ وَقَد شَنَقَ لِنَاقَتِهِ الزِّمَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِالسَّكِينَةِ؛ لِئَلاَّ يُؤذِيَ بَعضُهُم بَعضًا.. وَهَؤُلاءِ الرَّافِضَةُ الفَجَرَةُ، لا يَتَوَرَّعُونَ عَن إِيذَاءِ ضُيُوفِ الرَّحمَنِ وَالإِحدَاثِ في البَيتِ الحَرَامِ وَانتِهَاكِ حُرمَةِ مَسجِدِ رَسُولِ اللهِ، فَعَلِيهِم مِنَ اللهِ اللَّعنَةُ، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "المَدِينَةُ حَرَامٌ مِن كَذَا إِلى كَذَا، لا يُقطَعُ شَجَرُهَا، وَلا يُحدَثُ فِيهَا حَدَثٌ، مَن أَحدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَو آوَى مُحدِثًا فَعَلَيهِ لَعنَةُ اللهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ، لا يَقبَلُ اللهُ مِنهُ يَومَ القِيَامَةِ صَرفًا وَلا عَدلاً" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ وَأَحمَدُ. وَقَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: "إِنَّ إِبرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ فَجَعَلَهَا حَرَامًا، وَإِنِّي حَرَّمتُ المَدِينَةَ حَرَامًا مَا بَينَ مَأزِمَيهَا أَن لا يُهرَاقَ فِيهَا دَمٌ وَلا يُحمَلُ فِيهَا سِلاحٌ لِقِتَالٍ، وَلا تُخبَطُ فِيهَا شَجَرَةٌ إِلاَّ لِعَلَفٍ" رَوَاهُ مُسلِمً. وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "لا يَكِيدُ أَهلَ المَدِينَةِ أَحَدٌ إِلاَّ انمَاعَ كَمَا يَنمَاعُ المِلحُ في المَاءِ" مُتِّفَقٌ عَلَيهِ.

اللهم عليك بهؤلاء الرافضة المجرمين، اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر، لا تبق منهم ولا تذر، اللهم أحصهم عددًا واقتلهم بددًا، ولا تغادر منهم أحدًا.
 

 

 

 


تم تحميل المحتوى من موقع
الجمهرة معلمة مفردات المحتوى الأسلامي